العنوان المستقبل المجهول للمسلمين المهاجرين في كرواتيا
الكاتب مراسلو المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1993
مشاهدات 15
نشر في العدد 1063
نشر في الصفحة 30
الثلاثاء 24-أغسطس-1993
مركز البديل للإعلام زغرب كرواتيا:
أفادت الإحصائيات الصادرة عن مكتب المهاجرين في كرواتيا بتاريخ21/2/1993 عن وجود (٢٦١٤٨٢) لاجئًا من مسلمي البوسنة والهرسك على الأراضي الكرواتية، بينما قدر المجموع الكلي لأولئك اللاجئين في تلك الفترة بـ (٣٧١٣٧٦) لاجئًا.
وفي الإحصائية الصادرة بتاريخ 28/7/1993 عن نفس المصدر بلغ المجموع الكلي للمهاجرين (۲۷۷۳۷٠) مهاجرًا، بينما يقدر أعداد المهاجرين في نفس الفترة بـ (۲۷٧٠٥٤) مهاجرًا؛ مما يعني فرقًا بين العدد في الفترتين المذكورتين يقدر بـ (٩٤٣٢٢) مهاجرًا، أي نقصًا بنسبة (٢٥,٣٩%) في أعداد المهاجرين المسلمين في كرواتيا، مما يثير تساؤلًا حول مصير أولئك المهاجرين ال (٩٤٣٢٢).
يقول متابعو الأحداث إن بعض المهاجرين غادروا كرواتيا إلى دول أوروبا الغربية؛ بسبب الظروف الأفضل ونوعية الخدمات والمعاملة التي يجدها المهاجرون في دول مثل ألمانيا، والسويد من تلك التي يجدونها ويتعرضون لها في كرواتيا، ويقول بعض المراقبين إنه بعد رفض المسلمين والصرب لخطة فانس أوين التي فرح بها الكروات، وحاولوا فرضها على المسلمين بقوة السلاح بدأت الحكومة الكرواتية بفرض ضغوطات على اللاجئين المسلمين؛ حيث أصدر مكتب اللاجئين التابع للحكومة الكرواتية قرارًا جاء فيه:
إنه سيتم إعادة تسجيل اللاجئين المقيمين على الأراضي الكرواتية من أجل تحسين أوضاعهم بدءًا من فبراير ۱۹۹۳م، وسيمنح كل لاجئ بطاقة هوية لمدة ثلاثة أشهر، يتم بعدها تحديد وضعه حسب إمكانيات كرواتيا، وتطور أوضاع البوسنة واتفاق جنيف، كما سيتم إغلاق مراكز اللاجئين التي فتحت بدون تصريح، وبدأ عدد المهاجرين المسلمين يتناقص يومًا بعد يوم.
ويذكر المراقبون أن عددًا لا بأس به من المهاجرين المسلمين قد غادروا كرواتيا إلى دول غربية وإسلامية، مثل: الأردن، وباكستان، ويذكرون أن أكبر عدد منهم قد توجه إلى ألبانيا للإقامة في مخيمات أقامتها حكومة المملكة العربية السعودية.
أما الباقون فقد أكدت مصادر كرواتية وكذلك بوسنية أن عددًا من المهاجرين المسلمين قد اعتقلوا من قبل قوات الأمن الكرواتية، وأن ما لا يقل عن (۱۰۰۰۰) من هؤلاء يوجدون حاليًا في معسكرات اعتقال في بلدة تشايلينا في الجزء الذي تسيطر عليه القوات الكرواتية في إقليم الهرسك، وقد أكدت مصادر إغاثية أن من بين هؤلاء المعتقلين نساء، وأن بعضهن ذكرن لمدير مؤسسة إغاثية عن حالات اغتصاب، وتنوي قيادة قوات مجلس الدفاع الكرواتي مبادلتهم كأسرى حرب مع الجنود الكروات الذين أسرتهم قوات المسلمين في المعارك التي تدور منذ فترة بين مسلمي البوسنة وكرواتها على أراضي البوسنة والهرسك.
إن هذا التصرف يشكك بالادعاءات الكرواتية حول الخدمات التي تقدمها كرواتيا، والمعاملة الحسنة التي تعامل بها المسلمين كلاجئين على أراضيها، كما يستدعي تدخلًا عاجلًا من هيئة الأمم المتحدة ومن القوى الدولية للضغط على الكروات لإيقاف حملة الاعتقالات والمضايقات التي يتعرض لها المهاجرون المسلمون في كرواتيا، وأن تعمل على الإفراج عن جميع المعتقلين من المهاجرين فورًا؛ إذ من الجبن أن يتعرض المدنيون الذين يعيشون حالة مأساوية في بيئات المهاجرين إلى الاختطاف، ثم تبادلهم كأسرى حرب مع جنود حقيقيين تعرضوا للأسر في معارك لا علاقة للمهاجرين بها من بعيد أو قريب.
التاريخ والمصلحة:
قد تكون محاكمة المعتدي تاريخيًا ووصمه بالعار إلى الأبد أجدى من معاقبته عسكريًا؛ لأن العبرة التاريخية والأخلاقية من محاكمة المجرمين تفيد الضحايا، وتردع إلى حد ما القوى العدوانية عن ممارسة جرائمها، وعلينا أن نعترف بمكر اليهود الذين حولوا الجرائم التي ارتكبها هتلر ضدهم إلى مكسب سیاسي ومادي، ما زالوا يجنون الأرباح منه بعد مرور أكثر من (٤٠) عامًا على سقوط هتلر.
وقد كان بإمكان الكروات والمسلمين أن يدفعوا المجتمع الدولي إلى محاكمة مجرمي الحرب الصرب، ولكن الأسلوب الذي حكم مجريات الأحداث في الشهور الأخيرة من المعارك على أرض البوسنة والهرسك، والحملة الإعلامية التي يثيرها الكروات ضد المسلمين متهمين إياهم بارتكاب جرائم حرب رغم عدم أخذ هيئات الأمم المتحدة لهذه الادعاءات مأخذ الجد، ساهمت في تخفيف الحملة الدولية على الصرب، وأعادت إليهم الاعتبار بسبب المساواة بين المجرم والضحية، واتهام الكل بارتكاب المجازر في محاولة لخلط الأوراق.
إن الخطر الحقيقي الذي يهدد البوسنة والهرسك وكذلك كرواتيا إنما يتمثل في الأطماع الصربية، ولم تتغير الحقائق لا على الأرض، ولا في اللهجة السياسية الصربية، رغم الاجتماعات الماراثونية في جنيف واللقاءات المعلنة، والاتفاقات غير المطلقة بين القادة الكروات والقادة الصرب، وعلى المسلمين والكروات أن يجدوا لغة سياسية مشتركة، وأن يحاولوا تنسيق جهودهم من أجل وضع حد للاعتداءات الصربية، ولمحاولة استعادة الأراضي التي ارتفعت عليها بالقوة وببشاعة جريمة الإعلام الصربية، وعلى القادة الكروات أن يفطنوا إلى خطورة اللغة التي تستخدمها أجهزتهم الإعلامية في تغطية المعارك الدائرة بين قوات المسلمين وقوات الكروات في البوسنة والهرسك؛ لأن كرواتيا هي أيضًا ستخسر كثيرًا من نتائج خلق حالة من العداء بين الكروات والمسلمين .