; المذاهب الإسلامية في الإمامـة والخلافـة | مجلة المجتمع

العنوان المذاهب الإسلامية في الإمامـة والخلافـة

الكاتب د عبد الحميد أحمد أبو سليمان

تاريخ النشر الثلاثاء 28-أكتوبر-1975

مشاهدات 16

نشر في العدد 272

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 28-أكتوبر-1975

المذاهب الإسلامية في الإمامـة والخلافـة السياسة والحكم في الإسلام والفكر الإسلامي في معالجة أمر السياسة والحكم كان قد ابتلي بخلافات وظروف زمانية ومكانية جعله يصرف النصوص والوقائع عن وجودها ويتجاهل ظروفها الزمانية والمكانية ليرتكز إليها فريق أو آخـر استجابة لميل وغاية في الحكم والسياسة وتحولت مثلًا حكمة إمســـاك قريش بأمر الخلافة إلى دعوى نسـب ووصاية وصفوة وذريعة نصـوص صرفت عن ظروفهـــا ومقاصدها استئثارًا بالحكم والسلطة كما تعالت أصوات الإنكار على كل ذي حـــــق ومكانة وعصبة تمكنه من ضبط شـؤون الأمة وأمنها وسلامتها وترابطها بدعوى المساواة ولم تكن دعواهم في حينها إلا خروجًا على الجماعـة وتمزيقًا لشــملها وتبريرًا للفوضى والتمزق ورفضًا لكل سلطة مركزية. وهكذا انصرفت الأمة الإسلامية ومفكروها عن جوهر التوحيد فــي الحكم ومعنى الشورى في بناء وتسيير إدارة دفة شـؤون الأمة إلى الدعاوى والدعاوى المضادة لها والنصوص والوقائع التي تجري في ركاب واحـدة من تلك الدعاوى أو أخرى بما انتهى بالأمة الإسلامية أن تكون باسم الشورى ومن خلال مقارعة النصـوص والوقائع أبعد ما تكون قــدرة عن ممارسة الشورى وفهما لها ورغبة فيهــا. موضوع الشريعة من نظام الحكم الإسلامي: وهذا الفهم والإدراك لمعــنى الارتباط والعلاقة بين قانون التوحيد ومبدأ الشورى يشرح ويوضح معنى المبادئ والأسس والأصول التــي أرسلتها الشريعة فيما وراء مبــدأ الشورى ونظمه واجراءاته في كيـان أي جماعة مسلمة مهما كانت ظروفها ووسائلها ومأخذها لنظام الحكم فيها ضمـن إطـار الشورى، فلأن فكر الجماعة المسلمة وكيانها يقوم على أســاس قانون التوحيد فالأمر لا يهدف عند الجماعة المسلمة إلى مطالب وأهواء وغنائم ينقسم فيها البشر إلى أغلبية وأقلية وإنما هو يتجه ويقصد إلى الحقيقة الخالصة في علاقــــات الوجود والبشر ومن هنا ما كان فــي تصـور هذه الجماعة أن يهضم حــق أو تضيع مسؤولية لأن طرفًا ما كان قويًا أو ضعيفًا بارعًا كان أو محرومًا ولذلك كان لا بد أن ترسى الحقــوق الأساسية وأن تحدد وتحمى عــلى أساس من الحق المترتب على أصــل إنسانية الإنسان لا على أســـاس سطوة أو سلطان وبذلك كانت أصـول الشريعة مسلمات ارتضتها نفــس المسلم تسليمًا للحق والحقيقة، وتصبح الشورى هنا تمثل روح العمل فــي إطار الشريعة ومعالمها التي أرست حقوق الإنســان المسـلم وقواعــد اجتماعية فلا شورى في ظلم ولا في طغيان ولا في قسر ولا في عدوان ولو كان على أنفسهم أو ذوي قربى لا يمنعهم هوى ولا عاطفة عن أن ينصفوا حتى أعدائها. