; تحليل اقتصادي: بيت التمويل الكويتي التحدي والعقبات | مجلة المجتمع

العنوان تحليل اقتصادي: بيت التمويل الكويتي التحدي والعقبات

الكاتب المحرر المحلي

تاريخ النشر الثلاثاء 24-يناير-1978

مشاهدات 15

نشر في العدد 383

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 24-يناير-1978

تحليل اقتصادي

بيت التمويل الكويتي التحدي والعقبات

على بيت التمويل الكويتي أن يضع لنفسه نظامًا مصرفيًا دقيقًا وسياسة إسلامية صحيحة في تعامله مع المواطن، ومع البنوك الأخرى التي يستحيل عليه أن يقوم دون الرجوع إليها في بداية تأسيسه.

 لا زال في المشروع غموض من ناحية التصور الكامل للطبيعة الإدارية والفنية في العمل، حيث لا يوجد مثال واقعي نستطيع أن نحكم به على قصور أو استيفاء النواحي الفنية والإدارية، لهذا المشروع الإسلامي الجديد.

نبذة عن بيت التمويل الكويتي:

تعيش جميع المجتمعات المعاصرة تحت نظام اقتصادي وضعي، جعلها تتخبط وتتعثر، وتبحث عن الحلول لكثير من المشاكل التي سببتها هذه النظم الوضعية من تضخم مالي، وفساد اقتصادي، وتعامل بالربا، من أجل ذلك، ولكي يتمتع المجتمع بحريته الاقتصادية، طالبت الكثير من المجتمعات وخاصة العربية منها بالرجوع إلى تعاليم الإسلام الحنيف لما في نظامه الاقتصادي من ليونة ومرونة، ومواكبة لظروف العصر الحالي، وفي الكويت كانت الدعوة إلى الرجوع إلى التمسك بتعاليم الإسلام قوية الصدى؛ إذ قيض الله لهذه الفكرة السامية رجالًا مخلصين اهتموا بها وتحمسوا لها، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر أحمد البزيع، وعبد الرحمن العتيقي.

هذا من حيث أصل الفكرة ومنشأها

وقد اشترك في تمويل هذا المشروع الخير ثلاث مؤسسات حكومية، من بينها وزارة الأوقاف، ووزارة العدل- إدارة شؤون القصر، ووزارة المالية، ورأس مال هذا المشروع ١٠,000000د.ك مقسمة إلى عشرة ملايين سهم قيمة كل سهم دينار واحد، وجميعها أسهم نقدية، ويكتتب المؤسسون في رأس مال الشركة بأسهم يبلغ عددها أربعة ملايين وتسعمائة ألف سهم، ويتعهدون بدفع ٢٥ بالمئة من قيمة الأسهم، وقدره أربعة ملايين وتسعمائة ألف دينار كويتي، وتطرح باقي الأسهم، ومقدارها خمسة ملايين ومائة ألف سهم للاكتتاب العام بالكويت.

ومن الأهداف العامة التي أنشئ من أجلها بيت التمويل الكويتي: الهدف الكبير، هو تقديم أكبر كمية من الخدمات المصرفية للمواطنين بعيدًا عن النظام الربوي الذي تتعامل به جميع البنوك الموجودة في البلاد.

أنواع الخدمات التي يقدمها بيت التمويل:

  1. جميع الخدمات المصرفية من فتح اعتماد وحوالات وحسابات جارية وحسابات التوفير.
  2. تقديم الاستشارات المالية والاستثمارية.
  3. القيام بأعمال التأمين.
  4. القيام بأعمال العقار من شراء وتأجير والقيام بأعمال الشركات الاستثمارية.
  5. إعطاء القروض قصيرة الأجل والبعيدة بدون فائدة.

النظام الأساسي لشركة بيت التمويل: 

يتولى إدارة الشركة مجلس إدارة مؤلف من عشرة أعضاء، يعين المؤسسون خمسة منهم، وتنتخب الجمعية العمومية الأعضاء الباقين بالاقتراع السري مدة العضوية ثلاث سنوات، ويجوز إعادة انتخاب العضو. ملاحظة: هناك الآن لجنة مؤسسين تتولى القيام بأمور الاكتتاب إلى حين تكوين مجلس الإدارة من قبل الجمعية العمومية، وهم ثلاثة أشخاص ويجتمع مجلس الإدارة مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، بناء على دعوة من رئيسه، ويجتمع أيضًا إذا طلب ذلك ثلاثة من أعضائه على الأقل.

-لكل مساهم عدد من الأصوات يعادل عدد أسهمه، ويجوز التوكيل في حضور الاجتماع.

المستقبل الاقتصادي للمشروع: 

ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذا المشروع هو المشروع الوحيد في الكويت الذي يلتزم بقواعد النظام الاقتصادي الإسلامي، حيث إن جميع المؤسسات المصرفية تقوم على قواعد ربوية عميقة الجذور، قد عمل الزمن على تكريسها في أعماق الاقتصاد الكويتي، وأصبح من الصعب التحدث عن العمل المصرفي في الكويت دون التطرق إلى قضية الفائدة، ومن الجهل أن نتناسى حقيقة الاقتصاد الكويتي بشكل عام، فهو يقوم أساسًا على أعمال البنوك، والتي تقوم بدورها على النظام الربوي عميق الجذور.

لذلك فإن قيام مشروع - أي مشروع - يكون أحد أعماله العملية المصرفية يعتبر ظاهرة شاذة على الاقتصاد الكويتي، ما لم يكن قائمًا على أساس عريض من النظام الربوي.

من هذا كله نجد أن مستقبل هذا المشروع أو بعبارة أوضح مستقبل أي مشروع لا يقوم على ما قامت عليه جميع المصارف من نظام ربوي، سيكون مستقبلًا غامضًا وسيواجه عدة مشكلات منها: -

  1. هذا المشروع عليه أن يضع لنفسه نظامًا مصرفيًا دقيقًا وسياسة إسلامية صحيحة في تعامله مع المواطن، ومع البنوك الأخرى التي يستحيل عليه أن يقوم دون الرجوع إليها في بوابة تأسيسه أو بعد عمل هذا المشروع، حيث لا بد من الحوالات والأعمال المصرفية الأخرى.
  2. سيواجه المشروع مسألة الواقع الاقتصادي الربوي المفروض على المجتمع الكويتي، وكيفية عبور منخفض التعامل الربوي أثناء مروره في هذه الأجواء.
  3. ومن التحديات المفترضة محاربة البنوك القائمة للمشروع، حيث قد يشكل نجاحه خطرًا على مستقبل هذه البنوك وسمعتها، وقد يؤدي إلى قيام عدة مشاريع إسلامية تقلل من قيمة وسمعة وأرباح هذه البنوك.
  4. ومن أكبر المخاطر التي ستواجه المشروع هو وصول أفراد لمجلس الإدارة يكون هدفهم تفشيل المشروع، وإرباك أعماله والإساءة إلى سمعة الاقتصاد الإسلامي.
  5. دخول المصالح والأهواء في أعمال المشروع، حيث قد يساهم في مشاريع تجارية لا يقرها الشرع الإسلامي، بسبب انحرافها عن الأدب والأخلاق مثل مشاريع السينمات والتجارة بالأفلام، ودخول مشاريع تخص الفنادق التي تحارب الأخلاق وتنشر الرذيلة بين أبناء المجتمع، فتسوء سمعة هذا المشروع الإسلامي.

من هذا كله يتضح أن التحديات كبيرة لمثل هذا المشروع، ولكن مع ذلك فإن فرصة النجاح لا زالت كبيرة، وذلك لاستقامة الفكرة التي قام عليها هذا المشروع، حيث إن وصول أناس ممن يحبون الخير لمثل هذا المشروع سيؤدى إلى إعطاء فرصة أكبر لنجاح هذا المشروع إن شاء الله.

خاصة أن مشروع بنك دبي الإسلامي يسير بنجاح كبير ولا زال الطريق أمامه مفتوحًا وواسعًا، وهذه تجربة ناجحة تعطي الثقة بمثل هذه المشاريع الإسلامية، وهناك بنك آخر هو بنك فيصل الإسلامي في مصر يقوم على نفس الفكرة السابقة، لكنه لا زال تحت التأسيس مثل بيت التمويل.

• المراحل التي قطعها هذا المشروع:

إن بيت التمويل الكويتي لا زال تحت التأسيس، ولم يتم دفع قيمة أسهمه حتى الآن، ولا زالت الاستعدادات الإدارية قائمة ولا زال في المشروع غموض، من ناحية التصور الكامل للطبيعة الإدارية والفنية في العمل؛ حيث إنه لا يوجد مثال واقعي حي نستطيع أن نحكم به ما إذا كان المشروع متكاملًا، أو أنه يوجد به نواقص فنية كانت أو إدارية. 

آراء المساهمين: 

إن اصطياد مساهمين في أي مشروع لا يكون إلا وقت الاكتتاب، أما بعد ذلك بفترة فإنه يصعب وجود مثل هؤلاء، لذلك واجهتنا صعوبة مقابلة عدد كبير من المساهمين، ولقد كانت الأسئلة المطروحة هي:

  1. لماذا ساهمت بهذا المشروع؟
  2. هل تتوقع النجاح لمثل هذه المشاريع؟
  3. أي الفئات التالية تود أن تستلم هذا المشروع (مجلس الإدارة)؟
  4. رجال ملتزمون إسلاميًا.
  5. رجال اقتصاد غير ملتزمين إسلاميًا.

جـ- شخصيات إدارية بحتة لا تضع أي اعتبار إلا للربح ملتزمة بقانون الشركة الأساسي. 

فكانت الإجابة كالآتي: 

  1. فئة من المواطنين لا تعلم شيئًا عن هذا المشروع سوى أنه أسهم تباع وتشترى، ولا يهمها سوى كم تساوي قيمة السهم الواحد في البورصة.
  2. فئة أخرى تتمنى النجاح للمشروع لكونه إسلاميًا، وساهمت به مدفوعة برغبتها وحبها بالمشاريع الإسلامية، وتود أن يصل الملتزمون إسلاميًا إلى مجلس الإدارة.

جـ- فئة تعتبر نفسها اقتصادية ساهمت في البيت لكونه مشروعًا تجاريًا، وترى أن فرصة النجاح مواتية، وتؤيد وصول شخصيات إدارية لها خبرة بالأمور المصرفية ملتزمة بالنظام الأساسي للشركة. 

من هذا يتضح أن المسؤولية كبيرة على أصحاب الشعار الإسلامي، وينبغي عليهم أن ينتبهوا جيدًا، وأن يخططوا بمستوى جيد، وذلك للحيلولة دون اللعب بهذا المشروع من قبل المقرضين، والسعي إلى إنجاحه ورفع سمعة الاقتصاد الإسلامي، وتثبيت الثقة المطروحة فيه.

الرابط المختصر :