العنوان الوحدة الاقتصادية العربية.. آلام وآمال
الكاتب د. أشرف دوابه
تاريخ النشر السبت 01-يوليو-2017
مشاهدات 24
نشر في العدد 2109
نشر في الصفحة 46

السبت 01-يوليو-2017
اقتصاد إسلامي
بقلم: د. أشرف دوابه
الوحدة الاقتصادية العربية.. آلام وآمال
رغم ما يجمع الدول العربية من قواسم مشتركة لم تجمعهم خطوات حقيقية نحو الوحدة الاقتصادية
نجاح مشروع الوحدة العربية اقتصادياً وسياسياً مرتبط بعودة الروح الإسلامية لتسري في القومية العربية
رغم النكسة الكبرى التي مني بها الاتحاد الأوروبي بخروج بريطانيا فإنه لا يزال متماسكاً
منذ نشأة جامعة الدول العربية في العام 1945م - أي منذ ما يربو على 70 عاماً - والعرب يحدوهم أمل الوحدة المشتركة اقتصادياً، ولكن رغم توالد الأفكار لم يكن لها حظ على أرض الواقع وتحولت إلى حبر على ورق، وسبقنا بها غيرنا تطبيقاً وتنفيذاً، فتأسس الاتحاد الأوروبي في عام 1957م - أي بعد 12 عاماً من تكوين جامعة الدول العربية - رغم الاختلافات اللغوية والثقافية والصراعات التاريخية الدموية بين الدول الأوروبية، وأصبح هذا الاتحاد الكتلة الاقتصادية الأولى في العالم، والكتلة البشرية الثالثة بعد الصين والهند، هذا فضلاً عن تكتلات أخرى مثل تجمعات «النافتا» و»الآسيان» و«الميركوسور».. وغيرها.
ولا شك أن الاتحاد الأوروبي مُني بنكسة كبرى بإعلان بريطانيا الخروج منه بناء على الاستفتاء الذي أجرى يوم 23 يونيو 2016م، وأسفر عن تأييد 51.9% للخروج من الاتحاد مقابل 48.9% طالبوا بالبقاء، وهو الأمر الذي قد يعرض الاتحاد لهزات أخرى بخروج دول أخرى من الاتحاد، ومع ذلك فالاتحاد الأوروبي لا يزال متماسكاً.
مقومات الوحدة الاقتصادية
إننا في عالم لا يعرف سوى لغة القوة والمصالح، ورغم ما يجمع الدول العربية من قواسم مشتركة - كاللغة والدين والثقافة والتكوين والتاريخ والجغرافيا - لم تجمعهم في واقعهم المعاصر خطوات حقيقية تمكنهم من الوصول للمستوى الطبيعي أو المقبول في مسيرتهم نحو الوحدة الاقتصادية أو التكامل الاقتصادي.
لقد كان أمل الدول العربية في نموذج دول مجلس التعاون الخليجي كنموذج مبدئي للوحدة العربية، رغم ما تعرض له هذا النموذج من عدم التقدم للأمام كثيراً في مجالات السياسة النقدية والمالية والهيكلية وتوقف المفاوضات نتيجة لاختلافات جوهرية بين بعض الدول بذات الشأن، ولكن ما نراه الآن يجعل ذلك الأمر مشكلة هينة.
إن ما تمر به الأمة من مرحلة تنازع واختلاف - تغذيه الصهيوأمريكية باعتبارها المستفيدة من ذلك - هو إنذار لعدم الوقوع في مكايد الشيطان ووعوده، والعودة إلى ميزان العقل وحل المشكلات كلها بالحوار بعيداً عن الصدام، والاستفادة من الدور المحمود لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في لم الشمل والتأليف بين الإخوة.
إن هذه الأزمة فرصة للوقوف مع النفس وتعزيز إرادة الوحدة الاقتصادية العربية، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولكن يجب أن ندرك أنه لن تتحقق تلك الوحدة ما سادت قومية العصبية والفردية وعزل الإسلام كمنهج حياة، وقد فطن المستشرق “جب” Gibb)) إلى سر توحد العرب بقوله عنهم: “إنهم تجمعهم حقيقة تاريخية هي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وذكرى الإمبراطورية العربية بالإضافة إلى اللسان العربي والإرث الحضاري المشترك”.
الوحدة فريضة إسلامية
لقد كان العرب قبل الإسلام أمة، لكنها ممزقة، لم تعرف للوحدة سبيلاً، وللتكامل مكاناً، ولم تكن العربية وحدها أو القومية وعاء لجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم، ولم يحدث تكاملهم ووحدتهم وتحولهم إلى بنيان مرصوص وجسد واحد إلا في ظل الإسلام، وهذه حقيقة تاريخية، فنجاح مشروع الوحدة العربية اقتصادياً وسياسياً مرتبط بعودة الروح الإسلامية لتسري في القومية العربية، فتهذبها بتعاليم الدين، وتضع مسيرة التكامل في طريقها الصحيح.
إن الإسلام كمنهج حياة جعل من وحدة المسلمين فريضة إسلامية، وقد قامت مناسكه وشعائره من صلاة وصيام وزكاة وحج ونحوها على العمل الجماعي لا الفردي، وعلى ذات الدرب يقوم نظامه الاقتصادي.
كما أن الإسلام دين يربي أبناءه على العزة، ويرفض لهم التبعية الاقتصادية، ويأمرهم بأفضل استخدام ممكن للموارد المتاحة حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد: “لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جارٍ”، وكذلك يرتب الإسلام أولويات الإنتاج في المجتمع وفقاً لحاجات الناس من ضروريات وحاجيات وتحسينات، ويمنح العنصر البشري مكانته بصفته أفضل مخلوق وخليفة الله في أرضه، من خلال حرية الحركة والعمل والتملك وممارسة النشاط الإنتاجي وحمايته من أي تعديات.
لذا فليفر العرب إلى شريعة ربهم، فبها تحل خلافاتهم، وتكون الوحدة سبيلهم، فالاعتصام بحبل الله هو النجاة، ولنا في تجربة الأندلس عبرات وعظات.
مأثورات اقتصادية
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي (يعني الخسف)». (رواه أبو داود).
مفاهيم اقتصادية
الشركات متعددة الجنسيات
تعددت التعاريف الخاصة بالشركات متعددة الجنسيات نظراً لارتباطها بالعديد من العلوم الاجتماعية من ناحية وفلسفة وتخصص القائمين على تعريفها من ناحية أخرى، وقد سمتها الأمم المتحدة في العام 1974م باسم «الشركات عابرة للقارات»، وأنشأت مركزاً بهذا الاسم يتبع المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة، ثم أنشأت في العام 1992م مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لدراسة نشاط هذه الشركات.
وقد عرف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCATAD الشركات متعددة الجنسيات بأنها: كيان اقتصادي يزاول التجارة والإنتاج عبر القارات، وله في دولتين أو أكثر شركات وليدة أو فروع تتحكم فيها الشركة الأم بصورة فعالة وتخطط لكل قراراتها تخطيطاً شاملاً.
كما انتهت اللجنة الحكومية المكلفة بإعداد مسودة ميثاق سلوك دولي للشركات متعددة الجنسيات في إطار منظمة الأمم المتحدة لوضع تعريف مفاده أن هذه الشركات هي: الشركات التي تشتمل على كيانات تعمل في دولتين أو أكثر بغض النظر عن شكلها القانوني، ومجال النشاط الذي تعمل فيه، وتعمل هذه الكيانات في ظل نظام لاتخاذ قرار يسمح بانتهاج سياسات متجانسة وإستراتيجية مشتركة من خلال مركز أو أكثر من مراكز اتخاذ القرار، وترتبط هذه الكيانات فيما بينها عن طريق الملكية أو غيرها من الروابط الأخرى، بحيث يمكن لواحدة أو أكثر ممارسة تأثير فعال على أنشطة الكيانات الأخرى، وبصفة خاصة المساهمة في المعرفة والموارد والمسؤوليات مع الآخرين.
ويمكن القول: إن الشركات متعددة الجنسيات هي شركات تمتد فروعها إلى عدة دول، وتدار بصورة مركزية في مقرها الرئيس في الدولة الأم، من خلال إستراتيجية عالمية موحدة، وتستفيد من قوتها المالية والاستثمارية والفنية والتكنولوجية والتسويقية في غزو الأسواق الخارجية.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

