العنوان الإجهاض.. حرية الفاحشة والقتل تحت حماية الديمقراطية الغربية
الكاتب د. أحمد عيسى
تاريخ النشر السبت 21-يونيو-2008
مشاهدات 8
نشر في العدد 1807
نشر في الصفحة 26
السبت 21-يونيو-2008
الزيادة الثابتة في الإجهاض دليل على فشل مبدأ الحياة الأسرية والثقافة الجنسية وتنظيم الأسرة في بريطانيا
عدد الأجنة التي تتخلص منها أوروبا سنويا يزيد عن عدد سكان مالطا، ولكسمبورج، مجتمعتين فمن بين 6.4 مليون حالة حمل حصلت عام ٢٠٠٦ م فى هذه الدول تم التخلص من ١١٦ مليون.
خمس حالات الحمل في العالم تنتهي بعمليات إجهاض يجرى نصفها تقريبا في بيئة تهدد حياة الأم
٩٥% من حالات الإجهاض في أمريكا تتم كنوع من تحديد النسل ولا تزيد نسبة الإجهاض بسبب الاغتصاب عن 1% وبسبب أن الطفل قد يولد بإعاقة 1% وللخوف على حياة الأم
رسالة من طفل للشيخ القرضاوي: أشكرك بعد الله تعالى فقد كانت فتواك سبب حياتي ولن أنسى لك هذا الجميل ما حييت
في عالم حرية الفاحشة والديمقراطية الزائفة أصبح كل شيء جائزًا ومباحًا في الغرب، حتى وإن كان قتل الأجنة في بطون أمهاتهم، ليثبت باليقين أن بعد المرأة الغربية عن الدين والتحلل الأخلاقي، والانحراف الجنسي وإشباع الغريزة بأي ثمن.. هي نتاج الحرية والديمقراطية التي يتغنى بها الغرب دائمًا.
وفي وصف تفصيلي لجريمة بشعة حرمها الدين الإسلامي، تدخل أنبوبة في آخرها جزء حاد إلى الرحم تتصل بشفاط أقوى ٢٩ مرة من المكنسة المنزلية، تشفط أجزاء الجنين والخلاص المتهتكة إربا وتفرغ إلى أنبوبة تمتلئ بما كان مشروع طفل تكاد تتخيل قهقهاته وهو يجري فرحا، أو صراخه إذا تعثر، حيث سجل أحد المجهضين بعض حالات الشفط، وخلال صورة الموجات فوق الصوتية كانت دقات قلب الجنين تتضاعف، وفي لحظة القتل انفتح فم الجنين واسعا كأنه يصرخ؛ لذا سمى الشريط باسم «الصرخة الصامتة».
أو تدخل كحاتة حادة من الصلب تقطع وتهرس الجنين ومشيمته إلى قطع ودم ونزيف أو آلة تشبه الكماشة تدخل إلى الرحم لتلتقط ذراعًا أو ساقًا للجنين. ثم تلف الآلة لتنزع العضو من الجسم انتزاعا. ويتكرر ذلك والجنين غير مخدر، بل يشعر وقد تهشمت جمجمته وانقصم ظهره ويكون دور الممرضة أن تعيد تجميع أعضاء وأوصال الطفل الممزقة على صورته للتأكد من إخراجه كله!!
أو إبرة تدخل من خلال بطن «الأم» إلى قلب الجنين ليحقن بسم يقتله يستخدم في حالات التوائم للتخلص من أحدهما وحينما يموت الجنين يمتص إلى إخوانه وقد يموتون جميعًا.
أو يولد الجنين الحي في الشهر الخامس يسحبه من مقعدته، حتى إذا ظهرت مؤخرة الرأس أدخل مقص للجمجمة لعمل فتحة الأنبوبة تشفط المخ كاملاً، وحينئذ يخرج ميتاً من كان إذا ترك بضع أسابيع سيملأ الدنيا حوله بهجة وإشراقًا!
تلك صور للإجهاض المقنن، وهي ليست صورًا مقطوعة من أفلام الرعب.
فشل مبدأ الحياة الأسرية
وفي بريطانيا أفادت إحصاءات وزارة الصحة (1) أن نحو مائتي ألف حمل غير مخطط يتم إنهاؤه سنويًا في «إنجلترا» و«ويلز». ويشير النقاد إلى أن الزيادة الثابتة في الإجهاضات دليل على فشل مبدأ الحياة الأسرية والثقافة الجنسية وتنظيم الأسرة في بريطانيا!
وبعد كثير من الجدل رفض البرلمان البريطاني مؤخرا بأغلبية ٣٠٤ مقابل ۲۲۲ خفض الحد الأقصى لفترة الحمل التي يسمح خلالها بإجراء الإجهاض وأبقى الحد الأقصى عند ٢٤ أسبوعًا «على بعد أسبوعين فقط من ستة أشهر». وكان الجدل منصبًا على حرية المرأة من جانب وأنه إذا أغلق باب الإجهاض القانوني سيزيد الإجهاض في السوق السوداء، أما الجانب المناهض فيؤكد أن الأجنة تشعر بالألم قبل تلك الفترة، وأن بعض المواليد يكونون قابلين للحياة عند الأسبوع ۲۳ أو ۲۲، ومن بين آلاف حالة أجهضت ما بين ٢٠ و٢٤ أسبوعًا، فإن معظمهم قد يولد حيًا «٢٣00 بعد إبعاد الحالات التي يعاني الجنين أو الأم من مشكلات صحية خطيرة». وقد علقت إحدى عضوات البرلمان - «نادين دورس» على هذه العملية قائلة: «إن الإجهاض بعد ۲۰ أسبوعا من الحمل لا يحمل علامة المجتمع السليم، وأن المسألة بربرية محضة».
أرقام وإحصاءات
وبنظرة عامة على الأرقام والإحصاءات الخاصة بحالات الإجهاض على مستوى العالم، نجد أن عدد حالات الإجهاض في بريطانيا وصل إلى ۲۰۰ ألف حالة سنويا سبعة ملايين منذ بداية القانون عام ١٩٦٧م. بمعدل ٦٠٠ حالة يوميا، أما في أوروبا فحسب تقرير معهد سياسات الأسرة (٢) فإن واحدا من بين خمس حالات حمل في دول الاتحاد الأوروبي تنتهي بالإجهاض أي أنه يتم التخلص من جنين كل ٢٧ ثانية ووفقًا لهذا التقرير فإن عدد الأجنة التي تتخلص منها أوروبا سنويًا يزيد عن عدد سكان «مالطا» و«لوكسمبرج»، مجتمعتين، إذ إنه من بين ٦.٤ ملايين حالة حمل حصلت عام ٢٠٠٦م في هذه الدول، تم التخلص من 1.16 مليون منها، وبذلك يكون الإجهاض هو السبب الرئيس للموت في أوروبا.
وفي أمريكا (۳): بلغت 1.21 مليون حالة سنويا، بمعدل ۳۷۰۰ حالة يوميا، أي ٤٥ مليونا منذ صدور القانون عام ١٩٧٣م حتى ٢٠٠٥م، وعلى مستوى العالم أجمع بلغت ٤٥ مليون حالة سنويا، منها ٢٠ مليونًا خارج «القانون»، بمعدل ١١٥ ألف حالة يوميا، أي أن خمس حالات الحمل في العالم تنتهي بعمليات إجهاض تجرى نصفها تقريباً في بيئة تهدد حياة الأم، وفي أوروبا الشرقية انتهت نصف حالات الحمل بالإجهاض ويعتبر الإجهاض - بتفاوت في عمر الجنين قانونيا في ٧٩ دولة تمثل ٦١% من سكان العالم، وتمنعه ۷۲ دولة تمثل ٢٦% من سكان العالم، وتحدث غالبية حالات الإجهاض في الدول النامية. ويموت ثماني نساء كل ساعة من جراء عمليات الإجهاض (٨٦ ألف امرأة عام ٢٠٠٦م). ويدخل المستشفى ٥.٢ مليون نتيجة مضاعفات الإجهاض كل عام. تنتهي بملايين العاهات للأمهات (٤).
أسباب مختلفة
والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو:
ما الأسباب وراء إقبال عدد كبير من النساء على عمليات الإجهاض والتخلص من الجنين؟
هناك أسباب عديدة وراء تفشي هذه الجريمة البشعة، فإذا نظرنا إلى الأرقام والإحصاءات نجد أن هناك ٩٥% من حالات الإجهاض في أمريكا كنوع من تحديد النسل، ولا تزيد نسبة الإجهاض بسبب الاغتصاب عن 1% وبسبب أن الطفل قد يولد بإعاقة عن 1% وللخوف على حياة الأم عن 3% وفي بريطانيا 1% فقط بسبب أن الطفل قد يولد بإعاقة والملاحظ صغر أعمار النساء اللاتي يجهضن، فأكثر من النصف من أقل من ٢٥ سنة، و١٩% أقل من ٢٠ سنة (٢٦% في أفريقيا)، ونصف حالات الحمل في أمريكا غير مخططة، ومن كل ۱۰ تنتهي بالإجهاض، أي أن ثلث (35%) النساء سيجهضن ولو مرة قبل بلوغهن سن ٤٥ سنة، وثلثا حالات الإجهاض في أمريكا وقعت لنساء لم يتزوجن قط!
