; المرأة الباكستانية في ميدان الجهاد | مجلة المجتمع

العنوان المرأة الباكستانية في ميدان الجهاد

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الأربعاء 15-يونيو-1977

مشاهدات 16

نشر في العدد 354

نشر في الصفحة 24

الأربعاء 15-يونيو-1977

تهتز باكستان هذه الأيام بحركة شعبية تتصف بحق بحركة إقامة النظام الإسلامي واستعادة الحياة الديمقراطية.

 ولا نبالغ إذا قلنا إن هذه الحركة فريدة في نوعها لم ير التاريخ مثلها إلا نادرًا ومن المعلوم لدى الجميع أن باكستان قامت على أساس الإسلام ولكن الإسلام هو الأول الذي نال الإهمال من قبل المسئولين.

 ولم يحكمها طيلة تاريخها إلا فئة نفعية كانت تغير زيها بين آونة وأخرى فمرة حكمت البلد بالنظام الرأسمالي والإقطاعي، ومرة نادت بالديمقراطية المحدودة، ومرة ثالثة ظهرت بلباس الخالكي تحكم بالحكم العرفي وأخيرًا جاءت نفس الفئة تستغل الجماهير الكادحة وتنادي بالاشتراكية تحت قيادة الرأسمالي الكبير والإقطاعي العظيم ذو الفقار علي بوتو وعلى كون هذا الرجل رأسماليًا فقد طبق إبان حكمه الاشتراكية في العديد من القطاعات، حينما أمم التعليم وأمم الصناعات الكبيرة والمتوسطة، وأمم البنوك وشركات التأمين، وأقام نظامًا مثل نظام الحرس الأحمر تحت اسم قوات الأمن الاتحادية وحاول إقامة المحاكم الشعبية والبوليس الشعبي لسحق المعارضة بالأساليب اللعينة وبما أن الشعب الباكستاني شعب مسلم متحمس للإسلام لا يستطيع أن يقبل الإجراءات المعادية للإسلام بسهولة لجأ بوتو إلى استغلال الإسلام واتخاذ بعض الشعارات الإسلامية لتغطية إجراءاته الاشتراكية، منها شعار عقد مؤتمر القمة الإسلامي في لاهور ومؤتمر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وشعار المراقبة على طباعة المصاحف خالية من الأخطاء.

 ولكن الشعب الباكستاني لم ينخدع بتلك الشعارات لأنه كان يرى بأم عينيه الجهود التي بذلها بوتو في نشر الفساد والإباحية وتشجيع الدعوات العنصرية كالسندية والبنجابية وتحريف أحكام الأحوال الشخصية واستقطاب الشيوعيين حوله.

 وأراد الشعب الباكستاني أن يتخلص منه بواسطة الانتخاب البرلماني في السابع من مارس الماضي ولكن بوتو مارس التزوير بطريقة لم يمارسها أحد مثله.

 إنه أعد النتائج الانتخابية قبل الانتخاب بثلاثة أيام.  وأعلنها من الإذاعة في اليوم السابع من مارس على رغم أن التصويت كان مستمرًا وكان الناخبون واقفين في الصفوف أمام مراكز الاقتراع لأجل الإدلاء بأصواتهم.

 وكل الأمارات كانت تبرهن على فوز التحالف الوطني بأغلبية ساحقة ولكن إذاعة بوتو أعلنت قبل أن ينتهي التصويت وتفرز الأصوات نجاح المرشحين من حزبه وفشل المرشحين من التحالف الوطني.

 وبمجرد سماع تلك النتائج المزورة ثارت ثورة الشعب الباكستاني ولا تزال الثورة قائمة على قدم وساق، والشعب يقدم كل يوم تضحيات جديدة في الأنفس والأموال ودخل السجون والمعتقلات أكثر من مائة ألف شخص وقتل خلال المظاهرات أكثر من ألف شاب وعدد الجرحى لا يعد ولا يحصى.

 والحركة تضم كل الفئات والطبقات حتى السيدات اللائي لم يلعبن في الماضي أي نشاط فعلي يخرجن في الشوارع ويطالبن باستقالة بوتو وإجراء الانتخابات من جديد وتطبيق القانون الإسلامي.

 وقد نالت بعض السيدات الشهادة في هذا السبيل ووضعت بعض السيدات تحت حراسة البوليس في البيوت مثل زوجة الشيخ طفيل محمد أمير الجماعة الإسلامية وزوجة أصغر خان رئيس حركة الاستقلال.  وبلغ عدد السيدات الموضوعة تحت الحراسة أكثر من عشر سيدات من زوجات الزعماء.

 مما لا شك فيه أن المرأة الباكستانية قد قامت في هذا الصدر بدور تاريخي عظيم، بدافع الإيمان بالله والغيرة على الإسلام.

 ومن الجدير بالإشارة أن بوتو أعلن أكثر من مرة أن المرأة الباكستانية قد أيدته في الانتخابات لأنه أعطى المرأة الباكستانية الحرية وأخرجها من سجن الحجاب الشرعي وأعطاها الحقوق على غرار المرأة الغربية ولكن السيدات في باكستان لما سمعن بتصريحات بوتو الكاذبة ثارت ثورتهن أيضًا وشاركن في الاستنكار الشديد، وبلغت غضبتهن الشأو البعيد حيث إن كل مدينة في باكستان صغيرة كانت أم كبيرة أصبحت تهتز بالمظاهرات مع العلم أن تلك المظاهرات لا تخرج عن حدود الإسلام.

 فكل امرأة تشترك في المسيرات إما تلبس الحجاب كاملًا أو تلبس الغطاء الذي يستر مفاتنها.

 وشاهدت المدن الكبيرة مثل كراتشي ولاهور ولائل بور وكوجرا نواله وسيالكوت وحيدر آباد دوملتان ونواب شاه وما إلى ذلك المسيرات النسائية تضم آلافًا مؤلفة من السيدات والأوانس يرددن كلمة الشهادة ويعلن ولاءهن للإسلام ويستنكرن الأنظمة غير الإسلامية ويطالبن بجعل باكستان دولة إسلامية بمعنى الكلمة ويطالبن باستقالة بوتو واستقالة رئيس لجنة الانتخابات وإجراء الانتخابات البرلمانية المركزية من جديد تحت مراقبة رجال القضاء والجيش علمًا بأن السيدات اللواتي يشتركن في المسيرات معظمهن من المثقفات ثقافة عصرية عالية ومن العائلات الثرية.

 بل الذي يزيد الأمر دهشة أن نساء الموظفين الرسميين الكبار كذلك يشاركن المسيرات بينما أزواجهن وأبناؤهن يشتركون في قمع المسيرات بإطلاق الغازات المسيلة للدموع وبالهراوات والعصي، وأحيانًا بإطلاق الرصاص كما حصل في مدينة لاهور في التاسع من شهر أبريل الماضي وفي مدينة حيدر آباد ومير بور ونواب شله.

 وثورة المرأة المسلمة تحت زعامة السيدة محمودة بيكم عقيلة الأستاذ الكبير أبو الأعلى المودودي وزوجات زعماء التحالف الوطني اتخذت الجوانب العديدة للنشاط كتنظيم المسيرات الاستنكارية كما قلت آنفًا، وكذلك الاتصال بزوجات رجال الحكم والإدارة وممارسة الضغط عليهن لإقناع أزواجهن على التخلي عن مماشاة بوتو، وإتاحة الفرصة للحركة الإسلامية وعرض المذكرات الاستنكارية على رجال القضاء كما حصل في مدينة لاهور، في التاسع عشر من مايو عندما دخلت مجموعات من السيدات المحكمة العليا بلاهور وعرضت المذكرة الاستنكارية على رئيس المحكمة وطالبته باستقالته من منصب رئاسة المحكمة بدليل أن بوتو أدخل في دستور باكستان تعديلًا ألغى بموجبه صلاحيات القضاء في النظر في الأحكام العرفية الصادرة من الجيش في المدن التي تحكم بالحكم العرفي والأحكام تتضمن اعتقالات واسعة للذين يعارضون نظام بوتو.

وكذلك للسيدات نشاط كبير في مساعدة عائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين والمتضررين.

الرابط المختصر :