العنوان بَين مَالك بن نبي وطَه حُسين
الكاتب الأستاذ أنور الجندي
تاريخ النشر الثلاثاء 14-يناير-1975
مشاهدات 33
نشر في العدد 232
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 14-يناير-1975
بَين مَالك بن نبي وطَه حُسين
جرت محاولات كثيرة في الأيام الأخيرة لعقد مقارنة بين مالك بن نبي وطه حسين في مناسبة وفاتهما في وقت قريب، وقد لقي مالك بن نبي إجحافاً لا حد له من كتاب الصحف العربية بينما وجد طه حسين تقديراً عميقاً وهذا مؤشر خطير يدل على أن شبابنا ومثقفينا لم يكتشفوا بعد أبعاد الأخطار التي ساق إليها طه حسين الفكر الإسلامي الحديث ولقد اقتضى الحال أن أعقد مقارنة بين الكاتبين فأقول أن السؤال هو:
هل من الممكن إيجاد أرضية للمقارنة بين مالك بن نبي وطه حسين؟
ومع البحث الواسع والتأمل العميق نجد أن هذه الأرضية يمكن أن تتمثل في كلمة «القضاء» فبالرغم من أن البدء يوحي بالتشابه فإن النتائج تختلف اختلافاً واسعاً.
ذلك أن مالك بن نبي وطه حسين هما عربيان مسلمان قصدا إلى الغرب وتعلما في فرنسا وإن أختلف الوقت قليلاً فإن طه حسين ذهب في العقد الثاني من هذا القرن الميلادي حوالي ١٩١٤- ١٩١٩م
بينما ذهب مالك بن نبي إلى فرنسا في العقد الرابع في حدود عام ١٩٣٩م.
إن مالك بن نبي وطه حسين هما من أبناء العرب المسلمين الذين لهم إطار الفكر العربي الجامعي مفهوم خاص، ومعاملة خاصة. أما أحدهما فهو قد قدم إلى فرنسا من قطر تسيطر عليه فرنسا منذ أكثر من مائة عام وتسعة أعوام في ذلك الوقت.
أما الثاني فقد قدم إلى فرنسا من قطر تسيطر عليه بريطانيا منذ أكثر من بضعة وثلاثين عاما في ذلك الوقت ولكن لفرنسا في مصر تاريخ ثقافي طويل متصل بالحملة الفرنسية.
«2» أما مالك بن نبي فقد تخرج في المدارس المدنية وسافر إلى فرنسا ليدرس الهندسة والعلوم، أما طه حسين فقد تخرج في الأزهر الشريف وسافر إلى فرنسا ليدرس التاريخ. وكيف كان لقاؤهما لهذه البيئـة الجديدة الغريبة.
أما مالك بن نبي فقد كان قد عاش منذ ولد سنة ١٩٠٥ في تحديات الاستعمار الفرنسي وواجه منذ رأی الحياة ذلك الخطر القائم، فضلاً عن أنه شهد في مطالع حياته تلك النهضة التي حمل لواءها الإمام عبد الحميد بن ساديس.
أما طه حسين فقد عاش في ظل الاستعمار الإنجليزي وشهد كرومر في عنفوانه واتصل بالأزهر الذي كان يشتعل بالحماسة الوطنية والدينية ضد الاستعمار وعاصر حركة الشيخ محمد عبده الداعية إلى تجديد الإسلام بالعودة إلى منابعه الأصيلة.
«3» أما مالك بن نبي فإنه منذ اليوم الأول إلى اليوم الأخير لإقامته في فرنسا فقد التزم إيمانه بدينه وأمته وفكره وحاول أن ينتفع بذلك العلم التجريبي الذي ينقص المسلمين ليجعل منه أداة صالحة للعمل في إطار مفهومه الإسلامي.
ولقد شهد أساتذته كيف أنه كان صارماً في هذا الالتزام وكيف عجزوا عن كسبه إلى صفوف أصدقاء الثقافة الفرنسية.
ولكن ذلك لم يمر دون عقاب، بعد المحاولات المتعددة التي أجريت لإغرائه واحتوائه.
كان الثمن معروفاً هو أنه بعد أن حصل على إجازته بتفوق أقفلت في وجهه كل الأبواب، وعجز عن الحصول على أي فرصة للتدريب ثم لم يتح له فرصة العمل، بل أن والده الكهل أقصى من عمله، وقطعت عنهم وسائل كثيرة من الرزق، وذلك عقاباً على ذلك الموقف.
ولكن مالك بن نبي كان مؤمناً بما حدد لنفسه من موقف منذ شبابه فما يهم ذلك المتاع الفاني من متاع الدنيا في سبيل الحيلولة دون رفع لواء الجهاد في وجه الاستعمار ومخططاته، ومن هنا كان اتجاهه إلى ساحة القلم، ودعوته إلى فهم موقف الغرب من الإسلام والمسلمين والكشف عن أخطار الغزو الثقافي والتخريب.
«4» وإذا كان مالك بن نبي لا يملك الأداة العربية ليقول كلمته فليكتبها بالفرنسية يجبه بها هؤلاء وأعوانهم وكثيراً من العرب الذين لا يقرءون إلا اللغات الأجنبية.
وكان لا بد أيضاً لمالك بن نبي أن يقوم بدور آخر غير دور الدفاع وتصحيح المفاهيم ذلك هو دور تقديم الإسلام إلى العقل الغربي وأصحاب اللغة الفرنسية وأصحاب الأديان والأيدلوجيات. وكان صادقاً في خطته ولذلك فقد وفق في عمله إلى أبعد حد: دافع أصدق الدفاع وهاجم مخططات التغريب والغزو الثقافي.
وأهدى الإسلام إلى الفكر الفرنسي على النحو الذي جذب إليه الكثيرين من المستنيرين فأسلم على كتبه عدد من الأعلام منهم السيد علي سليمان بنوا الفرنسي الحاصل على الدكتوراه في الطب. ولقد أتيح له في السنوات الأخيرة أن يتقدم مرحلة أخرى إلى الأمام حين أخذ يكتب باللغة العربية وقدم بها عدداً من إنتاجه مثل الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، إنتاج المستشرقين، مذكرات شاهد القرن، آفاق جزائرية.
ولقد أثبتت هذه المؤلفات قدرة هذا الكاتب على أداء رسالته بالفصحى لغة القرآن بعد أن كان يكتب بالفرنسية وتترجم مؤلفاته إلى العربية.
«5» وهذه الصورة تختلف اختلافاً كبيراً مع الصورة الأخرى المقابلة؛ ذلك أن طه حسين تعرف إلى المستشرقين الفرنسيين في مصر وهم يلقون محاضراتهم في الجامعة المصرية القديمة ولما اتصل بهم وقف من الأزهر موقف العداء والخصومة. وتنكر لكل ما تعلمه فيه وأعلن أنه لم يعرف العلم الحقيقي إلا على أيدي المستشرقين.
فلما سافر إلى فرنسا ألقى بنفسه في أحضان الفرنسيين والاستشراق الفرنسي إلقاءاً كاملاً، حتى لقد تحول تحولاً كاملاً بأن أصهر إليهم، وارتبط بهم اجتماعياً ولغوياً وثقافياً.
ولم يتوقف عن تبني آراء الاستشراق ومفاهيمهم كاملة، بل إن هذا الارتباط بينه وبين الفكر الاستشراقي الفرنسي كانت له نتائجه الحاسمة في دراستيه الأوليين : عن أبي العلاء حيث أعلن إيمانه بالجبرية التاريخية «في هذا الوقت الباكر» وفي رسالة عن ابن خلدون حيث انتقص الرجل انتقاصاً شديداً وكان في هذه وتلك على ولاء صادق مع آراء المستشرقين.
فلما عاد إلى مصر حمل لواء العمل في حقل التخريب والتبعية الثقافية وتوسع فيه فلم يدع مجالاً من المجالات دون أن يسهم فيه «التاريخ- الأدب التراجم- الثقافة- السيرة».
ومن حيث كان مالك بن نبي يعمل على تحرير الفكر الإسلامي من شبهات الاستشراق وزيف نظريات التقريب، كان طه حسين يعمل على غزو الفكر الإسلامي في مختلف مجالاته بالفكرة الوافدة.
«6» أما في التاريخ فقد واجه طه حسين الفكر الإسلامي بنظرية الشك في نصوص التاريخ في محاولة لانتقاص أمجاد التاريخ الإسلامي وبطولاته أما في التراجم فقد اعتمد منهج النظرة المادية إلى العظماء ومحاولة تبرير أعمالهم بوراثياتهم وعنصريتهم وتجاهل أثر الفكر الإسلامي القائم على التوحيد الذي غير النفوس والعقول.
أما في الأدب فقد اعتمد مذهب سانت بيف وتين وهما يقرران أن الإنسان شيء مادى كالحشرة والحيوان وينكران جانب النفس والروح ولا يعتدان بهما في مفهوم الأدب أو نقد الأدب. أما في الثقافة فهو يحاول أن يعلن أن الثقافة الإسلامية نتاج هلييني يوناني وأن مصر جزء من العالم الروماني اليوناني القديم.
أما في السيرة فإنه يعلي شأن الأساطير والقصص الخيالية التي نجبت عن السيرة منذ زمن فيعيد إحياءها.
«7» وحين يرى مالك بن نبي أن الفكر الإسلامي وليد القرآن الكريم يرى طه حسين أنه جزء من الفكر اليوناني وأن الإسلام لم يغير شيئاً من العقلية المتوسطية التي فرضت على مصر وسوريا وغيرها. وحين يرى مالك بن نبي أننا لا بد أن ننقل العلوم التكنولوجية إلى اللغة العربية باعتبار أن اللغة قاعدة الفكر يرى طه حسين أن نفنى في الحضارة الغربية وأن نتقبلها خيرها وشرها وحلوها ومرها وما يحمد منها وما يعاب.
وحين يرى مالك بن نبي أننا لا بد أن نخرج من الحلقة الضيقة التـي وضعنا فيها الاستعمار بالتبعية يرى طه حسين أننا يجب أن نكون غربيين أولاً وأن ننسى قومتينا وديننا في سبيل أن نصل إلى مستوى الأمم المتحضرة.
«8» تلك مقارنات قليلة ولكنها تمثل أكبر وجهات النظر في تلك المواجهة الخطيرة بين رجل آمن بأمته وعقيدته فوقف في وجه الاستعمار والغزو الثقافي حتى لم تتح له الفرصة لأن يباشر عملاً يتصل بخبرته العلمية ورجل مهدت له كل الوسائل من أستاذ للأدب إلى عميد لكلية الآداب إلى مدير للجامعة إلى مستشار لوزارة المعارف إلى وزير لها بالرغم من كل الصيحات التي عارضت وجوده في هذه المناصب لأنه زاوج بين نفسه وبين الفكر الغربي وتقبل آراء المستشرقين ونقلها إلى اللغة العربية كأنها من نتاجه الخاص.
«9» ويمكن القول أنه حين جاء الموت كان الموقف كالآتي:
كانت كل أفكار مالك بن نبي تثمر وتؤرق لأنها تعتمد على الحق وكانت تفتح الطريق أمام المثقفين إلى معرفة الأخطار وإلى مواجهة التحديات وإلى الانطلاق إلى كسر هذه الحلقة التي وضع التغريب فيها فكرنا الإسلامي. وكانت فكرة الكومنولث الإسلامي التي تبناها مالك بن نبي قد أخذت طريقها إلى التطبيق.
وكانت نظريته في فصل العلوم عن الحضارة المادية وإلى إعلاء مفهوم القرآن كأساس للفكر الإسلامي واللغة العربية كمصدر للنهضة كل أولئك قد امتد وساد ونمته أقلام كتاب جاءوا من بعد مالك بن نبي وساروا في طريقه.
أما طه حسين فإنه مات بعد أن تحطمت كل أفكاره ودمرت كل نظرياته وكشف البحث العلمي زيف كل معطياته وتعرف الناس على مدى الإطار التي يحميها هذا الفكر.
«10» فإذا أردت إيضاحاً أكثر قلنا «أولاً» أن نظرية طه حسين في الشعر الجاهلي قد نقضت علمياً على أيدي عديد من الباحثين ولم تثبت للبحث الصحيح وظهر فيها الهوى والغرض، بل وتكشف أنها من نتاج المستشرقين وأن المستشرق اليهودي مرجليوث قد سبق طه حسين إلى هذه الآراء ولعل خير ما يمكن مراجعته في هذا الصدد رسالة الدكتور ناصر الدين الأسد عن الشعر الجاهلي.
«ثانياً» إن نظريته في مستقبـل الثقافة عن أن العقل العربي الإسلامي هو عقل یوناني قد ثبت بطلانها وكشف عوارها عدد كبير من الباحثين وفي مقدمتهم الإمام حسن البنا وسيد قطب خاصة في كسر عنق حقائق التاريخ بانتظار صلة مصر بالعرب والإسلام وارتباطها بالبحر المتوسط واليونان وأوربا .
«ثالثاً» منهجه في هامش السيرة التي استباح لنفسه فيه إعادة الأساطير والإسرائيليات مرة أخرى إلى السيرة النبوية بعد أن نقاها منها الباحثون، بل وما سمح لنفسه به من التزيد والإضافة في هذه الأساطير كان عملاً خطيراً شجبه كثير من الباحثين وفي مقدمتهم صديقه ورفيقه في طريق دعوة التجديد الدكتور محمد حسين هيكل مؤلف كتاب حياة محمد بل أن الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي قال عن هذا الكتاب أنه «تهكم صريح».
«رابعاً» نظريته في كتاب قديم مجهول الأصل، هو كتاب أنساب الأشراف الذي فقد منه خمسة أجزاء ثم جاء يهودي في القدس المحتلة فطبع الجزء السادس منه دون غيره ولا بد إنه كان يستهدف من ذلك عرضاً واضحاً هذا الكتاب هو المصدر الأكبر فــي الشبهات التي أثارها طه حسين حول الصحابة وقد عارض هذه الأفكــار الأستاذ محمود محمد شاكر في بحوث مستفيضة يمكن الرجوع إليها في الصحف وفي كتابنا «المساجـد والمعارك الأدبية».
«خامساً» موقفه من معارضته العروبة ومؤازره الفرعونية وإعلانه في صحيفة كوكب الشرق عام ١٩٣٤ أو ۱۹۳5 أن مصر احتلت باليونان والرومان والعرب والفرنسيين والإنجليز كانت له أثار خطيرة فقد أحرقت كتبه في ميدان عام في دمشق.
وما يدرس الآن في الجامعـات إنما يمثل الرد على زيف تجريد مصر من عروبتها وأصالتها الإسلامية.
«سادساً» جمعت لطه حسين على فترات متباعدة آراء في اليهودية القديمة تدل على محاولة منه في القول بأن العرب تلقوا عن اليهود، كذلك كان فيما نقله لتلاميذه في كلية الآداب من القول لقرآن مكى وقرآن مدني يوصف الأول بالقسوة ويوصف الثاني بالرقة وترد هذه الرقة إلى الصلة باليهود في المدينة، بالإضافة إلى تلك الصيحة المفكرة التي استهل بها حياته الأدبية بالقول «فلتحدثنا التوراة وليحدثنا القرآن عن إبراهيم وإسماعيل» وأفكار وجودهما.
هذا مع اتصاله بالمستشرقين اليهود دراسة في جامعة باريس «دوركايم» وسرقه «مرحليوث» بالإضافة إلى تبنيه «إسرائيل ولفنسون» وتقديم كتابه «اليهود في جزيرة العرب» بمقدمة فيها كثير من الزيف ومحاولة إعطاء اليهود أثراً في الأدب العربي، كل هذا قد ألقى على الدكتور طه شبهة الاتصال بالصهيونية العالمية أو على الأقل بالاستشراق اليهودي فإذا أضفنا إلى ذلك أمرين:
«الأول» أنه تولى في مصر بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة إدارة دار الكاتب المصري التي كان يملكها اليهود وأصدر عن طريقها مجلة الكاتب المصري ومجموعة كتب كلها طعن في الإسلام في مقدمتها «العقيدة والشريعة» لجولدزيهر.
«الثاني» أنه لم يكتب كلمة واحدة عن فلسطين وعن التحدي اليهودي والصهيوني وأنه كان يتحدث في مجالسه عن آراء وصفها «الفيلسوف اللبناني» شارل مالك بأنها شبيهة بآرائه في العلاقة بين العرب واليهود إذا ذكرنا ذلك عرفنا إلى أي مدى يمكن أن يوضع طه حسين بالنسبة لمالك بن نبي.
«سابعاً» إذا راجعنا رأيه في «ابن خلدون» وجدناه أول عربي يحمل على هذا العلامة العظيم الذي شهد له أساطين الباحثين الفرنسيين بريادته في علمي الاجتماع والتاريخ، ولقد كان طه حسين في رأيه في ابن خلدون متابعاً لرجل يحقد على الإسلام والمسلمين هو «دوركايم» اليهودي أستاذ المدرسة الاجتماعية الفرنسية ولقد أراد طه حسين أن يرضيه بتبني آرائه في رسالته التي كان يشرف عليها دوركايم ولكن الله خيب أمله فقد مات دوركايم قبل أن تناقش الرسالة وباء طه حسين بإثم تبعيته واحتقاره لعلم كبير وباء بإثم فساد مذهبه وتحامله وضغنه على كل ما يشرف الإسلام.
