العنوان بمناسبة مرور ربع قرن على مجلتنا الحبيبة
الكاتب د. علي محي الدين القرة داغي
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995
مشاهدات 17
نشر في العدد 1142
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 21-مارس-1995
تحل علينا ذكرى غالية عزيزة على النفس والقلب وهي ذكرى مضي ربع قرن على صدور «المجتمع»، التي أصدرتها جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت منذ عام 1970م.
وقد وضعت هذه المجلة لنفسها أهدافًا واضحة من إيصال الكلمة الطيبة إلى العالم أجمع، وإعطاء صورة واضحة المعالم عن الإعلام الإسلامي، وخدمة المجتمع الإقليمي والعربي والإسلامي في وقت عصيب.
حينما أنشئت مجلة المجتمع، كانت التيارات العلمانية والقومية والليبرالية لا تزال لها قوتها وصولتها وجولتها وكانت وسائل الإعلام كلها أو معظمها بأيديهم، يوجهونها لخدمة أهدافهم وأغراضهم، والنيل من الإسلام والإسلاميين ولذلك كانت تصنع المصطلحات في الداخل والخارج، فتعطى المصطلحات الجميلة البراقة لهؤلاء، وتعطى المصطلحات السيئة والمشوهة -بكسر الواو وفتحها- للإسلاميين، حيث يوصفون مرة بأنهم رجعيون، ومرة بأنهم متخلفون، ثم مرة أنهم عملاء لأمريكا، ثم مرة أنهم عملاء لروسيا، والشيوعية وهكذا.
في ظل هذا الجو يولد هذا المولود الجديد «المجتمع»، ليؤدي دوره في الحياة، وتظهر المجلة كقوة دفاعية عن الإسلام والمنتسبين إليه بحق، فتصدع بالحق، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحذر من العواقب الوخيمة التي تنتظر الأمة في حالة مضيها في الغي والعمى والبعد عن الله تعالى.
من الدفاع إلى الهجوم
ولا تكتفي مجلة «المجتمع» بالدور الدفاعي -على الرغم من أهميته- وإنما تواصل معه دور الهجوم على معاقل الكفر، وحصون الضلال وتلال الإلحاد والعلمانية، والعنصرية بالأساليب العلمية والتحليلية، وبالعقل والحكمة.
صد الغزو الثقافي
إذا كان لويس التاسع -الذي قاد الحملات الصليبية ثلاثين سنة- قد وصى بني جلدته من أعداء الدين الحق بأن القتال لن يقضي على الإسلام والمسلمين، وإنما عليكم بالغزو الثقافي والفكري، فهو السلاح الوحيد المؤثر ضد المسلمين، فإن هذه الوصية قد طبقها الأوروبيون تمامًا خلال القرون الخمس الأخيرة، فخططوا لها تخطيطا جيدًا استغرق عشرات السنين، ونجحوا فيها، ولذلك سقط العالم الإسلامي مع الاستعمار الحديث بسرعة هائلة، واستسلم له استسلامًا غريبًا، ولم يال الاستعمار أيضًا جهدًا في تغيير كل معالم عالمنا الإسلامي بدءًا بإبعاد الشريعة عن الحياة والحكم والنظام إلى تغيير الشكل والمظهر كما لا يخفى....
«المجتمع».. وهذا الغزو
وحينما فتحت مجلة «المجتمع»، عينيها على الدنيا، وجدت هذا الغزو الثقافي يحيط بها من كل جانب، والغزو الفكري قد فعل فعلته في المجتمع، إذن أمامها التصدي بكل حكمة وعقل وبصيرة، فقامت فعلًا بهذا الدور بقدر استطاعتها وقدراتها، فكشفت عن خطورة هذا الغزو على أمتنا، وعلى مجتمعنا، ليس من الجانب الديني فقط، وإنما من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والهوية ونحو ذلك؛ لذلك نرى مجلة «المجتمع»، قد لا يخلو عدد من أعدادها من مقالة أو تحليل أو مقابلة.
التصدع الداخلي والأمراض الداخلية
وإذا كانت مجلة «المجتمع»، قد أولت عنايتها بما سبق، فإنها لم تغفل ما يعانيه مجتمعنا الإسلامي من التصدع الداخلي والأمراض الداخلية الفتاكة؛ لذلك تصدت مجموعة من المقالات لهذه المخاطر أيضًا.
الشباب وكافة طبقات الأمة
لم تغفل «المجتمع» دور الشباب في الريادة والقيادة والجندية والتضحية والفداء؛ لذلك أولت عناية جيدة بالشباب، وكذلك دور المرأة وحقوقها.
«المجتمع» وجسد المسلمين الواحد
في ظل فكرة القوميات والعنصريات والشعوبيات التي سادت فترة من الزمن تصدت مجلة «المجتمع» لهذا التمزيق المنتن ونبتت فكرة الأمة الواحدة والجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؛ ولذلك أولت عناية كبرى حقًّا بالشعوب المسلمة في ظل الاتحاد السوفيتي السابق، وفي ظل الوثنيات، وفي الفلبين، وفي الهند، وفي أفغانستان، وغيرها، فكانت قضايا المسلمين قضية «المجتمع» الأولى على صفحاتها إعلامًا، وتحليلًا، ودعوة صادقة، وتشجيعًا.
«المجتمع».. ومآسي الشعب الكردي المسلم أحفاد صلاح الدين الأيوبي
للحق نقول: إن مجلة المجتمع أولت عنايتها بهذه القضية من منطلق إسلامي محض، وظهرت على صفحاتها حقائق عن الشعب الكردي المسلم، فكشفت عن كثير من الجرائم التي ارتكبت بحق هذا الشعب المسلم أحفاد -صلاح الدين- وأبدت إحساسها بالمعاناة التي يعانون منها بسبب التمزق الخطير الذي أصابهم من خلال مؤامرة «سايكس- بيكو»
والشعب الكردي المسلم يحب كل المجلات الإسلامية، وبالأخص مجلة «المجتمع» التي يتطلع دائمًا إلى صدورها، ليطلع على ما فيها من معلومات وهم أيضًا يطلبون مزيدًا من العناية والرعاية لأحوالهم المأساوية اليوم من الفقر والتشريد والتهجير، وخطورة التنصير عليهم، ويطلبون أن تكون «المجتمع»، ويقية الصحف والمجلات الإسلامية لسان حال صدق لهم ولوضعهم المأساوي حتى يخرجوا من محنتهم التي لا تطول إن شاء الله.
تطلعاتنا لـ «المجتمع»
نحن نتطلع إلى المزيد من التطوير والتقدم لمجلة «المجتمع»، في جميع أبوابها، والمجلة إذا قسناها بالأعداد الأولى من صدورها لوجدنا أنها قد خطت خطوات متقدمة جدًّا ومتطورة وأنها تسير- والحمد لله- من حسن إلى أحسن.
ولكن مع كل ذلك فإن التطوير لا يعرف له نهاية، فإننا نتطلع إلى مزيد من التقدم المستمر، والعناية بجميع مجالات الحياة حسب الأولوية، وفقه الأولويات.. والله المستعان.
وأخيرًا تهنئة قلبية، ودعاء خالص لمجلة «المجتمع»، ولكل من ساهم في إنشائها وتطويرها وتقدمها، فجزاهم الله خيرًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل