العنوان المسلمون المنسيون وراء الستار الحديدي في الاتحاد السوفيتي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 18-سبتمبر-1984
مشاهدات 21
نشر في العدد 683
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 18-سبتمبر-1984
- لقد واجه المسلمون في ما يسمى «بالاتحاد السوفيتي» صنوفًا من التعسف والإذلال منذ أن أحكم الشيوعيون الروس قبضتهم على البلدان الإسلامية في آسيا الصغرى قبل ستين عامًا. وقد لاقوا من العنت والاضطهاد ما يغيب أمره عن كثير من المسلمين خارج الستار الحديدي السوفيتي. وشهدت الثلاثينات والأربعينات من هذا القرن الميلادي حرب إبادة وتشريد للمسلمين يعيد للأذهان الصورة البربرية المحزنة لتصفية الوجود الإسلامي في الأندلس سابقا وفي فلسطين ولبنان حاليًا.
ولكن كان معظم المسلمين آنئذ يرزحون تحت نير السيطرة الأجنبية فلم تحرك مجزرة القرم الشهيرة فيهم ساكنًا؛ إذ لم تكن عندهم وسيلة للاتصال أو منبر للاحتجاج أو سند من قوة يؤازرون به إخوانهم، فلم يعد الآن ثمة عذر للسكوت عن الأوضاع المتردية لإخواننا في الدين ولا بد أن نناصرهم ونشد من أزرهم حتى يفتح الله عليهم بنصر مبين.
والحمد لله أن التعتيم الإعلامي السوفيتي بالنسبة لأوضاع المسلمين هناك لم يعد ينطلي على العقول بعد أن انكشف أمر الروس لعامة الناس إبان عدوانهم الآثم على شعب أفغانستان المسلم. وقد طرأت ظروف جديدة تجعل محاولة مد يد العون لإخواننا المضطهدين أمرًا ليس بالعسير.
وبما أن الشباب المسلم يمثل الرصيد الأقوى لشعبه، فإن أي محاولة للعون يجب أن تستهدف الشباب حتى تكون ذات تأثير، ولذلك فعلى الشباب المسلم أن ينبري لحمل راية الدفاع عن المسلمين الرازحين تحت وطأة السيطرة السوفيتية، وأن يتخذ لذلك أنجع الوسائل وأصوبها للهدف، ولما كان مثل هذا العمل يستلزم الحيطة والحذر فينبغي ألا يكون مجرد تحرك عاطفي أو حماس وقتي بل يجب أن توضع التدابير الكفيلة لإنجاحه بإذن الله، ولذا؛ لزم تحسس الطريق قبل المسير وتقصي العقبات قبل محاولة اجتيازها.
إن كل عمل جاد يجب أن تسبقه دراسة مستفيضة لمشاكله ثم رسم خطة متأنية لعلاجها. وأول ما ينبغي عمله إزاء ما يعانيه المسلمون تحت السيطرة الروسية هو التعريف بهم وبحجم ما يواجهون من معاناة وعنت. وقد أردنا أن نسوق هذه الدراسة التمهيدية لرسم خطوط عامة للمشكلة، ونرى أن مزيدًا من التفصيل يمكن أن يتبع ذلك ريثما تقوم لجنة خاصة لمزيد من الدراسة والمتابعة التنفيذ.
- التقرير التمهيدي
ينقسم هذا التقرير إلى فقرات نعطي فيها نبذات عن الآتي:
1- الوضع العام والأقليات المختلفة داخل الإمبراطورية السوفيتية.
2- الاختلافات العرقية بين المسلمين في الاتحاد السوفيتي.
3- الاختلافات الطائفية.
4- تعداد المسلمين في الاتحاد السوفيتي.
5- الاتحاد السوفيتي والعالم الإسلامي.
٦- السوفيت والثقافة الإسلامية.
7- الروس والتحدي الإسلامي.
أ- حركة الجهاد الإسلامي في أفغانستان.
ب- ثورة إيران.
8- الطلاب الوافدون من البلدان الإسلامية.
9- المساجد في الاتحاد السوفيتي.