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (سورة المائدة: الآية 8) وهكذا كان حتمًا وطبيعيًا للموحدين على الصدر الأول أن يسلموا بشريعة الحق والحقوق دون حاجة إلى قرون من التجربة والمعاناة كما حدث للغرب في معاناته لبلوغ بعض الحق فـــي قواعدهم الدستورية المعاصرة وكان طبيعيًا لأولئك الموحدين الأوائــل أن يرسوا دفة سياستهم وإدارة أمرهم على وجهه من الشورى بحسب كل أمر وما تستلزمه من إجــراءات وضوابط تتناســـب وعصرهـــم وإمكانياتهم وحاجاتهم تنبض بالحياة والحيوية والتفاعل لا قوالب جامــدة ولا نصـوص ووقائع هامدة ميتة ممــا جعلها تتنوع بحسب الحاجة وتتغير بتغير الظروف والتحديات دون أن تحيد عن روح الشورى وعدالتها وقوتهـــا. نظم الحكم والسياسة الإسلامية في المجتمعات المعاصرة: مما سبق لا يصعب علينا تصـور المعنى الإسلامي في بناء نظـم الحكـم والإدارة في المجتمعات المعاصرة، فجوهر الإسلام القائم على معنــى التوحيد في تصورات المسلم وعلاقاته هو معنى وروح وتيار يندفع بالمجتمع المسلم نحو الحق ونحو العدل ونحو الإخاء وليس رجعة إلى الوراء فــي قوالب التاريخ ولا نزاعات عــــلى جزئيات الوقائع والأحداث والروايات كما أنها بنفس القدر ليست انحرافًا ولا تطلعًا وتقبلًا أعمى لتجارب غربية ومباينة لواقع الأمة ومسيرة حركتها وتاريخها وتجربتها الاجتماعية سواء في ذلك ما كان غربيًا أو شرقيًا. وهكذا فليس في فهم الإسلام ولا في فلسفة الإسلام ولا في روح الإســلام تركيبات وإجراءات وقوالب وتنظيمات سياسية بعينها مهــما كدسنا من الأوصاف والوقائع والشواهد والحوادث لعهد أو آخر وزمن أو آخر ومكان أو آخر وكل تلك الوقائـــع والشواهد لن تعدو أن تكـــون براهين على عظمة الإسـلام في ذاته الذي مكن قومًا بعينهم في زمانهم ومكانهم أن يعيشوا إمكانياتهــم وضروراتهم وقناعاتهم شورى في إدارة دفة الحكم وإجراءاته وتنظيماتـــه وتوزيع سلطاته بينهم إخوة كرماء، وليس لتلك الوقائع والشواهد أن تصبح في زمن غير زمانها وظــروف تغایر ظروفها أن تصبح أغـلالًا وقيودًا جامدة في حياتنا. إن العالم الإسلامي وقد امتد حتى بلغ أركان الأرض الأربعة ليس لــه أن يتمسك بأهداب التقليد الأعمى ولا أن يعيش على ضحالة الفكر الجزئي ولا بد له أن يتبين أسـس الحكم ونظام الجماعة فيه ووحدة الأمة الإسلامية بين أرجائه، ومن هنا فإن توضيح مبدأ التوحيد وانعكاساته في حيــاة الأمة وما يحققه لها من حيوية وفعالية وحقوق أساسية إيجابية في حقوق الإنسان وفقًا للشريعة وفي إدارة الحكم وممارسة السلطة ووفقًا لروح الشورى مهما تباينت مواصفات نظم الحكم وإجراءاته وفقًا لظروف كل شعب وطائفة يحقق لهم إخاءهم فهم لا يظلم بعضُهم بعضًا ولا يخذل بعضُهم بعضًا عند الحاجة بينهم والعدوان عليهم ويتعاونون بينهم ما أمكنهم الأمر ودعت الحاجة «فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته». . أما ما ثقلت به رؤوسنا وكتبنا من شـؤون تتعلق بظروف عهد من عهود الإسلام ودولة من دوله تتعلق بتركيبه والتحديات التي واجهته والضرورات التي التزمته فلنا معناها العام وبرهانها