; المعادلة الاستعمارية في العالم الثالث المسلمون هم المستهدفون | مجلة المجتمع

العنوان المعادلة الاستعمارية في العالم الثالث المسلمون هم المستهدفون

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 22-يناير-1985

مشاهدات 20

نشر في العدد 701

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 22-يناير-1985

هنالك مغالطة مقصودة في تصوير تعامل القوى الاستعمارية الدولية مع مجموعات الشعوب في دول العالم الثالث... حيث إن الرائج على ألسنة الإعلاميين أن القوى الاستعمارية تقف بالضرورة ضد حريات جميع شعوب العالم الثالث من مسلمين ونصارى وغيرهم وذلك لتحقق مصالحها من خلال قهر جميع فئات شعوب تلك البلدان... والمتأمل في التعامل الواقعي لتلك القوى يكتشف زيف المغالطة... فباستقراء الأحداث والوقائع نجد أن القوى الاستعمارية تأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية وهي تتعامل مع شعوب العالم الثالث: 

۱ - التمييز بين من هو مسلم ومن هو مسيحي، أو على ملة أخرى في جميع صنوف التعامل وأشكاله.

وقد برزت هذه الحقيقة واضحة في التعامل مع المجاعة الأفريقية حيث أغرقت القوى الاستعمارية بكل معوناتها على المناطق التي يسكنها النصارى بينما لم تقدم للمسلمين شيئًا يعادل جزءًا صغيرًا مما قدم لمعتنقي الديانة النصرانية.

٢ - التعامل مع الحكومات النصرانية أو المتعاطفة؟ مع النصارى أو اليهود تعامل الحلفاء مع شد عضد تلك الحكومات في مواجهة المسلمين وتجمعاتهم وحركاتهم الدعوية... ويبرز هذا جليًا في إندونيسيا حيث حكومة «سوهارتو وزوجته» حيث تنشط مؤسسات التنصير العالمية باختطاف المسلمين ومحاولة إخراج كثيرين منهم عن ملتهم باستغلال حاجاتهم... أما الحكومات التي يخشى عليها من تحرك المسلمين فإن للقوى الاستعمارية برامج مدروسة تعمل من خلالها لتعضيد وجود تلك الأنظمة المهزوزة، وقد برز ذلك جليًا في كثير من عواصم العالم الثالث وبعض دول المنطقة العربية المعروفة.

٣ - وتأتي مسألة التنصير في رأس سلم الأولويات كوسيلة استعمارية تساعد القوى الاستعمارية في الاستحواذ على بلدان العالم الثالث...

ولعل الحكاية التي روتها مجلة تايم الأمريكية يوم (۱۷) ديسمبر ١٩٨٤ ما يكشف عن المعادلة الاستعمارية للصليبيين الجدد الذين لا يغيب عن تخطيطهم جعل التنصير وسيلة للاستعمار... فقد ذكرت المجلة أن أسقفا إنجليكانيا من أفريقيا الجنوبية واسمه ديسموند توتو «وهو الفائز بجائزة نوبل للسلام لعام ١٩٨٤» قال لجمع من المستمعين في نيويورك:

«عندما جاء المنصرون إلى أفريقيا لأول مرة كانت الأرض بأيدينا وعندهم الإنجيل. فقالوا تعالوا لندعو... وبغمضة عين أصبحت الأرض بأيديهم والإنجيل بأيدينا».

وتكشف هذه الحكاية «على بساطتها» جانبًا هامًا في التكتيك الاستعماري الذي يتعامل مع العالم الثالث من أجل تحقيق مصالحه الاستعمارية الخاصة.

٤ - وفي منظور تلك القوى الشريرة يسود النصارى والمتنصرون... ويتسلمون زمام الأمور في الدولة... ومن ثم تدفع مقدرات الشعب لإنعاش المناطق النصرانية على حساب المناطق المسلمة التي يمر من المنظور الاستعماري على دفعها إلى هوة الفقر والعدم.

٥ - ولكي لا تقوم في بلدان المسلمين - من هذا العالم المسمى بالثالث - قائمة للاستقرار... يخطط المستعمرون بعد منح تلك البلدان استقلالها الاسمي لقيام الحكومات العسكرية الانقلابية المتتابعة... وإشعال الحرائق والفتن بين تلك الحكومات من ناحية وبينها وبين شعوبها من ناحية أخرى... والهدف هو بقاء تلك البلدان في نطاق الاستعمار الفعلي بعد رفع الاستعمار الاسمي عنها.

يقول جان جاك صاحب كتاب التحدي العالمي ص ١٨٥: هنالك معادلة كتبها الجنرال جان سانس على لوح أسود بعد استقلال الكونغو من الاستعمار البلجيكي هي:

بعد الاستقلال = قبل الاستقلال

وإذا توقفنا قليلًا عند القارة الأفريقية كنموذج للتعامل الاستعماري نجد أن وباء الانقلابات إلى جانب تصدير المجاعات عمل متركز في البلدان المسلمة، وما على الملايين الجائعة في المنظور الاستعماري إلا الذهاب إلى القبر.

على أن الجوع حالة طارئة في القارة الأفريقية وهي قارة غنية بمعادنها ومواردها الزراعية أصلا، أما خيرات القارة ومقدراتها فهي تدفع ثمنًا للحروب والفتن... أو تمتلئ بها جيوب الانقلابيين المتوالين من العسكر أو الصليبيين، ولقد أصبح الجفاف في القارة الأفريقية «مشجبا» علقت فوقه القوى الاستعمارية قضية الموت متغافلة عن أن الحروب الكامنة والانقلابات والامتيازات النصرانية التي تستهلك أموال تلك الشعوب هي من أسباب المجاعة في بلدان القارة الجائعة، وبنظرة سريعة إلى مصروفات التسليح والاعتداءات والحروب لعلمنا مدى أثرها على اقتصاديات هذه القارة الزراعية بعد أن كان الإنتاج الغذائي والزراعي في القارة بنسبة 3,7٪ عام ۱۹۸۱، أما في عام ۱۹۸۳ فقد انخفضت إلى 0,4 ٪ فقط. ولقد جاء هذا الانخفاض كما نصت التقارير بسبب الحروب في تشاد وأوغندا وأرتيريا والصومال وأثيوبيا وغيرها من الدول المسلمة في القارة المنكوبة.

إن القوى الاستعمارية إذ تخطط للموت في القارة الأفريقية فإنها تركز خططها في البلدان المسلمة فحسب، ومن هنا فإن العداء الاستعماري لما يسمى بالعالم الثالث ما هو إلا عداء للمسلمين فحسب... فهل يعرف حكامنا هذا؟ وهل يراجع حكام العالم الإسلامي حساباتهم السياسية والاقتصادية وهم يتعاملون مع القوى الاستعمارية العدوة؟ وهل يجعل هؤلاء الحكام قضية ديننا الإسلامي الحنيف والذود عنه ضد أعدائه في رأس الأولويات المطلوبة؟ هذا ما نأمله.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الإسلام الطريق إلى السؤدد

نشر في العدد 36

15

الثلاثاء 17-نوفمبر-1970

مقدمات للدولة المارونية

نشر في العدد 596

16

الثلاثاء 23-نوفمبر-1982

باختصار: (العدد:873)

نشر في العدد 873

18

الثلاثاء 05-يوليو-1988