; ظاهرة التسابق | مجلة المجتمع

العنوان ظاهرة التسابق

الكاتب حامد ملا حسين

تاريخ النشر الثلاثاء 21-يوليو-1981

مشاهدات 19

نشر في العدد 537

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 21-يوليو-1981

أخي في الله، لم تكن ظاهرة التسابق للطاعات بين الصحابة محصورة لدى البعض، بل كادت أن تكون صفة عامة فيهم، فهاهم الأوس والخزرج كانا يتصاولان(أ) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين، لا تصنع الأوس شيئًا فيه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- غناء(ب) إلا قالت الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلًا علينا عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وفي الإسلام قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئًا قالت الأوس مثل ذلك.

ولما أصاب الأوس كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله- صلى الله عليه وسلم، قالت الخزرج: والله لا تذهبوا بها فضلًا علينا أبدًا، قال: فتذاكروا.. من رجل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- في العداوة كابن الأشرف؟ فذكروا ابن أبي الحقيق، وهو بخيبر، فاستأذنوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قتله، فأذن لهم، فخرج إليه من الخزرج من بني سلمه خمسة نفر: عبدالله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبدالله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، وخزاعي بن أسود، حليف لهم من أسلم فخرجوا، وأمر عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عبدالله بن أبي عتيك، ونهاهم عن أن يقتلوا وليدًا أو امرأة، فخرجوا، حتى إذا قدموا، خيبر أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلًا، فلم يدعوا بيتًا في الدار إلا أغلقوه على أهله، قال: وكان في علية له إليها عجلة(ج) قال: فأسندوا فيها(د)، حتى قاموا على بابه، فاستأذنوا عليه، فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: ناس من العرب نلتمس المسيرة، قالت: ذاكم صاحبكم، فادخلوا عليه، قال: فلما دخلنا عليه أغلقنا علينا وعليها الحجرة تخوفًا أن تكون دونه مجاولة(هـ) تحول بيننا وبينه، قال: فصاحت امرأته فنوهت بنا(و) وابتدرناه، وهو على فراشه بأسيافنا، فوالله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية(ز) ملقاة، قال ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه، ثم يذكر نهي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيكف يده، ولولا ذلك لفرغنا منها بليل. قال: فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبدالله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه، وهو يقول: قطني قطني، أي حسبي حسبي، قال: وخرجنا، وكان عبدالله بن عتيك رجلًا سيئ البصر، قال: فوقع من الدرجة فوثئت(ح) يده وثأً شديدًا، ويقال: رجله -فيما قال ابن هشام- وحملناه حتى تأتي به منهرًا(ط) من عيونهم، فتدخل فيه، قال فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبوننا، قال: حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم، فاكتنفوه وهو يقضي بينهم. قال: فقلنا: كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات؟ قال: فقال رجل منا: أنا أذهب فأنظر لكم، فانطلق حتى دخل في الناس، قال: فوجدت امرأته ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدثهم، وتقول: أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك، ثم أكذبت نفسي! وقلت: أنى ابن عتيك بهذه البلاد! ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه ثم قالت: فاظ (ي) وإله يهود، فما سمعت من كلمة كانت ألذ إلى نفسي منها، قال: ثم جاءنا فأخبرنا الخبر، فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بقتل عدو الله، واختلفنا عنده في قتله، كلنا يدعيه قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتوا أسيافكم، قال فجئناه بها، فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس: هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام[1].

 

(أ) يتصاولان: يتفاخران، إذا فعل أحدهما شيئًا فعل الآخر مثله.

(ب) غناء: منفعة

(ج) العجلة: جذع النخلة ينقر في موضع منه ويجعل كالسلم فيصعد عليه إلى العلالي والغرف.

(د) أسندوا فيها: علوا 

(هـ) المجاولة: حركة تكون بينهم وبينه.

(و) نوهت بنا: رفعت صوتها تشهر بنا ويروي فوهت.

(ز) القبطية: ضرب من الثياب البيض تصنع بمصر.

(ح) وثئت: أصاب عظمها شيء ليس بكسر، وقيل: هو أن يصاب اللحم دون العظم.

(ط) المنهر: مدخل الماء من خارج الحصن إلى داخله.

(ي) فاظ: مات.


[1] زاد المعاد 3 / 505 بتصرف - تحقيق الأرناؤوط- سيرة بن هشام 3/ 286 – 288 ط دار إحياء التراث العربي.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 293

19

الثلاثاء 30-مارس-1976