العنوان تطورات جديدة في أزمة النقابات المهنية.. وماذا تقترح الحكومة للحل؟
الكاتب بدر محمد بدر
تاريخ النشر الثلاثاء 01-يوليو-1997
مشاهدات 6
نشر في العدد 1256
نشر في الصفحة 36
الثلاثاء 01-يوليو-1997
التيار الإسلامي: لم نعد في حاجة إلى الأغلبية فقد حققنا الهدف منها
4 تصورات لحل الأزمة أمام مجلس الوزراء وكلها تسعى للسيطرة الحكومية على النقابات
أمام مجلس الوزراء المصري الآن أكثر من تقرير يطرح أكثر من حل للأزمة الخانقة، وحالة الاحتقان التي تعيشها النقابات المهنية منذ سنوات، وعلى وجه الخصوص النقابات التي يديرها الإسلاميون أو يشاركون في مجالسها بشكل فاعل ومؤثر، ويبدو من الواضح أن الأوضاع بدأت تتحرك في الأسابيع الأخيرة في اتجاه البحث عن حل ما، ومحاولة إذابة الجمود الذي تعيشه هذه النقابات منذ أكثر من أربع سنوات، ونتج عن هذه الحالة عدم النجاح في عقد الجمعيات العمومية لإقرار الميزانيات وتقارير مجالس النقابات وإجراء الانتخابات، وبالتالي فقدت مجالس النقابات المنتخبة شرعيتها القانونية، وقامت الحكومة باستخدام سلاح فرض الحراسة على اثنتين من أكبر النقابات «المهندسين والمحامين»، بينما استخدمت سلاح المحاكمات العسكرية مع نقابة الأطباء العامة والنقابات الفرعية فسجنت وأبعدت واعتقلت نسبة كبيرة من الإسلاميين في هذه المجالس، وأدى ذلك كله إلى تدهور أوضاع النقابات وإهدار الأموال في بعضها، وزيادة حالة الإحباط السياسي بوجه عام في الأوساط المهنية وفي الشارع السياسي كذلك.
لقد نجحت النقابات المهنية في السنوات العشر الأخيرة في أن تصبح منابر ديمقراطية حقيقية يمارس فيها أبناء المهنة حقهم في اختيار من يمثلهم، ويبدون فيها أراءهم ومواقفهم دون قيود، وصارت هذه النقابات أدوات ضغط على الوضع السياسي العام سواء في متابعتها للقضايا الوطنية والحريات الأساسية أو في إيقاظ الوعي السياسي والنقابي والمهني لدى المنتمين إليها، وأصبح المتردد عليها أكثر بكثير من المترددين على الأحزاب السياسية القائمة!، ولأن الحكومة ليس لديها الرموز المقبولة نقابيًا، التي يمكن أن تنافس على الفوز بالمقاعد خصوصًا في ظل إحساس جمهور النقابات بتغير جذري في الأداء النقابي، سواء الخدمي أو المهني أو الوطني، منذ فوز الإسلاميين، توجهت الحكومة للعمل على استعادة السيطرة على هذه النقابات، فقامت بتعديل قانون النقابات المهنية لصالحها، لكن النتيجة لم تكن إيجابية، فقدمت تعديلًا آخر للقانون، ثم اضطرت في النهاية إلى إلغاء الانتخابات عن طريق اللجنة القضائية التي خولها القانون الإشراف على الانتخابات بشكل كامل، وهي لجنة إدارية تخضع لإشراف الحكومة عن طريق وزير العدل، وسارعت الحكومة باتهام مجالس النقابات بالمماطلة في إجراء الانتخابات في الوقت الذي أقامت فيه النقابة العامة للأطباء دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، تتهم فيها اللجنة القضائية المشرفة على انتخاباتها بالمماطلة في تحديد
موعد لفتح باب الترشيح واستكمال الإجراءات وبالفعل حصلت - قبل حوالي ثلاثة أشهر – على حكم لصالحها يدين اللجنة القضائية، لكن النقابة فشلت - حتى الآن - في إجراء الانتخابات الخاصة بها، بسبب اصطدامها بالقانون الذي يعطي اللجنة القضائية وحدها حق تحديد موعد الانتخابات، وفي نقابة المهندسين كان المجلس قد تقدم بكافة الأوراق اللازمة لكن اللجنة القضائية ماطلت ولاتزال في تحديد موعد للانتخابات، وبات واضحًا لدى المتابعين للشأن السياسي والنقابي أن السلطة تبحث عن طريقة لإزاحة الإسلاميين تماماً.
التقارير التي ينظرها مجلس الوزراء حاليًا، تقدم بعض الاقتراحات لحل الأزمة.. أحد هذه التقارير يؤكد أن إجراء الانتخابات في النقابات المهنية حاليًا، وبالصورة التي جرت عليها في السابق معناه الوحيد أن يفوز الإسلاميون مرة أخرى بإدارتها، لأن القاعدة النقابية لا تزال مؤيدة لهم، وبالتالي فالاقتراح الذي يطرحه هذا التقرير المقدم من أحد الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع وزارة مختصة أن يتم تعديل القانون الخاص بالنقابات، بقرار جمهوري له قوة القانون، على أن ينص فيه على حق الوزير المشرف على النقابة في «تعيين» أعضاء مجلسها لمدة معينة عقب انتهاء المدة القانونية للمجلس المنتخب، وهذا الحل بالطبع حل مؤقت، ويتعارض مع ما نص عليه حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في عام ۱۹۸۳م والذي يقضي بأن الجمعيات العمومية للنقابات هي صاحبة الحق الدستوري في اختيار مجالسها عبر انتخابات حرة، وأي جهة تزعم لنفسها هذا الحق، فإنها تكون مخالفة للدستور.
حل آخر يطرحه تقرير آخر مفاده أن يتم تشكيل لجنة من الوزراء المشرفين على النقابات يكون من حقها التوقيع على الشيكات الصادرة من النقابات، مع ضم صناديق النقابات وهي بمئات الملايين من الجنيهات - إلى الوزارات باعتبارها «مال عام»، وأن الوزير المختص هو المسؤول عنه.. وهذا الحل سوف يؤدي بالطبع إلى حالة من الشلل العام الأنشطة النقابات ومصالح أعضائها، وقد يؤدي إلى نتيجة سلبية تجاه الحكومة.. تقرير ثالث - حزبي - يطرح حلًا آخر مفاده أن يتم تكليف أمانات الحزب الوطني بالمحافظات باختيار «مرشحين» لمجالس النقابات من أبناء الحزب الوطني وحدهم، على أن تتولى السلطة وأجهزة الأمن اتخاذ كافة الأساليب والوسائل اللازمة لـ «إنجاحهم». وفرضهم على النقابات.. وهذا الحل بالطبع يستبعد القوى السياسية بما فيها أحزاب المعارضة من المشاركة.. أما الحل الرابع، والذي قد يلتقي معه بعض المعارضين والأحزاب القريبة من السلطة، فيقضي بإعداد قائمة مشتركة تجمع مرشحي الحكومة مع التيارات الأخرى ومنها التيار الإسلامي، بشرط أن تكون نسبة المشاركة للآخرين غير مؤثرة في قيادة النقابة، وبالتالي يتحقق للحكومة هدف السيطرة مع امتصاص واستيعاب الآخرين.. ولم يحسم مجلس الوزراء خياراته حول هذه الأزمة بعد، ويبدو أن الواقع هو الذي سوف يكشف انحياز السلطة إلى أي الخيارات المطروحة خلال الأسابيع أو الشهور القادمة.
تطورات جديدة
وعلى مستوى التطورات الميدانية شهدت الأسابيع الأخيرة أكثر من تطور في أكثر من نقابة، ففي نقابة المحامين، احتشد أكثر من الفي محام في مقر نقابة المحامين الفرعية بالقاهرة، بعد إغلاق النقابة العامة، وعقدوا في مايو الماضي جمعية عمومية غير عادية، سحبوا فيها اختصاصات الحراس القضائيين، وأعلنوا عن تشكيل لجنة مؤقتة برئاسة الدكتور محمد عصفور وبأمانة عصام الإسلامبولي للإعداد لفتح باب الترشيح وإجراء الانتخابات غير أن الحكومة تجاهلت هذه الجمعية، ورفض حراس النقابة تسليمها، فأقامت اللجنة المؤقتة دعوى
أمام محكمة القضاء الإداري لإلغاء القرار السلبي من الحراس بالامتناع عن تسليم النقابة، وحددت المحكمة جلسة لنظرها يوم الأحد القادم 6/7/1997م، وعلمت المجتمع أن اتصالات ومشاورات تجرى حاليًا بين التيارات السياسية في النقابة للخروج بحل مقبول من الأطراف ويقود هذه المشاورات حزب الوفد. وفي نقابة المهندسين تم عزل الحارس المفروض أمنيًا على النقابة بعد أن استولى رسميًا على قرابة مليوني جنيه كأتعاب، بالإضافة إلى ما تناثر عن حصوله على رشاوى من المنضمين للنقابة دون سند من القانون، وتم تعيين ثلاثة من الحراس الجدد منهم وزيران سابقان، وهم متطوعون، وليس لهم مصلحة. كما يقول الأمين العام لنقابة المهندسين د. محمد علي بشر. في الاستمرار طويلًا، بالإضافة إلى أنهم مهندسون لهم مكانة وتاريخ في المهنة، وليس لهم مصلحة في أن يلوثوا تاريخهم، وبالتالي فأنا أتوقع أن تجرى الانتخابات بسرعة، وخصوصًا أن الحكومة رصدت السلبيات خلال الفترة الماضية بالنسبة للمهنة، والقصور الشديد في الأداء المهني، ويؤكد الدكتور محمد بشر أن الحراسة المفروضة على النقابات كانت كارثة أضرت بمصالح الأعضاء وشؤون المهنة، لأن دور النقابات قبل أن يكون خدمة الأعضاء ورعاية مصالحهم هو حماية المهنة والدفاع عنها وتنظيم شؤونها، وبالتالي أدت الحراسة إلى قصور الأداء المهني الذي لم يعد هناك من يتابعه ويحاسب المقصرين فيه.. ويشير الدكتور بشر إلى أنه بالحراسة على النقابات تلاشت كل الحجج، ومنها أننا كنا السبب في تأخير الانتخابات وهذه قرية باطلة، لأن اللجنة القضائية وفقًا للقانون رقم ١٠٠ لسنة ۱۹۹۳م هي المسؤولة عن ذلك، والواقع أن ترديد ذلك كان بهدف فرض الحراسة، وخلال ٢٦ شهرًا من الحراسة هل جرت الانتخابات؟!... أما المخالفات المالية التي زعموها فقد انتهت كل الأجهزة الرقابية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية من مراجعة الحسابات ولم تجد مخالفة واحدة.. بل وجهت الشكر النقابة المهندسين.
رؤية جديدة للإسلاميين
وفي نقابة الأطباء لاتزال الاتصالات والمحاولات جارية بهدف تنفيذ حكم القضاء الإداري بإجراء الانتخابات في أقرب فرصة، وكذلك الموقف في نقابات أطباء الأسنان والصيدلة والتجاريين وغيرها.. وحول تصور الإسلاميين للمشاركة الانتخابية في المرحلة القادمة يقول مختار نوح أمين صندوق نقابة المحامين لـ المجتمع: إننا لا نسعى الآن للفوز بالأغلبية، ولكن نسعى للمشاركة، كنا في السابق نحتاج الأغلبية التي تصنع القرار، خصوصًا أن المرحلة السابقة - في نقابة المحامين - كانت مرحلة تحول من الركود إلى العمل.. من الجمود إلى الانطلاق والحركة.. وقد وضعت الأغلبية في المجلس المنتخب البنية الأساسية من الأداء الخدمي الكافي... مشروع العلاج الذي يشارك فيه حاليًا أكثر من عشرين ألف عضو، وكذلك زيادة المعاش حتى وصل إلى ۷۰۰ جنيه شهريًا، وهي طفرة لم تحدث من قبل في تاريخ النقابات المهنية، مشروع الأتوبيسات التي تنقل السادة المحامين بين المحاكم وتحفظ لهم كرامتهم ووقتهم.. أيضًا النوادي المنتشرة في أنحاء البلاد.. وهكذا... فمن يأتي بعد ذلك، فسوف يكمل هذه المشروعات، وبالتالي لسنا في حاجة إلى الأغلبية.. وللتذكرة فلم تكن أغلبية في المجلس الحالي ولكنها أغلبية متوافقة... ويضيف مختار نوح أن نقابة المحامين هي صرح ديمقراطي له تاريخه الذي ينبغي أن يحرص عليه الجميع، والعدوان عليه هو عدوان على جزء من تاريخ مصر، وينبغي أن نضع هذا في اعتبارنا قبل اتخاذ أي خطوة غير ديمقراطية. وفي الاتجاه نفسه يؤكد الدكتور محمد بشر لـ المجتمع أن هدف التيار الإسلامي ليس السيطرة، بل إننا في آخر ترشيحات للانتخابات اتصلنا بالوزارات المختصة... الري... الكهرباء... الصناعة.. واتصلنا بوزارة الدفاع «المهندسين العسكريين» وبالأقباط لتنسيق الترشيحات على أساس أن تكون ممثلة لكل القوى، وهذا توجهنا من الأصل، وقد حدث هذا في عام ١٩٩٣م. وقبل الضغط على النقابات المهنية، وتعطيل الانتخابات وفرض الحراسة القضائية عليها. والآن.. إلى أين تسير دفة الأمور؟ هذا ما ستسفر عنه التحركات خلال الأسابيع القادمة! .
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل