; تحلیل سیاسي.. لا يا سيادة الرئيس ...؟! الغدر ونقض العهد طبع متأصل عند اليهود | مجلة المجتمع

العنوان تحلیل سیاسي.. لا يا سيادة الرئيس ...؟! الغدر ونقض العهد طبع متأصل عند اليهود

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993

مشاهدات 11

نشر في العدد 1051

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 25-مايو-1993

نشرت الصحف الكويتية الصادرة في ۱۲ آيار (مايو) الحالي الحوار الذي أجراه الرئيس المصري حسني مبارك مع رؤساء تحرير الصحف الكويتية لدى زيارته الأخيرة للكويت. وقد جاء في معرض حديثه عن المفاوضات العربية الإسرائيلية قوله: «إن خبرتنا مع الإسرائيليين أنهم إذا أعطوك كلمة فإنهم يلتزمون بها» . ومما يضاعف من آلامنا ويزيد من دهشتنا واستغرابنا لهذه المقولة التي تنقصها الحجة وتتناقض مع معتقداتنا الإسلامية الراسخة أن هذا الإطراء والمديح يقال لليهود الصهاينة في الوقت الذي يزيدون فيه كل يوم من جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، فيضيفون كل يوم مزيدًا من القتلى والجرحى إلى رصيد جرائمهم.

 ومع إشارتنا إلى قول المولى جل جلاله في اليهود : ﴿أَوَكُلَّمَا عَـٰهَدُوا۟ عَهۡدا نَّبَذَهُۥ فَرِیق مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾ (البقرة :١٠٠), وقوله سبحانه: ﴿ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ یَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِی كُلِّ مَرَّة وَهُمۡ لَا یَتَّقُونَ ﴾ (الأنفال :٥٦), وقوله سبحانه:﴿ فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّیثَـٰقَهُمۡ وَكُفۡرِهِم بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقّ وَقَوۡلِهِمۡ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَلۡ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَیۡهَا بِكُفۡرِهِمۡ فَلَا یُؤۡمِنُونَ إِلَّا قَلِیلا﴾ (النساء :١٥٥)، وإلى نقضهم لعهودهم ومواثيقهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع، كما فعل يهود بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة ، ومع إيماننا المطلق وقناعاتنا الراسخة حول طبيعة الغدر وعدم الوفاء التي عرف بها اليهود على مر العصور، وحتى لا يقول قائل إن اليهود الحاليين ربما اختلفوا عن السابقين، فسوف نستعرض بعض الصفحات السوداء المعاصرة في سجل اليهود خلال الخمسين سنة الأخيرة، وتحديدًا منذ عام ١٩٤٧ الذي شهد بداية الحضور اليهودي على الساحة الدولية.

أولًا : نقض الوعود واتفاقيات الهدنة أثناء الحروب

دأب الكيان اليهودي على خرق اتفاقات الهدنة التي كان يتم التوصل إليها مع الدول العربية المختلفة اثناء الحرب الأولى عام ١٩٤٨.

 فقد خرقوا اتفاقية الهدنة بينهم وبين القوات الأردنية الموقعة في 18\7\1948واستغلوا ذلك للاستيلاء على مناطق واسعة، كما خرقوا الهدنة الأولى الموقعة بينهم وبين القوات المصرية في 22\10\ 1949وخرقوا الهدنة الثانية (الدائمة) الموقعة مع مصر في 24\2\1949وشنوا هجومًاعسكريًا واسعًا عبر خطوط الهدنة مع مصر، ووصلت قواتهم نتيجة لذلك إلى خليج العقبة على البحر الأحمر و أقاموا فيما بعد الخليج المعروف الآن  باسم إيلات، كما قاموا باحتلال منطقة  العوجة في سيناء التي نصت الهدنة الدائمة على اعتبارها منطقة مجردة من السلاح.

 وفي عام ١٩٦٧ ورغم التعهدات الأمريكية الإسرائيلية التي قدمت لمصر بأنه لا تبدأ (إسرائيل) الحرب، فقد قامت (إسرائيل) بعد يوم واحد فقط بشن هجوم واسع ضد مصر والدول العربية المجاورة، وكانت نتيجة تلك الحرب احتلال (إسرائيل) للقسم المتبقي من الأراضي الفلسطينية المحتلة وسيناء ومرتفعات الجولان وبعض الأراضي الأردنية.

ثانيًا : نقض القرارات والاتفاقيات الدولية بعد الموافقة عليها

فقد تنصلت إسرائيل من بروتوكول لوزان الذي تم إقراره بتاريخ 12\5\1949بالاتفاق ما بين (إسرائيل) والدول العربية (شاملًا الفلسطينيين) تحت إشراف لجنة التوفيق الدولية الممثلة لحكومات الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، والتي عينت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي على أساس قراري الجمعية العامة رقم ۱۸۱ الصادر بتاريخ ١٩٤٧ ورقم ١٩٤ الصادر في ١٩٤٨ والمتعلقين بتقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية ويهودية وإعادة اللاجئين إلى بلادهم.

فرغم موافقة إسرائيل وتوقيعها على اتفاق لوزان المذكور فإن الحكومة الإسرائيلية تذكرت فور حصولها على عضوية الأمم المتحدة للاتفاق ، ورفضت تطبيق القرارين المذكورين. 