1- الوضع العام والأقليات المختلفة داخل الإمبراطورية السوفيتية:
يطلق الروس على إمبراطوريتهم اسم «اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية» وتحتل مساحة شاسعة تشكل تقريبًا ثلث اليابسة ويقطنها شعوب شتى مختلفة ومتباينة قامت روسيا بضمها عنوة عن طريق التغلغل السياسي والاجتياح العسكري، وبالإضافة للأجناس السلفانية مثل الأكرانيين والبلروش فإن هناك شعوبًا صغيرة مغلوبة على أمرها مثل الأستونيين والليتوانيين والليتوفيين والملداف والأرمن، هذا بجانب مجموعة كبيرة من الشعوب الإسلامية تشكل في الأصل الجزء الجنوبي والجنوب الشرقي من أقاليم أذربيجان وما وراء القوقاز وجنوب حوض نهر الفولجا وما وراء الأورال وكرجيزيا، وأزباكستان، وتركمانيا، وبشكيريا، وطادجكستان، وكزاخستان، وداغستان وغيرها.
ولقد أُلّفت كتب كثيرة عن وضع هذه الأقليات، سواء كانت مستقاة من المصادر الغربية أو السوفيتية نفسها، ولم يكتب عنها إلا القليل بأقلام إسلامية ملتزمة. وهنا يجدر بنا أن نشير إلى أهمية توفير بحث متكامل يعكس الصورة الحقيقية لهذه الشعوب تحت الاحتلال الروسي، ولا بأس من الاستعانة بما تنشره أجهزة الدعاية السوفيتية بالروسية أو غيرها في استنباط ما تحاول إخفاءه من حقائق ومع الأسف فإن الإعلام الغربي الذي طالما تبنى بحماس شديد الدفاع عن الأقلية اليهودية يعمد دائما إلى تجاهل أحداث كبيرة تحدث في الاتحاد السوفيتي وتهم المسلمين، ولذا؛ يجب وضع ذلك في اعتبار الباحثين.
2- الاختلافات العرقية بين المسلمين في الاتحاد السوفيتي:
تتعدد الأجناس العرقية بين المسلمين بحسب وضعهم الجغرافي ولكنهم ينحدرون أساسًا إما من الجنس القوقازي أو الجنس المغولي؛ ولهذا فإن لغاتهم تتعدد بتعدد التفرعات العرقية. وقد عمد الروس إلى استغلال هذه الاختلافات وتعزيزها وبعثوا روح القوميات الضيقة بحجة المحافظة على تراثها وفنونها وآدابها وشجعوا كل كيان عرقي حتى ينغلق في محيطه الضيق وفي نفس الوقت جعلوا من اللغة الروسية لغة رسمية مشتركة ومهيمنة على كل الأقاليم وإمعانًا في التفريق محوا كل أثر يربط بينها وبين الإسلام فاستبدلوا الحروف العربية التي كانت سائدة حتى 1929م بحروف روسية على غرار ما فعله أتاتورك في تركيا وذلك بحجة التطور واللحاق بالتكنولوجيا الحديثة، ولا تزال هذه اللغات غنية بالمفردات العربية.
3- الاختلافات الطائفية:
أغلب مسلمي الإمبراطورية السوفيتية ينتمون إلى المذاهب السنية وعلى الأخص المذهب الحنفي ويتبع نسبة قليلة المذهب الشافعي، أما طائفة الشيعة الأمامية «الجعفرية» فتتمركز في أقاليم أذربيجان شمالي الحدود السوفيتية الإيرانية.
لقد حافظ المسلمون السنة على دينهم أكثر من الشيعة تحت وطأة الكبت الشيوعي، ومرد ذلك أن التدين عند الشيعة يقتفي ارتباط العامة بإمامهم فعندما قلصت السلطة من سلطان الإمام على أتباعه باحتوائها له تقلص معه الارتباط بالدين، على غرار ما حدث للنصارى.
أما بالنسبة للسنة حيث لا توجد واسطة بين العبد وربه فلم تنجح السلطة في قتل الولاء الديني في نفوس المسلمين السنيين، ولذلك حاولت أن تصنع قيادات دينية مأجورة تسير في عجلة الأجهزة الشيوعية لتضفي على الدولة السوفيتية صورة دعائية براقة. وطالما بعث هؤلاء المأجورون إلى المحافل الإسلامية العالمية ليمثلوا «مسلمي الاتحاد السوفيتي» زورًا وبهتانًا فيطيلون في مدح النظام السوفيتي ويكيلون الذم للإمبريالية الأمريكية!!
ويوجد كذلك طرق صوفية مختلفة في مناطق التركستان وغيرها ورغم نشاطها فإنها لا تشكل خطرًا على النظام الشيوعي إذ ينحصر هذا النشاط بين المتقدمين سنًّا.
بيد أنه تقوم الآن حركة جادة للدعوة الإسلامية تأخذ طابع السرية وينتمي إليها عناصر من الشباب يظهر أثرها جليًا في القلق المتزايد الذي يصيب أجهزة الحزب الشيوعي في البقاع الإسلامية، وفي الحملة المضادة التي يشنها الإعلام السوفيتي ضد الشباب المتدين.
4- تعداد المسلمين في الاتحاد السوفيتي:
لم يعلن السوفيت بعد تفاصيل آخر تعداد سكاني أجري في 1979م وحتى إذا نشر التوزيع السكاني للكيانات العرقية فإنه لا يستبعد أن يؤثر العامل السياسي والأمني للدولة في نتيجة هذا التعداد؛ ولذلك ينبغي أن نأخذ ما ينشر عن المصادر السوفيتية بكثير من الحذر والتحليل.
وبسبب من تزايد المسلمين المطرد والذي يصاحبه وعي سياسي ملحوظ يعمد السوفيت إلى محاولات إرضاء الشعوب الإسلامية بتقليد بعض الأفراد المسلمين مناصب مرموقة في الجهاز الشيوعي للدولة.
ومع أن عدد المسلمين يقدر بما يزيد عن السبعين مليونًا إلا أن المصادر السوفيتية تقدر تعدادهم في مناطقهم بنحو من (44) مليونًا في حين يصل عدد الروس إلى (127) مليونًا من المجموع الكلي للسكان البالغ (262) مليونًا حسب آخر تعداد لسكان الاتحاد السوفيتي، وتشير هذه الإحصاءات إلى أن معدل الزيادة بين المسلمين في السنوات 1959م و1979م قد وصل إلى (2/ 37)، في حين أن المعدل بين الروس هو (0,07%).
5- الاتحاد السوفيتي والعالم الإسلامي:
كان الاتحاد السوفيتي يحلم ببسط لسلطانه على العالم الإسلامي من خلال إستراتيجية متكاملة إعلاميًّا عن طريق استثمار المواقف الغربية وسياسيًّا عن طريق دعمه لبعض الأنظمة اليسارية في العالم الإسلامي، وثقافيًّا بتقديم منح دراسية كثيرة كل عام لأبناء المسلمين لتلقي العلم في الجامعات والمعاهد السوفيتية وخاصة في جامعة الصداقة التي أنشئت خصيصًا في موسكو لتخريج كوادر قيادية للأحزاب الشيوعية واليسارية في بلدان المسلمين.
إلا أن السوفيت أدركوا أخيرًا أن الشعوب الإسلامية ليست بيئة خصبة لانتشار الشيوعية رغم النجاح الجزئي الذي أحرزته هذه الخطة في العقد الماضي؛ حيث ظلت بعض الأنظمة العربية توالي المعسكر السوفيتي، ولقد أصيب المستعمرون داخل الحظيرة السوفيتية بخيبة أمل إذ كانوا دائما يتطلعون للعرب للنصرة فإذا بهم يرون بعضهم يصادق العدو الروسي رغم أن الاتحاد السوفيتي كان ولا يزال أكبر ممول للكيان اليهودي بالكفاءات الفنية والعسكرية المدربة.
٦- السوفيت والثقافة الإسلامية:
تحظر السلطات الروسية تداول أي مادة ثقافية غير التي تنشرها الدولة السوفيتية وفقا السياسة الحزب الشيوعي، ولذا؛ تحظر استجلاب القرآن الكريم لمواطنين سوفيت وتصادره من كثير من الطلاب القادمين للدراسة في روسيا «رغم أنه أمكن إدخال عدد لا بأس به من المصاحف والشرائط المسجلة للقرآن الكريم».
ويربى أبناء المسلمين على مناهج رسمها الشيوعيون لتنشئة الشباب تنشئة إلحادية فيقدم لهم تاريخ بلادهم وحضارتهم الإسلامية في صورة مطموسة المعالم ومهزوزة ويفسر لهم حركة التاريخ تفسيرًا ماديًّا، ويدرس الطلاب في الجامعات المادية الجدلية والإلحاد «العلمي» بجانب تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي كمواد أساسية، وكل هذه المواد الدراسية موجهة ضد الإيمان بالله تعالى وضد الإسلام على وجه الخصوص، ولا تخلو المجلة الروسية «Science and Religion» «العلم والدين» الاتحادية من نقد للإسلام واستهتار بقيمه، وتقوم أجهزة الإعلام المرئية والصوتية والمقروءة وبخاصة في مناطق المسلمين بتركيز حملاتها الداعية للإلحاد والساخرة من الدين. وتقوم محطات التشويش القوية جدًّا والمنصوبة في كل مدينة بتشويش أي إرسال إذاعي يستهدف توعية المسلمين أو التأثير عليهم.
7- الروس والتحدي الإسلامي:
يواجه الشيوعيون السوفيت تحديًا عنيدًا على الصعيدين الخارجي والداخلي؛ فالصحوة الإسلامية التي انتظمت العالم الإسلامي تؤرق حكام الكرملين من ناحيتين:
أولًا: لأنها سدت الطريق أمام أي تغلغل سوفيتي في بلاد المسلمين إذ تصدت للنظرية الماركسية اللينينية بالفكرة الإسلامية القوية فما عادت دعوى مناهضة «الإمبريالية» تبهر عامة المسلمين سيما بعد أن كشفت روسيا عن وجهها «الإمبريالي» الحاقد على شعب أفغانستان المسلم.
ثانيًا: لكونها امتدت عبر الحدود السوفيتية مما يزيد هلع الروس على أمن نظامهم، وهنا يجدر أن ننوه بأمرين هما:
أ- حركة الجهاد الإسلامي في أفغانستان.
ب- ثورة إيران.
أ- حركة الجهاد الإسلامي في أفغانستان:
لقد كان لتعاظم شأن الحركة الإسلامية في أفغانستان أثر عظيم في استقطاب الموقف عند الحدود بين نظام الروس الإلحادي المحتل لأراضي المسلمين وبين شعب يوشك أن يبني نظامًا على نهج الإيمان في أفغانستان، ولقد نما هذا التباين بدرجة حفزت الروس إلى التدخل العسكري عبر الحدود لاحتلال أفغانستان درءًا لهذا الخطر، بيد أن صمود المجاهدين الأفغان أمام الغزو الشيوعي كان له نتائج إيجابية في تحريك المشاعر الإسلامية وسط المسلمين في آسيا الوسطى وفي رفع معنوياتهم لدرجة جعلت الجنود السوفيت من أبناء المسلمين ينضمون للقتال في صفوف المجاهدين فزاد بذلك قوة التحدي الإسلامي على الروس، وكان لهذا التحدي انعكاسات على ما يكتبه الكتاب الروس في مجلاتهم الإلحادية، فبعدما كانت مجلة «العلم والدين» تسخر من الإسلام في الماضي أصبحت تحاول الآن معالجة المسألة الإسلامية بشيء من الموضوعية.
ب- ثورة إيران:
كان يمكن لهذه الثورة أن تلعب دورًا مؤثرًا على أوضاع المسلمين داخل الستار الحديدي لطول الحدود المشتركة بين إيران والاتحاد السوفيتي، ولسهولة التأثير الإعلامي والثقافي عبر اللغات المشتركة بين الكيانات العرقية عبر الحدود، غير أن تأثير الثورة الإيرانية على الأوضاع السوفيتية الداخلية وإن تخوف منه الروس في بداية الأمر إلا أنه لم يأت بفائدة لتعضيد المسلمين هناك إن لم يكن قد أساء إليهم، وذلك لما يأتي:
1- رسخت الثورة الإيرانية فكرة أن «الإمبريالية» الأمريكية هي الخطر الوحيد على المسلمين وعلى الإسلام، تلك الفكرة التي طالما رددتها الأبواق الشيوعية، ولقد أحسن الروس استثمارها إبان ثورة إيران.
