; اليمن: خيارات السلطة والمعارضة عند أول انتخابات رئاسية | مجلة المجتمع

العنوان اليمن: خيارات السلطة والمعارضة عند أول انتخابات رئاسية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1998

مشاهدات 19

نشر في العدد 1317

نشر في الصفحة 31

الثلاثاء 15-سبتمبر-1998

على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية في اليمن أمر لم يحن وقته بعد، إلا أن ندوة انعقدت في صنعاء قبل أيام، سلطت الأضواء على الملامح العامة التي ستكون عليها هذه الانتخابات المفترضة في سبتمبر ۱۹۹۹م القادم، والتي سوف يتم إجراؤها بطريقة الانتخاب المتعدد للمرشحين والمباشر من الشعب، وللمرة الأولى في تاريخ اليمن الجمهوري، وذلك وفقًا للتعديلات الدستورية التي أجريت في عام ١٩٩٤م.

الندوة المذكورة نظمتها صحيفة «الوحدوي» لسان حال الحزب الناصري، أحد أحزاب المعارضة المتحالفة مع الحزب الاشتراكي، ولديه ثلاثة ممثلين في مجلس النواب، وتعد صحيفته على رغم ضآلة شعبية الحزب من الصحف ذات الخطاب المعارض القوي للسلطة.

اشتملت الندوة على مناقشة ثلاثة أوراق، حول الانتخابات الرئاسية الأولى من نوعها، حيث ركزت ورقتان منها على النواحي القانونية والدستورية والإجرائية لهذه الانتخابات، فيما اهتمت الورقة الثالثة بالناحية السياسية، وموقف كل من السلطة والمعارضة والاحتمالات المفتوحة لهذين الموقفين.

والواقع أن موضوع الندوة لما يزل بعيدًا عن الاهتمامات الشعبية، بل إلى حد كبير لا يزال غير ذي أولوية عند القوى السياسية، لأسباب متعددة منها بعد موعد الانتخابات الرئاسية.. وانشغال الشارع اليمني بمشاكل أخرى، وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية، كما أن هناك قناعة سائدة بأنه من الصعب ظهور مرشح قوي ينافس الرئيس علي عبدالله صالح، مما يجعل نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة محسومة سلفًا.

ومع كل ذلك، فقد حرص ممثلو القوى السياسية على المشاركة في الندوة، وفي الطليعة ممثل حزب المؤتمر الشعبي الحاكم، الذي كان عليه أن يواجه بمفرده انتقادات متعددة حول السياسات العامة التي ينفذها حزبه، لكن الحاضرين اتفقوا على أهمية الانتخابات الرئاسية القادمة، باعتبار أن منصب الرئاسة مركز الصلاحيات واسعة فيالنظام السياسي اليمني، سواء أكان ذلك بسبب الدستور أم العرف الذي يعبر عن حقيقة القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في المجتمع.

إحدى الأوراق المقدمة للندوة انتقدت اشتراط الدستور اليمني حصول المرشح المؤهل للمشاركةفي الانتخابات على نسبة ١٠٪ من أصوات أعضاء مجلس النواب «يتكون من ۳۰۱ عضوًا» بما يعني أن تمثيل القوى السياسية الحالي في مجلس النواب لن يسمح إلا لحزب المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح بتقديم مرشحين لهما، بحكم أنهما وحدهما اللذين يتوافر لديهما العدد الكافي من النواب لتحقيق الشرط الدستوري، لكن من غير المستبعد أن تسمح اللعبة السياسية للحزبين الكبيرين، أن يدفعا نوابًا تابعين لهما لمنح تأییدهم لمرشحين آخرين، لكيلا يقتصر الترشيح على مرشحين اثنين فقط.

 ورقة نقاش:

ورقة الدكتور محمد المتوكل، كانت أكثر الأوراق إثارة للنقاش، والتي لخصت هدفها في محاولة النظر إلى الانتخابات الرئاسية القادمة باعتبارها فرصة للتغيير الشامل في اليمن.

انتقدت ورقة د. المتوكل السلطة والمعارضة على السواء، وخصت السلطة بانتقادات عنيفة وحددت عددًا من الخيارات أمامها في موضوع الانتخابات الرئاسية كفرصة مناسبة لإحداث التغيير الديمقراطي المنشود، واعتبرت الورقة أن الحزب الحاكم في اليمن أمامه مجموعة من الخيارات في هذه المسألة يمكن تلخيصها كالآتي:

أ- الخيار الأول، ويتمثل في أن يقوم الحزب الحاكم بثورة على النفس.. وتغيير أسلوب الحكم وتخلي القوى المهيمنة عن دورها في تسيير شؤون الدولة، موازاة للهيئات الدستورية، ومن ثم السماح ببناء دولة مؤسسية حديثة على أسس ديمقراطية صحيحة.

ب– الخيار الثاني: ألا يقوم الرئيس علي صالح بترشيح نفسه لمنصب الرئاسة، لتكون تلك سابقة تعزز التغيير الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.

ج– الخيار الثالث: إصرار السلطة على ممارساتها الحالية، ورفض اعتماد المرونة السياسية للتفاهم مع القوى السياسية الأخرى.

د - الخيار الرابع حدوث نوع من المقايضة بين السلطة والمعارضة، بحيث تؤيد المعارضة انتخاب الرئيس من جديد، مقابل موافقة السلطة على اعتماد نظام حكم محلي واسع الصلاحيات.

هذه الخيارات الأربعة لصاحب الورقة بنيت على أساس قناعة شخصية بأن الأوضاع في اليمن، قد وصلت إلى مرحلة مأساوية في مختلف المجالات الداخلية، وفي مجال العلاقات الخارجية وهي رؤية شخصية تبدو شديدة التشاؤم، لكنها تعبر في العديد من مفرداتها عن رؤية أحزاب المعارضة، مع تفاوت حصة كل حزب من هذه المفردات.

كما انتقدت الورقة المعارضة اليمنية بسبب ضعفها وعجزها عن تهديد النظام، وذلك يعود إلى أزمة الثقة بين أحزابها، والتي فشلت في تجاوزها بالإضافة إلى عجز المعارضة -في ميزان صاحب الورقة- عن اجتذاب الجماهير إلى صفوفها واستثمار طاقاتها ضد السلطة.

خيارات المعارضة:

وتحدد الورقة خيارات المعارضة، فيما يلي: 

أ– استمرار العمل في تنمية الإرادة الشعبية حتى تصبح قادرة على إرغام السلطة على القيام بإصلاح حقيقي واحترام فعلي للدستور والقانون.

ب- اعتماد خيار مقايضة الحزب الحاكم بين حكم محلي واسع الصلاحيات وانتخابات حرة ونزيهة مقابل دعم مرشحه، مما يوفر لليمن سمعة دولية، سواء عن طريق حصول المرشح على أصوات الأغلبية الشعبية أو عن طريق دعم مصداقية التوجه الديمقراطي للسلطة التي لن تلجأ عندها للتزوير.

ج– اتفاق المعارضة على مرشح واحد، والبدء بالتنسيق فيما بينها منذ الآن والاستفادة من الاهتمام الخارجي بالانتخابات للحد من التلاعب بالانتخابات.. أو -على الأقل- فضح التزوير بشكليجعلها غير شرعية في نظر المجتمع الدولي.

 د- مقاطعة الانتخابات وبالطبع تظل هذه الخيارات مجرد آراء شخصية، وبخاصة أن المعارضة لم تصل إلى نقطة تعلن فيها يأسها من حدوث أي إصلاح حقيقي، وبالتالي تنفض يدها مما يجري بصورة نهائية، لكن الندوة ستكون ناجحة إلى حد ما إذا اقتنعت المعارضة بالتنسيق فيما بينها، وفتح موضوع الانتخابات منذ الآن، وهو أمر يبدو صعبًا، لأنه يعني فتح معركة جديدة مع السلطة، بينما المعارضة عاجزة بالفعل عن اتخاذ موقف موحد في قضية أقل حساسية من موضوع الرئاسة، مثلما حدث في الانتخابات النيابية في العام الماضي، حينما انفرط عقد المعارضة بين مقاطع للانتخابات ومشارك فيها، ومنذ ذلك الحين لم تستطع المعارضة المتحالفة مع الاشتراكي تضميد هذه الجراح، بل والأخطر من ذلك، أن قناعة نشأت أن أحزاب المعارضة كلها تمد حبالاً سرية من التفاهم المحدود مع السلطة، مما يضعف الثقة المطلوبة للقيام بعمل مشترك، وفي حساسية تحدي مرشح الحزب الحاكم الذي لن يكون في غالب الأحوال، إلا الرئيس الحالي.

الرابط المختصر :