; الهجوم الإسرائيلي على لبنان مؤامرة دولية | مجلة المجتمع

العنوان الهجوم الإسرائيلي على لبنان مؤامرة دولية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 21-يوليو-1981

مشاهدات 14

نشر في العدد 537

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 21-يوليو-1981

العدوان مؤامرة دولية مرت عبر جسر أزمة الصواريخ السورية!

إسرائيل بيغن تجتاح لبنان والحكام العرب يشتمون أميركا ويشتكون لمجلس الأمن!

القضية الفلسطينية قضية إسلامية ولا تحل إلا بالإيمان العميق والفهم الدقيق والجهاد في سبيل الله.

روسيا وأميركا محور الصراع والهدف تمكين إسرائيل وإنهاء القضية الفلسطينية.

الهجوم الإسرائيلي الشامل على لبنان بالطيران الأميركي الذي بدأ من جديد في بداية الأسبوع الماضي ليس عجيبًا ولا غريبًا، فإسرائيل منذ عام ١٩٧٤ وهي تعربد في لبنان متى شاءت وكيف شاءت، والذين شدهوا من العدوان اليهودي الأخير الذي شمل الشمال والجنوب والأهداف المدنية والعسكرية باعتراف وتبجح المسؤولين اليهود فريقان:

البسطاء والطيبون: وهم عموم الشعوب العربية والإسلامية شدهوا لفظاعة القصف والهجوم وارتفاع عدد الضحايا إلى المئات، فيما الحكام العرب لم يفعلوا شيئًا اللهم إلا سب وشتم إسرائيل وأميركا أو الدعوة لمؤتمر قمة أو لاجتماع طارئ لمجلس الأمن أو لاطلاع هيئة الأمم المتحدة على الأمر!

مشدوهون أم عاتبون!

والفريق الآخر هو فريق أميركا من الحكام والزعماء العرب اللذين شدهوا وتعجبوا للعدوان الإسرائيلي في الوقت الذي يعمل فيه المبعوث الأميركي فليب حبيب من خلال رحلاته المكوكية إلى تطمينهم أن الولايات المتحدة تعمل على حل الأزمة اللبنانية وأن مهمته تكمن في تخفيف حدة التوتر ومنع الصدام في لبنان تمهيدًا لتحقيق الوفاق الوطني وبالتالي حل أزمة الشرق الأوسط ربما في الخريف القادم!

هؤلاء شدهوا أو بالأحرى عتبوا على إدارة الرئيس ريغان؛ لأن الغارات الإسرائيلية بدأت أول مرة عندما كان حبيب مجتمعًا بالوزان.. وبدأت الغارات الوحشية من جديد بعد عودة حبيب من تل أبيب إلى بيروت وإعلانه أن محادثاته مع إسحق شامير كانت إيجابية وأنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن سحب الصواريخ السورية من البقاع، والحد من نشاط المليشيات اللبنانية المسلحة ووقف عمليات الفدائيين من الجنوب! وسبب العتب أو العجب عند هؤلاء أن العدوان الإسرائيلي يحرجهم كثيرًا ويحول دون مضيهم إلى الأمام على طريق التسوية الأميركية لأزمة الشرق الأوسط.

أطراف اللعبة

وثمة فريق ثالث لا هو مشدوه ولا هو عاتب بل هو مشارك في اللعبة عن قصد وتصميم، وبالطبع فإسرائيل في مقدمة هذا الفريق ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية. ولكن لابد من طرف عربي ودولي آخر لكي تكتمل اللعبة فمن هو هذا الطرف؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد من دراسة العدوان من حيث الأهداف والمسوغات والظروف الدولية.

سياسة عدوانية توسعية

الهدف المعلن من العدوان الوحشي كما جاء على لسان بيغن «ضد الأهداف الفلسطينية» وبصورة أوضح كما قال إسحق شامير وزير الخارجية اليهودي «إن الهجمات ستستمر حتى ينتهي الوجود الفلسطيني» أما رئيس الأركان رفائيل أتيان فقد قال إن «إسرائيل لن تجعل الحياة تسير بصورة عادية في لبنان» ومن أجل هذا العرض أعلن بيغن بصلف وعجرفة أن الغارات تجددت بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية وعودة الليكود بزعامة بيغن إلى الحكم، فلا يمكن تفسير العدوان إلا ضمن سياسة تجمع الليكود التي يمكن تلخيصها بالتوسع والاستيطان والقضاء على الوجود الفلسطيني وإكمال مسيرة كامب ديفيد، وكما جاء في بيان بيغن «إلى أن يسود السلام بين إسرائيل ولبنان» ولأن الوجود الفلسطيني في لبنان يعتبر عقبة في طريق هذا السلام في رأي اليهود وحلفائهم: الكتائب والإصرار ودويلة المنشق سعد حداد، كان لابد من القضاء عليها، وهذا محور الأحداث اللبنانية منذ انفجرت في أوائل السبعينيات، وقد عبر عن هذا الهدف كميل شمعون بصورة مباشرة عندما دعا إلى مؤتمر قمة عربي «لتقرير الحرب أو إجبار الفدائيين على وقف نشاطاتهم عبر الحدود التي هي سبب انتقام إسرائيل من لبنان!".

وشمعون يعلم جيدًا أن الحكام العرب يلعنون الحرب أو لا يملكونها فلا يبقى إذن إلا وقف العمل الفدائي وهذا ما فعله الحكام العرب من خلال التوسط للتوصل إلى اتفاقات بين العمل الفدائي والحكومة اللبنانية!

مباركة أميركية

والعدوان الإسرائيلي بمباركة أميركية بغض النظر عن أسف الناطق باسم الخارجية الأميركية، وبالرغم من تطمينات فليب حبيب وتسريبات الإعلام الأميركي! فالأسلحة أميركية، والمصادر الأميركية تقول بأن إسرائيل تحضر لخطوة عسكرية رئيسية في جنوب لبنان ولكن أميركا لم تفعل شيئًا الأمر الذي جعل رويتر تتنبأ بأن إسرائيل تخطط للاندفاع في لبنان كما فعلت ذلك قبل ثلاث سنوات.

ولكن ما يستحق الذكر والتنبيه بهذا الخصوص أن «ربع أميركا» حكامًا وإعلامًا أخذوا يتكئون على حقيقة الدور الأميركي وإلقاء التبعة عليه في محاولة -كما يرى بعض المراقبين- إلى دفع المنطقة للتطرف والتمحور الدولي من جديد حول الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

مؤامرة دولية

المحور الأميركي يتمثل في إسرائيل وأطراف عربية أخرى والمحور الروسي يتمثل في سوريا والمقاومة الفلسطينية وليبيا وعدن!

ويذهب هذا الرأي إلى أن التوجه نحو موسكو كان يتم دومًا بدفع أو إيحاء من أميركا، والتوجه العربي الأخير الذي تمثل بزيارة ست رؤساء وزعماء عرب لموسكو يأتي ضمن هذا السياق، وما ينتهي إليه هذا التحليل أن إعادة الصراع الدولي للشرق الأوسط ودخول الاتحاد السوفياتي من البوابة اللبنانية سيؤدي في النهاية إلى حل دولي ربما يتم في سياق مؤتمر جنيف أو المؤتمر الدولي الذي دعا له بريجنيف.

هذا التحليل سليم من الناحية «الإخراجية» ولكن هل الصراع الدولي حقيقي أَم مفتعل؟

لا شك أن الإجابة على هذا السؤال صعبة لكن متابعة التبدلات في السياسة الدولية تؤكد كما يقول المراقبون أن سياسة الانفراج أو الوفاق أو بالأحرى تقسيم مناطق النفوذ لا تزال في السياسة المتفق عليها بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

وتتأكد هذه السياسة أكثر في ظل الانقسامات الأوروبية وتبعيتها لأميركا، وطالما أن الدول العربية ضعيفة ومفككة فستكون معادلة الوفاق الدولي في صالح إسرائيل.

وانطلاقًا من هذا التحليل وواقع الأزمة اللبنانية من حيث تذرع إسرائيل بالصواريخ السورية وتعلل سوريا بالعدوان الإسرائيلي فيما هي لم تفعل شيئًا ملموسًا ضد هذا العدوان، يتبين أن هناك مؤامرة دولية يتم تنفيذها من خلال أزمات وتناقضات مفتعلة، تهدف إلى تصفية الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان وإلحاقه بركب اتفاقات كامب ديفيد التي ستجر إليها دول عربية أخرى في وقت لاحق!

ومهما تفاءل «ربع» أميركا أو تظاهر بشرف الكفاح «ربع» روسيا فإن القوة الإسرائيلية هي التي ستملي شروطها وتحقق أهدافها، والشعوب المغلوبة على أمرها تصفق مرة لهذا ومرة لذاك؟

ما العمل؟!

والحقيقة المُرة هي أن إسرائيل وكما يوحي تحركها الأخير في لبنان من حيث هدم الجسور وعزل الجنوب وتدمير مصفاة التكرير ومصب النفط في الزهراني وضرب مقار القيادات العسكرية الفدائية وثكناتها في بيروت والدامور وعرمون وشاتيلا، ربما تمضي في العدوان لضرب الفلسطينيين وإخراجهم عسكريًا من لبنان، وسيترتب على ذلك آلاف الضحايا والثكالى وخسائر مادية فادحة لن تلقى من الشعوب المغلوبة على أمرها أكثر من دمع سخين أو تنهيدة حزينة أو شتيمة للعدوان وأعوانه وفي أحسن الأحوال بعض دريهمات أو قطرات دم بارد!

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ما العمل؟ فالصورة قاتمة محزنة وتبعث على الأسى واليأس القاتل بالنسبة لعموم الناس!

وأول العمل إدراك الدرس الذي طالما نبهت إليه الحركة الإسلامية، وهو أن مأساة الأمة عميقة ولا ينتشلها منها إلا إيمان بالله عميق وفهم للإسلام دقيق وجهاد في سبيل ليس فيه هوادة..

وبالنسبة لكم أيها الفلسطينيون المغلوبون على أمركم لابد أن تدركوا أنهم كذبوكم عندما قالوا لكم إن القضية الفلسطينية هي قضيتكم وحدكم، وعليكم أن تدركوا أنهم تآمروا عليكم عندما غرروا بكم فحمل بعضكم راياتهم وحاربوا بسيوفهم!

إن الطريق شاق وطويل ولابد من الخطوة الأولى وهي التوجه للجماهير لا للأنظمة، والتوجه للجماهير يتطلب الاعتقاد بعقيدة الجماهير، والجهاد من أجل أهداف الجماهير.. والجماهير والحمد لله مسلمة تريد رفع راية الله والجهاد في سبيل الله ضد اليهود وضد أعوان اليهود من الحكام الملحدين أو الطائفيين أو المنافقين أو المرتمين في أحضان واشنطن أو أحضان موسكو.. ذلك هو العمل وما عداه فسراب خادع وعمل خاسر في الدنيا والآخرة.

الرابط المختصر :