2- رفعت نفس الشعارات المتشنجة التي دأب الشيوعيون على رفعها فكانت تكرارًا لا يحبه المسلمون العقلاء.
3- لم تستطع الخروج من نزعتها الشيعية الضيقة مما جعل الأغلبية السنية داخل الحظيرة السوفيتية لا تعول عليها في نصرة أو تتوسم فيها الخلاص.
4- كان ما تبثه أجهزة الإعلام الإيرانية من أخبار القتل وإراقة الدماء وأساطير الشيعة التي لا تستقيم والعقل السوي مادة غزيرة أحسن الروس استغلالها في تشويه صورة الإسلام والحكم الإسلامي.
8- الطلاب الوافدون من البلدان الإسلامية:
لقد خابت آمال الشيوعيين الروس نتيجة إخفاقهم في استقطاب الشباب القادمين للدراسة في روسيا على نفقة السوفيت من البلدان الإسلامية؛ إذ بقدر ما خطط الروس لإعدادهم ليكونوا روادًا لحركة شيوعية عالمية كانت عناية الله تعصم كثيرين منهم من الانسياق وراء السراب الأحمر. فقد نشأت وترعرعت حركة للدعوة الإسلامية وسط الطلاب القادمين من الدول العربية وشبه الجزيرة الهندية ودول أفريقية، وكان لهؤلاء الشباب أثر قوي في ربط إخوانهم بالعقيدة الإسلامية، وكانت تحركاتهم للصلاة أو لحلقات الدروس الدينية مصدر انزعاج شديد لسلطات الحزب الشيوعي كلما اكتشفوها، ولقد حدا بهم هذا إلى التضييق على الطلاب المتدينين بطرق خسيسة ومتعسفة وحاقدة فطردوا قبل عام نخبة ممتازة من الشباب المتدين في سنواتهم الدراسية النهائية من أبناء الأردن والسودان وتونس وبنغلاديش وفلسطين بسبب التزامهم بالإسلام. ويقوم الطلاب الشيوعيون العرب بتوفير المعلومات عن كل طالب يعرف عنه أنه يمارس عبادة الصلاة، ويبدو أن ظاهرة العداء للطلاب المتدينين تتفاوت من منطقة لأخرى حسبما ينشط الشيوعيون العرب في الوشاية ببني جلدتهم عند الروس، ولكن كلما حاول هؤلاء الوشاة الكيد للشباب المسلم زاد ذلك من تمسكهم بحبل دينهم وتماسكهم مع بعضهم والحمد لله.
9- المساجد في «الاتحاد السوفيتي»:
أبقى الروس على بعض المساجد في كل من لننجراد والقوقاز وطاشقند وسمرقند وبخاری وغيرها حيث المدارس التاريخية الدينية أو حيث الرئاسات الروحية لمجالس المسلمين الرسمية وذلك لأغراض دعائية ولكن المساجد التي كانت تقوم بعيدًا عن أعين الأجانب فقد تم تصفيتها بمحاربة الذين كانوا يقصدونها خاصة من المسلمين التتر، وقد هدم بعضها في القرى أو حولت إلى مخازن للغلال!!
ويتوجس الروس خيفة من أي لقاء ديني بين الطلاب المسلمين الأجانب وهؤلاء المصلين، ولقد اغتال الروس في العام الماضي مؤذن جامع موسكو المؤمن لمصادقته بعض الطلاب العرب المسلمين.
أما في شبه جزيرة القرم حيث كانت المأساة الدموية التي أجلي فيها المسلمون من ديارهم ولم يبق من آثار الإسلام ومساجده إلا متحف للسياحة في بخشراي، حيث كانت تقوم مدرسة لتعلم القرآن الكريم في الماضي. وهذا المتحف يرمي إلى تبخيس الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية.
لقطات
- من المتوقع أن يصدر مرسوم تقر بموجبه الحكومة الأمريكية مد الكيان الصهيوني بمبلغ (3) مليارات دولار للسنة المالية القادمة وسوف يكون نصف هذا المبلغ كمساعدات اقتصادية والنصف الآخر مساعدات عسكرية.
- أجرى حلف وارسو مناورات عسكرية في الأسبوع الماضي فوق الأراضي التشيكية واشترك فيها (60) ألف جندي في هذه المناورات التي أطلق عليها (الدرع 84) وقد أشرف عليها وزير الدفاع الروسي أوستينوف.
- ديفيد كيمي مدير عام وزارة خارجية العدو سيقوم بزيارات سرية لعدة دول أفريقية ليس بينها وبين دولة العدو علاقات دبلوماسية، وذلك لإجراء محادثات خاصة حول عودة العلاقات مقابل مساعدات إسرائيلية كبيرة عسكرية واقتصادية.
- وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت من تشكيل فرقتي مشاة حديثتين ليصبح بذلك عدد الوحدات القادرة على التحرك السريع (4) وحدات مستعدة للانتشار في مناطق الاضطرابات في العالم، وتتكون هذه الفرق من (10) آلاف جندي.
- اعتقلت سلطات الأمن الروسية بحارًا إيطاليًّا بتهمة التجسس على الاتحاد السوفيتي لحساب المخابرات السرية التابعة لحلف الأطلسي، وكانت أجهزة الأمن قد اكتشفت معدات وأجهزة تجسسية في غرفة البحار داخل السفينة التي يعمل عليها.
- مقبرة المفقودين
بمناسبة ذكرى الرئيس التشيلي الراحل سلفادور الليندي جرت مظاهرات كثيرة في تشيلي تندد بالحكم الدكتاتوري للجنرال أوغستو بينوشيه الذي استولى على السلطة إثر إطاحته بالرئيس الراحل اللندي. وقد تصدى البوليس التشيلي لهذه المظاهرات بالقوة مما أدى إلى إصابة البعض بجراح مختلفة، وتجمع المتظاهرون عند قبر السلفادور اللندي تعبيرًا عن تعلقهم بالنظام الديمقراطي ورفضهم للنظام الدكتاتوري العسكري، كما تجمع أهالي المعتقلين المفقودين في المقابر العامة في العاصمة سنتياغو حيث يوجد 300 مقبرة لمجهولين يعتقد أنها لبعض هؤلاء المفقودين.
والملاحظ أن الدول النامية في أمريكا اللاتينية تعيش نفس المأساة التي يعيشها أبناء هذه الدول في القارات المختلفة؛ فالحكم العسكري والدكتاتوري يهيمن على البلاد، وسفك الدماء والبطش والإرهاب والمعتقلات عوامل مشتركة تجمع بين معظم الدول النامية سواء في آسيا أو أمريكا أو أفريقيا بما يوحي بأن المحرك واحد مهما كان انتماؤه واتجاهه.
- صفقة أسلحة
ذكرت وكالة يونايتد نيوز أن روسيا قررت تزويد الهند بطائرات حربية وصواريخ وأجهزة إلكترونية تنفيذًا لاتفاقات سابقة، وأشارت الوكالة إلى أن قيمة الصفقة الحالية تتجاوز مليار دولار وهي تتضمن طائرات من طراز أي إن 22 وطائرات شحن ضخمة.. وكان وفد عسكري هندي يرأسه وزير الدفاع باتناغار قد عاد من موسكو الأسبوع الماضي حيث عقد محادثات مع المسؤولين هناك. واجتمع الوفد من وزير الدفاع الروسي الماريشال أوستینوف ورئيس الأركان أخروميف وعدد من القادة الروس. وجدير بالذكر أن الماريشال أوستينوف كان قد أعلن خلال زيارته السابقة للهند عن عزم بلاده على تزويد الهند بأسلحة متطورة ضمن خطة تحمل طابع «الأولوية السريعة».
ويلاحظ هنا أن الاتحاد السوفيتي يدخل عملية تزويد الهند بالأسلحة المتطورة ضمن إستراتيجيته الخاصة بالمنطقة والموجهة في معظمها للدولتين المسلمتين أفغانستان وباکستان. وتأتي أخبار تنفيذ هذه الصفقة متزامنة مع التوترات القائمة على الحدود الباكستانية الهندية والباكستانية الأفغانية..
- إقالة أوغاركوف رئيس الأركان الروسي السابق
أثارت الإقالة المفاجئة لرئيس الأركان السوفيتي ونائب وزير الدفاع المارشال أوغاركوف من منصبه لتكهنات واسعة لدى الأوساط السياسية الغربية توحي جميعها بوجود انشقاق داخل القيادة السوفيتية وصراع على السلطة.
وتقول الدوائر الغربية المطلعة في العاصمة السوفيتية إن الحالة الصحية لتشيرننكو، وتغيباته المفاجئة، والصعوبات التي يعانيها في الحديث تثبت أن موسكو دخلت من جديد في حقبة القلق وعدم الاستقرار التي تذكرنا بحقبة حكم أندروبوف، لذلك فإن التحالفات بدأت تظهر من جديد وخلف الستائر تتفاعل المكايد وممارسة اللعب المختلفة. ومن هنا فإن عملية تصفية الحسابات تأتي دائما في رصيد الجيش الأحمر صاحب القوة الأولى في الحكم الروسي ولذلك كانت إقالة المارشال أو خاركوف بداية هذه التصفيات.
والغريب أن كل هذه الأمور تتم في الوقت الذي لا يدري فيه الشعب الروسي عن أمور بلاده أي شيء فهو كالزوج المخدوع آخر من يعلم، ثم يأتي من أبناء أمتنا المخدوعون من يقول لنا إن النظام الروسي شعبي جماهيري الحكم فيه للشعب إلى آخر هذه الترهات التي يضحك عليها الشعب الروسي قبلنا.
- قطيعة اشتراكية
خلال الاحتفال الحزبي الذي تنظمه صحيفة لومانيتيه الفرنسية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الفرنسي، أعلن قادة الحزب عن فرارهم بإعلان القطيعة التامة ما بين حزبهم والحزب الاشتراكي الحاكم والذي يتزعمه الرئيس الفرنسي ميتران، ويأتي هذا الإعلان بعد اشتراك الحزب الشيوعي بالحكم مع الاشتراكيين منذ عام 1981. وكان قادة الحزب الشيوعي قد شنوا هجومًا عنيفًا ضد سياسة رئيس الوزراء الجديد لوران فابيوس، واتهمها بأنها تضع مصالح رأس المال في المقدمة ولا تكترث بمصالح الطبقات الشعبية.
ويرى الملاحظون أن الرئيس الفرنسي ميتران قد أحرق سفنه ولم يبق له إلا أن ينجح في التحالف مع بعض أحزاب الوسط لتأليف أغلبية تمكنه من كسب الانتخابات العامة في عام 1986.
والغريب أن هذه القطيعة تتم بين الاتجاهين الاشتراكيين في فرنسا مما يؤكد على أن المصالح الحزبية الضيقة تأتي في المقدمة وأن الرابطة الاشتراكية لا مكان لها في سلم المصالح، وها هي تجربة الحزبين الشيوعيين الروسي والصيني خير دليل على سقوط هذه المبادئ.
رأي دولي
- فيلم وثائقي
عرض التلفزيون الألماني الغربي في الأسبوع الماضي وعبر قناته الثانية فيلمًا وثائقيًّا لمخططات إعادة بناء الهيكل الإسرائيلي الثالث مكان المسجد الأقصى ومسجد الصخرة المشرفة في الحرم القدسي الشريف ويخطط الصهاينة إلى هدم المسجدين وبناء الهيكل مكانهما، وعرض التلفزيون الألماني صورة العلم اليهودي على حائط ملاصق للمسجد الأقصى قائلًا إن التسلل اليهودي يزحف في القدس القديمة، وإن الحي اليهودي يتقدم نحو المسجد الأقصى ومسجد الصخرة المشرفة ببطء كطوق حصار محكم، وكشف عن وجود خطط لنسف المسجد الأقصى والصخرة أعدتها تنظيمات يهودية مختلفة.
