العنوان المكان والإنسان في ندوات الزمَان
الكاتب أحمد محمد عبد الله
تاريخ النشر الثلاثاء 08-أبريل-1975
مشاهدات 14
نشر في العدد 244
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 08-أبريل-1975
في الندوات والمحاضرات لا تجد جمهورًا يشغل العدد الكبير من الكراسي ولذلك فمن الممكن أن يتثاءب عديد من الحاضرين.. وقد ينام بعض آخر!
وتتفاوت قيمة الندوة أو المحاضرة كما تتفاوت قيمة المحاضر! والإعلام.. وأعني به التلفزيون على وجه الخصوص.. يتغافل عما ترجي منه الفائدة وينطلق بكل حرية تتصرف إزاء ما قد يظن به ناحية فساد.. وقد يكون هذا الفساد فكريا!
ولذلك لو تتبعت ما يكتب في الصحف اليومية أو الأسبوعية أو ما يهتم به التلفزيون لشاهدت عجبًا.. لماذا؟
لأن ما قدم خلال الأسبوع من محاضرات أو ندوات أو أمسيات قد ترك إلى غيره وعدل إلى سواه.
ثمة أمر آخر يكرهني في حضور الندوات والمحاضرات.. ذلـــك حضور بعض الثرثارين الذين لا يلتزمون أدبًا ولا حياء.. فيثرثرون ويسهبون.. وكأن الناس لا يعنيهم ما جاؤوا من أجله فقد أصبح موعد المحاضرة موعدًا مهمًا بالنسبة لهؤلاء الفارغين.. قد تسألني كيف.. ولأضرب لك مثلًا.
مخرج تلفزيوني يجلس ليصدر الأوامر للمصورين في إحدى الندوات فجأة.. تدخل امرأة.. يبدو عليها أنها تعبت في «الماكياج».. يراها المخرج تتقدم نحو الكراسي.. يقوم في يدعوها للجلوس، تجلس بينها وبينه كرسيان في البداية، بعد دقيقتين تميل عليه تسأله يميل نحوها يقترب أكثر، المسافة الباقية.. الكرسي اليتيم.. تمضي المحاضرة.. أو الندوة يتكلم من يتكلم.. أعين الناس تلتفت ناحية المخرج والمرأة القادمة، لا تتغير الصورة، يبقيان على حالتها كل ما في الأمر أن المخرج يصدر أوامره بخفة أكثر- لوحظت عند حديثه مع المرأة للمصورين.. وهم يصورون وينظرون إليه.. بانتظار أمر آخر!
تخرج المرأة قليلًا.. ثم تعود... طبعًا يخرج معها ليعود قبلها تعاود الندوة.. أكثر من ساعة ونصف، وحديثهما كان طويلًا... طويلًا و باستغراق، وكان يدنو أكثر فأكثر.. أكثر من هذا، أصدر أوامره للمصورين بأن يقوموا بتصوير السيدة للتلفزيون وفي أكثر من زاوية كان المصور يركز الأضواء، تشكر تثرثر معه، تخرج قبل انتهاء الندوة بدقائق مع خالص شكرها للمخرج.
الجمهور الآخر لا يضبط نفسه من التعليق على مستمع يسأل بعد انتهاء الندوة، ينفجر ضاحكًا هازنًا.. ساخرًا من المسائل!
نماذج كثيرة في مجموعة قليلة تحضر ندوة أو محاضرة.
تساءلت.. لماذا يحضر هؤلاء.
هل حضرت هذه المرأة لتسمع حوارًا يدور عن قضية أم أنها جاءت لتظهر في التلفزيون بعد أن تتعرف على المخرج الذي يأمر بأن تصور وينقطع عن الحديث معها لحظة لتأخذ وضعها المطلوب تجاه الكاميرا»؟
الفريق الآخر.. الجمهور الهازئ.. الساخر.
أسئلة محيرة.. يطرحها الإنسان على نفسه أحيانًا
ويشارك بها الناس أحيانا أخرى والجواب.. يشترك فيه الحاضر و السامع والقارئ.. ومن لا يرعون حرمة ولا ذمة.. لا للمكان والإنسان!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل