; اليهود.. يعملون باستمرار على تغيير معالم القدس | مجلة المجتمع

العنوان اليهود.. يعملون باستمرار على تغيير معالم القدس

الكاتب عبد الله بن عبد الرحمن السند

تاريخ النشر الثلاثاء 27-أغسطس-1974

مشاهدات 16

نشر في العدد 215

نشر في الصفحة 35

الثلاثاء 27-أغسطس-1974

واجب المسلمين نحو أولى القبلتين اهتز العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه للجريمة المروعة التي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية المحتلة عندما أقدمت على حرق المسجد الأقصى في 21 آب 1969، والتفت مشاعر الشعوب مع الحكومات في استنكار تلك الجريمة النكراء، وانعقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول، لتعمل الحكومات الإسلامية مجتمعة لإنقاذ المسجد الأقصى وتحرير فلسطين أرض المقدسات. وكل المؤتمرات واللجان التي شكلت أو انبثقت عن هذا المؤتمر، الأول، إنما كانت وسيلة لتجميع الطاقات وتلمس الوسائل لتحقيق الهدف الكبير ألا وهو تحرير القدس وأرض فلسطين. وهكذا وضعت قضية الأقصى وأرض المقدسات في موضعها الصحيح؛ لأن الأقصى مرتبط أشد الارتباط بعقيدة المسلمين فإذا أراد المسلمون الحفاظ على عقيدتهم فلا مناص لهم حكومات وشعوبًا من استنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. أولاً- أعمال اليهود في تغيير معالم القدس: أتاح عدوان 1967 الفرصة لليهود لتحقيق مؤامراتهم القديمة التي خطط لها زعماؤهم أمثال هرتزل الذي قال بأنه لو قُدّر لإسرائيل أن تقوم في حياته لدمر كل شيء غير يهودي في القدس، وقول بن غوريون، لا معنى لفلسطين بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل.. ومن الأعمال التي اتبعتها السلطات اليهودية: 1- الحفريات: لا يخفي اليهود نياتهم في اقتلاع المسجد الأقصى كبنيان وإزالة الصبغة الأثرية الإسلامية عن الأماكن المقدسة المحيطة به، وما مخططهم في تبني مشروع واسع للحفريات إلا ستار يخفي مآربهم الحقيقية، ولقد شملت الحفريات اليهودية حتى الآن الأقسام اللاصقة لسور الحرم الشريف من الجهتين الجنوبية والغربية، وتستمر حتى مدخل الحرم، وكما تمتد إلى حي المغاربة والمناطق الملاصقة والهدف هو تطويق المسجد الأقصى وخلخلة بنيانه وإزالة المعالم المحيطة به، خصوصًا إذا علمنا أن عمق بعض هذه الحفريات يتجاوز العشرة أمتار، ولقد أدت هذه الحفريات إلى تصدع المباني كما حدث في حارة المغاربة، وقامت سلطات الاحتلال بهدمها وإزالتها من الوجود.. ومن المهم التنويه أن الحفريات لم تعد تقتصر على الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى، بل تجاوزتها إلى مناطق أخرى عديدة، مما يثبت أن الهدف الآخر من الحفريات هو طمس المعالم الإسلامية الأثرية والدينية من مدينة القدس كلها. ثانيًا- مصادرة الأراضي العربية: قامت السلطات اليهودية بمصادرة مساحات كبيرة من الأراضي في مدينة القدس وضواحيها بلغت في مجموعها حتى مطلع عام 1973 حوالي «19 ألف دونم»- الدونم ألف متر مربع- سواء كانت مأهولة أو كانت أراضي غير مبنية، وتشمل هذه الأراضي المصادرة أراضي داخل سور الحرم وأخرى خارجه. ثالثًا- إنشاء الأحياء والعمارات والمؤسسات اليهودية: عمدت سلطات الاحتلال إلى استغلال الأراضي المصادرة، فقامت بإنشاء العمارات الكبيرة الشاهقة وأسكنت فيها عشرات الألوف من اليهود، كما قامت بإنشاء الفنادق والمدارس اليهودية، وخصصت مساحات لإقامة مصانع وأحياء يهودية بكاملها، وذلك بهدف إيجاد واقع يهودي وإسكان المهاجرين اليهود لإضفاء الصبغة اليهودية على المدينة، بل ذهبت السلطات اليهودية إلى حد الاستيلاء على أراضي المسلمين والعرب بطرق قسرية، أو عن طريق الإغراء المادي. رابعا- تشجيع المؤسسات التبشيرية الأجنبية: بالرغم من أن إسرائيل من الدول القليلة التي تحرم النشاط التبشيري المسيحي وتلجأ إلى وسائل متطرفة لكبح هذا النشاط، إلا أننا نجدها تشجع الإرساليات في المناطق العربية والإسلامية المحتلة وخصوصًا في القدس مما يوحي بأنها تريد ترضية هذه المؤسسات على حساب الوجود العربي الإسلامي. وكدليل على هذه السياسة المشروع المسمى بالحديقة الروحية في جبل الزيتون، الذي يهدف إلى الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الأوقاف الإسلامية والأملاك العربية، وهو مشروع تعمل له الإرساليات الأجنبية بتشجيع من سلطات الاحتلال الإسرائيلي. خامسًا- وضع أهالي القدس في ظروف اقتصادية ومالية قاسية: تم فرض المزيد من الضرائب والرسوم الفادحة على المسلمين والعرب وممتلكاتهم في القدس بغية إجبارهم على التخلي عن أراضيهم وبيعها بثمن مغر إلى السلطات اليهودية والإرساليات التبشيرية الأجنبية وقامت بطرد العديد منهم الذين حاولوا التصدي لإحباط المخطط الصهيوني، وإبعادهم خارج فلسطين حتى تفرغ الأرض من القيادات الشعبية الإسلامية الواعية. كما تطاولت السلطات اليهودية على مناهج التربية والتعليم في الأراضي المحتلة كلها وبالذات في القدس؛ إذ طبقت المناهج اليهودية كاملة ومنعت تدريس التاريخ الإسلامي وشوهت مناهج الدين واللغة العربية وذلك لطمس الرؤية التربوية والتعليمية للطلاب المسلمين على تنقطع صلتهم بعقيدتهم وتاريخهم المجيد. سادسًا- إغراق المدينة المقدسة بدور اللهو والخلاعة: وإمعانًا في إزالة قدسية المدينة ومركزها المعنوي في النفوس أنشأت سلطات الاحتلال الكثير من دور اللهو والخلاعة والمجون وسهّلت سبل التحلل الخلقي بهدف تفتيت المجتمع العربي الإسلامي وتقويض دعائمه الأخلاقية. سابعًا- تكرار المحاولات لإحراق المسجد الأقصى: لم تكتف سلطات الاحتلال بإطلاق سراح المدعو روهان المتهم بإحراق المسجد الأقصى المبارك، بل بدت في الأفق بوادر مسرحية جديدة لإحراق المسجد الأقصى، تحدثت عنها الأنباء قبل أسابيع قليلة؛ إذ حاول ثلاثة من اليهود القيام بذلك، مما يكشف نوايا إسرائيل في اقتناص الفرصة لتنفيذ المخطط الصهيوني القديم في هدم الأقصى وإقامة الهيكل مكانه. إن الحادث الجديد الذي وقع قبل أسابيع قليلة من انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي يأتي وكأنه نذير للمسلمين المجتمعين بأن الخطر الماثل على مقدساتهم لا يزال قائمًا على أشده، وأن المهمة التي ندبوا أنفسهم للقيام بها لا تزال تتطلب العمل الدائب المنظم. إن الأعمال التي أشرنا إليها وغيرها تثبت أن إسرائيل عازمة على إيجاد، واقع جديد في القدس والاستمرار في تنفيذ كل معطيات القرار الجائر بضم المدينة، الذي اتخذته سلطات الاحتلال ولم تعبأ بكل قرارات الأمم المتحدة، التي اعتبرته قرارًا غير شرعي ودعت إلى نقضه وإبطال جميع الإجراءات التي ترتبت عليه. ولم تكتف إسرائيل بالتنكر لقرارات المنظمة الدولية المتكررة، بل وقفت بعناد واستخفاف أمام كل محاولة بذلتها تلك المنظمة لإرسال لجان تحقيق للمنطقة المحتلة للنظر في أعمال السلطة المحتلة المنافية لكل الأعراف والمواثيق الدولية. ثامنًا- وسائل عرقلة المخطط الصهيوني: إن المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس إذ يبسط بإيجاز الصورة المؤلمة التي تعيشها مدينتنا المقدسة أمام مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية ليأمل أن يكون العمل الرسمي والشعبي على مستوى التحدي الصهيوني، وأن يتطور الجهد الإسلامي المشترك ليصبح قادرًا على مواجهة هذا الخطر بإيجابية وفعالية. وذلك بالعمل على تحوير الأقصى وأراضي المقدسات، والتصدي المسلح للشر قبل أن ترسخ جذوره. ويحدو المؤتمر الإسلامي العام أمل كبير في أن تتطور الفكرة النبيلة للتضامن الإسلامي لتشمل التعاون المخطط المدروس في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والفنية ومجالات التصنيع الحربي، والتنسيق العسكري حتى تبرز للوجود قوة إسلامية متكاملة قادرة على حماية أرض المسلمين ورد الهجمة الصهيونية الشرسة التي لا تستهدف أرض المقدسات فقط لكنها تتطلع للسيطرة على مقدرات العالم الإسلامي الاقتصادية والاستراتيجية والروحية. وإذا استقر في الأذهان أن حل قضية القدس وتحرير فلسطين لن يتم على صورته الكاملة إلا بالجهاد المسلح المستكمل لكل شرائط المنعة والتآزر الإسلامي، فإن المؤتمر العام يتقدم ببعض المقترحات المساعدة لتخفيف الضغط ودعم الصمود الراهن:- 1- المطالبة بضرورة تبني فكرة الرفض الجماعي لأي مشروع لتدويل القدس، واعتبار القدس مدينة المسلمين جميعا لا يجوز التهاون أو التنازل عن أي شيء منها، ورفض جميع المشاريع التي يمهد لها عملاء الصهيونية لاعتبار القدس كمدينة مفتوحة أمام التعايش العربي- اليهودي المزعوم. 2- ضرورة القيام بحملة إعلامية ودبلوماسية شاملة، ومنظمة في المجال الدولي تشترك فيها جميع الدول الإسلامية، بغية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن رفض قرار السلطات اليهودية المحتلة بضم القدس واعتبار جميع اجراءات تغيير معالم القدس لاغية. 3- ضرورة القيام بحملة إعلامية في البلاد الإسلامية نفسها لتوعية الشعوب الإسلامية لقضية فلسطين وما تعانيه أرض المقدسات وأهلها من عنت واضطهاد وتضبيق على الحريات، وفضح كل أساليب الظلم والجور التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني. واستنفار طاقات الشعوب للمشاركة في البذل والتضحية لإنقاذ وتحرير أرض المقدسات. 4- إنشاء مؤسسة مالية على مستوى العالم الإسلامي تشارك وتشرف عليها الحكومات والشعوب الإسلامية يكون مقرها مدينة عمان، تخصص أموالها لدعم صمود أهالي القدس بصفة خاصة والمواطنين العرب في الأراضي العربية المحتلة عموما. ويمكن أن يشمل عملها الأوجه التالية:- أ- تخصيص جانب من أموالها لإنشاء المؤسسات الإسلامية الثقافية والدينية في فلسطين لربط المسلمين بعقيدتهم وتراثهم. ب- الدعم المالي للمشاريع التي تتبناها وزارة الأوقاف الأردنية في القدس والمدن الأخرى، حتى تتمكن الوزارة من إنشاء المباني والمؤسسات في الأراضي الوقفية الخالية من البناء لترسيخ الوجود المادي الإسلامي، وتمكين الوزارة من ترميم وصيانة المساجد والمؤسسات الدينية الأخرى. جـ - وضع الخطط وتنفيذها ماليًّا لمنع تسرب الأراضي المهددة بالضياع أو العقارات أو أية مؤسسات عربية وإسلامية، إلى أيدي اليهود أو المؤسسات التبشيرية الأجنبية. د- دعم العنصر البشري للصمود في الأرض وعدم النزوح منها تحت ضائقة الضرائب الفادحة وغيرها من وسائل تعسفية. إن المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس إذ يضع هذه المقترحات أمام مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الموقر، ليضع إمكانياته وقدراته لتنفيذ برنامج عملي لدعم الصمود في أرضنا المقدسة، داعيًا الله أن يوفق الدول الإسلامية للعمل الجاد الهادف الذي يدعم وحدتها ويحرر أرض مقدساتها ويحقق الرفاهية لشعوبها ويبرئ ذمتها أمام الله. هيئة المؤتمر الإسلامي العام لبيت المقدس- عمان «وجوب التوبة على الفور» قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء: 17). وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها». رواه مسلم. إن التوبة إذا استجمعت شرائطها فهي مقبولة، فإن نور الحسنة يمحو عن وجه القلب ظلمة السيئة، كما لا طاقة لظلام الليل مع بياض النهار، وأن المؤمن يرى ذنبه كجبل فوقه يخاف أن يقع عليه والمنافق والفاسق يرى ذنبه كذباب مر على أنفه فأطاره. إنه لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله تعالى وييأس من قبوله إياه إذا هو تاب وأناب إليه ما دام حيًّا وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها». إنه من ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين عظيمين أحدهما أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي والذنوب حتى يصير رانًا وطبعًا فلا يقبل. المحو الثاني أن يعاجله المرض أو الموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالتوبة فيأتي الله بقلب غير سليم، ولا ينجو من عذاب إلا من أتى الله بقلب سليم. ومن العجب أن بعض الناس يذنب ويعترف بذنبه ويقول إن الله غفور رحيم ورحمته تعالى وسعت کل شيء، والحق إن رحمة الله وسعت كل شيء وعمت كل مخلوق في الدنيا ولكنه- سبحانه وتعالى- كتبها في الآخرة للمتقين الذين يتبعون أوامره ويجتنبون نواهيه ويخافون عذاب الآخرة. لا يطولن عليكم الأمد ولا يلهينكم الأمل، فإن كل ما هو آت قريب، واعلموا أنكم سوف تحاسبون على أعمالكم وتسألون فيما قضيتم أعماركم. واعلموا أن الدنيا مزرعة الآخرة فمن زرع خيرًا أثمر خيرًا ومن زرع شرًا أثمر شرًا، لا يقترن أحد منك بالحياة الدنيا فكمْ من صحيح شحيح يأمل الغنى ويخشى الفقر وهو ذو مال كثير وجاه كبير وصحة في بدنه وأمان في وطنه إلا وقد هجم الموت عليه واختطفه من بين أهله وأحب الناس إليه، فسرعان ما دفنوه وسووا التراب عليه وتركوه في قبره وحيدًا، فإن كان سعيدًا وسع له في قبره مد البصر وإن كان شقيًّا اشتعل قبره نار سقر قال الله تعالى: ﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ (فصلت : 46). اعلموا أن الصغيرة من الذنوب تكبر بالإصرار والمواظبة، ولذلك قيل لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار، وأن من يتهاون بستر الله عليه وعلمه منه وإمهاله إياه وهو لا يدري أنه إنما يمهل ليزداد بالإهمال إثمًا قال الله -عز وجل- ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف: 182). فيا عبد الله بادر بالتوبة قبل الممات، واعلم أن الحسنات يذهبن السيئات، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. وتب إلى الله توبة نصوحًا، والتوبة النصوح هي أن تقلع عن المعصية، وأن تندم على فعلها، وأن تعزم أن لا تعود إليها أبدًا، فإن فقدت هذه الشروط لا تُقبل التوبة. وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» (رواه الترمذي، وقال حديث حسن) والله الموفق. عبد الله عبد الرحمن آل سند
الرابط المختصر :