العنوان الهجرة والتهجير كارثة تهدد المجتمع
الكاتب لقاء هادي الصوفي
تاريخ النشر السبت 18-أغسطس-2007
مشاهدات 20
نشر في العدد 1765
نشر في الصفحة 20
السبت 18-أغسطس-2007
العراق
رغم الخطط الأمنية ٩٠ ألف مهجر عراقي يتركون منازلهم كل شهر الهجرة والتهجير أصبحت قصة عراقية ترتقي إلى مستوى المأساة، فهجرة العراقيين إلى خارج العراق أصبحت حديث الساعة، بل أصبحت الشغل الشاغل لدى المجتمع العراقي حتى بات تهريب الناس عبر الحدود صنعة تدر الملايين على مافيا متخصصة تتقن هذا الفن ولها ارتباطاتها الخارجية والداخلية.
ومن يقرأ الأرقام التي تعلنها المؤسسات الدولية يدرك بلا أدنى شك أن المجتمع ينزلق نحو هاوية سحيقة، فقد أعلنت الأمم المتحدة أن العنف في العراق أدى إلى أكبر موجة نزوح في الشرق الأوسط منذ إنشاء ما يسمى به إسرائيل عام ١٩٤٨ م، حيث نزح واحد من كل ثمانية أشخاص خارج العراق، في حين نزح ۱.۷ مليون شخص داخل العراق من مكان إلى آخر.
والسؤال الذي يُطرح هو: هل توقفت موجة النزوح هذه بعد أن شهد العراق مؤخرًا خططًا أمنية وزيادة في عدد قوات الاحتلال وتصريحات نارية من رجال الحكومة الأشاوس؟!!
سأترك الجواب للأرقام، حيث قال رون ريدموند الناطق باسم مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة: إن العاملين في مفوضيته المكلفين بمراقبة الحدود العراقية السورية ذكروا أن ألفي شخص يجتازونها من العراق يوميًا، أي بمعدل ٤٠ ألف مهاجر شهريًا، كما يتصاعد باستمرار عدد العراقيين الذين ينزحون عن مناطق سكناهم قاصدين أماكن أكثر أمانًا داخل العراق.. ويقول ريدموند إن عدد هؤلاء يزداد بواقع ٥٠ ألفًا في الشهر تقريبًا.
بلد بلا مستقبل
إننا هنا إزاء قضية متعددة الجوانب متشعبة الآثار فالأمر لا يقتصر على نزوح العقول العراقية من أطباء وأساتذة جامعات وأكاديميين وحسب، ولا يتعلق بالخلو التدريجي للبلد من الشباب العامل المكافح والدارس الطامح والباني للوطن فقط، بل يتعلق بآثار اجتماعية سيخلفها هذا النزوح على بنية المجتمع وتماسك الأسرة.
يترك الرجل زوجته وأبناءه وراءه على أمل الوصول إلى أوروبا أرض الأحلام الأرض التي قدر اللين والعسل كما تصور ذلك مافيا تهريب البشر للشباب، ثم تكون النتيجة أن تتقطع السبل بين هذا الرجل وأسرته، فإما أن تنقطع أخباره كلية دون معرفة السبب فتظل الزوجة معلقة، والأولاد يعيشون يتما مقنعًا وإما أن يجد الرجل نمطًا جديدًا من الحياة ينسى معه أسرته مكتفيًا بإجازات قصيرة لا تمكنه من ممارسة دور الزوج أو الأب خلالها مما يؤدي إلى وقوع الفساد في الأرض.
ونقلت إحدى الصحف الكردية قصة زوج عاد من الخارج في إجازة قصيرة، فما كان من الزوجة التي تقطعت أوصال قلبها من ألم الفراق إلا أن مزقت جواز سفره في غفلة منه، فلما أراد أن يسافر بحث عن جوازه فلم يجده حتى اكتشف حقيقة الأمر، فبلغ به شيطان الغضب من السفاهة أن أقدم على قتل زوجته لينتهي به الأمر في السجن وبزوجته في القبر، والضحية بين هذا وذاك أطفال احتضنتهم ملاجئ الأيتام.
هذه حكاية من عشرات الآلاف من الحكايات التي تتنوع وتتعدد وتتكاثر يومًا بعد آخر، لقد خلفت الحروب وسني الحصار دمارًا اجتماعيًا شاملًا لا حدود له انعكس ذلك تشتتًا في المجتمع العراقي وقطيعة رحم وها هي الهجرة تدخلنا في منزلق جديد ومنعرج خطير إنه تمزق الأسر وتفتت المجتمع وتقطع أوصاله.
لقد أصبح العراق ملاذًا لكل من هب ودب من القتلة والمجرمين العتاة الذين ينفذون أجندة مخابراتية لدول شتى تتصارع فوق دمائنا، وقد بلغ الجهل بمجتمعنا العراقي مبلغه حتى بات جزءًا من أبناء البلد عونًا لهؤلاء المجرمين القتلة.
هناك المئات، بل الآلاف من المقالات كتبت في وصف هذه المأساة وهذه الكارثة وما نريده من مقالنا هذا توجيه رسائل مهمة إلى من يهمه الأمر إلى كل من يدعي حرصًا على هذا البلد ويريد خيرًا لمجتمعاته وأسره.
الرسالة الأولى إلى رجال الدين: لقد أن لهم برأيي أن يخرجوا من الصمت الذي يلفهم منذ سنين، ومن الواجب عليهم لما لهم من تأثير اجتماعي كبير أن يقدموا للمجتمع توعية شاملة واضحة صريحة لا تحتمل التأويل، لابد من تسفيه القتلة ورفع غطاء الشرعية عنهم، وتضليل كل من يقدم لهم المون والدعم.
الرسالة الثانية إلى الأحزاب السياسية: كفى صراعًا، وحسبنا ما وصلنا إليه بسبب النزعات الحزبية والفئوية لقد أن أوان الجد، وحان الوقت لوقف المحاصصات الطائفية والحزبية فيما يغرق المجتمع في مستنقع الأمراض الاجتماعية، إنكم مدعوون لوضع برامج جادة تنتشل الشباب من الإحباط واليأس والقنوط الذي يلفهم، وخصوصًا الأحزاب الحاكمة والمشاركة في السلطة، أن الأوان لتكون الأجندة الوطنية مقدمة على الأجندة الفئوية والطائفية والإقليمية، فالشعب لن يرحم المتقاعسين والتاريخ سيكتب كل شيء ولعنته ثقيلة.
الرسالة الثالثة إلى مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني: تعلم جيدًا أن الظروف التي تحيط بعمل هذه المؤسسات قاسية، وأن التضحيات التي قدمت جسيمة. ولكن لابد من إكمال المسيرة ومواصلة الرسالة، وإلا فإن البلد سيخلو تمامًا من العاملين المصلحين الشرفاء، وسيصبح مرتعًا للمفسدين المجرمين الجبناء وقد ظهرت بعض مظاهر هذا الأمر، حيث تسجل معدلات الجريمة في المدن العراقية ارتفاعًا كبيرًا، والسبب- ويا للحسرة- هجرة العقول والطاقات وتنامي العصابات الإجرامية لابد لمنظمات المجتمع المدني أن تقوم بدور رجل الإطفاء، فتناضل وتناور بين السنة اللهب لإخماد حرائق المفسدين من خلال البرامج والمشاريع الهادفة وبخطط مدروسة.
رسالتي أخيرًا إلى كل حر شريف وحرة مؤمنة -وما أكثرهم في بلدي- فلندع كلمة: لست المسؤول جانبًا، ولتتحمل جميعًا المسؤولية، لابد من التكاتف وتضافر الجهود لرأب الصدع ووقف النزيف وإلا فإن نار الفتنة لن تستثني أحدًا، ومن يظن أنها ستقف عند بيت الجيران واهم جدًا، ومن يجد نفسه في جزيرة آمنة يتفرج سرعان ما سيكون جزءًا من الحدث.
نصف أسلحة أمريكا للشرطة العراقية «مفقودة»
كشف تقرير حكومي ريكي أن وزارة الدفاع «البنتاجون» غير قادرة على تتبع أثر نحو نصف الأسلحة الأمريكية التي خصصت للشرطة العراقية خلال عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ م.
وأثار هذا التقرير مخاوف من أن الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة للشرطة يمكن أن تقع في أيدي المسلحين العراقيين، بحسب ما ذكرته رويترز يوم الإثنين ٢٠٠٧/ ٨/ ٦ م.
وجاء في التقرير الصادر عن مكتب محاسبة الحكومة- المختص بالتحقيقات في الكونجرس- بتاريخ ٣١ يوليو الماضي أنه جرى توزيع ٣٥٥ ألف قطعة سلاح على قوات الأمن العراقية من يونيو ٢٠٠٤ م وحتى سبتمبر ٢٠٠٥ م من بينها ١٨٥ ألف بندقية و١٧٠ ألف مسدس.
وأضاف «أن وزارة الدفاع لا يمكنها تتبع أثر ۱۱۰ آلاف بندقية و٨٠ ألف مسدس من هذه الأسلحة»، وتمثل تلك الكميات نحو ٥٤% من إجمالي الأسلحة التي وزعت على القوات العراقية.
وتابع التقرير: «إن البنتاجون لا يمكنه أيضًا تتبع أثر ١٣٥ ألف درع واق و١١٥ ألف خوذة ذكرت تقارير أنها وزعت على القوات العراقية حتى ٢٢ سبتمبر عام ٢٠٠٥ م».
وحول رد فعل البنتاجون إزاء هذا التقرير، قال مكتب محاسبة الحكومة: إن الوزارة أكدت بدورها نتائج التقرير، وبدأت مراجعة الضمان التتبع الكامل بخصوص برنامج تدريب القوات العراقية وتزويدها بالأسلحة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل