العنوان الإلحاد والعالم العربي... ضبابية الأرقام وواقعية الحضور
الكاتب علا عبدالحميد
تاريخ النشر الأربعاء 01-نوفمبر-2017
مشاهدات 14
نشر في العدد 2113
نشر في الصفحة 25
الأربعاء 01-نوفمبر-2017
حسب الإفتاء المصرية عام 2014م: عدد الملحدين بمصر 866 وبالمغرب 325 وتونس 320 والعراق 242
«جالوب»: أعلى نسبة إلحاد في الصين ومرتفعة في الدول الشيوعية السابقة ودول أفريقيا جنوب الصحراء
نسبة الذين لا يؤمنون بوجود الله أو يشككون فيه بلغت 32% في العراق
مئات من صفحات «فيسبوك» و»تويتر» للملحدين العرب جذبت آلاف المتابعين خلال السنوات الأخيرة
محاولات مواجهة الملحدين بدائية على مستوى التكتيك وسطحية على مستوى الطرح وغير مؤسسية
«مسألة الخروج من الدين ليست سهلة، بل تجربة صعبة، يشعر الشخص بثورة على كل شيء، يشتم الدين هنا وهناك، يحاول ارتكاب الرذائل ويسعى للبحث عنها على سبيل الاستكشاف، هذه الفترة قد تطول أو تقصر، أما أنا فقد تمكنت من عبورها سريعاً».. هكذا عبر أحد الشباب العربي موثقاً إحدى أهم فترات حياته وهي الانتقال من الدين إلى اللادين.. من اليقين إلى الشك.. إلى مرحلة «اللاأدرية».
إنه الإلحاد إذن، ضياع الهوية وإطلاق الشك، والتحلل من كل ما يظنه الملحد قيوداً داخل إطار الدين.
وبين ضبابية في الأرقام والإحصاءات، وواقعية ملموسة في الحضور داخل التجمعات وما تفرزه من نقاشات، يعيش العالم العربي حالة من عدم الفهم لما يمكن اعتباره ظاهرة الإلحاد في أوساط الشباب العربي.
فإلى أين وصل داخل وطننا العربي؟ وهل يمكن اعتباره ظاهرة؟ وكيف نفهم تلك الأرقام المتضاربة؟ وما تفسير انتشاره حسب بعض الإحصاءات في البيئات الأكثر التزاماً؟
في هذا التقرير نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة، من خلال رصد المساجلات حول أعداد الملحدين العرب، وما تمثله تلك المساجلات من عدم اعتراف بالواقع تارة ومن تهويله تارة أخرى، وفي الحالتين ما تفرزه من انصراف عن السؤال الحقيقي الذي ينبغي توجيه الجهود إليه وهو: كيف نواجه تلك الظاهرة؟
إحصاءات
ربما يفتقد عالم الإلحاد لإحصاءات حقيقية نظراً لحالة عدم القبول التي يقابل بها المجتمع العربي الملحدين؛ وبالتالي فإن إعلانهم عن أنفسهم يظل مستحيلاً، إما لخوف من البطش أو أن يكونوا منبوذين داخل مجتمعاتهم.
لكن الحضور الطاغي يكون حيث لا يعرف أحد أحداً، يعلن الملحد عن نفسه ليقول ما يشاء ويجهر بما يريد دون أن يعرفه أحد.. إنه عالم الإنترنت.
وقد ساعد لغط الإحصاءات وتناقضها في مزيد من الغموض، وعدم تركيز الجهود على طرق العلاج.
فمثلاً في يناير 2014م، أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريراً حول أعداد الملحدين في الوطن العربي، حيث قالت: إن عددهم في مصر 866 ملحداً، وفي المغرب 325، وفي تونس 320، وفي العراق 242، وفي السعودية 178، بينما كان عددهم 170 في الأردن، و70 في السودان، و56 في سورية، و34 في ليبيا، و32 في اليمن، وهو ما يساوي 2293 ملحداً بين سكان الوطن العربي البالغ عددهم وقتها قرابة 400 مليون نسمة.
وفي حين أثار تقرير دار الإفتاء كثيراً من الاستهجان لدى البعض بوصفه يقدم حصراً بدون آليات دقيقة، فإن آخرين تصوروا أن التقرير تعامل مع نشطاء الملحدين الذين جاهروا بإلحادهم، بعيداً عن قواعد جماهيرية كبيرة تتفاعل مع رؤاهم على صفحات التواصل الاجتماعي.
في حين كشفت دراسة أجراها “منتدى بيو فوروم للدين والحياة العامة” (Pew Forum)، وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص بالأديان والمعتقدات، في أكثر من 230 دولة، طوال عام 2010م وصدرت نتائجها عام 2012م؛ أن الإلحاد أصبح “الديانة” الثالثة من حيث العدد في العالم بعد المسيحية والإسلام.
وكشفت الخارطة أن أقل نسبة ملحدين موجودة في الشرق الأوسط، حيث لا يزيدون على 2% (مليونان ومائة ألف) من مجموع مليار ومائة مليون ملحد في العالم، لاسيمّا أن أكبر عدد مؤمنين ما زال في الشرق الأوسط.
أما البحث الذي أجراه معهد جالوب الدولي WIN-Gallup International عام 2012م في 57 دولة وشمل 50 ألف شخص بعنوان “مؤشر عام حول الدين والإلحاد”، فكشف أن 59% من المستجوبين مؤمنون مقابل 23% غير دينيين و13% كانوا ملحدين.
وأظهر البحث أن أعلى نسبة إلحاد توجد في الصين، وأن النسبة مرتفعة في الدول الشيوعية السابقة ودول أفريقيا جنوب الصحراء على غرار جنوب أفريقيا.
إلا أن المفاجأة كانت المملكة العربية السعودية حيث بلغت نسبة الملحدين 6%، على الرغم من أن المملكة تعتبر واحدة من أكثر البلدان الإسلامية حرصاً على تطبيق الشريعة.
وطبقاً لموقع “رصيف 22)”، ذكر باحثٌ أمريكي على موقعه أن نسبة الذين لا يؤمنون بوجود الله أو يشككون فيه قد بلغت 32% في العراق، في حين أفاد “تحالف الإلحاد الدولي” أن عدد أعضائه العرب تزايد بعد الثورات العربية (333 مصرياً و221 تونسياً).
كل هذا التضارب وعدم الوقوف على إحصاءات صحيحة موثقة جعل من الإلحاد عالماً خفياً، يصعب التعرف على مستويات انتشاره إلا من خلال تجمعات الملحدين، وهي بالضرورة تجمعات يمكن أن تكون وهمية وقابلة للتشكيك من باب كونها في العالم الافتراضي.
الوجود والتجمعات
«سنخلق عالمنا بأيدينا، انتهى عصر تكميم الأفواه، لن يستطيع أحد أن يقف أمام عالمنا الجديد، وسنكتسب كل يوم أعضاء جدداً في دنيانا البعيدة عن أيديكم».. تلك إحدى العبارات التي تمتلئ بها صفحات الملحدين العرب على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعد أحد أهم معايير قياس مدى تأثيرهم في دوائر الشباب العربي والإسلامي، مع كونها قابلة للتشكيك كما أسلفنا.
وفي محاولة للبحث عن تجمعات الملحدين العرب على الشبكة العنكبوتية، فإن هناك بحثاً أجرته “هيئة الإذاعة البريطانية” عن كلمة “ملحد” باللغة العربية والإنجليزية على شبكات التواصل، أظهر أن مئات من صفحات “فيسبوك” وحسابات “تويتر” التابعة لملحدين من العالم العربي جذبت آلاف المتابعين لها خلال السنوات الأخيرة.
وعلى موقع “فيسبوك” تحديداً هناك صفحات كثيرة أبرزها “شبكة الملحدين العرب” التي تضم 21407، وهناك “شبكة ومنتدى الملحدين العرب” التي تضم 74510.
وهناك صفحات محلية داخل الأقطار مثل “الملحدين التونسيين”، التي يتابعها قرابة 44373، و”الملحدين السودانيين” التي تضم تحديداً 2517 عضواً، بخلاف مئات المتابعين، وأيضاً “شبكة الملحدين السوريين” التي تضم أكثر من 4000 متابع.
وعلى “تويتر”، يتراوح عدد متابعي الحسابات التي يعلن أصحابها عن إلحادهم بين المئات والآلاف، فمثلاً يتجاوز عدد متابعي حساب “أراب أثيست” 8 آلاف متابع، وأغلب هؤلاء يتعاملون عبر حسابات وهمية لا يعلنون فيها عن شخصياتهم الحقيقية، وهناك العديد من المدوّنين كالإماراتي أحمد بن كريشان، أو البحريني الشهير محمود اليوسف وغيرهم.
الظهور على الشاشة
وهناك محاولات للظهور العلني بعيداً عن مواقع التواصل، فعلى «يوتيوب» أنشأ بعض الملحدين العرب العديد من القنوات التي تجذب آلاف المشتركين، وغالباً ما ينشر أصحاب هذه القنوات مقاطع فيديو ضد الدين الإسلامي تحمل عناوين مثل «خرافات الدين» مثلاً.
وفي مكان آخر على شبكة الإنترنت أطلق بعض الشباب العربي قناة تلفزيونية على الإنترنت تسمى “العقل الحر”؛ تعرف على أنها “إحدى وسائل الإعلام العلمانية عبر الإنترنت التي تهدف إلى تقديم أخبار بعيدة من هيمنة الرقابة الدينية والحكومية إلى شعوب الشرق الأوسط والعالم”.
وهناك قناة أخرى اسمها “الملحدون بالعربي”، تهدف، بحسب ما جاء على موقعها، إلى نشر الوعي العلمي والثقافي والتفكير النقدي وتعتمد على جهود فردية من مجموعة ناشرين ومحررين ومشاركين.
المواجهة.. كيف تكون؟
هذا الزخم الذي يمكن أن يلحظه المتابع لنشاطات الملحدين على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، تواجهه على الطرف الآخر محاولات لمواجهته بالنقاشات، لكنها تغلب عليها دائماً الفردية.
وفي هذا الإطار، يؤكد علاء الصياد، الخبير في مجال إدارة التفاعلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن هذه المحاولات بدائية على مستوى التكتيك وسطحية على مستوى الطرح وغير مؤسسية على مستوى إستراتيجية التعامل.
وأشار الصياد إلى وجوب “مأسسة” هذه المحاولات للحصول على نتائج ملموسة تراعي طبيعة كل شريحة يتم النقاش معها.
وقال: إن الملحد حينما يطرح شبهاته فإنه لا يلتزم بسقف معين، وبالتالي يجب على من يتعرض للنقاش في مثل تلك الوسائل أن يكون على درجة من الوعي والاطلاع على علوم مختلفة تمكنه من فهم سياقات هذه الشبهات وتاريخها ونفسيات مصدريها.
وأشار إلى أن إدراكات هؤلاء الشباب ليست واحدة، وإنما متعددة بتعدد أسباب إلحادهم، حيث منهم الناقم على خطاب متشدد، ومنهم غير المؤمن بالرسالات مع إيمانه بالإله، ومنهم ضحل الفكر والثقافة الذي دخل إلى عالم الإلحاد كموضة اقتضتها بيئته الجديدة داخل الجامعة أو غيرها، وبالتالي فلابد للمتصدين لهذه الموجات من إدراك الفوارق بين هؤلاء جميعاً؛ لأن كلاً منهم يحتاج بالضرورة إلى ردود ومداخل مختلفة.
ولفت الصياد إلى ضرورة استخدام ما يتيحه الوسيط “الإنترنت” من وسائل يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في إطار النقاشات المختلفة بعيداً عن الوسائل التقليدية، قائلاً: يمكن إنتاج أشكال معروفة كـ”الإنفوجراف” أو “الفيديوجراف” أو أي من الوسائل التي يمكنها إيصال الرسالة بعيداً عن نقاشات مباشرة تؤدي في بعض الأحيان إلى صدامات تحركها نوازع الانتصار للنفس وعدم البحث عن الحقيقة المجردة.
وقال: غرف “البالتوك” التي كانت في فترة من الفترات إحدى ساحات المواجهة والنقاش خير دليل على فشل ذريع منيت به مجموعات المواجهة لأسباب تتعلق بعدم المؤسسية وعدم الحرفية في الدفاع عن القضية التي يتم التحاور فيها.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
القائد الأفغاني العسكري الشيخ فيض الله للمجتمع: الروس يريدون تخفيف الاستنكار العالمي وخداع الشعب الأفغاني
نشر في العدد 778
22
الثلاثاء 05-أغسطس-1986
مشكلة الأجانب في أوروبا- الدول الأوروبية تشدد القوانين الخاصة بالهجرة والجنسية
نشر في العدد 1190
18
الثلاثاء 05-مارس-1996