; النشاط الإسرائيلي في أفريقيا! | مجلة المجتمع

العنوان النشاط الإسرائيلي في أفريقيا!

الكاتب عرفات كامل العشي

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1971

مشاهدات 28

نشر في العدد 64

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 15-يونيو-1971

النشاط الإسرائيلي في أفريقيا!

أفريقيا مجال لدعاية إسرائيل

وسوق لبضائعها

للأستاذ: عرفات العشي

النشاط الإسرائيلي في أفريقيا!

ومن ثمار برامج المساعدة الإسرائيلية لأفريقيا انفتاح أفريقيا كسوق للمنتجات الإسرائيلية، فقد ارتفعت الصادرات الإسرائيلية إلى أفريقيا خلال عشرين سنة من 11 مليون دولار إلى 40 مليون دولار.

وهذه هي الطريقة التي تعمل بها إسرائيل في أفريقيا، فلا صياح ولا ضوضاء، وإنما تغلغل هادئ وكسب بطيء وإغراء للأفريقيين!

المعروف أن أفريقيا قارة يدين معظم سكانها بالإسلام، ويحكم كثيرًا من دولها زعماء صليبيون حاقدون على الإسلام، ولقد أضاع العرب فرصة ذهبية في كسب تأييد الدول الأفريقية للقضية العربية الأولى في فلسطين، واستغلت إسرائيل هذه الفرصة.

والمقال التالي من مجلة التايم الأمريكية عدد 31 مايو 1971 م يلقي أضواء على جوانب من التغلغل الإسرائيلي في أفريقيا المسلمة، ننقله للقارئ العربي المسلم للعبرة والعظة.

تقول مجلة التايم في عددها المذكور:

عندما انتشر وباء الكوليرا في كينيا مؤخرا رأت وزارة الصحة ضرورة تحصين البلاد بأسرها منه، ولكن من أين لها أن تؤمن كل تلك الطعوم وفي مدة وجيزة؟ لكن الكينيين أسرعوا بالاتصال بالسفير الإسرائيلي «روفين دافني» لطلب المساعدة.

فقام دافني بالإبراق إلى القدس وبعد يومين وصل مليون طعم ضد الكوليرا إلى نيروبي، وأخيرًا أرسل 300.000 طعم أخرى، وما أن جاء الأسبوع الماضي حتى انتهى الوباء بعد أن راح ضحيته 47 شخصًا.

ذلك مثل على المساعدة الخارجية التي تقدمها إسرائيل لأفريقيا السوداء، وبرنامج المساعدة الإسرائيلي لأفريقيا يعمل منذ عشرين عامًا، وهو رغم كونه محدود المجال نسبيًا إلا أنه من أكثر البرامج فعالية في العالم، فعلى الرغم من أن ميزانية الحرب تستهلك 40% من الميزانية العامة للبلاد ومقدارها 3,8 بليون دولار، فقد خصصت وزارة الخارجية عشرة ملايين دولار هذا العام للمساعدة الخارجية، وسيذهب نصف هذا المبلغ لأفريقيا، فلقد ساهم هذا البرنامج مساهمة فعالة في كسب أصدقاء لإسرائيل في المجال الدبلوماسي، ويوحي بذلك زيارة وزير الخارجية أبا إيبان هذا الأسبوع لسبع دول أفريقية هي: غانا، وساحل العاج وليبيريا وسيراليون والكونغو والكاميرون وكينيا.

تفاصيل مذهلة عن المساعدات الإسرائيلية

ستقوم إدارة التعاون الدولي بوزارة الخارجية الإسرائيلية بإيفاد 250 خبيرًا فنيًا إسرائيليًا للعمل في ثلاثين دولة أفريقية خلال عام 1971 م للإشراف على سبعين مشروعًا للمساعدات المختلفة.

كما أن حوالي خمسمائة أفريقي 15% منهم نساء سيرسلون إلى إسرائيل في الوقت ذاته للتخصص في كل شيء ابتداء من علم الجراثيم إلى تخطيط المدن والتعليم في رياض الأطفال وتدريب قادة الاتحادات، وقد تم خلال العشرين عامًا الماضية تدريب 6.200 أفريقي على هذا النحو، يقول سفير إسرائيل في ملاوي شاؤول بن حاييم: «إننا نحن الإسرائيليين خبراء في بناء الدول وتلك الخبرة هي كل ما نستطيع أن نقدمه إلا إننا نقدمها عن طيب خاطر كما أنها تؤخذ منا بتقدير كبير».

وتركز إسرائيل على المعونات الفنية في الهندسة الزراعية والمياه وتطوير التربة وتخطيط الطرق البرية والموانئ وتربية الأسماك وتصريف المجاري والتغذية والصناعات اليدوية، ولقد أقام الخبراء الإسرائيليون مزارع للحمضيات في مدغشقر وأوغندا كما أنشأوا خطًا للسفن التجارية ومزرعة كبيرة للماشية مساحتها 16.000 فدان في غانا ومصنعًا لتربية العسل في السنغال ومزارع لإنتاج الدواجن بالجملة في زامبيا والكونغو، أما في توجو وداهومي وفولتا العليا وغانا فقد علم الإسرائيليون حكوماتها المندهشة كيف تقيم مشاريع اليانصيب الوطنية.

 

دليل نجاح إسرائيل

في غانا:

ومما يدل على نجاح برامج المساعدة الإسرائيلية لأفريقيا أن هذه البرامج ظلت مستمرة في ظل أسوأ الثورات السياسية الأفريقية، ففي غانا مثلًا بدأ الإسرائيليون نشاطهم إبان عهد كوامي نكروما واستمروا في ظل الحكومة العسكرية التي أطاحت بالطاغية وهم يتعاونون الآن مع الحكومة المدنية التي خلفت العساكر في الحكم.

في زامبيا:

وفي زامبيا يقوم الرئيس كنيث كواندا بانتظام بإرسال الزائرين الأجانب إلى الغابة الشمالية لزيارة مستعمرتين توأمين هما كافولافوتا وكافوبو حيث تعيش 500 أسرة من زامبيا في مزارع الدجاج التي صممت على نمط التعاونيات الزراعية الإسرائيلية المسماة «موشافيم» وقد استطاعت المستعمرتان المذكورتان بمساعدة فرقة مؤلفة من تسعة من الإسرائيليين أن تصل إلى نقطة جعلتها الآن تنتج 500.000 بيضة شهريًا.

ولا تقدم إسرائيل تلك المساعدات بشروط معينة، ولكنها تركز على تنمية العلاقات الطيبة، يقول شمون أمير مدير قسم التعاون الدولي في القدس: إننا نأمل أن يرانا الأفريقيون على حقيقتنا لا كما يصورنا رجال الدعاية العرب، ومن الواضح أن هذا الأمل واقعي، ففي كل من الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية تقوم الوفود الأفريقية السوداء بالتأييد بلسانها فقط للقرارات التي يقدمها العرب والتي تدعو إسرائيل إلى إعادة الأراضي العربية المحتلة.

 

أسواق لليهود!

ومن ثمار برامج المساعدة الإسرائيلية لأفريقيا انفتاح أفريقيا كسوق للمنتجات الإسرائيلية، فقد ارتفعت الصادرات الإسرائيلية إلى أفريقيا خلال عشرين سنة من 11 «أحد عشر» مليون دولار إلى أربعين مليون دولار، كما أن هناك مجالًا إضافيًا للمشاريع الخاصة، فقد صوت برلمان مدغشقر في العام الماضي مؤيدًا السماح لشركة إسرائيلية بالتنقيب عن النفط وهذه هي أول فرصة من نوعها تتاح لإسرائيل على أرض القارة الأفريقية، كذلك يقوم الإسرائيليون حاليًا بإنشاء طريق بري جديد يربط إثيوبيا وكينيا، كما أنهم فرغوا لتوهم من إنشاء عمارة مؤلفة من 15 طابقًا للمكاتب التجارية وهي أطول عمارة في نيروبي.

وفي ساحل العاج يعمل المقاول موشي ماير في إنشاء عمارات قيمتها 2000 مليون دولار تتألف من فنادق وأحواض لرسو السفن وإصلاحها وحديقة للحيوانات وقاعة اجتماعات ومنطقة سكنية تتسع لـ 60.000 شخص ينتهي العمل فيها في عام 1980 م وعندها يتحول شريط ساحلي مشجر مساحته 10.000 فدان يقع جنوب أبيدجان العاصمة إلى ريفيرا أفريقية.

ويقول ماير «المقاول الإسرائيلي» أن لديه عروضًا من عشرين بلدًا أفريقيًا آخر لإنشاء مراكز سياحية مماثلة من أمثال كينيا ومدغشقر.

أخطبوط متعدد الوجوه

إن صورة إسرائيل في أفريقيا تتمثل في وجوه عدة:

فبالنسبة للمتنصرين الذين يقرأون الإنجيل يعتبر الإسرائيليون أهل كتاب!! وفي أوغندا وإثيوبيا والكونغو حيث تقوم قوات الدفاع الإسرائيلية بالتدريب العسكري والعمليات العسكرية، ينظر للإسرائيليين على أنهم أهل المدفع، ففي إثيوبيا قام الإسرائيليون بتدريب قوات الأمن كلها بما في ذلك وحدات الكوماندو التي تعمل ضد الثوار الإريتريين المعادين للإمبراطور هيلا سلاسي، كما أن الإسرائيليين يقدمون المساعدات عن طريق الجو للمتمردين في جنوب السودان عن طريق الحبشة.

كذلك فإن المساعدات العسكرية قد حققت لإسرائيل أصدقاء، فالرئيس جوزيف موبوتو، رئيس جمهورية الكونغو، تلقى تدريبه في المظلات والجو في إسرائيل.

وكذلك الرئيس الأوغندي «ايدي أمين» قام بالانقلاب على ملتون أبوتي بمساعدة القوات المسلحة التي يشرف على تدريبها مستشارون إسرائيليون، ولكن برامج المساعدة الإسرائيلية تسبب أحيانًا مواقف لاذعة في سخريتها: فعندما يقوم الزعماء العرب بزيارة أديس أبابا لحضور اجتماعات منظمة الوحدة الأفريقية يقوم بمرافقتهم رجال الأمن الإثيوبيين الذين تلقوا تدريبهم في إسرائيل.

وبعد، فهذه هي الطريقة التي تعمل بها إسرائيل في أفريقيا.

فلا صياح ولا ضوضاء وإنما تغلغل هادئ وكسب بطيء وإغراء للأفريقيين، أما آن للعرب أن يستفيدوا من أعدائهم، أما آن لهم أن يستيقظوا!! إننا لمنتظرون.

 

الرابط المختصر :