العنوان باكستان.. بنازير بوتو والفرصة السانحة
الكاتب رأفت يحيى العزب
تاريخ النشر الثلاثاء 07-ديسمبر-1993
مشاهدات 13
نشر في العدد 1078
نشر في الصفحة 43
الثلاثاء 07-ديسمبر-1993
مثل العربة الَّتي تجرها ثلاثة خيول تحكم باكستان ثلاث قوى أساسية هي الجيش ورئيس الدولة ورئيس الوزراء. وعلى قدر الصلاحيات الَّتي تتمتع بها كل قوة والتي لا تأخذ دائمًا صفة الثبات، وعلى قدر الصلاحيات الَّتي تتمتع بها كل قوة والتي لا تأخذ دائمًا صفة الثبات، وعلى قدر الانسجام والتناغم فيما بينها يتحدد استقرار العملية السياسية في البلاد.
وباستثناء الحقبة التاريخية القصيرة الَّتي أمضاها محمد على جناح مؤسس الدولة فقد شهدت العلاقة بين القوى الثلاث حالات مد وجذر، وشد وجذب وصلت إلى حد التدخل العسكري حينًا كما حدث في عام ٥٨ على يد الجنرال أيوب خان أو ٦٩ على يد الجنرال يحيى خان، وعام 77 على يد الجنرال ضياء الحق... وحينًا آخر عن طريق تدخل رئيس الدولة وحل الحكومة والبرلمان كما حدث عام ٨٥ الحكومة جونيجو على يد ضياء الحق، وعام ٩٠ لحكومة بي نظير بوتو، وعام ٩٣ لحكومة نواز شريف في عهد الرئيس الباكستاني السابق غلام إسحاق خان، وفي كل الحالات كان الجيش حاضرًا وفي أغلب الحالات كان الدستور عرضه للتعديل والتبديل، ففي عام ۱۹۷۳ أقدم رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق على بوتو على وضع دستور جديد للبلاد خواه صلاحيات عديدة جردت معها رئيس الدولة من كل الامتيازات الَّتي كان يتمتع بها هذه الصلاحيات هيأت لعلي بوتو الأجواء القانونية المناسبة لإجراء تعديلات جوهرية في سياسات البلاد الأمر الَّذي آثار أغلب القوى السياسية والدينية في باكستان ضد سياسات على بوتو الَّذي أقدم على تزوير انتخابات عام ۱۹۷۷ وهنا تزايدت الأزمة تعقيدًا فتدخل الجيش وكان طبيعيًا أن يجري الرئيس الجديد الجنرال ضياء الحق تعديلات دستورية معاكسة جردت رئيس الوزراء من أغلب صلاحياته وكان من أبرز التعديلات ما عرف بالتعديل الثامن الَّذي أستخدمه ضياء الحق عام ١٩٨٥ عندما حل حكومة جونيجو.. وعقب اغتيال ضياء الحق في حادث طائرة عام ۱۹۸۸ ورث غلام إسحاق التعديل الثامن الَّذي سنه ضياء الحق فأستخدمه ضد بنازير ونواز على التوالي. وعلى إثر ذلك
جرت انتخابات برلمانية في أكتوبر الماضي تمكنت بنازيز بوتو من العودة للسلطة من جديد لكنها ظلت تترقب الانتخابات الرئاسية الَّتي كان مقررًا لها شهر نوفمبر الراهن. فأعدت لها المدة بذكاء فعقدت تحالفات مع مختلف القوى السياسية خاصة في إقليم السند مع حزب المهاجرين القومي وعلى الجناح المنشق على نواز شريف والمعروف بجماعة جونيجو كما وثقت علاقتها بحزب البلوشي القومي الَّذي يترأسه بوجيت بالإضافة إلى جمعية علماء الإسلام الَّتي يرأسها فضل الرحمن. وقد أثمرت هذه التحالفات عن انتصار ساحق السردار فاروق ليغاري مرشح حزب الشعب الباكستاني على منافسه وسيم سجاء مرشح حزب الرابطة الباكستانية الَّتي يرأسها نواز شريف الأمر الَّذي أعتبره المراقبون سابقة في تاريخ باكستان إذ لم يحدث أن أجتمع رئيس الدولة ورئيس الوزراء من حزب واحد داخل الترويكا الباكستانية الحاكم وهو ما يعني باختصار تجنيب بي نظير بوتو أحد أهم عناصر القلق والتوتر الَّتي لازمتها أبان فترة حكمها الأولى من ۸۸- ۸۹ في عهد غلام إسحاق خان الَّذي جعل من التعديل الثامن سوطًا مسلطًا على رقبة رئيس الوزراء. ومن هنا فإن التعديل الثامن حتى ولم يعد النظر في دستوريته فإنه سيصبح عنصر غير فاعل في يد رئيس الدولة الَّذي ينتمي حزبيًا إلى رئيسة الوزراء.
ونظرًا لأن رئيس الدولة يتمتع بحق اختيار رئيس الأركان وقادة الأفرع فهذه الصلاحية سوف تزيل مخاوف الحكومة من أي خطر يمكن أن يشكله الجيش على مستقبل الحكومة، فسوف يحرص رئيس الأركان الحالي على تعزيز علاقته برئيس الدولة استنادًا إلى الصلاحيات الَّتي يتمتع بها.
ومن أهم الصلاحيات الأخرى الَّتي يتمتع بها رئيس الدولة الباكستاني أيضًا حق تعيين حكام الأقاليم الأربعة الذين يشكلون في أقاليمهم ما يوازي منصب رئيس الدولة في المركز فلهم حق حل البرلمان وفصل رئيس وزراء الحكومة الإقليمية.. وبالتالي فإن رئيس الدولة سوف يضمن إذعان الحكومات الإقليمية الَّتي لم تشكل من حزب الشعب للحكومة الفيدرالية وإن كان هناك حكومة واحدة هي الَّتي شكلها نواز بالتنسيق مع حزب العوام في إقليم سرمد. ولا تقف الفرص الَّتي تهيأت لبنازير بوتو والأجواء الَّتي ساهمت في تشكيلها عند نجاح فاروق ليفاري مرشح حزبها في الانتخابات الرئاسية، فقد أمنت لنفسها وضعًا أكثر استقرارا في إقليم السند المضطرب عندما نجحت بالفعل في إبرام صفقة مع حزب المهاجرين القومي هناك ترتب على أساسها إن أيد المهاجرون القوميون بنازير بوتو في الانتخابات الرئاسية نظير بعض الامتيازات في الحكومة الإقليمية بالسند وقد صفق الجيش لهذه الخطوة الَّتي أعتبرها نهاية للأزمة الَّتي شهدها الإقليم في العامين الأخيرين.
ولا تقف الفرصة السانحة لبنازير بوتو عند مجرد الظروف المحلية في البلاد ولكن هناك شبه إجماع على أن الظروف الإقليمية والدولية ترحب ببنازير بوتو باعتبارها النموذج الديمقراطي الملائم الَّذي يمكن أن يلتقي معها حول كثير من القضايا. وهذا يعني في الأخير أن مستقبل استمرار بقاء بنازير بوتو في السلطة لفترة طويلة أمر من الممكن تحقيقه هذا إذا نجحت في استثمار هذه الفرص السانحة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
حَياة شودَري غلام محمد.. سيرة عَلم من أعلام الإسلام في بَاكستان
نشر في العدد 1
851
الثلاثاء 17-مارس-1970