; بلدوزر الكراهية يجرف تاريخ مسلمي الهند ويمهد لإبادتهم | مجلة المجتمع

العنوان بلدوزر الكراهية يجرف تاريخ مسلمي الهند ويمهد لإبادتهم

الكاتب محمد سرحان

تاريخ النشر الاثنين 01-أغسطس-2022

مشاهدات 13

نشر في العدد 2170

نشر في الصفحة 41

الاثنين 01-أغسطس-2022

 بلدوزر الكراهية يجرف تاريخ مسلمي الهند ويمهد لإبادتهم

المفكر الإسلامي الهندي ظفر الإسلام خان في حوار لـ»المجتمع»:

الإساءة للرسول جزء بسيط من مشروع غلاة الهندوس الذين يريدون محو الإسلام وشيطنة المسلمين

الهندوس يحذفون من الكتب الدراسية والتاريخ ما يشيد بالحكم الإسلامي وإظهاره بالظالم

الأحزاب السياسية باستثناء الشيوعية والإسلامية الصغيرة استسلمت للتيار الهندوسي

لأول مرة لا يوجد نائب مسلم بصفوف الحزب الحاكم في البرلمان المركزي والمجالس التشريعية

لا ننتظر شيئاً من الدول العربية والإسلامية التي خذلت فلسطين والروهنجيا والإيغور

يهدمون بيتك لمجرد رفضك الإساءة لنبيك، ثم يقتادونك إلى السجون، وليس البيت وحده ضحية سياسة البلدوزر التي باتت تتبعها السلطات الهندية ضد المسلمين، بل إن بلدوزر الكراهية أشد ألماً وأعمق تأثيراً؛ حيث أصبح يجرف تاريخ المسلمين الذين حكموا هذه البلاد لقرون وبنوا حضارتها، ويحرق مساجد ومحلات المسلمين وبيوتهم.

في ظل هذا الواقع المؤلم والكراهية التي تشتد، تتضاعف معاناة المسلمين في الهند، وتسود مرارة الاضطهاد والتضييق التي تؤرق اطمئنانهم منذ سنوات، خاصة مع وصول حزب الشعب الهندي «بهاراتيا جاناتا» إلى السلطة منفرداً عام 2014م، ولفهم مناخ الكراهية ضد مسلمي الهند ودوافع ومظاهر المشروع الهندوسي المتطرف في هذه السياسة إزاء المسلمين، كان لنا هذا الحوار مع المفكر الإسلامي والكاتب الصحفي د. ظفر الإسلام خان.

نشاهد ازدراء للإسلام واستهداف المسلمين والتضييق عليهم، ماذا يحدث في الهند؟

- الحركة الهندوسية السياسية، التي تعرف بـ»الهِندُتْوا»، تمكنت للمرة الأولى من الحكم في الهند بإحراز الأغلبية الواضحة في البرلمان في مايو 2014م، وبدأت منذئذ في تنفيذ برامجها التي تتلخص في توحيد الهندوس تحت مظلة واحدة، وخلق تاريخ يفتخرون به، وتهميش المسلمين باعتبارهم عنصراً خارجياً؛ لأن ديانتهم نشأت خارج الهند.

وقد كانوا لا يخفون هذه البرامج في السابق، ولكن قبل اكتساحهم في الانتخابات قبل 8 سنوات كانوا قوة هامشية، بينما الأحزاب الأخرى، خصوصاً حزب المؤتمر الهندي، كان يؤمن بالعلمانية والمساواة بين كل المواطنين، ورغم وجود مشكلات ومحن كثيرة قبل مجيء الحكومة الحالية (حكومة حزب بهاراتيا جاناتا)، فإن الساحة كانت مفتوحة أمام المسلمين ليقولوا كلمتهم ويحتجوا ضد سياسات يرونها مجحفة في حقهم، وكان لهم تمثيل في مختلف الأحزاب.

هذا كله تغير الآن؛ فلا تمثيل سياسياً للمسلمين، ولا يحق لهم التظاهر، ولو فعلوا تخرج البلدوزرات لتهدم بيوتهم، لقد ضاق هامش الحرية والحركة في السنوات الثماني السابقة إلى حد مخيف؛ فالحكومة الحالية لا تعبأ بالمسلمين ولا تستمع إليهم على عكس الحكومات السابقة.

وقد وقعت أحداث جسام في ظل الحكومة الحالية برئاسة «ناريندرا مودي» مما لم يكن ممكناً في ظل الحكومات السابقة؛ مثل قتل المسلمين على الهوية بتهمة أكل لحم البقر، أو الحرب على «الحلال» والحجاب، ومحاربة المسلمين بتهمة نشر الدين الإسلامي أو الزواج بهندوسيات.. إلخ، وأخيراً جاء البلدوزر ليهدم بيوت المسلمين لو رفعوا صوتهم وخرجوا في مظاهرات؛ ما يعني دخول الهند في عهد قانون الغاب؛ لأن هدم منازل المسلمين يتم بدون إجراءات قضائية.

انطلاقاً من الإساءة للرسول الكريم، هل نحن أمام مشروع هندوسي يستهدف المسلمين؟

- الإساءة للرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم جزء بسيط من مشروع غلاة الهندوس الذين يريدون محو الإسلام وحظر تداول القرآن الكريم وشيطنة المسلمين ومحوهم وإبادتهم.

وهذه الأمور ليست سرّاً، بل يقولها غلاة الهندوس علانية، ويذيعون فيديوهاتهم بدون حياء أو خوف، وإن كان العالم وخصوصاً العالم الإسلامي الذي يوجد لكل بلد به سفارة في الهند، ظل يتجاهل هذه الإشارات التي تصدر منذ سنوات، وهناك آلاف من الفيديوهات المنتشرة التي يعلنون فيها هذه المزاعم.

ما ملامح أو أركان هذا المشروع الهندوسي؟

- المشروع الهندوسي يتلخص في أنهم يريدون توحيد الهندوس المشتتين عبر عشرات من الأديان الفرعية، كما يسعون لخلق ماض وهمي ليفتخروا به، يزعمون من خلاله أن الهند القديمة كانت تتمتع بكل شيء كالطيران والصواريخ والطب.. إلخ.

ويقومون بتزييف التاريخ والكتب المدرسية لينشأ جيل جديد يؤمن بهذه الخرافات، كما يحذفون من الكتب الدراسية وكتب التاريخ ما يشيد بالحكم الإسلامي الطويل؛ لإظهار أن الحكام المسلمين كانوا ظلمة لم يفعلوا شيئاً سوى ظلم الهندوس ونهب ثرواتهم واغتصاب نسائهم!

في كتابك «حركة القومية الهندوسية»، تحدثت عن «الهندتوا» والقومية الهندوسية كونها حركة سياسية، ما الأطراف التي تمثل مشروع هذه الحركة في الهند حالياً ودوافع كل منها؟

- حركة القومية الهندسية لها تيارات كثيرة، إلا أن التيار الأقوى والأكثر تنظيماً وتفاعلاً هو الذي توحد تحت لواء «RSS»، وهي منظمة كبيرة للغاية، بل هي مثل أخطبوط يضم مئات الأفرع ومنها حزب الشعب الهندي الذي يحكم الهند حالياً، كل هذه الفروع تعمل في مجال عملها المحدد مثل التوعية ونشر الثقافة، ونشر المطبوعات، وكتابة التاريخ، وإنشاء المدارس، ونشر الفكرة الهندوسية بين القبليين والمنبوذين، ومليشيات مسلحة لتنفيذ خطط الحركة الهندوسية وتخويف أعدائها.. إلخ.

الهند في ظل حكم حزب الشعب الهندي منذ عام 2014م، ما الذي تغير؟

- بعد مايو 2014م، بدأ حزب الشعب الهندي يحكم البلاد دون استعانة بحلفاء سياسيين كانوا يكبحون سياساته وخطواته كما حدث سابقاً حين حكم هذا الحزب خلال سنوات 1999 - 2004م، وقد تغير الأمر هذه المرة حين حاز الحزب على غالبية مقاعد البرلمان المنتخب، وبالتالي أصبح حراً في أن يفعل ما يريد، واتخاذ السياسات والإجراءات التي تخدم المشروع الهندوسي.

أين بقية المكونات والأحزاب السياسية في الهند مما يحدث؟

- بقية المكونات أو الأحزاب السياسية، باستثناء الشيوعية والإسلامية الصغيرة، استسلمت للتيار الهندوسي، وهي تؤمن الآن بما يسمى بـ»الهندتوا الرخوة» التي تعني أن هذه الأحزاب لن تقوم بشيء أو تقول شيئاً يغضب الهندوس، فهذه الأحزاب بالتالي تساير الآن سياسات حزب الشعب الهندي، وقليلاً ما ترفع صوتها ضد سياساته إزاء المسلمين.

ما تداعيات هذا المشروع على مسلمي الهند حتى الآن؟

- يجد مسلمو الهند أنفسهم مهمّشين، لا صوت لهم، لا أحد يستمع إليهم في الأحزاب السياسية وخصوصاً الحزب الحاكم الذي يتجاهلهم تماماً، لدرجة أنه لأول مرة في تاريخ الهند لا يوجد نائب مسلم واحد في صفوف الحزب الحاكم على مستوى البرلمان المركزي أو المجالس التشريعية بالولايات التي يحكمها هذا الحزب! لقد تم تهميش مسلمي الهند سياسياً في ظل هذه الحكومة، وهو ما كانت تريده أصلاً وتصرح به من البداية.

ماذا يملك مسلمو الهند من أدوات في مواجهة هذا المشروع الهندوسي؟

- لم يعد أمام مسلمي الهند سوى الدعاء والتضرع إلى الله تعالى، بعد أن سدّت كل الأبواب أمامهم، فحتى الاحتجاج السلمي بات الآن ممنوعاً، ولو حدث وخرج المسلمون في فعاليات احتجاج سلمية؛ تخرج البلدوزرات لتعاقبهم على تبجحهم في نظر الحكام، وتهدم بيوتهم، والشرطة والجهاز البيروقراطي لا يستمعان للمسلمين، ولم يبق أمامهم إلا اللجوء إلى المحاكم، لكن إجراءاتها باهظة التكاليف، إذ ليس باستطاعة كل مسلم توكيل محام أو دفع رسوم المحاكم، ومع ذلك قد لا يحصل على النتائج المرجوة؛ لأن كثيراً من القضاة يؤمنون أو بدؤوا يؤمنون بـ»الهندتوا» التي تعني أنه لا حقوق للمسلمين في الهند.

بحسب ما ذكرتم، نحن أمام مشروع يستهدف تهميش المسلمين ونزع مساجدهم ومحو تاريخهم وتحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، كيف يمكن حماية المسلمين في الهند قبل فوات الأوان؟

- في الوقت الحالي، وبعد أن أعلن غلاة الهندوس عن خطتهم لإبادة المسلمين، نتوقع معجزة، نأمل أن يفرج الله كربنا، وأيضاً أن تتدخل الدول الغربية بصورة خاصة بإجراءات عملية لأن صوتها مسموع في الهند.

ماذا يمكن أن تقدم الدول العربية والإسلامية لحماية مسلمي الهند من هذا المخطط الهندوسي؟

- الدول العربية والإسلامية عاجزة عن تقديم شيء للمسلمين، واحتجاجاتها على النَّيْل من الرسول الأكرم أدت إلى الانتقام من مسلمي الهند؛ إذ خرجت البلدوزرات بعد كل مظاهرة احتجاج لمسلمي الهند على تجاسر زعماء الحزب الحاكم على سب رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وأخيراً ألقي القبض على الصحفي محمد زبير بتهمة إهانة آلهة الهندوس، بينما جريمته الحقيقية في نظر الحكومة هي أنه الشخص الذي نشر إساءات بعض زعماء الحزب الهندوسي عالمياً؛ مما تسبب في إحراج كبير للحكومة الهندية، وأيضاً نلاحظ أن الدول العربية والإسلامية لم تكترث بالأمر ما دام مسلمو الهند هم المستهدفين منذ سنوات، فهي لم تتحرك إلا بعد أن وصل الأمر إلى سب الدين الإسلامي بصورة عامة، مع تقديرنا لمواقف الشعوب وبعض الدول، لكن لا ننتظر شيئاً من الدول العربية والإسلامية التي خذلت فلسطين والروهنجيا والإيغور.

كادر

د. ظفر الإسلام خان.. في سطور

د. ظفر الإسلام خان من أبرز الشخصيات المسلمة في الهند، وهو رئيس تحرير صحيفة «ملّي جازيت»، ورئيس مفوضية الأقليات بالهند في الفترة من عام 2017 – 2020م، ورئيس مجلس المشاورة الإسلامي لعموم الهند 3 فترات، ومؤلف ومترجم لعشرات الكتب، ولا تخفى جهوده الفكرية ودوره النضالي في مواجهة الفكر المتطرف للحركات الهندوسية، وفي مقابل ذلك يتعرض لتضييق وضغوط كبيرين، وتُسجل ضده القضايا لإرهابه وإسكاته.

الرابط المختصر :