; المستشار الدكتور على جريشة.. القاضى الفقيه والداعية المجاهد | مجلة المجتمع

العنوان المستشار الدكتور على جريشة.. القاضى الفقيه والداعية المجاهد

الكاتب صلاح عبدالمقصود

تاريخ النشر السبت 07-مايو-2011

مشاهدات 25

نشر في العدد 1951

نشر في الصفحة 48

السبت 07-مايو-2011

بعد حياة حافلة بالجهاد والعطاء، رحل عنا العالم الفقيه، والداعية المجاهد، والقاضي الورع والمفكر الكبير، المستشار الدكتور علي جريشة. عاش حرا ثائرا.. ومات كالأشجار واقفا..

أقر الله عينه بنجاح الثورة المصرية المباركة التي تمناها وربي الشباب عليها ورأى بعينه نهاية الظالمين الذين اكتوى بنارهم، وناله منهم الظلم الكبير.. وختم أواخر أيامه في اليمن تلك البلاد التي أحبها واستقر فيها منذ سنين مورثاً ما من الله به عليه من فقه وعلم، وكان دائماً ما يكرر شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمن: الإيمان يمان والحكمة يمانية، وختم حياته معلماً لطلابها في جامعة الإيمان، وفي مساجدها ودواوينها مردداً قول الرسول عن أهل اليمن إنهم: أرق قلوباً وألين أفئدة.

فرح - يرحمه الله - بنجاح الثورة التونسية في إزاحة نظام زين العابدين بن علي»، وفرح أكثر بنجاح الثورة المصرية في إسقاط نظام مبارك، ورأى ذلك اليوم الذي يقبع فيه رموز النظام في أقبية السجون ليسكن الظالمون مكان الدعاة المخلصين ولكن شتان بين من أدخلوا السجون؛ لأنهم قالوا ربنا الله ومن دخلوها؛ لأنهم قتلوا وسرقوا ونهبوا، وذهب ما عملوه فأصبح هباء منثوراً !!

وقبل أن يلقى ربه فرح برؤية تباشير الثورة اليمنية التي يشارك فيها تلامذته، وكان يقول: الحمد لله الذي أحياني لأرى هذه الأيام.

 شاء الله له أن يقبض على أرض اليمن ليصلي عليه ستمائة ألف من الثوار في ميدان التغيير» بصنعاء، وأكرمه الله بأن دفن في مقبرة الشهداء الذين سقطوا في هذه الثورة.

حسن الخاتمة

منذ ثلاثة أشهر تقريباً - وأثناء وجوده بالقاهرة - دعاني يرحمه الله لزيارته بمنزله بحضور نجله الكريم الأخ الصحفي النابه هاني جريشة، وأودعني آخر ما كتب وألف، ويا لروعة ما اختتم به حياته العلمية والدعوية عملان كبيران: أحدهما: تفسير القرآن الكريم الذي عكف عليه لسنوات، وبدأ كتابته في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي الشريف، وواصل تأليفه في مصر واليمن وشاء الله له أن يتمه قبل وفاته بأسابيع، وطلب مني اتخاذ إجراءات طباعته، وأوصاني بأن أعطيه لفضيلة د. عبد الحي الفرماوي لمراجعته، راجيا بأن أكتب عليه اسم من راجعه أولاً، وبخط أكبر من اسم المؤلف!! أما العمل الثاني الذي سطره قبل وفاته وطلب مني أيضاً أن أسعى لطباعته فهو مذكراته التي سجل فيها سيرته ومسيرته، مع الإخوان المسلمين والقضاء والعسكر.

تلك المسيرة التي حفلت بالجهاد والعطاء والتضحية.. وابتلي فيها بالسجن في الحقبة الناصرية، عندما حكم عليه في عام ١٩٦٥م بالسجن ۱۲ عاماً، وكان عمره آنذاك ثلاثين عاما، وذاق أشد صنوف التنكيل والتعذيب، إذ استنكر المجرمون أن يكون من بين الإخوان المسلمين قاض مثله، وقد سجل - يرحمه الله - تجربته في السجن في كتابه الذي حمل عنوان: «في الزنزانة».

وأوضح - يرحمه الله - سبيل دعوة الإخوان المسلمين عندما كتب: «دعاة لا بغاة». وعندما شرح دعائم الإخوان المسلمين في كتابه المبادئ الخمسة، وأوضح معنى الشعار الذي هتف ويهتف به دائماً أبناؤها: «الله غايتنا والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا.. وفضح الطغاة في كتابه الذي صدر بعنوان «عندما يحكم الغباء، ومع ذلك نراه عند الاحتضار يقول لمن حوله: أشهد الله ثم أشهدكم أنني سامحت كل من ظلمني لقد سامحت جمال عبد الناصر، وأنور السادات»، و«حسني مبارك..

كتب - يرحمه الله - في: « الدعوة إلى الله وأساليب الغزو الفكري وكيفية مواجهته». والإعلام والدعوة الإسلامية»، و«الإيمان الحق، والاتجاهات الفكرية المعاصرة، وأساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي ومنهج التفكير الإسلامي، والأساليب التبشيرية في العصر الحديث... وغير ذلك من المؤلفات التي أثرت المكتبة الإسلامية. كان - يرحمه الله - صلبا في الحق لا يخشي في الله لومة لائم، ولم يمنعه وجوده في السجن تحت سياط الجلادين أن يصدع بالحق الذي يؤمن به، حيث يذكر د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، والذي كان رفيقا للدكتور علي جريشة في الزنزانة أنه - يرحمه الله - كان الوحيد من الإخوان الذي رفع قضية على جلاديه أمام القضاء، وكنا نقول له: «يا مستشار علي، اصبر حتى تخرج من السجن فأنت مازلت تحت قبضتهم لكنه أصرّ وشاء الله له أن يخرج من السجن في عام ۱۹۷۳م، ويتابع القضية وصدر حكم قضائي تاريخي أنصف د. جريشة ودعوة الإخوان المسلمين.

رحم الله أستاذنا د. علي جريشة، وتقبله في الصالحين، وألحقنا به في مستقر رحمته .. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 6

153

الثلاثاء 21-أبريل-1970

نشر في العدد 11

62

الثلاثاء 26-مايو-1970