القاطع على صــلاح الإسـلام ولنا منها عبـــرة التاريخ وعظة التجربة، لا جمودًا يشلنا ولا قيودًا تثقل كواهلنا وقوالب تقضي على إمكانيات السبق والإبداع وتجديد البناء في نفوسنا ومجتمعاتنا. بهذا الفهم الواضح لمعنى علاقات الحكم والسياسة بمبدأ التوحـــيد وقانونه في ضمير الأمة المسلمة بما يحدد معنى الشريعة والشورى من بناء أنظمة الحكم في المجتمعات المسلمة يمكن للأمة أن تقضي على عقم فكرها وجزئيته وضحالة القضايا التي قعد بنفسه في ربوعها وأن تنطلق إلى رحاب المعاني السامية والآفاق الفسيحة التي يفتحها الإسـلام للإنسان ونظام اجتماعه نحو التحامه وانسجامه مع الحقيقة المقصودة في نظام الكون والكائنات. الاصطلاحات الدخيلة وخلط بعض المفكرين الإسلاميين المحدثين: وقضية المسميات والاصـطـلاحات الدخيلة على فكر الأمة الإســــلامية والتي هي في جوهرها إنما تمثل ولو جزئيًا انبهارًا وعجزًا ورد فعــل واعٍ أو غير واعٍ مباشر وغير مباشر لآثار فكر الغرب ونفوذه وسلطانه الحضاري والعسكري والثقافي والسياسي في ربوع البلاد الإسلامية وفي رؤوس مثقفيها ومفكريها. ونحن هنا لا نتحدث إلى أولئك الذين فقدوا شخصياتهم ورؤوسهم، وقيمهم، وارتباطهم بالأمة، ودينها وتاريخها وضميرها فهــؤلاء ألصق بالمستعمر منهم ببني جلدتهم ولكننا نتحدث إلى جيل من المفكرين المسلمين مثل بداية وعـي وتجدد شباب لفكــر هذه الأمة حالفه النجاح في بعـض ما وهب نفسه له وإليه ينسب كثير مما بلغته هذه الأمة من وعي وتململ وبوادر صحــوة ولكن في غمرته قام إلى اصطلاحات ومعان يقتبسها من فكر العدو الاجتماعي أو يبتكرهــا يضاهي بها ما تطلع إليه ووقر فــي نفسه من أمر فكر العدو أو تنظيمه الاجتماعي أو استجابة لما يلمسه من تعلق أو إقبال أبناء الأمة وشبابها ومثقفيها ومن أهم هذه الاصـطلاحات والأفكار في ميدان السياسة والحكـم مصطلح السيادة sovereignty ولأهمية هذا المصطلح في علم السياسة والدور الذي يلعبه في الفكر الإسلامي الحديث وتصوراته وصراعاته مـــع ألوان الفكر المعاصر سوف نتعرض له بحديث مفصل متكامل قد يكون بــه بعض التكرار ولكنا آثرنا به الوضـوح والبيان. معنى ومفهوم السيادة: من المهم التفرقة بين الجوانب المختلفة لمفهوم السيادة من ميــدان لآخر، فإن الخلط يؤدي إلى صعوبة التفهم والإدراج في هذا المجال، فالسيادة في محيط القانون الدولــي غيرها في محيط النظم والعلاقات الدبلوماسية غيرها في إطــار نظـــم الحكم، ففي محيط القانون الدولــي هي قضية تتعلق بسلطة الدولة في مواجهة الدول الأخــرى وبقواعــد القانون الدولي ومنظماته ونشأتها وسلطتها، أما في مجال النظــم والتمثيل الدبلوماسي فإن الأمر يتصل بحدود المهمة الدبلوماسية والحصانات التي يتمتع بها ممثلو الدول في داخل دول أخرى وما قد يحدث من تعارض بين الاختصـاصـات والمصـالـح، وما يهمنا هنا هو موضوع السيادة في إطار نظم الحكم. ولكي نعي مفهوم كلمــة السيادة وأبعادها فإن من المهم الرجوع إلى تاريخ الفكر السياسي الأوروبي ومعرفة نشأة الفكرة وتطورها، فالسيادة تدور حول سلطـة التقرير في المجتمع وقد استخدمت لتبرير الشيء ونقيضه حسـب الحاجة فهي قد أريد بها دعم مشروعية السلطة المستبعدة لملوك أوروبا في مطلع العصر الحديث وهي ذاتها التي استخدمت لتبرير نزعتها منهم باسم الأمة أو الشـعب حين برزت عناصر جديدة وتغيرت مراكز القوة في المجتمعات الأوروبية. الفكر الإسلامي وإطار الفكر الغربي: واهتمام بعض المفكرين الإسلاميين بقضية السيادة في المجتمع المسلم ومناقشتها تحت عناوين مختلفــة كالسيادة أو الحاكمية والقول بـأن الســيادة هي لله وليست للشعب أو الأمة مقارنة بالفكر الغربي هو في ذاته رد فعل لذلك الفكر ودورات في إطاره أدى إلى خلـــط مفاهيــمي Conceptual قد يدعو بالبعض إلى اتهام الفكر الإسلامي في الحكم بأنه صورة أخرى من صور الحكم الديني المستبد الذي مارسه حكام أوروبا في القرون الوسطى ونحن نعلم سلفا أن الإسلام يرفض فكرة الكهنوت ونعلم أن الإسـلام يمثل بالنسبة لكافة جمهور أهل الإسـلام رسالة وحي تستمد من القــــرآن، ومن أقـوال وأفعـــال وتوجيهات الرسول «عليه السلام» أي السنة وبالتالي فإن ما يعرف في الفكــر الغربي بالسيادة «في إطار نظـــم الحكم» وهو حق التقرير بشــأن القواعد الملزمة «القوانين» في إطار النظام العام والتعامل من خلال سلطات التنفيذ والحكم فإنها في الإسـلام تتعلق أيضا بالإنسان وتقرير تلــك القوانين والضوابط وتحديدها والتعبير عنها في إطار فكر الجماعة. إطار الفكر الإسلامي: وانطلاقا من الإطار الإسلامي الذي يقوم على مبدأ التوحيد وتخصيص مركز الألوهية فيه للخالق سبحانه فإن التمييز بين نظام الحكم في الإسلام عن سواه من الأنظمة المعاصرة هو في مصادر التشريع لا في الســـيادة أو سلطة تقرير إلزامية قواعد قانونية بعينها دون أخرى وصياغـــة دون أخــرى. فالإنسان المسلم بإسلامه قد أعلن وقرر مختارا قيمة الرسالة الإسلامية «القرآن والسنة» مصـادر أساسية. لفكرة وفلسفته وعلاقاته ومصادر المعرفة عنده وفهمه للحياة والكون وما وراء الكون وهذا الإسـلام وهذا الإعـلان هو قرار واع متجدد متعلـق بالإرادة الإنسانية لا بد لهما لتحمل مسؤوليتها الإسـلامـية من مزاولته كل دقيقة ولحظة وجودها وممارستها للحياة. أما الفلسفات والمجتمعات الغربية فقد أنكرت كمصدر من مصادر المعرفة قيمة الوحي والتوجيه الإلهي للحياة البشرية وأهدافها وقصرت ذلك على علم الإنسان وحـــده واجتهاده ونستطيع أن نتصور ما كان يمكن أن تكون عليه الجماعات الإنسانية اليوم «مع ما نعلم من صعوبة البحــث واستحالة القطع في مجال العلوم الاجتماعية والعلاقات الإنسانية» لو أنها رفضت مصادر المعرفة الإلهية التي توالت بها الرسالات وقام على أساسها كيان الجماعات في علاقاتها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأصرت على مصــدر المعرفة الحسي وحده. إن تمييز نظام الحكم في الإســلام ليس في أمر السيادة ومن الذي يكون بيده حق تقرير الإلزام وحدوده في النظام العام والتعامل مع السلطات التنفيذية والحكم، ولكن الفرق هو في مكان الوحي الإلهي ورسالاته من مصادر المعرفة في المجتمع الإنساني وبالتالي مصادر التشريع الأساسية لنظام الحكم الإســلامي، إن جوهر الخلاف والتمييز بين النظام الإسـلامي وسواه هو في إفراد مقام الألوهية للخالق العليم وحده وتقرير القــرآن والسنة مصدرا للتشريع في نظام الحكم الإسـلامي حفظا لحقوق الإنســـان واستقرار المجتمع وإطارا للشورى، ومثل هذا الفهم وهذا التحديد لا مجال فيه للشعوذة والكهنوت والدجل وما ينبثق عنها مما يســــمى بالأنظمة الثيوقراطية أو النيموقراطية في فكر الغــرب. وهكذا فإن الإطار الإســـلامي في الواقع يبدأ بمسلمات هامة عــن مصدر المعرفة وينتهي بأن نظامه يقوم على أساس الكتاب والسنة بمــا ترسي من دعائم النظام الاجتماعـــي واستقراره وتقرير الحقوق الأساسية فيه، وعلى ذلك الأســاس يقــوم المجتمع بواسطة الشورى بممارسة حق التقرير والتدبير والتعبير والنظر والترجيح في شؤون السياسة والحكم والتنفيذ، وكل هذا يجعله نظامـــا متميزا يختلف في أسسه وفروضــــه وغاياته عن الأنظمة الغربية ولا يمكن عقد مقارنات جزئية بينها وبين الإسـلام وإلا أخطأنا واضطـرب فكرنا واختلط الأمر علينا وغشـشـنا أنفسنا وفي وقت نحن في أشد الحاجة فيه إلى الأصـالة والبنـاء. وعلى هذا فإن الفكر الإســـلامي ومنطلقاته لا يتأتى معها هذا اللون من الاصطلاحات ولا هذا اللــــون من الاهتمامات ولا هذه التركيزات ولا هذه المنطلقات. إن منطلق الإطار الإســلامي فـي نظـم الحكم والسيـاسـة هو الألوهية للخالق والإخاء للإنسان كما هو سمـو مصدر المعرفة الإلهي في الوحي والرسالات وشورية النظام في إدارة دفعة الحكم واتخاذ القرارات. الشورى والديمقراطية: ومصطلح آخر استخدمه بعض الكتاب وهو الديمقراطية كبديل مساو لمصطلح الشورى. والخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الكتاب هو نفس الخطأ الذي وقع فيه جل الآخرين بشأن مصطلح السيادة وهو عدم ملاحـظـة العلاقة بين المصطلح وإطاره الذي ينبع منه ويعبر عنه. إن جوهر مصـطـلح الشــورى هـو في أن الإسـلام هو إطار يعني البحث عن الحق والحقيقة والانصياع لهما، ولذلك فجوهر الاهتمام الإسـلامي ليس في عد الأصوات لذات الأصـــوات، فالمسلم منطلقه هو الحق والبحث عنه والخضوع لــه وأداؤه للدعوة إليه، ولذلك من يبدأ من نقطة القلة وينتهي إلى قناعة الكثرة أو إجماعهم ولا يضيره أن يوافقه الآخـرون أو لا يوافقوه، وليس عليه هدى الناس بل أداء الأمانــة والتعبير عنهــا، ونتائجها في نظام الدولة الإسـلامية هو الفكر والقناعة والفهم الجماعي الذي يعين ويدعم الحاكم ويأخذ بيد المحكوم في تحقيق أهداف المجتمع و صــــلاح أمره فيجعل المسلمين يدا واحــــدة وجسدا صحيحا ونسيجا قويا متماسكا.
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

أكثر من موضوع (العدد 92)

نشر في العدد 92

12

الثلاثاء 21-مارس-1972

سمــعت

نشر في العدد 309

13

الثلاثاء 20-يوليو-1976