; محاكم تفتيش | مجلة المجتمع

العنوان محاكم تفتيش

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

مشاهدات 31

نشر في العدد 509

نشر في الصفحة 49

الثلاثاء 30-ديسمبر-1980

عندما قرر البابا إسكندر السادس ومعه أساقفة الكنيسة في إسبانيا والملك فرديناند والملكة إيزابيلا «الكاثوليك» ألا يبقى من المسلمين ديار في الأندلس عمدوا إلى سياسة التنصير الإجبارية، ومن ثم نصب ديوان التفتيش عام (1480) لقتل من لا يقبل بالتنصر، ومحاسبة الناس على عقائدهم.

وبدأ هذا الديوان ينقب عن ضحاياه... فكانت حكايا كثيرة... منها أن المسلمين أجبروا على ترك أسمائهم واتخاذ أسماء نصرانية... ومنعوا من ممارسة شعائرهم الدينية... بل منعوا من مواصلة عاداتهم ومذاهبهم في الحياة حتى لو لم يتعلق ذلك بالدين.

وكان ديوان التفتيش يعاقب أشد العقاب على من علم عنه أنه لا يأكل لحم الخنزير أو الميتة أو عرف عنه أنه لا يشرب الخمر أو قيل أنه أدرج ميته في كفن نظيف، وكانت النظافة والطهارة في ذاتها ذنبًا يعاقب عليه.

وفي سنة (1597) وجد في طليطلة رجل يسمى «موديسكو بارتولوم شانجة» فلحظ عليه القوم أنه شديد التطهر فعذبوه عذابًا شديدًا وما زالوا يعذبونه حتى أقر بأنه يتطهر عن عقيدة فحكموا عليه بالسجن المؤبد وبضبط جميع أملاكه.

وفي إحدى المرات وجدوا قرآنا عند عجوز اسمها «إيزابلا زاسيم» فقالت إنها لا تقدر أن تقرأه، فلم ينصفها هذا القول، وعذبوها... وعلى اعتبار أن عمرها كان تسعين سنة فقد اكتفوا من إهانتها بحملها على حمار والطواف بها في الشوارع وعليها غطاء مكتوب عليه اسمها وإثمها... ثم زجوها في السجن، وبقيت فيه إلى أن علموها قواعد المسيحية.

هذا هو صدى تعاليم القساوسة والرهبان والأساقفة النصارى في معاملة المسلمين... وإذا كان النصارى معروفين بعدائهم للعقيدة الإسلامية والمسلمين... وإذا كنا نعرف أن تعاليم الباباوات لأتباعهم أثناء الحروب الصليبية كانت تقول: «الغدر إثم، ولكن الوفاء مع المسلمين أكثر إثمًا».

إذا كنا نعرف كل ذلك... فهل هناك من يعرفنا أسباب تكرار هذا الفعل الاضطهادي في بعض ديار المسلمين في العصر الحاضر؟ علمًا بأن حكام هذه الديار لا يدينون بالنصرانية كما نحسب. ومع ذلك فإن سرايا بغائهم تحاسب الرجل على اسمه... والمرأة على هيئة حجابها.. والولد على سبب اختياره للكلية الجامعية...

إن هؤلاء نصبوا محاكم تفتيش جديدة ونحن في الربع الأخير من القرن العشرين، وهي محاكم تشبه إلى حد كبير محاكم التفتيش الأوربية، في أساليبها ودوافعها ومنهجها.. لكنها تزيد على محاكم التفتيش الصليبية وحشية ودناءة. ونحن نحب هنا أن نضرب بعض الأمثلة:

•• ولد يبلغ من العمر (11) سنة أدخل السجن لأن اسمه «سيد» فقط.

•• سبع وعشرون امرأة أدخلن السجن ووضع في مواضع العفة منهن أوتاد خشبية.

•• شاب معارض قبض عليه فقتل ووزعت أعضاء جثته على جوانب إحدى الدبابات وسحب ما تبقى من الجثة بالحبال وراء السيارة .

أليست محاكم التفتيش التي تمارس هذا السلوك هي أبشع وأقذر من محاكم التفتيش الصليبية؟!!

الرابط المختصر :