العنوان الإخوان المسلمون والانتخابات القادمة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 22-أغسطس-1995
مشاهدات 34
نشر في العدد 1163
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 22-أغسطس-1995
بقلم : جيمس ويتنجتون (*)
ما إن ينتهي المسلمون في كل يوم جمعة من أداء صلاة الجمعة حتى تعج شوارع مدينة القاهرة بملايين المواطنين المصريين من مختلف المشارب، فيتبادلون الحديث بعض الوقت، ثم يعودون إلى منازلهم، ومن ثم العودة إلى الحياة اليومية.
ومن بين هؤلاء من ينتمون إلى جماعة «الإخوان المسلمون» التي تعتبر من أكبر حركات المعارضة التي تم حظرها، وتطالب باستبدال الحكومة الحالية في مصر بنظام إسلامي، ويقوم أعضاء هذه الجماعة بنشر الأخبار وتوزيع المعلومات على مختلف الفئات الدينية وأماكن العمل والنشاطات الأخرى بغية كسب مؤيدين جدد .
وعلى الرغم من أن الجماعة تتعرض بين الحينة والأخرى للحظر، فقد تسامح معها الرئيس «حسني مبارك» إلى حد كبير، ولكن بما أن النظام يساوره الخوف من أن تسجل الجماعة أي مكاسب سياسية في الانتخابات البرلمانية المزعم إجراؤها في شهر (نوفمبر) القادم، فقد انقلب عليهم بشكل حاسم من شهر (يناير) الماضي.
وعلى الرغم من إمكانية توقع هذه النتائج قبل الانتخابات، فإن أعضاء الجماعة قد صرحوا بأنهم قد خططوا من أجل الكفاح في انتخابات هذه السنة على نحو أكثر ضراوة من أية سنة مضت، فقد دخلوا البرلمان مرتين في الثمانينيات تحت جناح أحزاب المعارضة المشروعة ، ثم قاطعوا الانتخابات التي أجريت في عام ( ١٩٩٠م)، وكان من المتوقع منهم أن يراهنوا هذه المرة على قرار الحكومة بسماح المرشحين بترشيح أنفسهم كأفراد بدلًا من قيد أنفسهم في قوائم.
وتحضيرًا للانتخابات القادمة، فقد أعادت جماعة «الإخوان المسلمون» في نهاية العام الماضي تنظيم صفوفها الداخلية الذي أسفر عن اختيار مرشحيها الأساسيين لقيادة حملتها الانتخابية، وفي محاولة منها لجذب أكبر عدد من أصوات الناخبين، فقد أعلنت الجماعة عن عزمها على عدم محاولة إجراء أي تعديل في الدستور المصري في حالة وصول أعضائها إلى مجلس الشعب.
غير أن عمليات الاعتقال التي استهدفت مئات الأعضاء البارزين، وكذلك من يتوقع منهم ترشيح أنفسهم في الانتخابات القادمة منذ مطلع هذه السنة - وازدادت أيضًا تلك العمليات في أعقاب محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس «حسني مبارك» في العاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» على يد إسلاميين مصريين، قد أضرت بخططهم، كما أثارت استياءً كبيرًا في أوساطهم.
وقد تم اعتقال حوالي (۲۰۰) شخص معظمهم من الشباب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمون، في نهاية الشهر الماضي في حملة تعتبر الأكبر من نوعها ضد جماعة الإخوان منذ اغتيال الرئيس أنور السادات في عام ( ١٩٨١م ) على يد إسلاميين من داخل الجيش.
ويقول بعض المعلقين في القاهرة: إن الإستراتيجية الجديدة التي تتبعها الحكومة حاليًا في منتهى الخطورة، وإنها قد تدفع المعتدلين من الأصوليين المصريين إلى تبني العنف.
وقد قارن الكاتب الإسلامي البارز فهمي هويدي في جريدة الأهرام اليومية تلك الاستراتيجية بالخطأ الذي ارتكبته الحكومة الجزائرية عندما أثارت حفيظة «جبهة الإنقاذ الإسلامي»، عن طريق إلغاء نتائج انتخابات عام (١٩٩٢م)، وأضاف «فهمي هويدي» قائلًا: إن الاختلاف في الأوضاع بين مصر والجزائر حتى الآن، يكمن في أن الحكومة المصرية دأبت على محاربة المتطرفين، وإذا مدت يدها لتشمل محاربتها المعتدلين، فإننا سنكون في وضع قريب للسيناريو الجزائري.
ويدور جدل ساخن في أوساط جماعة «الإخوان المسلمون»، حول كيفية التعامل مع هذا الوضع، وقبيل العمليات القمعية كان هناك جيل جديد من الأعضاء ينتظرون بفارغ الصبر تنحي زعماء الحركة من كبار السن، من أمثال السيد حامد أبو النصر- المرشد العام - ونائبه السيد «مصطفي مشهور» من رئاسة الحركة؛ لإفساح المجال لبعض الأعضاء الشباب لتولي القيادة، ولكن نظرًا لوجود بعض الخلفاء المحتملين من أمثال السيد «إبراهيم الزعفراني » و«السيد عصام العريان » خلف قضبان السجون، فإن عددًا كبيرًا من أفراد جيل الشباب ينادون إلى اتخاذ موقف أكثر مواجهة مع الحكومة.
ويقول السيد مأمون الهضيبي - وهو من الزعماء الكبار في الحركة -: «إن الأعضاء الشباب لا يزالون يشعرون بالضجر والإحباط، كما يساورهم الشعور بالإحباط، وإن التعايش لم يعد يجدي، وإن علينا أن نبحث من أين جاء هذا الشعور؟»
إن معظم أعضاء «الجماعة الإسلامية» التي شنت حرب عصابات ضد الحكومة منذ عام ( ۱۹۹۲م) من دون أن يكتب لها أي نجاح، قد اعترفوا بأنهم كانوا - في يوم من الأيام - أعضاء في حركة الإخوان المسلمون التي تركوها بحجة أنها معتدلة أكثر من اللازم تجاه الحكومة.
وعلى الرغم من أن حركة «الإخوان المسلمون»، كانت محظورة بصفة رسمية في عام ( ١٩٥4م) من قبل الرئيس جمال عبد الناصر، إلا أنها شهدت نموًا مند إنشائها في سنة ( ۱۹۲٨م) حتى أصبحت أكبر حركة معارضة شعبية في مصر، وأكثر الحركات الأخرى فاعلية، فقد لاقت تأييدًا كبيرًا لدى أوساط الناس العاديين من خلال اضطلاعها بأعمال خيرية، كما حظيت أيضًا بتأييد كبير لدى الطبقة الوسطى المثقفة المكونة من رجال التعليم والعاملين في الجمعيات المهنية ووسائل الإعلام والسلك القضائي.
وقد حاولت الحكومة في السابق أن تلتف حول الأصوليين، عندما اختارت التعامل مع المؤسسة الدينية المحافظة في مصر، وعلى وجه الخصوص الإمام الأكبر شيخ الأزهر تلك الجامعة الإسلامية العريقة التي تجاوز عمرها ألف سنة، وتقوم بإصدار فتاوى حول ما يمكن قراءته من الكتب ومشاهدته من الأفلام، كما تعطي المبررات حول وجوب ختان البنات.
ويقول «العلمانيون» في مصر: إن إجراءات الحكومة المتشددة بدلًا من أن تُضيِّق الخناق حول رقبة الإخوان، ساعدت على توسيع القواعد الانتخابية ل «الإخوان المسلمون» وغيرها من الحركات الإسلامية في مصر.
كما أشاروا إلى القضية المرفوعة مؤخرًا في المحكمة ضد د. نصر أبو زيد- وهو أستاذ في الجامعة- وتم إشهاره على أنه مرتد لكتاباته عن الإسلام، حيث اعتبروا هذا الحدث دليلًا على كيفية توغل الأصوليين في الهياكل العلمانية للدولة.
ويعتقد بعض الدبلوماسيين أنه بعد أن نجحت العمليات القمعية ضد المتمردين من «الجماعة الإسلامية» التي تم احتواؤها داخل مناطق صغيرة في منطقة الصعيد، باتت الحكومة مقتنعة بأن القبضة الحديدية هي الوسيلة الوحيدة في التعامل مع الأصوليين.
ومن أجل تبرير الإجراءات الجديدة، بدء المسئولون في الحكومة يشيرون إلى جماعة «الإخوان المسلمون» على أنها تنظيم «إرهابي» له علاقة بالجماعة الإسلامية والنظام الإسلامي العسكري في السودان الذي يتهمه النظام في مصر بأنه قام بتدريب المتهمين بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس «حسني مبارك» الأخيرة.
وحتى من بين النخبة المثقفة في مصر التي هي ضد الإسلاميين هناك مخاوف كبيرة من أن تؤدي عمليات القمع ضد الإخوان المسلمون إلى إعادة إحياء جماعات أخرى تتسم بالعنف مثل «الجماعة الإسلامية».
ويقول السيد «سعيد عشماوي» - الرئيس السابق لمحكمة أمن الدولة في مصر - والذي استهدفته حركة الإسلاميين: «إن الطريقة الوحيدة لكسر شوكة الإخوان المسلمون، تكمن في تعزيز المؤسسات القائمة، وتضافر الجهود من أجل العمل في المجالات الاجتماعية، حيث تسجل جماعة الإخوان المسلمون «مكاسب».
أما السيد «سعيد النجار» الذي يرأس مركز تفكير يسمى « المنتدي المدني الجديد » فيقول: «إن قيام الحكومة بإعاقة الديمقراطية هو أسوء خطأ ترتكبه الحكومة؛ لأنه لا يمكن مسايرة الإخوان المسلمون في لعبتهم، إلا عن طريق تشجيع مشاركة أكبر في العملية السياسية وعلى كافة المستويات، وطالما لم يتم ذلك فإنه مهما أقدمت الحكومة على حملة اعتقالات، فإن جماعة الإخوان ستواصل التهام نسيج المجتمع المصري».
« لقد أصبحت حركة «الإخوان المسلمون» أكبر حركة معارضة في مصر، وأكثر الحركات نشاطًا وفاعلية »
- « يشير المراقبون إلى أن قمع الإخوان المسلمين سوف يؤدي إلى بروز جماعات عنف جديدة »
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل