العنوان المجتمع المحلي- العدد 980
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الأحد 15-ديسمبر-1991
مشاهدات 13
نشر في العدد 980
نشر في الصفحة 10
الأحد 15-ديسمبر-1991
الأمن قبل البناء وقبل الرغيف
"الأمن قبل
الرغيف" عبارة يرددها كثير من الناس، ولكنها حقيقة لم نعرف معناها إلا بعد أن
ذقنا مرارة الحصول على الرغيف بعد انعدام الأمن إثر هتك القوات الغازية لأراضينا.
لذلك، فإننا لا نستطيع تحقيق ذلك قبل الحصول على الأمن وقبل إعادة بناء بلدنا من
النواحي الأخرى، إذ بتحققه يتحقق لنا كل ذلك. وإزاء أهمية هذا الموضوع، قمنا برصد
بعض الظواهر الأمنية التي صاحبها خلل وقصور؛ لطرحها وحث المسؤولين في الدولة على
معالجتها، وعلى رأسها وزارة الداخلية بأجهزتها المختلفة المنوط بها حفظ الأمن. ومن
هذه الظواهر: ظاهرة التزوير، وقضية الحزام الأمني على طول الحدود
الكويتية-العراقية، وظاهرة المخدرات.
الغزو الثاني والأعظم
إذا كان الغزو العراقي على بلدنا الكويت أعظم محنة تاريخية مرت علينا
وتم اعتباره عدوانًا عسكريًا على أراضينا بالقوة، الأمر الذي استدعى الحكومة لطلب
المساعدة الدولية لردع هذا العدوان المعلن، فإن هناك غزوا من نوع آخر يهدد البلاد
والعباد. هذا النوع من الغزو جعل الولايات المتحدة الأمريكية تحرك جيوشها
وأساطيلها وطائراتها العملاقة في مرحلة من مراحلها التاريخية عندما تعرضت هي لهذا
النوع من الغزو من غرينادا وبنما، وقامت على إثرها بالقبض على رئيس تلك الدولة
ومحاكمته علنًا. كل ذلك بسبب قيام هذه الدول بإغراق أمريكا بالمخدرات. فلم يقتصر
اعتبار الولايات المتحدة تفسير العدوان بكونه عسكريًا ينطوي على الاستيلاء على
أراضي الغير بالقوة، وإنما اعتبرت بمثابة العدوان أيضًا القيام بإغراق الولايات
المتحدة بالمواد المخدرة التي من شأنها أن تفتك بالشعب الأمريكي، بغية انهياره
والقضاء عليه داخليًا.
وبالمقابل، نرى أيضًا أن طاغوت العراق زعم أن محاربة الكويت له من
الناحية الاقتصادية بمثابة عدوان يعادل العدوان العسكري على أراضيه. وإذا سلمنا
بهذه التفسيرات لمبدأ العدوان جدلًا، فإننا نستطيع القول إن هناك غزوًا آخر من
الشمال إلى البحر يحاك ضد الكويت وأهلها. فإذا كنا قد ناقشنا مرارًا مسألة اختراق
العراقيين لحدودنا الشمالية وإقامة مراكز داخل أراضينا، وعثور رجال الأمن على
سيارات تحمل لوحات (عراق-بغداد) داخل منطقة الجهراء مليئة بالألغام والمواد
المتفجرة، بالإضافة إلى المخدرات؛ فإننا نعلن أيضًا صرختنا لمراقبة البحر، وعلى
وجه الخصوص ما يسمى بـ"نقعة الشملان"، حيث تم ضبط عدة حالات للمتاجرة
بالمواد المخدرة، إلى درجة أن البعض يقول إن ثمن المخدرات بدأ يقل في الآونة
الأخيرة نظرًا لكثرة عرضه في هذا السوق الغريب علينا، والأشبه
بـ"البسطات" المقامة أيام الاحتلال البغيض، فضلًا عن دخول عناصر غريبة
من جهة البحر عن طريق السفن واللنشات بعد أن يتركها أصحابها ويهربون إلى داخل
أراضينا بما يحملون معهم من سموم مادية ومعنوية.
ولما كان الأمر كذلك، ولضعف الدور الرقابي سواء من قبل السلطات في
وزارة الداخلية أو رجال الجمارك الذين يشكون من قلة الإمكانات وصعوبة التدقيق،
وتعرض البعض الآخر منهم لمخاطر السقوط في البحر أثناء عملية التفتيش الليلي للسفن
القادمة في جنح الظلام، وهذا ما أظهره لنا أيضًا التحقيق الذي أجرته الزميلة
"الرأي العام" يوم الأحد الموافق 1 ديسمبر مع رجال الجمارك وبعض مرتادي
هذا السوق، لذلك فإننا نقترح إغلاق هذا السوق نهائيًا؛ حفاظًا على هذا البلد من أن
يمتلئ بما هو مملوء به أصلًا منذ الاحتلال بالمواد السامة الفتاكة التي نعتقد أنها
ستدمر البنية الشبابية بعد أن دمر المعتدي البنية الاقتصادية قبيل اندحار قطعانه
إلى الشمال. فهذا الحل، بما يشكله من حرمان لمصدر من مصادر الحركة والبيع كسوق
هام، أهون علينا من عدوان لا يعلم مداه ونهايته إلا الله. وإن كان لا بد، فنطالب
بمراقبة فعالة جدًا لهذا السوق المطل على أهم منفذ بحري في المنطقة من رجال أمن
وجمارك وصحة وغيرهم. ولنا في هذا الموضوع، فيما يستجد، عودة، والله الموفق.
الحزام الأمني.. هل يكفي؟
أكد وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الجابر أن هناك خطة لإقامة حزام
أمني بطول 280 كيلومترًا على الحدود الكويتية-العراقية المشتركة، وذلك لردع النظام
العراقي ومنعه من اختراق الحدود أو انتهاك أمن البلاد. وقد جاء هذا التصريح بعد
سلسلة من الانتهاكات التي قام بها أفراد النظام العراقي من أجل إحداث أعمال
تخريبية داخل الكويت، وبعد أن تم ضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى
استهداف النظام العراقي إغراق الكويت بالمواد المخدرة والسموم الأخرى لتدمير
الشباب من الداخل بعدما يئس من إقناعه بمشروعية غزوه للكويت وتأييده له.
والحقيقة إننا وإن كنا لا نعرف ماهية هذا الحزام الأمني، وما هو الوقت
الذي سيستغرقه لإنجازه، وما هي التكاليف التي ستتكبدها الدولة لهذا الحزام، وما هي
الدراسات والأبحاث التي قُدمت لتنفيذه، إلا أننا مع ذلك نضع بعض المقترحات التي
نود أن تؤخذ بالحسبان عند إعداد مثل هذا المشروع الهام:
1-
يجب
المراعاة والأخذ بعين الاعتبار استمرار الحصار الاقتصادي المضروب على العراق، وما
قد يترتب على ذلك من احتمال قيام ثورات وقتال طاحن، وخاصة في منطقة الجنوب، الأمر
الذي من شأنه أن يدفع بأعداد هائلة من العراقيين داخل الأراضي الكويتية، سواء
المدنيون أو العسكريون، مخترقين بذلك الحدود الكويتية-العراقية.
2-
استمرار
التسلل المنظم بإيعاز من النظام العراقي لخلخلة الأمن الكويتي باستخدام طرق وسبل
خاصة.
3-
تقييم
ودراسة جدوى بناء سور كبير على طول امتداد الأراضي الكويتية-العراقية مع الوضع
بعين الاعتبار العوامل الجوية التي من شأنها دفن هذا السور مع مرور الزمن.
4-
دراسة
إمكانية حفر خندق كبير على امتداد الحدود العراقية-الكويتية مع نشر الألغام
المناسبة.
5-
نشر
قوات كويتية مزودة بأسلحة حديثة، وبناء مطارات أو مهابط أو مدارج للطائرات
المتقدمة تكنولوجيًا والمروحيات على مسافة كافية من الحدود بين البلدين لرصد أي
اختراق حدودي محتمل.
6-
استبعاد
ما يسمى بقوة "الهجانة" الذين ثبت عدم جدوى هذه القوة حتى في المعارك
والهيئات المتطورة.
7-
بناء
مراكز تفتيش متعددة على طول الحدود الكويتية-العراقية للسيطرة على فلول المتسللين
العراقيين.
8-
تشديد
المراقبة على المنافذ البحرية أيضًا، وتكثيف الدوريات البحرية لقوات خفر السواحل.
وقبل كل هذا وذاك، استشارة أهل الرأي والاختصاص من الكويتيين الذين لم يتم إعطاؤهم
الفرصة للإدلاء برأيهم حول هذا الموضوع.
ظاهرة التزوير
التزوير هو كل فعل مادي يقصد منه تغيير المحرر على نحو يوهم أنه مطابق
للحقيقة. وقد يكون التزوير عُرفيًا، ولكن الأهم هو انتشار ظاهرة التزوير في
المحررات الرسمية. لا شك أن الاحتلال العراقي ساعد على تفشي هذه الظاهرة، حيث إن
معظم المستندات والأوراق والأختام الأصلية كانت بحوزته. كما أن هناك كميات كبيرة
من الجوازات والجنسيات والبطاقات المدنية وشهادات الميلاد وعقود الزواج، كلها بيده
وبيد أعوانه والتي من شأنها أن تُستخدم خاصة مع مرور الوقت.
عدم التثبت من هوية حاملها، بل وحتى جواز السفر الذي تم إضافة عبارة
"شوهد" في آخر الصفحة يمكن تزويره بسهولة ووضع ختم وزارة الداخلية الذي
لم يتغير شكله بدرجة كبيرة، والتي من شأنها أن توهم وبدرجة كبيرة الدول الصديقة
الأخرى التي يمكن الوصول لها بهذه الجوازات. أما الجنسية والبطاقة المدنية، فإنه
حتى الآن ورغم مرور فترة طويلة على التحرير، فإنه لا تزال هذه المستندات تُستعمل
ويمكن أن ينخدع بها الموظف الرسمي خاصة في الأماكن شديدة الازدحام نظرًا لصعوبة
التثبت من شخص حاملها، فضلًا عن أن هدوء الأوضاع ومرور الزمن قد يؤدي إلى قلة
الشعور بأهمية تفحص هذه المستندات لحاملها.
إننا نتمنى على وزارة الداخلية أن تعجل بحسم هذه الأوضاع غير
المستقرة، فما وقع قبل أيام من إبلاغ أحد الكويتيين الغيورين على أمن البلاد عن
وجود أشخاص يقومون بتزوير محررات رسمية لإدخال أجانب إلى الكويت، خير دليل على
خطورة ما نحذر منه، وبالتالي دفعنا إلى الكتابة والتحذير مرة أخرى. فمثل هذه
الجرائم التي تهدد أمن البلاد، لا ترحم عقوبتها في الدول التي تُنفذ حكم قطع
الأعناق.