«ثامناً» كان من أكبر أخطاء طه حسين موقفه من شاعر العربية البارز «أبو الطيب المتنبي» فقد أدعى زوراً وبهتانا أنه «لقيط» ولم يستند في ذلك إلى نصوص وإنما إلى شبهات شأنه في كل ما كتب من إعلاء نظرية الشك والسخرية.
وقد تابع طه حسين في كراهيته وحقده على المتنبي مستشرقاً معروفاً هو «بلاشير» الذي حمل على المتنبي في كتاب له صدر قبل أن يكتب طه حسين كتابه بعام واحد.
«تاسعاً» من أبرز أخطاء طه حسين وأهوائه المغرضة التي تابع فيها الاستشراق اليهودي إنكاره وجود عبد الله بن سبأ واعتماده في ذلك على مصادر يهودية ومصادر طبعها اليهود ومن بينها كتاب «أنساب الأشراف» المطبوع في القدس المحتلة.
«عاشراً» محاولة طه حسين نقد القرآن وهي عمل ثابت بالدليل القاطع عندنا فيه دليلان:
«الأول» ما حفظه محاضر مجلس النواب المصري عام ١٩٣٢
«الثاني» ما نشرته مجلة «الحديث» لسامي الكيالي من نصوص ألقاها على طلبته في كلية الآداب وكان محمود المنجوري الذي نشر تلك النصوص في مجلة الحديث الحلبية طالباً في كلية الآداب.
أما ما حفظته محاضر مجلس النواب المصري فهي نصوص قرأها الدكتور عبد الحميد سعيد من كراسة طالب في كلية الآداب من تلاميذ طه حسين والأمر في هذا أن طه حسين كان يحرض طلبته على نقد القرآن باعتباره نصاً أدبياً وكان يدعوهم إلى أن يقولوا هذه أية جيدة وهذه أية «كذا» وكان يشرح لهم ما نشره المستشرقون من فروق في الأسلوب بين المكي والمدني إلخ.
وقد حطم هذه الفكرة وزيفها بلغاء المسلمين أمثال مصطفى صادق الرافعي ومحب الدين الخطيب ورشيد رضا والدكتور محمد أحمد الغمراوي
«حادي عشر» ما أشار إليه من أنه يعتمد مذهب ديكارت في الأدب وما نشره حول مفهومه لهذا المذهب.
وقد تعرض الدكتور محمد أحمد الغمراوي في كتابه النقد التحليلي للأدب الجاهلي فكشف عن أنه ما قدمه طه حسين على أنه نظرية ديكارت فهو غير صحيح وغير كامل وكان طه حسين يدعي أنه يكتب في أشياء لا يعرف عنها الأزهريون شيئاً فتصدى له الغمراوي وكشف زيفه.
«ثاني عشر» خطأ ما دعا إليه في قوله أن الدين نبت من الأرض ولم ينزل من السماء متابعاً في ذلك نظرية اليهودي دور كايم وقد تصدى له الكثيرون في إنكار رأيه وفساده.
وبعد فهذه باختصار الأسس الكبرى لفكر طه حسين التي أقام بها شهرته المدوية بمغايظة الجماهير ومعارضة الحقائق والتصدي بالشك والسخرية للأصول الأصلية للفكر الإسلامي.
وهي جميعها تكشف عن حقيقة واحدة:
هي أن كل الشبهات التي طرحها طه حسين في أفق الفكر الإسلامي كان متابعاً فيها للاستشراق ومزكياً لوجهة نظره الحاقدة على الإسلام والقرآن، وأن هذه الأفكار والشبهات قد دحضت وكشف زيفها.
ولكن بقي ظنين ولمعان وبريق من آثار استطالة عمر طه حسين وما كان يكتبه حواريوه في تكريمه بينما لم يجد مالك بن بني مثل هذا الخداع بالباطل ولذلك فإنه لم يصل إلى ما وصل إليه طه حسين من الشهرة ولكنه كان ثابتاً بالأصالة قائماً بالحق بما دفع آراءه إلى مجال القوة والنماء وللذين ما زالوا مخدوعين بطه حسين أقدم في القريب كتابي:
«طه حسين مفكراً وأديباً» حيث يعرض وجهة نظر علمية صادقة حول وجهة نظر علمية صادقة حول فكره وحياته جميعاً.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالإفراط والتشدد في القضايا الفرعية.. عبث لا يحقق مقاصد الدين
نشر في العدد 1764
88
السبت 11-أغسطس-2007
«تحرير الإسلام» على المستوى الشعبي والرسمي ضرورة لإنقاذ الأوطان وتوحيد الأمة
نشر في العدد 1766
81
السبت 25-أغسطس-2007