وأشار الفيلم الوثائقي إلى أن هذه التنظيمات لا تهدف إلى طرد العرب من القدس فحسب بل إلى إعلان الحرب على العالم الإسلامي بأسره مستندًا إلى قول هذه التنظيمات مع أن الوقت لم يحن بعد إلا أن الهدف قد وضع أمام البندقية.
وأشار الفيلم إلى أن الزحف الصهيوني على الممتلكات العربية منذ أربع سنوات الهدف الرئيسي منه ليس مصادرة أراض فقط بل تنفيذ فكرة تبشيرية هي إعادة بناء الهيكل اليهودي الثالث. وأظهر مراسل القناة الثانية في التلفزيون الألماني الغربي مشاهد تدشين مستوطنة باكاي إلى الجنوب من الخليل التي تعتبر خاتمة الجسر الإستراتيجي الموصل إلى بئر السبع في النقب، وأكد المراسل أن التعصب اليهودي ينشب مخالبه أعمق فأعمق في الضفة الغربية المحتلة في إشارة واضحة إلى التوسع الإسرائيلي.
كما عرض الفيلم صورًا لتدشين مستوطنة جديدة ظهر فيها المستوطنون الإسرائيليون وهم يحملون التوراة كرمز للتملك.
وأكد المراسل الألماني على أن الأساس الفكري للدولة اليهودية تحول إلى تعصب كهنوتي جامح، وأن حركة الاستيطان والتهويد تتلقى مساعدة كاملة من اليهود خارج إسرائيل ومن الحكومة الإسرائيلية وأن وزارة الدفاع الإسرائيلية صادرت ممتلكات عربية دون إبداء الأسباب وسلمتها لحركات الاستيطان والتهويد.
ولا ندري إن كان مركز الدراسات الفلسطينية وغيره من المراكز المنتشرة في العالم العربي سيعتمد هذا الفيلم الذي يعتبر وثيقة ناطقة تبين وعلا لسان الإعلام الغربي نفسه مدى الخطر المحدق بالقضية المقدسة كما تبين الأساس الديني لقيام الدولة الإسرائيلية وخطط توسعها، بينما لا زلنا نحن في نزاع مستمر حول ماهية صراعنا مع العدو هل هو صراع قومي أم صراع ديني؟ إن الفيلم الوثائقي للتلفزيون الألماني يؤكد لكل من أعماه التعصب القومي على أن الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني صراع عقدي ديني لا يمكن تجاهله.
- مؤتمر مصالحة في تشاد
قال مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الإفريقية «غايبن» إن الحكومة التشادية برئاسة حسين حبري والقوات المعارضة برئاسة شوكوني عويدي وافقتا على عقد اجتماع مصالحة بينهما في برازافيل عاصمة الكونغو، وأبلغ غايبن الصحفيين عقب اختتام زيارة لتشاد أن المواضيع التي ستبحث في هذا الاجتماع كانت المسألة الرئيسية في محادثاته مع حبري. وأضاف المسؤول الفرنسي قوله إن السلطات التشادية موافقة على الذهاب إلى برازافيل وكذلك كثير من القوى المعارضة لها التي من المقرر أن تشترك في مؤتمر مائدة مستديرة لإيجاد حل للنزاع في تشاد.
ولم يحدد المسؤول الفرنسي موعد انعقاد المؤتمر، مؤكدا أن الصراع الأهلي في تشاد والذي مضى عليه قرابة عقدين من الزمن، لا يمكن حله عسكريًّا.
ونحن مع تأييدنا لما ذهب إليه المسؤول الفرنسي من أن النزاع التشادي لا يمكن حله عسكريًّا بسبب ولاء كل من الاتجاهين المتصارعين لقوى أجنبية تعمل على استمرار نفوذها في تشاد، فهل ينتهز أقطاب الصراع فرصة عقد مثل هذا المؤتمر ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم بعيدًا عن تأثيرات القوى الأجنبية ويجنبوا بلادهم وشعبهم المزيد من المآسي والدمار والدماء؟