  • كما خرقت إسرائيل أحكام اتفاقية جنيف لحماية المدنيين تحت الاحتلال المؤرخة في 12\8\1949 التي كانت إسرائيل قد وافقت عليها. ورغم إصدار قائد جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية أمرًا عسكريًا في 7\6\1967ينص في مادته رقم ٣٥ على وجوب تطبيق أحكام اتفاقية جنيف إلا أنه سرعان ما ألغي بمقتضى أمر عسكري جديد يحمل رقم ١٤٤ صدر في 12\10\1967دون أية إشارة إلى الاتفاقية المذكورة.
  • ولعل أوضح إشارة إلى خرق إسرائيل للاتفاقيات والمواثيق التي صدرت بموافقتها ما جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 146/39ب الذي صدر في 14\12\1984وجاء فيه: «سجل إسرائيل وسياساتها وأعمالها تعزز بأنها ليست دولة محبة للسلام، وأنها خرقت باستمرار مبادئ الميثاق وأنها تختلفت عند تنفيذ واجباتها سواء ما كان منها منصوصًا عليه في الميثاق أو ما ورد في التزامها بموجب قرار الجمعية العامة رقم ۲۷۳ (3) بتاريخ 11\5\ 1949  » وتجدر الإشارة إلى أن القرار المذكور الذي يحمل رقم ۲۸۳ (۳) قد تضمن تصريحًا إسرائيليًا واضحًا بأن إسرائيل تقبل بدون تحفظ الواجبات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد باحترامها منذ اليوم الذي تصبح فيه عضوًا في الأمم المتحدة.

ثالثًا : نقص الوعود الإسرائيلية خلال العامين الأخيرين

فقد أعلنت إسرائيل وأكدت التزامها ورغبتها في التوصل إلى اتفاقيات سلام مع الاطراف العربية، ولكن التصريحات الإسرائيلية اللاحقة التي جاءت على لسان إسحق شامير الذي انطلقت في عهده المفاوضات عقب خروجه من منصبه كرئيس للوزراء، أكدت أن جميع الوعود الإسرائيلية كانت مجرد أكاذيب، فقد صرح شامير أن حكومته لم تكن تنوي التوصل إلى أية اتفاقيات سلام مع الأطراف العربية، وأنها كانت تخطط لأن تستمر المفاوضات فترة طويلة تتجاوز السنوات العشرة، كما صرح في 24\7\1991 لشبكة التلفزة الإسرائيلية قائلا : «أود أن أرى نزاعنا مع العالم العربي يتحول إلى خلاف بشأن الحدود، وإلى تباين في وجهات النظر بالنسبة للحدود، أنتم تعرفون آرائي أنا لا أؤمن بالتسوية الإقليمية».

 وخلال حملته الانتخابية الأخيرة قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين على نفسه عشرات الوعود للفلسطينيين فيما يتعلق بحقوق الإنسان والظروف المعيشية وتجميد المستوطنات. ولكن فور وصوله إلى السلطة نكث بكل تلك الوعود وأقدم على إبعاد أكبر عدد من الفلسطينيين منذ عام ١٩٦٧ . وأغلق الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل كامل للمرة الأولى ولمدة طويلة في إطار ماسمي بالطوق الأمني في المناطق، كما ازدادات في عهده حملات القتل والقمع وتدمير البيوت بشكل غير مسبوق، كما أن عملية بناء المستوطنات تجري على نفس الوتيرة وبشكل مكثف رغم جميع الوعود. 

ومما يزيد في شعورنا بالأسى والاستهجان لتصريحات الرئيس المصري أن تلك التصريحات حول وفاء الإسرائيليين بوعودهم في الوقت الذي ارتفع فيه صوت جميع الوفود العربية المفاوضة بالاحتجاج على عدم التزام (إسرائيل) بوعودها التي قدمتها من أجل استئناف الجولة التاسعة للمفاوضات، فقد صرح أعضاء الوفود العربية وأعضاء الوفد الفلسطيني بأن التعهدات الإسرائيلية التي قدمت لم يتحقق منها شيء سواء ما كان منها يتعلق بتقديم تنازلات في شروط التفاوض أو ما كان متعلقًا بقضية المبعدين والمعتقلين وحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وقد رد رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين على ذلك بقوله «الفلسطينيون يخطئون لو اعتقدوا أن علينا القيام بمبادرات حسن نية ليوافقوا فقط على الجلوس إلى طاولة المفاوضات»

 فهل يريد الرئيس المصري أدلة إضافية على عدم وفاء اليهود بتعهداتهم ووعودهم؟!! ولابد من الإشارة هنا إلى أن صفة الغدر والخيانة ونقض الوعود والمواثيق عند اليهود لا تقتصر على تعاملهم مع العرب فقط بل إن هذا الطبع المتأصل هو أسلوب للتعامل مع الجميع على المستوى الدولي.

ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى ما أورده هلتر في كتابه المشهور« كفاحي» عن اليهود حيث قال: «تقوم علاقة اليهودي بالشعوب التي يعيش متطفلًا فيها على الكذب والدجل». ومع وضعنا لهذه الحقائق الموثقة بين يدى قارئنا الكريم والرئيس حسني مبارك، نأمل من الرئيس حسني مبارك أن يبدأ في تغییر نظرته لليهود على ضوء تلك الحقائق والمواثيق، كما أننا يجب أن ندرك أنه لا منجى من مكائد اليهود وغدرهم إلا بعودة صادقة إلى تحكيم شرع الله في أرض الكنانة وسائر البلاد العربية الأخرى .

 وأن يكون تقييمنا لليهود ونظرتنا لليهود نابعة من قوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰوَة لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟﴾ ( المائدة: 82). 

الرابط المختصر :