أسباب الإجهاض في أمريكا (٥)
والحقيقة أن هذه المناقشات والقوانين أغفلت الجانب الديني والإنساني في القضية ولم تعتبر بالخلق ونبض الأجنة ودقات قلوبها وإنما اعتبرت بقاءها على الحياة بواسطة الأجهزة الحديثة، فماذا عن التطور الذي يبشر بإنقاذ الأجنة الصغيرة في أعمار أقل؟ حتى في الحالات المرضية الشديدة مثل حالات السكري المميت أو تسمم الحمل إذا كان «الحمل» متقدمًا يجب أن يكون الهدف إنقاذ كل من حياة الأم وحياة الجنين «بالولادة المبكرة» وليس بالإجهاض.
كذلك أغفلت الديمقراطية أسباب الإجهاض التي شرحناها ولم تجد إلا 2% خوفًا على الأم والخوف من الطفل الذي يولد بإعاقة، وإنما جل الأسباب «دلع» وعدم تحمل مسؤولية كما في الجدول، هذا إذا كانت هناك أسرة أو شبه أسرة، أما حالات المراهقات فهي دليل على حصاد التحلل الأخلاقي والانحراف الجنسي وإشباع الغريزة بأي ثمن، ولم يشفع لصوت الدين أو العقل أن يدافع عنه ٤٣% من أعضاء البرلمان، أو بمعنى آخر بقي القانون كما هو رغم معارضة ٧٧ عضوا لكل ١٠٠ عضو وافق عليه.
كان على البرلمان أن ينظر إلى أسباب التحلل الاجتماعي الذي يقضى على آلاف الأرواح البريئة باسم الحرية، وألا يقف دائما في صف من يستخدمون القانون للعربدة والشهوة فما أسهل أن تأتي الفتاة لطبيبها وتقول: إنها لا تريد الجنين لأن «نفسيتها» متعبة ويكون هذا هو السبب القانوني، وعلى العكس فالدراسات تؤكد أن النساء المجهضات أكثر تعرضا للمشكلات النفسية مثل القلق والاكتئاب والنزوع إلى الانتحار.
السبب | النسبة |
تريد تأجيل الحمل | 25.5% |
غير قادر ماديًا | 21.3% |
وجود مشكلة في العلاقة أو الشريك لا يريد الحل | 14.1% |
صغر العمر أو اعتراض الوالدين أو غيرهما على الحمل | 12.2% |
وجود طفل سيعطل التعليم أو الوظيفة | 10.8% |
لا تريد أطفالًا (أكثر) | 7.9% |
الخطورة على صحة الجنين | 3.3% |
الخطورة على صحة الأم | 2.8% |
أسباب أخرى | 2.1% |
وللأسف فإن منطقتنا تشهد انسياقًا وراء الحرية المهلكة وتزايدًا في طريق الانحراف الجنسي والإجهاض، فتتحدث الصحف عما يقدر بعشرين ألف حالة اغتصاب في السنة بمصر، والحاجة إلى إجهاضهن، أي معالجة الخطأ بخطأ آخر، وعدم النظر في قضايا الدين والتربية والأخلاق، وتقدر الدراسات أن ١٥ من حالات الحمل في مصر تنتهي بالإجهاض، وإن كانت الغالبية من هذه الحالات (٨٦%) تقع قبل ١٢ أسبوعًا (٦).
وفي عام ٢٠٠٥م انتهى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بعد المناقشة إلى أن وثيقة بكين والاتفاقيات التي صدرت عن الأمم المتحدة إنما تعكس قلقا متزايدا على أوضاع المرأة في العالم، وقرر أن الزواج هو الطريق الوحيد لتكوين الأسرة، وأنه الوسيلة الوحيدة المقبولة لتلبية الاحتياجات الجنسية للشباب وتجنب الحمل خارج إطار الزواج الشرعي والوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا، ورفض المجلس ما يسمى بـ«الإجهاض الآمن»، وأنه لا يجوز إلا بشروطه التي حددها الفقهاء، كما طالب المجلس المؤسسات الدولية ألا تتدخل في الخصوصيات الثقافية والدينية للشعوب وأن يترك ذلك لاختيار هذه الشعوب بما يتناسب مع تعاليم دينها وثقافتها وهويتها الذاتية.
حديث «نفخ الروح» في البخاري
وقد حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق حيث قال: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه، وأجله، وشقي أم سعيد ثم ينفخ فيه الروح».
ولكل فتاة أو امرأة تفكر في الإجهاض أدعوها لقراءة هذه السطور يقول الشيخ القرضاوي (۷) «إن الأصل في الإجهاض هو الحرمة، وإن كانت الحرمة تكبر وتعظم كلما استقرت حياة الجنين، فهو في الأربعين الأولى أخف حرمة، فقد يجوز لبعض الأعذار المعتبرة، وبعد الأربعين تكون الحرمة أقوى فلا يجوز إلا لأعذار أقوى يقدرها أهل الفقه، وتتأكد الحرمة وتتضاعف بعد مائة وعشرين يوما، حيث يدخل في المرحلة التي سماها الحديث «النفخ في الروح» وفى هذه الحالة لا يجوز الإجهاض إلا في حالة الضرورة القصوى بشرط أن تثبت الضرورة لا أن تتوهم، وإذا ثبتت فما أبيح للضرورة يقدر بقدرها».
ويقول: «كما رأينا الشريعة توجب دية كاملة على من ضرب بطن امرأة حامل فألقت جنينا حيا، ثم مات من الضربة، نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على ذلك، وإن نزل ميتا ففيه غرة وتقدر بنصف عشر الدية، كما رأيناها تفرض على الضارب مع الدية أو الغرة كفارة، وهى تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين بل تفرضها هنا سواء كان الجنين حيا أو ميتا، قال ابن قدامة هذا قول أكثر أهل العلم، ويٌروى ذلك عن عمر رضى الله عنه، وقالوا: وإذا شربت الحامل دواء، فألقت به جنينا، فعليها غرة لا ترث منها شيئا، وعليها عتق رقبة وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته، وأما عتق الرقبة فهو كفارة لجنايتها وكذلك لو كان المسقط للجنين أبوه، فعليه غرة لا يرث منها شيئا، ويعتق رقبة «المغنى مع الشرح الكبير ٥٥٦,٥٥٧/٦»، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين توبة من الله وأكثر من ذلك ما قاله ابن حزم في المحلى في قتل الجنين بعد نفخ الروح فيه أي بعد مائة وعشرين ليلة، كما صح بذلك الحديث فهو يعتبره جناية قتل عمد كاملة موجبة لكل آثارها من القصاص وغيره».
ويحكي الشيخ القرضاوي واقعة كان أحد أطرافها، وقعت منذ بضع سنوات، فيقول قد استفتاني صديق يقيم في ديار الغرب إن الأطباء، قرروا أن الجنين في بطن امرأته الحامل لخمسة أشهر سينزل مشوها وقال: إنهم يرجحون ذلك ولا يوقنون، وكانت فتواي له أن يتوكل على الله، ويدع زمام الأمر إليه سبحانه، فلعل ظنهم يخيب، ولم أشعر بعد أشهر إلا وبطاقة تصل إلى من أوروبا تحمل صورة مولود جميل كتب أبوه على لسانه هذه العبارات المؤثرة عمي العزيز: «أشكرك بعد الله تعالى على أن أنقذتني من مشارط الجراحين، فقد كانت فتواك سبب حياتي فلن أنسى لك هذا الجميل ما حييت».
الهوامش
(1) Aortion Statistics. England and Wales: 2006 www.dh.gov.uk
(2) Evolution of birth rate 2008.www.ipfe.org
(3) Facts on Induced Abortion in the United States January 2008. Guttmacher Institute www.guttmacher.org
(4) Unsafe abortion the preventable pandemic. The Lancet Sexual and Reproductive Health Series. October 2006
(5) Reasons Why Women Have Induced Abortions Evidence from 27 Countries International Family Planning Perspectives Volume 24. Number 3. September 1998
(6)The Postabortion Caseload in Egyptian Hospitals A Descriptive Study International Family Planning Perspectives
Volume 24. Number 1. March 1998
(۷) الإجهاض بناء على تشخيص مرض الجنين- الشيخ القرضاوي ٢٠٠٦.
islamonline, net.www
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل