العنوان الموت الباعث للحياة!
الكاتب عبدالقادر أحمد عبدالقادر
تاريخ النشر السبت 28-فبراير-2004
مشاهدات 19
نشر في العدد 1590
نشر في الصفحة 43
السبت 28-فبراير-2004
عنوان عجيب والأعجب منه حقيقته!
بعد استشهاد الإمام البنا رفض نظام الملك فاروق أن تشيع جنازته ترتيباً على حسابات أمنية وسياسية وإعلامية.. بل على توصيات من الدول الاستعمارية.. يومها كانت دعوة الإخوان المسلمين تسري في أربع دول هي مصر والسودان والشام واليمن.. ومضت الأيام على وهم الشياطين أن الحق قد انطفا سراجة، ولكن الأيام دارت والدعوة سارت في جميع الدول المعروفة لقد مات الإمام لتدب الحياة في أجزاء الأرض لقد كان موته باعثاً للحياة.. فواعجباه!
لقد تكررت حادثة الغلام الذي قتله الملك فأمن الشعب برب الغلام وليرجع من شاء إلى تفسير سورة البروج، وقصة الملك والساحر، والغلام.
جنائز القرن
رحل عن دنيانا في قرننا الخامس عشر الهجري أربعة من مرشدي جماعة الإخوان المسلمين وهم: عمر الأستاذ التلمساني، والشيخ محمد حامد أبو النصر، والشيخ مصطفى مشهور، والمستشار محمد المأمون الهضيبي، وبصحبة كل منهم إلى قبره كانت الحياة الإسلامية تنتعش في مصر وفي بلدان العالم!
كانت الجماهير الحزينة تخطو بكل خطوة إلى قبورهم خطوات بل قفزات على طريق إحياء وإقرار الإسلام في جوانب الحياة واعجباها!
قال الحكيم: إن الأمة التي تجيد صناعة الموت هي الأمة التي تستحق الحياة.. نعم، فمن واقع جنائز المرشدين شاهدنا ولا نزال نشاهد مظاهر الحياة تدب في أوصال المجتمع الذاهب في غيبوبات الجاهلية المتسلطة على الأمة بسهامها وبسيوفها !!
في جنائز المرشدين ظهرت للمتابعين علامات بارزة لا تخفى إلا على المطموسين، ولنستدل من الجنازتين الأخيرتين:
- ففي جنازة الشيخ مصطفى مشهور كان المشيعون من الصائمين المتطهرين الذين ساروا خلف الجنازة مسافة عشرة كيلو مترات أو تزيد فلم يحدث حادث واحد يعكر صفو رجل واحد.
إن موكب الجنازة كان جله من الشباب الذين هم دون الأربعين بل الذين لم يبلغوا العشرين! أين كان هؤلاء يوم ارتفع الإمام، «البنا» شهيداً؟ واعجباه!
- وفي جنازة المأمون كانت سرعة استنفار الإخوان منذ الساعة الثانية صباح الجمعة عقب سماع النبأ من الإعلام الخارجي، أستنفر الإخوان من الشمال والجنوب ومن الشرق والغرب في ثماني ساعات، فاجتمعوا في مسجد رابعة بل في أكتافه في شرق القاهرة، واجتمع أخرون في قرية عرب الصوالحة، حيث دفن.
إن هذا الاستنفار علامة حياة بل هو بعث جديد للحياة الراكدة في مستنقع الهموم المتعددة جنازة «المأمون»، جاءت بعد عام أو يزيد شهرين من جنازة «مشهور»، لتستمر الحركة في موكب الدعاة فواعجباه!.
أطفال الجنائز!
ستمر سنوات، وسيبلغ الأطفال الحلم والأطفال الذين شاهدوا الجنائز الصامتة، الجنائز التي لم يشاهدوها على الشاشات الصغيرة المضيئة في البيوت، وإنما شاهدوها في مواكب مهيبة طويلة طويلة.. يوم يبلغ هؤلاء الأطفال سيعقدون مقارنات بين جنائز أصحاب الهيلمان والطيلسان والنياشين المزيفة أو المغرضة الذين انخلعت عنهم زيناتهم على خشبات الغسل وبين جنائز أصحاب المواقف المواقف التي تبعث الحياة فيمن بعدهم فتتواصل الأجيال إنه الفرق يا أطفال اليوم وشباب الغد ورجال المستقبل بين موت العدم والفناء والموت الباعث للحياة .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل