; المقولات العلمانية في المقالات البغدادية (٢): البغدادي يطعن في الصحابة ويهاجم دولة الخلافة | مجلة المجتمع

العنوان المقولات العلمانية في المقالات البغدادية (٢): البغدادي يطعن في الصحابة ويهاجم دولة الخلافة

الكاتب عبدالرزاق خليفة الشايجي

تاريخ النشر الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

مشاهدات 740

نشر في العدد 1226

نشر في الصفحة 18

الثلاثاء 19-نوفمبر-1996

البغدادي يقول عن الصحابة: إن ما حدث للمسلمين في السقيفة يدل دلالة قاطعة على جهل المسلمين بشيء اسمه «النظام السياسي».

رابعًا: طعنه ولمزه بصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم:

لقد بلغت الجرأة بالبغدادي مبلغها حيث لم يسلم صحابة رسول الله من سلاطة لسانه، وبذاءة كلامه:

١-فها هو يقول عن الصحابة في دراسته في «أسباب السقوط وكيفية النهوض»: «المسلمون لديهم الشورى في الحكم والعدل، لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا منذ وفاة الرسول  صلى الله عليه وسلم في وضع الشورى بصورة النظام السياسي المستمد من الشريعة نفسها[2]»

2- ويتهم الصحابة بالاستمراء حيث يقول: «وعلى ما يظهر من قراءة التاريخ الإسلامي أن الصحابة قد استمرؤوا قضية الاستخلاف أو العهد[3]»

٣-ويقول مجهِّلًا الصحابة «إن ما حدث للمسلمين في السقيفة يدل دلالة قاطعة على جهل المسلمين –أي الصحابة– بشيء اسمه «النظام السياسي» قبل الإسلام وبعده، وإلا لكانوا استعانوا به بصورة أو بأخرى، يضاف إلى ذلك عدم توجههم إلى وضع ميثاق يحدد كيفية الخلافة والخطوات التي يجب أن تتخذ لتحقيق ذلك، والكيفية التي يمكن عن طريقها الغى –على رأي العى– ولوكُهوا بذلك لجنبوا الأجيال القادمة مخاطر جمة، لكنه للأسف لم يكونوا –أي الصحابة– على المستوى المطلوب من التنظيم والاهتمام بالتدوين، كُل تخلَّف دولة الخلافة كالفكر الإسلامي سوى مصطلح غامض لا معنى له من الناحية السياسية، وهو مصطلح الخلافة الذي استخدمه الصالحون والطالحون على حد سواء[4]».

٤-ويقول أيضًا عن الصحابة «ما كانوا –أي الصحابة– يعلمون أنهم كانوا يهيلون التراب على قبر الخلافة الراشدة[5]»

٥-ويقول واصفًا الصحابة بالاستسلام للأمر الواقع:« إن ما وصل إليه الفكر السياسي الإسلامي على يد ابن جماعة، نتيجة منطقية لأوضاع خاطئة سادت الفكر الإسلامي منذ اللحظة التي توفي فيها الرسول  صلى الله عليه وسلم حيث كان المسلمون –أي الصحابة– يستسلمون إلى الأمر الواقع، فالخليفة الأول وصفت خلافته «فلتة وقى الله المسلمين شرها»، والخليفة الثاني جاء عن طريق العهد دون الحصول على رضا الصحابة بشكل عام، والخليفة الثالث لم يخل أمره من نزاع، والخليفة الرابع جاء عن طريق القوة، ومعاوية وصل إلى الخلافة بالسيف والخلفاء والسلاطين بعد ذلك جاءوا عن طريق الشوكة[6]»

٦-ويقول منتقصًا الصحابة في مقاله «سجناء الرأي في التاريخ الإسلامي»: «فحادثة سقيفة بني ساعدة حيث اختلف المسلمون حول من يكون خليفة رسول الله في المسلمين، وحدث التنازع بين مرشحي الأنصار والمهاجرين، وهما سعد بن عبادة وأبوبكر الصديق، وبعد نقاش حاد وطويل قدم فيه مؤيدو كل مرشح حججهم المؤيدة لصاحبهم، بايع المسلمون أبا بكر الصديق، ماذا كان مصير المرشح المنافس المخالف لهم في الرأي، وفقًا للمصادر التاريخية، إن الجمع الموجود وثب على سعد ووطؤوه بأقدامهم حتى قال قائلهم: قتلتم سعد بن عبادة، السجن كان أرحم[7]».

٧-ويطعن في الصحابة ويشكك في أمانتهم حيث يقول في مقاله «فوبيا فكرية»: «أعلم أن كثيرًا من أصحاب العقول البسيطة والثقافة المتواضعة قد يتساءلون: كيف نتسامح مع من يتعرض للنص الديني بالبحث والتحليل؟ وأعتقد جازمًا أنهم لم يترددوا في تكفير من يجرؤ على طرح السؤال التالي: كيف نثق عند جمع القرآن بالصحابة الذين حفظوا أو كتبوا الآيات على الجلد أو العظام؟ لأن سؤالًا كهذا يقتحم المحرمات التي اصطنعها أهل التيار الديني[8]».

٨-ويدعي أن الصحابة رضوان الله عليهم ما قبلوا ببعض الأحاديث إلا لاعتبارات سياسية، يقول البغدادي في مقاله «تخاريف تاريخية في شريط إسلامي» :«وقد يقول بعض الجهلة أن هناك حديثًا نبويًا يأمر بمعاملة المجوس باعتبارهم من أهل الكتاب، ونقول لهم إنه لو صح الحديث لوجب قبوله لاعتبارات سياسية، حيث إنه لم يكن من السهل قتل مجوس إيران بعد إخضاعهم للحكم الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب، فيما لو اعتبروا من المشركين[9]».

٩-ويعتبر تبرُّك الصحابة بآثار النبي الله أسلوب من لا عقل له ولا منطق حيث يقول البغدادي في مقاله« تخاريف تاريخية في شريط إسلامي» وتجد في كتاب الطبري خرافات وكلامًا ساقطًا لا معنى له ولا يقبله عقل. 

وفيما يخص السيرة النبوية نقرأ في المجلد ۲ ص ٦٢٧، ما نصه: «وإن عروة جعل يرمق أصحاب النبي بعينه، قال: فوالله إن يتنخم النبي نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده...[10]» وخلاصة القول أن الطبري يكتب التاريخ بأسلوب لا عقل فيه ولا منطق، ومع ذلك لم يجرؤ المسلمون على كثرة مؤرخيهم على تنقيح الطبري من هذه الخزعبلات والخرافات [11]»

١٠-ويقول مهوِّنا من مكانة الصحابة الكرام في مقاله «تخاريف تاريخية في شريط إسلامي»:« لقد كان وجود أسماء الصحابة في الحوادث التاريخية رادعًا لهم عن التقدم لإحداث التنقيح العلمي المطلوب، لقد أضفت أسماء الصحابة قداسة وهمية للتاريخ الشفاهي غير الموثق[12]»

١١-ويطعن بالخلفاء الأربعة دون استثناء في مقاله «سجناء الرأي في التاريخ الإسلامي» حيث يقول: «كل الخلفاء كانوا مسلمين، لكن تاريخهم لم يكن إسلاميًا[13]».

الهجوم على دولة الخلافة:

١٢-وبعد طعنه الخلفاء الأربعة ينقض على دولة الخلافة، فيقول في مقاله «في الدين والسياسية 1/2»: «وجاء المسلمون إلى سقيفة بني ساعدة للبحث فيمن يكون القائد، ونجحوا إلى حد كبير في وأد النزاع الذي انفجر بعد ربع قرن بين المسلمين أنفسهم أصحاب السقيفة، وكان من الطبيعي أن يحدث هذا الصراع بين الصحابة على السلطة أو الخلافة لأنهم فشلوا في صياغة مفهوم الشورى بصورة مؤسساتية، فأصبح الفرد - الخليفة العمود الفقري للمجتمع الإسلامي، وكان من الطبيعي ألا يفكروا في كيفية تناوب السلطة من خلال مفهوم الشورى لأنهم كانوا دون تراث سياسي فلسفي يعينهم على التفكير، كما هو حال اليونان مثلًا في دولة أثينا، فضلًا عن أن دولة الخلافة كانت عسكرية كما يتبين من الفتوحات الجغرافية، ولم تكن أبدًا دولة مدنية[14]»

١٣-ويقول مخطئًا الصديق: «كان أجدر بأبي بكر أن يتأسى بسنة النبي، ويترك الأمر شورى بين المسلمين ليختاروا من يرضونه خليفة عليهم، ولقد دفع المجتمع الإسلامي ثمن هذا الخطأ التاريخي غاليًا[15]».

يا سبحان الله!! أيقال هذا الكلام للصديق - رضي الله عنه وأرضاه!!!

 ١٤-ويقول مفتريًا على عمر بن الخطاب في مقاله «محاكم التفتيش في العصر الحديث» بعد أن ساق حديث «من بدَّل دينه فاقتلوه»: «هذا الحديث الذي يستخدمه قضاة محاكم التفتيش يدل على جهلهم، إذا لم يهتموا مطلقًا بعدم ورود مسألة الاستتابة وكيف تكون في نص الحديث، وإنما أخذوها عن الفقهاء، الذين بدورهم أخذوها عن عمر بن الخطاب الذي اخترع هذا العنصر اختراعًا ليس له وجود في النص النبوي، كما أن «الاستتابة ليست موجودة في القرآن الكريم أو السنة، وأن الاستتابة التي فصلها الفقهاء تفقد جوهرها ما دام هناك إرهاب وسيف مسلط وراءها فيغلب ألا تكون نابعة عن رضا واقتناع وإيمان، وأنها «الاستتابة» من صنع الفقهاء الذين أرادوا أن يكون فقههم شاملًا كاملًا لا يفلت صغيرة ولا كبيرة للوصول بما أرسوه من أصول ومبادئ إلى غايتها» وهذا كلام العالم الفاضل السيد جمال البنا رئيس الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل، والذي يخلص إلى أنه إذا لم يكن هناك حد ولا استتابة، فلا يكون هناك تعزير لأن الأمر كله فكر وإيمان واعتقاد[16]».

١٥-ويقول مبطلًا خلافة عمر وعثمان –رضي الله عنهما– «فالمسلمون لم ينظروا أبدًا في قضية نشأة السلطة، ولم تكن لديهم القدرة على البحث في مدى مشروعية النشأة فكان لابد من سقوط السلطة والمجتمع في آن واحد لأن ما بني على باطل فهو باطل[17]».

١٦-ويقول متهمًا عليًا ومعاوية بالصراع على السلطة: «الصحابة بشر والسلطة مغرية، والاختلاف أمر طبيعي، والتنازع في الخلافة لا يكون قدحًا مانعًا[18]».

١٧-ويتهم معاوية بعدم تطبيقه أحكام الشريعة الإسلامية حيث يقول في مقابلته مع جريدة الأنباء: «إن تطبيق الشريعة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب لم يكن واردًا في بادية الشام عندما كان أميرًا عليها[19]».

١٨-ويتهم ابن عباس بقبول الرشوة حيث يقول في «دراسة في أسباب السقوط وكيفية النهوض»، ما نصه: «لقد كان الماوردي رجل دين يعلم تمام العلم موقف الشريعة من توارث السلطة، ولكنه لم يكن أفضل من ابن عباس كما مر بناء وموقفه من معاوية، وذلك حين أعطي فرضي[20]».

١٩-ويدعي أن الصحابي الجليل «أبا هريرة» وقع أحاديث على لسان النبي صلى الله عليه وسلم:

«يقول البغدادي في مقاله « الدين والفكر الديني ٣/٣» «لا يعلم كثير من الناس أن أول من رد الأحاديث النبوية بالتثبت منها هم الفقهاء ورجال الدين، ولن أذكر الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب الذي كان يضرب أبا هريرة بسبب كثرة أحاديثه، وما كان يصدقه حتى يأتي له بالشهود حتى إذا ما مات عمر انطلقت الأحاديث من أبي هريرة كالسيل[21]».

إن صحابة رسول الله الذين تجهِّلهم يا بغدادي بمقالاتك السمجة هم الذين بشرهم الله جل وعلا بالجنة، وهم يمشون على وجه هذه البسيطة فقال جل وعلا: ﴿ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾(سورة الفتح:18). 

وقال عنهم عليه الصلاة السلام وكان معه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم: « ثبت أُحُدُ فإنَّما عليكَ نبيٌّ وصدِّيقٌ وشَهيدانِ »(الترمذي:3697) وقال عليه الصلاة السلام عن أبي بكر وعمر: « اقتدوا باللّذينَ من بعْدِي أبي بكرٍ وعمرَ »(الترمذي:3662)، وقال عن الخلفاء الأربعة: « فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ »(الترمذي:2676).

الهوامش:

(*) أستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت.

(3) ،(4)،(5) الطليعة (۱۱۲۲).

(6) (الطليعة : ۱۱۲۳ ).

(7) (الطليعة: ۱۱۲۳).

(8) السياسة ٣١/١/١٩٩٥م، عدد ٩٤٠٩.

(9) الأنباء ٣١/٨/١٩٩٦م، عدد ۷۲۹۰.

(10) الأنباء ٢٤/٨/١٩٩٦م، عدد ۷۲۸۳.

(11) المجلد 2 ص 627.

(12) الأنباء (24/٨/1996م، عدد ۷۲۸۳.

(13) الأنباء، (24/٨/1996 عددد ۷۲۸۳.

(14) السياسة 31/١/1995م، عدد ٩٤٠٩.

(15) الأنباء 10/٢/١996م، عدد ۷۰۹۳.

(16) (الطليعة :١١٢٢).

(17) القبس الجمعة 23/٦/1995م»، (السياسة (27/١١/1995م. عدد ٩٥٥٠).

(18) (الطليعة: ۱۱۲۳).

(19) (الطليعة :۱۱۲۲).

(20) الأنباء (17/١٢/١994م، عدد (٦٦٩٦).

(21) (الطليعة: ۱۱۲۳).

(22) السياسة 11/٦/١995م. عدد ٩٥٦٤).

الرابط المختصر :