العنوان الممارسة البرلمانية تفتح المجال واسعًا للحوار مع النظام
الكاتب محمد جمعة
تاريخ النشر السبت 05-مايو-2001
مشاهدات 11
نشر في العدد 1449
نشر في الصفحة 28
السبت 05-مايو-2001
د. محمد مرسي- المتحدث باسم الهيئة البرلمانية للإخوان المسلمين لـ المجتمع:
- الأجهزة الأمنية حريصة على الزج بنا في قضايا وهمية بعيدًا عن المشاركة الفعلية في هموم الوطن.. والمتربصون يسعون لإبعادنا عن معترك السياسة حتى لا نملك رصيدًا من التجربة.
- النظام يدرك أن السماح بحزب سياسي للإخوان يحقق الالتحام مع الجماهير.. ولذلك يرفض قيامه.
محمد محمد مرسي العياط مواليد ٢٠ من أغسطس عام ١٩٥١م.
بكالوريوس هندسة جامعة القاهرة عام ١٩٧٥م بتقدير امتياز.
حصل على الدكتوراه عام ۱۹۸۲م من جامعة نورث ردج، كاليفورنيا الأمريكية.
يعمل حاليًا أستاذًا بقسم هندسة المواد بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق بمحافظة الشرقية.
عضو مشارك بجمعية المهندسين المصريين، وجمعيتي التآكل والساعة المصريتين.
عضو بمجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الزقازيق.
جدد د. محمد مرسي -المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر- التأكيد على إيمان الحركة الإسلامية بتداول السلطة، والتعددية السياسية في إطار الثوابت الإسلامية الحاكمة، وقال في حوار لـ المجتمع: إن الإصلاح السياسي هو المدخل الأساسي للإصلاح الشامل، وأنه ينبغي للحركات الإسلامية أن تركز على قضايا التعليم والبحث العلمي، وقضايا الثقافة والإعلام، وأوضح أنه ما لم يتوافر للحركة الإسلامية جانب مناسب من الاحتكاك العملي بقضايا الإصلاح المنشود، فسوف تبقى الحركة مستلبة للفكر دون العمل، وأسيرة للتصور النظري دون خبرات التنفيذ، ومحرومة من رصيد التجربة، وأضاف: إن الانتخابات البرلمانية الأخيرة أكدت رغبة الشعب المصري المسلم في تطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك واضح من خلال الثقة الكبيرة التي نالها مرشحو الإخوان في الانتخابات، وأشار إلى أهمية تفعيل دور اتحاد البرلمانات العربية، واتحاد البرلمانات الإسلامية مرتبط بتطور العملية الديمقراطية داخل هذه الأقطار، وأكد أيضًا أن النضج الداخلي للأمم والشعوب عامل حاسم لمجابهة التحديات الراهنة وعلى رأسها التحدي الصهيوني.
وإلى نص الحوار:
- بعد خوضكم الانتخابات ودخولكم البرلمان كيف تقيمون هذه التجربة؟
- نحن ننظر إلى هذه التجربة على أنها إحدى حلقات العمل المستمر نحو التغيير المنشود، وإقامة شريعة الإسلام لتكون هي الحاكمة والمسيطرة، وعلى الرغم مما حدث في الانتخابات من تعويق شديد وضغط وممارسات قمعية غير مسبوقة أحيانًا، إلا أن لها كثيرًا من الجوانب الإيجابية مثل: تحريك جسد المجتمع المترهل نتيجة سياسات نزع السياسة منه من جانب الحكومة، ورفع حسه السياسي، وكشف النقاب عن مفهوم المنهج المتكامل للإسلام، كما أراده الله سبحانه وتعالى من حيث العقائد والعبادات والمعاملات.
وأستطيع أن أرصد لك ظاهرتين جديدتين في هذه الجولة الأولى: وجود القضاء في العملية الانتخابية، الأمر الذي وفر لها قدرًا من المصداقية، والثانية: ارتفاع مستوى الجماهير التي واجهت ظروفًا صعبة جدًا، وخاصة في يوم الإعادة في بعض الدوائر بعد محاولة جهات الإدارة لمنعهم من الوصول لصناديق الانتخابات إلا أن الجماهير أصرت على الوصول لها وحرص الناس على أن يصوتوا لمن يقتنعون أنه الأصلح... لقد رأيت بعيني أساتذة جامعات يضربون على رؤوسهم، ونساء فاضلات يقعن على الأرض، إلا أن الإصرار على أداء واجب الاختيار والوصول بأي طريقة لصناديق الانتخابات كشف للقضاة بعض هذه الممارسات التي كانت تتم من وراء ظهورهم، وتدخل الكثير منهم لحسمها، جماهير الناس وجهت رسالة لأولي الأمر مؤداها: نحن نريد أن نحكم بالإسلام وأدعو الله أن يقرأ أولو الأمر هذه الرسالة القراءة الصحيحة ويستجيبوا لها، لأن أولي الأمر مسلمون، والمجتمع مسلم.
- البعض يتهم الإخوان بأنهم يرفعون الشعارات دون أن يكون لهم برنامج انتخابي مفصل.. ما مدى صحة هذا القول؟ وبماذا تردون على أصحاب هذه المقولات؟
- شعار «الإسلام هو الحل» له معنى ومحتوى ومضمون وهو إطار عام يبلور ما بداخله من معان، أما التفاصيل فهي موجودة، وكل يوم تتغير هذه التفاصيل لما يستجد من حالات وما يطرأ من تغيير، لكن نريد أن نقر المبدأ أولًا ونقر كذلك الأطر الحاكمة، ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن التفصيلات التي يتدخل فيها أهل الاختصاص نظرًا لدقتها وجوانبها الفنية المعقدة، ونحن لا نتحدث عن أشياء هلامية وإنما نتحدث عن واقع وتجربة شهدها الناس لقرون عديدة.
- إذن ما ملامح برنامجكم؟
- نحن نتحدث عن الإسلام والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه والشورى أو إن شئت الديمقراطية هي الآلية المعتمدة لاختيار ممثليه وقيادته الأمة في الإسلام هي مصدر السلطات، أما السلطان «المنهج» فهو من عند رب العباد «القرآن والسنة» وفي هذا الكفاية ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ (الأنعام: ٣٨)، هذه أهم معالم البرنامج بشكل إجمالي، وإن شئت الدخول في التفاصيل، ففي الجانب السياسي نؤمن بأن الإصلاح السياسي هو المدخل الرئيس للإصلاح بشكل عام، ونطالب بتبادل الرأي وتداول السلطة وإعمال نصوص الدستور المتفقة مع الشريعة الإسلامية، وتفعيل الديمقراطية، والحرص على احترام الآخر وقبوله، ونؤمن بأن للمرأة دورها الأساسي في المجتمع، ونحترم إخواننا في الوطن من الأقباط، ونحن مكلفون بالإحسان إليهم وحسن معاشرتهم، وهذا ما يحدث بالفعل لا إكراه في الدين، والمبدأ الأساسي أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهذا ما ينطق به الواقع في مصر عبر التاريخ، ومنذ دخول الإسلام مصر وحتى اليوم، ونؤمن كذلك بالتعددية السياسية في إطار عدم الخروج على القواعد الشرعية الحاكمة، وتأكيد حرية تشكيل الأحزاب السياسية، وألا يكون لأي جهة إدارية حق التدخل بالمنع أو الحد من هذا الحق، وإلغاء القوانين سيئة السمعة وعلى الأخص قانون الطوارئ، وقانون الأحزاب، وقانون المدعي العام الاشتراكي، وقانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون الصحافة، وقانون النقابات وغيرها من القوانين التي أدت إلى حالة الاحتقان والجفاف والجمود السياسي التي تعانيها الحياة السياسية المصرية واستبدال ما تدعو الحاجة إليه بما يؤكد حرية المواطن وكرامته وحقه في الاشتراك في العمل العام.
وفي مجال الإصلاح الاقتصادي: نؤكد على حركة المال واحترام الملكيات، وبالذات المال العام، وتقرير مسؤولية الدولة في حماية النظام الاقتصادي وحظر استغلال النفوذ، ومحاربة الإثراء غير المشروع، وإعادة النظر في النفقات الحكومية، ولا سيما ما يتعلق منها بالحفلات والمناسبات، وفرض رسوم عالية على استهلاك السلع الترفيهية والكمالية، وتشجيع الادخار بكل الوسائل الممكنة، ومنها على سبيل المثال: استخدام الصناديق الاجتماعية في إقامة المشروعات الصغيرة وتمليكها للعاملين فيها، وربط سياسة التعليم والتدريس بخطة إنشاء هذه المشروعات، كذلك ربط سياسة البحث العلمي بسجل مشكلات هذا القطاع وتطويره.
مجال الإصلاح الاجتماعي: تحقيق الربانية والتدين في المجتمع، والحفاظ على الآداب العامة وتعزيز مؤسسات النظام الاجتماعي، وإحياء نظام الحسبة، ودعم مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية ومحاربة الجرائم والفساد، وإقامة العدل الاجتماعي ورعاية الأسرة، وبالذات «المرأة والشباب والأطفال» والتأكيد على أن المرأة نصف المجتمع ودورها أساسي في التربية وتخريج الأجيال.
ولنا تصور كامل لجوانب البحث العلمي، ومجال الإصلاح القضائي وفي المجال الثقافي، وتفعيل دور الأزهر الشريف، وبناء الإنسان، وكذلك السياسة الخارجية بدوائرها العربية والإسلامية والإفريقية والدولية، وفي مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، وأعتقد أن المجال هنا لا يسمح بالتفصيل.
- كيف تنظرون إلى نجاح التيار الإسلامي وآثاره في مصر وعلى الحركة الإسلامية بصفة خاصة؟
- أعتقد أن نجاح الحركة في الوصول بـ ۱۷ عضوًا من أبنائها للبرلمان فتح مجالًا واسعًا ومنبرًا قويًا للتعبير عن رؤية الحركة في كثير من القضايا الحيوية التي تتعلق بمستقبل الوطن وهمومه القومية، كما سيفتح مجالًا للحوار والاحتكاك المباشر بالمسؤولين والنظام الحاكم، بما نأمل أن يحقق قدرًا من التفاهم أو التعارف المتبادل عن قرب يسهم في إنهاء حالة التوتر المفتعل من قبل الأجهزة الأمنية التي تصر على الزج بنا في قضايا وهمية لا أساس لها، وهي من نسج خيالهم كذلك، فإن دخول الحركة للبرلمان ومشاركتها بشكل رسمي في الحياة السياسية، يسهم في حيوية وعافية الجسد المصري، ويساعد على النضج الداخلي للمجتمع، والذي يعد سمة المجتمعات المتقدمة، لأن الحركة ومؤيديها تمثل قوة رئيسة في المجتمع المصري، والتجربة أثبتت ذلك وأعضاء الحركة داخل البرلمان يشكلون -رغم التجاوزات الرهيبة للإدارة ضدها- ثاني أكبر هيئة برلمانية بعد الحزب الحاكم وبما يساوي عدد الأعضاء الممثلين للأحزاب الأخرى مجتمعة.
أما على صعيد الحركة ذاتها، فدون الدخول في المعترك العملي سوف نبقى دائمًا في إطار الفكر دون التطبيق، والتطور النظري غير المحتكم إلى التجربة، وهذا بالضبط ما يريده لنا المتربصون بالحركة، فهم لا يريدون لنا أن نمتلك رصيدًا للتجربة، ولا أن نخرج إلى التطبيق للتزود بخبرات الاحتكاك والتنفيذ، بما ينعكس في النهاية على قدراتنا الذاتية، فضلًا عن أن التصور النظري للتربية السياسية لأبناء الحركة لا بد له من اختبار جدي، وهذا لن يتأتى دون أخذ نصيب كاف من الاحتكاك والاحتكام إلى التجربة.
- بعد مرور شهور على بداية الدورة البرلمانية، ما تقويمكم لأداء نواب الإخوان المسلمين؟
- حتى الآن استخدم نواب الإخوان العديد من أدوات الرقابة ما بين استجواب، وطلب إحاطة وسؤال وبيان عاجل، ولنا وجود في (۱۲) لجنة من مجموع (۱۸) هي لجان المجلس ومطبخه، لكن هناك نوع من التعتيم الإعلامي على أداء نواب الإخوان، خاصة أننا لا نسعى للفرقعة الإعلامية، ولا للمعارضة من أجل المعارضة، واصطياد الأخطاء للحكومة، ويخاطبنا الدكتور فتحي سرور-رئيس المجلس بمجموعة الـ (۱۷).
- هذا يدفعنا إلى التساؤل عن الصفة التي تعاملكم بها رئاسة المجلس، فهل تم الاعتراف بكم كممثل لكتلة الإخوان داخل المجلس، كبقية الأحزاب الأخرى، أم أنكم تخاطبون ضمن المستقلين؟
- بالرغم من أننا ثاني أكبر تكتل داخل المجلس بعد الحزب الحاكم، إلا أننا لا نعامل بهذه الصفة الواقعية، وإنما تخاطبنا رئاسة المجلس بوضعنا القانوني، وكما هو معروف للجميع، النظام لا يريد السماح لنا بإنشاء حزب سياسي، ولهذا أنا لم أشترك في اللجنة الخاصة بدراسة بيان الحكومة، والتي تتكون من رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب، وأنا طلبت المشاركة مرتين من رئاسة المجلس بصفتي ممثلًا لكتلة الإخوان إلا أن رئاسة المجلس اعتذرت لي استنادًا إلى النواحي القانونية، ثم فوجئنا بعد ذلك بالسيد فاروق رضوان -عضو مستقل- كممثل للمستقلين، ولا نعرف من اختاره أو كيف تمت آلية الاختيار..
- إذن كيف تنظرون إلى قضية إنشاء حزب سياسي للإخوان؟
- لو حدث هذا لتغيرت أشياء كثيرة، وكانت له انعكاساته الإيجابية الملموسة على الأداء السياسي للحركة، ولكن النظام يدرك جيدًا أن الموافقة لنا بإنشاء حزب سوف يوفر لنا الغطاء القانوني المناسب، ويسهل احتكاكنا بالجماهير، ولهذا يرفض إنشاءه.
- ما القضايا التي تشكل أولوياتكم ضمن حقيبتكم البرلمانية؟ وما أول استجواب تقدمتم به داخل المجلس؟
- نحن نركز على قضايا التعليم والبحث العلمي والثقافة والإعلام، وأحكام القضاء التي لا تنفذها الحكومة، إلى جانب القضايا الحيوية الأخرى، وقد تقدمنا بطلب إحاطة إلى وزير الخارجية حول الإجراءات التي تم اتخاذها إزاء تهديدات شارون وتهديدات الصهيوني المتطرف ليبرمان بضرب السد العالي، وبطلب إحاطة لوزارة الدفاع للسبب نفسه، وغيرها كثير.
- هل لديكم تصور لتفعيل دور اتحاد البرلمانات العربية، وكذلك اتحاد البرلمانات الإسلامية؟ وهل تنوون القيام بدور فاعل في هذا الشأن؟
- أعتقد أن دور هذه الاتحادات وتفعيلها يرتبط ارتباطًا كبيرًا بتطور العملية الديمقراطية داخل وطننا العربي، وكذلك وطننا الإسلامي، بل يتناسب طرديًا معها، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة مضنية، ومشاركة من جميع قوى المعارضة الوطنية، وكذلك هيئات ومؤسسات المجتمع الأهلي للدفع نحو المزيد من الديمقراطية وحرية التعبير والحركة الإسلامية في مصر وغيرها تؤكد على أهمية دور الشعوب العربية ونوابهم في المجالس النيابية، وتؤمن بأن النضج الداخلي للشعوب والأمم يعد عاملًا حاسمًا ومقومًا أساسيًا من مقومات القوة المطلوبة لمجابهة التحديات الداخلي الراهنة وعلى رأسها التحدي الصهيوني.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل