العنوان تساؤلات وإجابات (العدد 570)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 11-مايو-1982
مشاهدات 11
نشر في العدد 570
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 11-مايو-1982
حكم استعمال الجيلاتين في الأغذية
جاءتنا رسائل تسأل عن حكم استعمال الجلاتين في الأغذية، وقد أجاب عن هذا السؤال الدكتور عبد الله بن محمد الطريقي، رئيس قسم الدراسات بالكلية المتوسطة لإعداد المعلمين بالرياض في مقال بعثه لنا يقول فيه:
حكم استعمال الجيلاتين في الأغذية:
مصدر الجيلاتين هو الكولاجن الذي تحول بالمعالجة إلى الجيلاتين والكولاجن مستمد من الخنزير، مع العلم بأن الخصائص الفيزيائية والكيمائية للجيلاتين مختلفة عن مصدرها الأصلي وهو الكولاجن وهذا يعني أن بعض التغيرات قد حصلت للكولاجن في عملية تحويله إلى جيلاتين.
وعلى هذا الأساس هل الجيلاتين المتحول عن الكولاجن الذي أصله من الخنزير حلال أم حرام.
قبل أن نحكم عليه بحل أو حرمة لا بد أن نعرف هل تحول الكولاجن إلى جيلاتين تحول بعينه أو انقلبت عينه وحقيقته إلى مادة أخرى؟
فإن كان الأول فهو محرم لوجود عين المحرم.
وإن كان الثاني فحكمه حكم الخنزير إذا تحول ملحا وفيه خلاف بين الفقهاء نفصله فيما يلي:
١- عند الحنفية أن الخنزير لو صار ملحا لا ينجس. فقد جاء في الدر المختار شرح تنوير الأبصار: «ولا يكون نجسًا رماد قذر وإلا لزم نجاسة الخبز من سائر الأمصار ولا ملح كان حمارًا أو خنزيرًا ولا قذر وقع في بئر فصار حماة» (i) (ii).
وقال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: وهذا قول محمد وذكر معه في الذخيرة والمحيط أبا حنيفة. قال في الفتح: وكثير من المشائخ اختاروه وهو المختار لأن الشرع رتب النجاسة على تلك الحقيقة وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض مفهومها فكيف بالكل. فإن الملح غير العظم واللحم فإذا صار ملحًا ترتب حكم الملح. ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة وتصير مضغة فتطهر. والعصير طاهر فيصير خمرًا فينجس ويصير خلا فيطهر، فعرفنا أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتب عليها» ١. هـ (iii).
وجاء في الفتاوى الهندية: «الحمار والخنزير إذا وقع في المملحة فصار ملحًا وبئر البالوعة إذا صار طينًا يطهر عندهما خلافا لأبي يوسف -رحمه الله- تعالى» ١/ هـ (iv).
٢- أما المالكية فلم أر لهم كلامًا عن استحالة الخنزير والذي رأيته عن استحالة الخمر فقد جاء في شرح الحطاب على متن خليل، أن من الأشياء الطاهرة زرع سقي نجسًا وخمر تحجر أي صار حجرًا وهو المسمى الطرطار ويستعمله الصباغون، وهذا إذا ذهب منه الإسكار، أما لو كان باقيًا فيه بحيث لو بل فشرب أسكر فليس بطاهر، أو خلل أي ولو بإلقاء شيء فيه كالخل والملح والماء ونحوه ويطهر الخل وما ألقى فيه. (v).
ومن الأشياء النجسة عند المالكية جلد الميتة وإن دبغ، وهذا هو المشهور المعلوم من قول مالك فلا يجوز بيعه وإن دبغ ولا يصلى عليه.
ورخص فيه مطلقًا إلا من خنزير فلا يرخص فيه مطلقًا زكي أم لا لأن الزكاة لا تعمل فيه إجماعًا فكذا الدباغ على المشهور.
٣- وعند الشافعية لا يطهر نجس العين بالغسل مطلقًا، ولا بالاستحالة كميتة وقعت في ملاحة فصارت ملحا أو أحرقت فصارت رمادا إلا شيئان:
أحدهما: خمر وإن كانت غير مختمرة تخللت بنفسها فتطهر بالتخلل لأن علة النجاسة والتحريم الإسكار وقد زالت.
ولأن العصير لا يتخلل إلا بعد الخمر غالبا، فلو لم نقل بالطهارة لربما تعذر الخل وهو حلال إجماعًا .
فإذا خللت بطرح شيء فيها ولو بنفسه أو بإلقاء نحو ريح فلا تطهر لأن من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه غالبًا، سواء أكان له دخل في التخليل كبصل وخبز حار أم لا كحصاة.
ولا فرق بين ما قبل التخمر وما بعده ولا بين أن تكون العين طاهرة أو نجسة.
الشيء الثاني: جلد نجس بالموت مأكولاً كان أو غيره فيطهر بدبغه ولو بوقوعه بنفسه أو بإلقاء ريح أو نحو ذلك (vi) (vii).
٤- وعند الحنابلة يقول صاحب المغنى: ظاهر المذهب إنه لا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا الخمرة إذا انقلبت بنفسها خلاً، وما عداه لا يطهر كالنجاسات إذا احترقت فصارت رمادًا، والخنزير إذا وقع في الملاحة وصار ملحًا والدخان المترقي من وقود النجاسة، والبخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل ثم قطر فهو نجس، ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة قياسًا على الخمرة إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دبغت والجلالة إذا احتبست.
والأول ظاهر المذهب وقد نهى إمامنا -رحمه الله- عن الخبز في تنور شوى فيه خنزير١. هـ (viii).
تلخيص هذه الأقوال:
١- المختار عند الحنفية أن الخنزير لو صار ملحا لا ينجس كما هو قول أبي حنيفة ومحمد لانقلاب عينه إلى ملح.
٢- وعند المالكية إذا تخللت الخمر ولو بإلقاء شيء فيها تطهر إذا زال عنها الإسكار. أما جلد الخنزير فلا يطهر ولو دبغ لأن الزكاة لا تعمل فيه فكذا الدباغ.
وعلى هذا يحتمل أن الخنزير لو صار ملحا لا يطهر عندهم لأنهم لم يتعرضوا له مع الخمر وما في معناها من الزرع إذا سقي بنجس. ولأنهم قالوا إن جلده لا يطهر بالدباغ فكذلك استحالته.
ويحتمل أن يطهر قياسًا على الخمر إذا صارت خلًا.
٣- وعند الشافعية لا يطهر نجس العين بالغسل مطلقًا ولا بالاستحالة إلا الخمر إذا تخللت بنفسها أو جلد نجس بالموت إذا دبغ، وما عداهما لا يطهر.
٤- وعند الحنابلة في ظاهر المذهب لا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا الخمر إذا انقلبت بنفسها خلًا.
ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة قياسًا على الخمر إلا أن الأول هو ظاهر المذهب.
ومن هذا نعلم أن الخنزير لو صار ملحًا ففي طهارته قولان:
الأول: إنه لا ينجس كما هو قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول عند الحنابلة.
الثاني: أن يبقى على نجاسته ولا يطهر كما هو قول الشافعية وظاهر مذهب الحنابلة وقول أبي يوسف من الحنفية.
الترجيح بين هذه الأقوال:
الذي يظهر لنا أن الخنزير إن استحال إلى ملح أو غيره لا يظهر، بل يبقى على نجاسته لأن نجاسته ذاتية. ولأن حرمته مغلظة ولا يستبعد أن ينتقل ما به من داء إلى الملح أو أي مادة أخرى انقلب إليها.
أما قول ابن عابدين إن الحقيقة تنتفي بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل، فهو قد يكون مسلمًا بالنسبة للخمر بعد تحولها خلًا بدون معالجة، فحقيقتها تكون قد تحولت إلى حقيقة أخرى بدليل عدم الإسكار فيها بعد التحول. وهذا بخلاف الخنزير فحقيقته لم تتغير وإنما انقلب ملحًا بسبب مكثه في هذا المكان مع أن أضراره قد تكون موجودة بعد تحوله إلى ملح.
وعلى هذا فالجيلاتين المتحول عن الكولاجن الذي أصله من الخنزير حرام لأن ذلك مثل انقلاب الخنزير ملحًا .
ومن هنا يجب علينا أن نقول: إن من واجب الدول الإسلامية ألا تستورد أي نوع من الحلويات أو الأغذية التي تحتوي على الجيلاتين إلا إذا كان مصدره نباتيًا، أما إن كان حيوانيًا فيلتزم المصدر له بذكر مصدر الجيلاتين أهو من الخنزير أو من غيره.
كما أن من واجب المسلمين القيام بأبحاث علمية عن الاختلافات الكيميائية والبيولوجية بين الكولاجن والجيلاتين.
قال الدكتور أحمد حسين صقر: «إن معظم الدول الإسلامية هي من تلك البلاد المستهلكة والمستوردة لمادة الجيلاتين، وذلك لتحضير الغذاء الحلو المذاق المسمى الجيلو، لذلك فإن على هذه الدول مطالبة الشركات المصنعة للجيلو أن تستحضر الجيلو من مواد نباتية أو من مواد حيوانية غير الخنزير وإلا فإنه يحرم استيراد هذه المواد الغذائية لأسواقها المحلية. ويمكن القيام بهذه العملية عن طريق وزارات التجارة والاقتصاد كما يقوم بهذا التجار في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
ولا بد من التنويه إلى أن سفارات الدول الإسلامية مطالبة بملاحقة هذا الموضوع مع الشركات العالمية، ما هي إلا شركات تجارية ولا بد أن تقوم بعملية التصنيع إرضاء للمستهلك. وإن جميع الشركات مستعدة للقيام بتصنيع أي نوع من الأغذية ما دام هناك طلب عليه من إحدى الجاليات والأقليات. وكذلك من إحدى الدول الإسلامية المستوردة لتلك المنتجات» (ix).
أسئلة وأجوبة
السؤال الأول: المعلوم أن أكثر الجمعيات التعاونية تضع أموالها في البنوك ونحن مساهمون بهذه الجمعيات. فإذا ما وزعت الجمعية الأرباح السنوية علينا قد تعطينا من هذه الفوائد الربوية- فما حكمها؟ وحكم التعامل مع الجمعيات - جميع الشركات المماثلة؟ - الكويت-
الإجابة: إذا وضعت الجمعيات التعاونية وغيرها كالشركات المساهمة أموالها في البنوك وأخذت في مقابلها فوائد ربوية حرم على المساهمين أخذ شيء منها قل أو كثر. ولا ينبغي أن يختلف في هذا أحد من أهل العلم للقطع بتحريم الربا قليله وكثيره سواه لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (البقرة: 278).
وأما إذا وضعت الشركة أموالها في بنك لحفظ المال فقط في خزانة خاصة ولا يستعمل البنك تلك الأموال ولا يعطي فوائد في مقابل ذلك فهذا جائز قطعًا. أما إذا أودعت أموالها في البنك للحفظ فقط دون أن تأخذ فوائد عنها لكن البنك يستعمل تلك الأموال في استثماراته واستغلالاته فإن في ذلك كراهة ولو لم تأخذ الجمعيات فوائد عن تلك الأموال التي أودعتها للحفظ، ووجه الكراهة أن في ذلك إعانة للبنك على الاستثمار المحرم والمعصية التي تتحقق في الربا. أما الشراء من الجمعيات التعاونية ونظائرها فإنه جائز شرعًا لأنه لا يتخلل هذا التعامل ربا، فإذا كانت الجمعيات نفسها تتعامل بالربا مع البنوك ونحوها، فإن هذا لا يؤاخذ به المشتري من الجمعية والمتعامل معها، وإنما الإثم على الجمعية نفسها ومثل ذلك مثل الموظف في الجمعية التعاونية فإنه يتعامل مع الجمعية في مقابل أجر يأخذه لقاء عمله، فيحل له أجره فإن كان فيه شبهة الربا، فإن المسؤول عنها هو الجمعية نفسها المتعاملة بالربا أما هو فيطيب له أجره لقاء عمله كما يطيب للمشتري من الجمعية ما يشتريه منها من السلع والمواد الغذائية.
السؤال الثاني: هل يجوز الانتفاع بزجاجات الخمر الفارغة وبيعها؟ - المغرب -
الإجابة: الخمر محرمة في الإسلام وعينها نجسة، ولما حرمت على المسلمين أمر النبي المسلمين بإراقتها، وما بلغنا أنه أمر بتكسير القنان والأوعية فتبقى على أصل حل الانتفاع بها لكن بعد تطهيرها باعتبار أن أعيانها أموال متقومة شرعًا .
الهوامش
(i ) حمأة: فتح الحاء وسكون الميم وفتح الهمزة قال في القاموس: الطين الأسود المنتن، القاموس المحيط باب الهمزة فصل الحاء جـ۱ ص ۱۲.
(ii ) حاشية ابن عابدين جـ ١ ص ٣٣٦.
(iii ) حاشية ابن عابدين جـ ۱ ص ۳۲۷.
(iv ) الفتاوى الهندية جـ ١ ص ٣٥.
(v ) انظر مواهب الجليل شرح مختصر خليل جـ ۱ ص ۹۷-٩٨.
(vi ) انظر التاج والإكليل شرح مختصر خليل مع مواهب الجليل جـ ١ ص ۱۰۱، وانظر الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي جـ ١ ص ٥٥.
(vii ) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج جـ ۱ ص ۱۷۹- ۱۸۰ وانظر شرح المنهاج جـ ١.
(viii ) المغني والشرح الكبير جـ ١ ص ٥٩.
(ix ) عن مجلة الدعوة السعودية عدد ١٦٨ في١٦/١/١٣٨٨ هـ، ص ١٨.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل