; الوسطية في الخطاب الأممي | مجلة المجتمع

العنوان الوسطية في الخطاب الأممي

الكاتب عادل القصار

تاريخ النشر السبت 22-نوفمبر-2008

مشاهدات 15

نشر في العدد 1828

نشر في الصفحة 9

السبت 22-نوفمبر-2008

منذ أن تفاعلت وتيرة اتهام الإسلام بالإرهاب والتطرف عقب أحداث 11 سبتمبر سنة 2001م، لم يحظ خطاب الوسطية باهتمام رسمي ودولي مثلما حظي به في اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بـ «نيويورك».

مؤتمر حوار الأديان والثقافات الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تحت رعاية الأمم المتحدة ، والذي جاء امتدادًا لاهتمام المملكة العربية السعودية بتنظيمها مؤتمر «حوار الحضارات» الذي عقد في «مدريد»، يعتبر خطوة رائدة نحو تفعيل لغة الحوار ومد جسور التفاهم والتعاون ؛ لإزالة بؤر الاختلاف والصراع الديني الفكري بين الثقافات والشعوب.

إذا كان العالم الغربي قد رفع شعار «صراع الحضارات» لإحياء بذور الاختلاف والصراع بين الأمم، فإن العالم الإسلامي تعامل بعقلانية - وعلى النقيض من الغرب - في مواجهة تلك النزعة العدائية يوم أن تنادى ودعا العالم أجمع إلى حوار الحضارات والأديان. 

فالوسطية والاعتدال أصبحتا سلاح القيادات السياسية في العالم العربي والإسلامي لمواجهة كل فكر إرهابي متطرف من شأنه أن يجر المجتمعات والأمم إلى نزاعات وصراعات لا تحمد عقباها. 

ولعلها خطوة متقدمة يوم أن ينتقل حوار الأديان من حلقة المؤتمرات والندوات التي يلتقي فيها المتخصصون والمفكرون والمثقفون.. إلى الحلقة الأوسع على مائدة الخطاب الرسمي الذي يعكس توجه الحكومات ورؤساء الدول والمنظمات الدولية.

ولعلها المرة الأولى التي يرتفع فيها خطاب «الوسطية» من على أرفع منبر دولي في العالم، حينما خاطب أمير دولة الكويت سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح - حفظه الله - في اجتماع الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة.. مطالبًا قادة وشعوب العالم بتحمل مسؤولياتهم التاريخية للخروج من دائرة الحروب والصراعات والتعصب والإرهاب إلى دائرة الحوار الجاد والصادق بين الشعوب والديانات والثقافات من أجل تحقيق الاستقرار العالمي. 

وإذا كانت الأديان السماوية - كما أوضح سموه - تمثل المرتكز لتقديم الحلول والمشكلات التي تعاني منها البشرية، فإن رجال الدين والمثقفين من كل الديانات عليهم مسؤولية تاريخية لإبراز قيم التسامح وروح التعايش وبث نهج الوسطية والابتعاد عن الغلو. 

ومن هذا المنطلق سجلت الكويت في خطاب أميرها سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح في الأمم المتحدة توثيقًا لجهودها الواقعية والعملية الساعية نحو تحقيق هذا الهدف بإنشائها المركز العالمي للوسطية، كأحد المنابر المتخصصة في تبيان سماحة ووسطية الدين الإسلامي ومعالجة ظواهر التطرف والإرهاب، والتواصل مع العالم الخارجي لتفعيل أداة الحوار والفهم المتبادل مع الديانات والثقافات الأخرى. 

التحدي الكبير الذي يواجه العالم العربي والإسلامي اليوم هو كيفية التصدي للحملة الإعلامية المشوهة للدين الإسلامي، والتي رسمت صورة نمطية سالبة للإسلام والمسلمين في أذهان الغربيين. 

ولعل استشهاد سمو أمير البلاد بالجهود والبرامج الخارجية للمركز العالمي للوسطية بعقد مؤتمرين دوليين في كل من «لندن»، و«واشنطن»، أكبر دليل على جدية جهود ومساعي دولة الكويت للمساهمة في تفعيل لغة الحوار والتعايش مع الغير؛ للخروج بفهم صحيح وواضح، سعيًا إلى محاولة إبطال مفعول الفهم الخاطئ للإسلام والمسلمين.

مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الأديان والثقافات، وكلمة سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد حول نهج الوسطية والاعتدال.. كنا نتمنى أن يتوج هذا الطرح المتزن في اجتماع منظمة الأمم المتحدة باتخاذ خطوات عملية وإجرائية من شأنها الحد من المساس أو التعرض للدين ولرسله وأنبيائه، كبادرة تعبر عن حسن النوايا، وتقليص فرص الاختلاف والتعصب الديني بين أمم وشعوب العالم. 

إن عدم صدور تعهد عالمي لاحترام الأديان - كما طالب سمو أمير البلاد في الأمم المتحدة - لا يعني نهاية المطاف.. بل هو بداية لتفعيل كل الوسائل الدبلوماسية والسياسية لإنجاح هذا التوجه، إن كان العالم يؤمن حقًا بنهج الوسطية والاعتدال.

الرابط المختصر :