; بدون تعليق!! وعلى الهواء مباشرة!! | مجلة المجتمع

العنوان بدون تعليق!! وعلى الهواء مباشرة!!

الكاتب د. توفيق الواعي

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1999

مشاهدات 13

نشر في العدد 1373

نشر في الصفحة 49

الثلاثاء 26-أكتوبر-1999

أصبحت النوايا الخبيثة، والمؤامرات المفضوحة تملأ الصحف، وتعبئ الأثير، وتشغل الأجواء، ويتحدث عنها القاصي والداني، وصار العدو يملي سياسته المعلنة على الأمة جهارًا نهارًا، وهذا ولا شك ليس في مصلحتنا لا أفرادًا ولا شعوبًا ولا سلطات، لأن العدو في حقيقة أمره لا يريد استقرارًا للمنطقة أو ازدهارًا، ولا يحب لحكامها أو سلطاتها نجاحًا أو فلاحًا، كما لا يريد لطاقاتها الفاعلة أن تشارك في بناء أمتها ونهضتها، ولهذا دائمًا يدفع إلى الوقيعة بنفسه أو بأعوانه بين المبدعين والعاملين والمخلصين في الأمة وبين رؤسائهم وحكامهم، لتظل شعلة الصراع متقدة، وحرائق الطاقات مستمرة، ولا عزاء للأمة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يدفع العدو بنفايات بشرية، وبصراعات هستيرية، وثقافات إباحية، تذيب ما تبقى في الأمة من عزائم، وما تجمع عندها من تطلعات، وتحمي ذلك كله بقوانين وسلطات وصحف وأقلام، ثم بمؤسسات تتذرع بحرية الرأي، وحقوق الإنسان.

أما المبدعون والمخلصون والعاملون فتشرع لهم، وتفصل على مقاسهم القوانين لقطع رقابهم، واستئصال شأفتهم، واليوم قد بلغ هذا الأمر مبلغًا حرك الأقلام الشريفة، والصحف الحرة، وأثار الحمية، ووجه ألسنة النقد لهذه السياسات الخرقاء التي تترسم خطى العدو، وتتحرك بتعليمات منه، ونحن ننقل بعضًا من ذلك وبدون تعليق:

ذكرت وكالة «قدس برس»: أفادت مصادر التحقيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية حاكمت طلبة فلسطينيين بتهمة حضور محاضرات وندوات أقامتها جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن، وأبلغت تلك المصادر مراسل الــ «قدس برس» أن أكثر من عشرين معتقلًا أدخلوا مؤخرًا إلى سجن مجدو الإسرائيلي كانوا قد أتموا دراستهم في الأردن على مدار عدة سنوات سابقة، حيث جرى التحقيق معهم حول مشاركتهم في أنشطة ثقافية نظمتها جماعة الإخوان المسلمين في الجامعات الأردنية، ووفقًا للمصادر نفسها فإن لوائح اتهام المعتقلين قد تضمنت عبارة «حضور محاضرات لجماعة الإخوان المسلمين» وهي منظمة خارجة عن القانون من وجهة نظر الادعاء الإسرائيلي.

أما من وجهة نظر الادعاء العربي:

فقد نشرت الجرائد المصرية في 10 أغسطس عام 1999 م خبرًا يقول فيه المستشار هشام سرايا المحامي العام: إن التحقيقات الأولية كشفت تورط 20 شخصًا في الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والخارجة عن القانون، وقد ضبطت في حوزتهم عددًا من الكتب الدينية مثل كتاب: نحو النور للشيخ البنا، وكتاب محاضرات الثلاثاء - وكلها تباع في المكتبات العامة - كما ضبطت معهم عددًا من الأشرطة لمحاضرات بعنوان: موقفنا من الحضارة الغربية لمحمد قطب، والدعوة إلى الإسلام للقرضاوي، وملامح الحل الإسلامي لعبد الكريم زيدان.

وتعلق على هذا جريدة «الحقيقة» المصرية بتاريخ 12\10\1999 م فتقول: وقراءة سريعة على هذا الخبر نخلص إلى ما يلي:

أولًا: من المؤسف حقًا أننا ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين ما زال النظام يتعامل مع التيارات السياسية التي لها قواعد شعبية كاسحة، وتعمل في العلن على أنها تنظيمات سرية، رغم أن تلك التيارات وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين قد أعيتها الحيل في ممارسة حقها السياسي على وجه علني من خلال قنوات شرعية رسمية، ورغم أن النظام الحاكم اعترف بهذا الوجود العلني لها في أكثر المناسبات، وقد شاركت الجماعة في مجلس الأمة، والمجالس البلدية، والنقابات، وكل مؤسسات الدولة، ولكن هناك جهات معينة تريد استمرار الصراع بين الشعب والحكومة، حتى تظل القوى الفاعلة في الأمة في قفص الاتهام وتحت طائلة العقوبة.

ثانيًا: ومن المؤسف حقًا أن يجرم الفكر الإسلامي - المعتدل - في نظر أجهزة أمن الدولة، وأن تتحول الكتب والشرائط الإسلامية إلى أدوات محرمة ومجرمة، في الوقت الذي تنشر فيه كتب وشرائط الإلحاد والفجور والسحر والشعوذة والخلاعة والمجون، والفيديو كليب الداعرة، وتذاع جهارًا نهارًا في أجهزة الإعلام الرسمية، وتباع على الأرصفة، كان يجب أن يكون رد المحامي العام معبرًا عن ضمير الأمة ودينها وعقيدتها الإسلامية لا عن ضمير توجهات معادية ومشبوهة، لكن الذي يحدث هو العكس للأسف الشديد، فمصادرة صورة خليعة أو كتاب ساقط أو قصة لكاتب رقيع يثير حفيظة جمعيات حقوق الإنسان، ومعالي السادة المدافعين، عن حرية الرأي والتعبير، أما مصادرة الفكر الإسلامي ممثلًا في جماعة أو جمعية أو كتاب، أو شريط، فعرض مباح، ودم مستباح.

ثالثًا: من الأشياء التي تغيظ وتوجع القلب أن أجهزة الأمن ونيابة أمن الدولة فتشت في المجتمع المصري فلم تجد سوى بعض الشباب الذي يجتمع على محبة الله والدعوة إلى الإسلام والتفقه في الدين لكي تقبض عليهم، في الوقت الذي تترك فيه الإباحيين يمارسون فجورهم دون رادع يردعهم.

والشيء بالشيء يذكر، فقد نشرت نفس الجريدة وفي نفس الصفحة هذا الخبر الذي نضعه بين أيدي الذين سمحت ضمائرهم بالقبض على الشباب المسلم ومصادرة الكتب والأشرطة الإسلامية، فقد كتبت الصحيفة تحت عنوان: «عجائب مارينا»: ناد لعاريات الصدور، ويقع هذا النادي - كما يقول الخبر - بجوار شاطئ نادي السيارات، ويستقبل زبائنه من السيدات والرجال بداية من الرابعة عصرًا، والمشروب الرسمي هو: الويسكي!!

وخبر آخر يؤكد أن الممثلة «...» اشترت مجموعة كبيرة من المايوهات الساخنة، والملابس الداخلية المولعة، وأنها تقدم يوميًا عروضًا لتلك الملابس في فيلتها بمارينا؟.. إلخ.

ما رأيك يا سيادة المحامي العام، وما رأيك يا سيادة النائب العام؟.. لماذا تحرسون مسابقات النخاسة والعرى والخلاعة؟ ولماذا تحرسون الكباريهات، والخمارات، وشواطئ العراة، وتمنحونها شرعية الوجود في مجتمع يؤمن بالله ويدين بشريعة الإسلام التي تحرم العورات، بل وتحرم مجرد النظر إليها؟ ولماذا لا تمارسون حقكم في حماية المجتمع مما يهلكه ويبدد قواه؟ ألستم مؤمنين بالله وبشريعته، وبمحمد صلى الله عليه وسلم هاديه ورسوله؟!.

ثم ما هذه الكراهية التي تحملونها للشباب المسلم، وللنشاط الإسلامي، والكتب، والشريط الإسلامي، والزي الإيماني، لماذا تحرم كل أنشطة الشباب الإسلامية التي تعبر عن ضمير الشعب، بينما تسمحون للأندية الماسونية، والروتاري، والليونز، وغيرها من الأندية والتنظيمات الدولية المشبوهة تمارس ما تشاء من أنشطة، دون أن يجرؤ أي منكم على محاسبتها أو مجرد الاقتراب منها، وكثير من كبار القوم متورطون فيها، ولماذا تتركون غير المسلمين يمارسون مختلف أنشطتهم التربوية والفكرية والثقافية دون أن تقدموا على مجرد التحرش بهم، أو مراقبتهم ؟ لماذا المسلمون وحدهم هم الذين يمنعون، ويسجنون، ويعذبون إذا مارسوا في بلادهم الإسلامية شعائر دينهم وأنشطتهم؟ أليست هذه عجيبة وغريبة؟ بل هي في الحقيقة كارثة يعيشها الجميع، وتذوب منها أفئدتهم وقلوبهم، ولا تحتاج إلى بيان أو تعليق، لأنها تصل إلى النفوس على الهواء مباشرة كل وقت وأوان وحين!!.

الرابط المختصر :