العنوان المصالحة مع الحركة الإسلامية
الكاتب شعبان عبد الرحمن
تاريخ النشر الثلاثاء 25-يونيو-1996
مشاهدات 715
نشر في العدد 1205
نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 25-يونيو-1996
جاءت القمة العربية الأخيرة في القاهرة لتلقي حجرًا في مجرى حياة المنطقة، والتي ظلت أحداثه تجري برتابة طوال الفترة الماضية، فقد ظلت المنطقة العربية تدور في حلقة شبه مفرغة داخل دائرة ما يسمى بالسلام مع الصهاينة من مؤتمر مدريد، إلى اتفاقيات أوسلو، إلى مؤتمرات واشنطن، وطابا، والقاهرة، إلى الهرولة الذليلة والانبطاح التام، كل يريد أن يسبق الآخر ليسجل نقطة لصالحه في ماراثون السباق إلى أحضان إسرائيل، حتى فوجئ الجميع بـ«نتن ياهو» يدوس كل ذلك ويلوح بمبدأ القوة في مواجهة الجميع على أساس أنها الضمانة الوحيدة، وليس السلام لتحقيق أحلام كيانه الغاصب. فلا انسحاب من الجولان، ولا حق للفلسطينيين في أي كيان سياسي إلا الحكم الذاتي الهزيل على (٣%) من فلسطين وإن كان يعجبهم.
وقد جاءت هذه المواقف المتلاحقة بسرعة من «نتن ياهو» كصفعة ساخنة للغافلين -وما أكثرهم- وصاعقة مفاجئة في السماء العربية تنبئ بدوي انفجار ضد المستقبل العربي، ولذلك لم يكن بد من الدعوة للقمة العربية والتي ستكون -بلا شك- مفيدة على أعلى مستوى، فعلى أقل تقدير كسرت هذه القمة إسطوانة الخطاب الإعلامي الممل عن لقاءات وزيارات واجتماعات مفاوضات السلام، وبدأت الأذان تسمع من جديد الدعوة لتنقية الأجواء العربية. الموقف العربي الموحد، التضامن العربي، حتى وإن كان كلامًا إلا أنه يشعرنا نحن الجماهير بأن الحياة مازالت موجودة، وأن العرب من الممكن أن يتلاقوا تحت سقف جامعة الدول العربية بدلًا من أن يتسابقوا متفرقين أو متنابذين للوصول إلى تل أبيب، لكن القمة العربية من الممكن أن توقف كل ذلك إن هي خرجت بموقف عملي موحد ومتماسك حيال إسرائيل ولصالح فلسطين، وبالطبع فإن تنقية الأجواء العربية وحل الخلافات الطارئة والمزمنة بين الدول العربية أولًا بأول ستظل عامل الاستمرار الرئيسي لهذا الموقف، وهو ما حرصت الدعوة للقمة على الإلحاح عليه طوال الفترة السابقة لعقدها.
لكن المصالحة على مستوى الأنظمة والحكومات وإن كانت هامة جدًا إلا أنها تظل ناقصة ما لم تواكبها خطوات مماثلة للمصالحة بين الحكومات نفسها وشعوبها؛ لأن استمرار الخصومات السياسية أو الفكرية بين بعض الحكومات وقطاعات هامة ومؤثرة من شعوبها- لا شك أنه يفقد الموقف العربي في المحصلة النهائية دعمًا شعبيا ورصيدًا جماهيريًا هامًا، ويظل إنهاء الخصومة مع الحركة الإسلامية بالذات على امتداد العالم العربي هو أهم محاور تلك المصالحة الشعبية، إذ لم يعد خافيًا أن الحركة الإسلامية أصبحت تمثل عنصر الصمود الأقوى في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري، ومن هنا فإن مخاصمتها أو مطاردة أبنائها يفقد المشروع العربي للتصدي للهيمنة الصهيونية أهم أركانه.
إن درس التاريخ يؤكد دائمًا أن أي خلاف بين دولة عربية وأخرى، وأن أي صراع بين حكومة وشعبها يصب في النهاية في مصلحة العدو، وإن اللحظات المشهودة والمتوجة بالانتصارات كانت دائمًا هي لحظات الصف العربي المرصوص شعوبا وحكومات
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
عبدالعالـي حسانـي: «مجتمع السلم» تتبنى مشروع الوحدة بين أبناء الحركة الإسلامية كافة بالجزائر
نشر في العدد 2182
23
الثلاثاء 01-أغسطس-2023

