; المشكلة الآن: من يعترف بمن؟ | مجلة المجتمع

العنوان المشكلة الآن: من يعترف بمن؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

مشاهدات 12

نشر في العدد 594

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 09-نوفمبر-1982

الحقيقة المرة التي ترددها الشعوب اليوم تكمن في الموقف السياسي الهزيل لأنظمة الرفض.. وأنظمة التصدي.. وأنظمة المواجهة أو الحل، ولعل هذه التسميات تعود إلى مسمى واحد هو الكيان الحكومي لبعض الأنظمة أمام قضية الاحتلال اليهودي لفلسطين وبعض الأراضي العربية الأخرى.. هذا الموقف الذي ضرب اليوم أعلى الأرقام في العد التنازلي للسياسة العربية أمام «عقدة شعب الله المختار» اليهودية جعل المشكلة العربية في كل «المناظير» تنحصر في «اعتراف إسرائيل بالعرب» بعد أن كانت المشكلة في المفهوم الدولي تكمن في رفض العرب للوجود اليهودي في قلب الأمة الإسلامية!! ولكي تحقق هذه السياسة نفسها في ذهنية المواطن العربي اصطنع إعلامها التابع للعلاقة العربية الإسرائيلية أكذوبتين:

الأولى: أسطورة إسرائيل التي لا تقهر.

الثانية: مالا يؤخذ بالحرب يؤخذ بالسلم.

ثم قام أنور السادات بوضع الأرضية السياسية الجديدة للأنظمة القائمة بهذا الاصطناع المزيف ريثما تنجز الأنظمة المعنية عملية ترويض شعوبها نفسيًّا وفكريًّا وسياسيًّا وجسديًّا أيضًا على قبول المعطيات الجديدة للسياسة العربية، ولتدخل في روع الشعوب بعد درس القهر المقولة الجديدة: «المشكلة الآن هي اعتراف إسرائيل بالعرب»!!

بهذه السياسة حاولت الأنظمة الشعارية إسقاط ما يلي:

١-الرؤية العقدية الإسلامية مع تكريس رؤية مصطنعة و«إضافية» تقتضي إنشاء فكر متنكر لأصل الوجود الإسرائيلي وجذوره العنصرية الاستعمارية الاستيطانية.

٢-الرؤية الحربية سواء أكانت تحت راية الإسلام أم القومية... وحتى تحت الرايات «العمية» الأخرى.

٣-الرؤية في إمكانية التكامل السياسي بين الأنظمة على الخارطة العربية، وبينها وبين الشعوب من ناحية أخرى.

٤-الرؤية في إمكانية تحييد المواقف الدولية أو كسبها مع اعتبار حرب إسرائيل حربًا لأمريكا نفسها كما أفهم السادات شعبه.

وهكذا أوجدت هذه السياسة حجمًا كبيرًا من الاضطراب في المفاهيم الشعبية ليردد الشعب مع بعض الأنظمة -قبل مرور الصفقة-: «المشكلة الآن هي اعتراف إسرائيل بالعرب»!!

على أن اليهود المغتصبين يعلنون اليوم أن بمقدورهم محاكمة العالم إذا رفض نظريتهم في السلام، واليهود هؤلاء ينطلقون من رؤية «عقدية توراتية تلمودية» في التعامل مع العالم بعامة، ومع العرب بخاصة، وهم عندما يتعاملون معنا بهذه الطريقة يُدركون أن الطريق العربية أمام الطرح التوراتي التلمودي باتت معبَّدة، لذا فهم لا يدخرون وسعًا كل يوم في التفنن بطرح ما يزيد الموقف العربي ذلًّا وخسرانًا، وما يزيده نزولًا في عدِّه السياسي، وتراجعًا في حقيقة أهدافه النهائية إزاء عوامل الحرب والسلام على أن إسرائيل -التي أدركت الطبيعة الانهزامية للأنظمة الثورية بخاصة- لن تقف عند هذا الحد طالما العد التنازلي للعرب مازال مستمرًّا.. ولعل إسرائيل تنتظر من عرب اليوم أن يوَقِّعوا لها «على بياض»!! حتى تفكر بالاعتراف بهم.. ومادامت أنظمتنا لا تضمن نتائج الأمور إزاء هذه الطريقة «التوقيعية»، فإن اليهود سيستمرون في لعبة الاستدراج عبر قناعة بعض أنظمتنا الماثلة في «أن المشكلة الآن هي اعتراف إسرائيل بالعرب»!!

هذه هي مناظير الواقع.. ولكن ماذا يمكننا أن نقول:

إننا لا نزعم أننا قادرون على إقناع الأنظمة المعنية بالمواجهة «العسكرية أو السلمية» بما نعتقد، لكننا لا بد وأن نضع بين أيدي هؤلاء تصورًا قرآنيًّا

مختصرًا يحدد الفيصل الحق بين المسلمين واليهود، وفي العلاقة العربية الإسرائيلية الأخيرة، يقول تعالى مؤكدًا عداوة يهود الأبدية الشديدة: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ (المائدة:82)

ولعل عداوة يهود اليوم تأخذ أعتى أشكالها للأمة، وذلك على كافة المستويات العسكرية والسياسية والعقدية والاجتماعية.. ولن يرضيهم عنَّا توقيع معاهدة.. ولن يزيل عداوتهم أي حل.. فهم أعداء الأمة حتى قيام الساعة، وليست المشكلة كما يتصور البعض أن يعترف العرب بإسرائيل أو تعترف إسرائيل بالعرب.

الرابط المختصر :