العنوان تعدد الزوجات أيضًا... حلوا هذه المعادلة الصعبة
الكاتب أحد القراء
تاريخ النشر الثلاثاء 03-نوفمبر-1970
مشاهدات 28
نشر في العدد 34
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 03-نوفمبر-1970
الأسرة
تعدد الزوجات أيضًا...
حلوا هذه المعادلة الصعبة
نوقش في مجلة المجتمع على صفحات الأسرة موضوع تعدد الزوجات ولماذا أباحه الإسلام واختلفت الآراء فأردت أن أبعث لكم بالحكم الفيصل مستمدًا إجابتي من كتاب الإسلام والسلام العالمي للشهيد سيد قطب رحمه الله يقول سيد قطب رحمه الله في بداية كلامه من تعدد الزوجات:
«إنني أنظر فأرى كل مشكلة اجتماعية قد تحتاج إلى تدخل من التشريع بالتعديل أو التقييد إلا مسألة تعدد الزوجات فإنها تحل نفسها بنفسها ولا توجد إلا حيثما كان المجتمع في حاجة إليها وتسمح أوضاعه وضروراته بها.
إنها مسألة تتحكم فيها الأرقام ولا تتحكم فيها النظريات ولا التشريعات ولست أدري كيف جاز أن تلوكها الألسن ولا كيف أصبحت مجالًا للأخذ والرد والنقاش».
نعم إنها مسألة تتحكم فيها الأرقام ولا تتحكم فيها النظريات ولا التشريعات فحين يزداد عدد النساء عن عدد الرجال فلا يمكن إذاً أن يكون هناك نساء غير متزوجات، فيحدث هنا التعدد.
أما إذا توازن عند الرجال وعدد النساء فإنه يتعذر عمليًا أن يحصل رجل واحد على أكثر من امرأة واحدة... لأن الأرقام هنا هي التي تتحكم.
وهنا يقول سيد قطب رحمه الله: «إن معنى استطاعة رجل ما أن يحصل على امرأة أخرى... هو أن هناك امرأة زائدة لا تجد رجلًا يقبلها.
ويستوي أن يكون هذا الرجل غير موجود حقيقة أو حكمًا، أي أن يكون عدد النساء في سن الزواج أكثر عدديًا من عدد الرجال في الأمة».
ويورد سيد قطب رحمه الله بعد ذلك العلة والسبب فيقول... حين يختل توازن الأمة فيقل عدد الرجال الصالحين للزواج عن عدد النساء، سواء كانت هذه القلة من ناحية العدد كما يقع بعد الحروب والأوبئة التي يتعرض لها الرجال أكثر ولأي سبب آخر أو كانت من ناحية عدم القدرة على الزواج لأسباب اقتصادية أو عائلية أو اجتماعية عامة... فهنا فقط يوجد مجال لأن يستطيع رجل تعديد زوجاته فلننظر إذن في هذه الحالة وأقرب الأمثلة لها الآن ألمانيا توجد ثلاث فتيات في سن الزواج مقابل كل شاب في هذه السن «ما بين سن ۲۰ وسن ٤٥».
إنها حالة اختلال اجتماعي واضحة فكيف يواجهها المشرع الذي يعمل لحساب المجتمع ولحساب المرأة والرجل ولحساب النفس الإنسانية جميعًا أن هنالك حلًا من حلول ثلاثة:
الحل الأول: أن يتزوج كل رجل امرأة وتبقى اثنتان لا تعرفان في حياتهما رجلًا، ولا بيتًا ولا طفلًا ولا أسرة.
والحل الثاني: أن يتزوج كل رجل امرأة فيعاشرها معاشرة زوجية وأن يختلف إلى الأخريين أو واحدة منهما لتعرف في حياتها الرجل، دون أن تعرف البيت أو الطفل أو الأسرة.
فإذا عرفت الطفل تلبية لنوازعها الأنثوية العميقة عرفته عن طريق الجريمة، وعرفته متهما مشبوها، ليس له والد معروف وحملت نفسها وحملت طفلها البريء ذلك العار وذلك الضياع.
والحل الثالث: أن يتزوج هذا الرجل أكثر من امرأة فيرفعها إلى شرف الزوجية وأمان البيت، وضمانة الأسرة وتأمين الطفولة وبرفع ضميره عن لوثة الجريمة وقلق الإثم وعذاب الضمير ويرفع المجتمع عن لوثة الفوضى واختلاط الأنساب وقذارة الفحشاء ويمنح الأمة فرصة التعويض من هذا الاختلال بنسل جديد يتم فيه التوازن بعد الحروب والأوبئة التي تنشئ هذا الاختلال أي الحلول في هذه الحالة أليق بالإنسانية، وأحق بالرجولة وأكرم للمرأة ذاتها وأنفع؟ ولقد اختارت ألمانيا المسيحية التي يحرم دينها التعدد... اختارت في هذه الأيام فلم تجد خيرًا إلا في ما اختاره الإسلام وهي لا تدين بالإسلام...
لله درك يا سيد... لقد أخرست ألسنة أولئك الذين يتخذون من التعدد سبابًا يسبون به الإسلام... فليس أمامنا إلا الحل الثالث لأنه أفضل للمجتمع وأليق بالإنسانية وأحق بالرجولة.
ولهذا السبب أباح الإسلام تعدد الزوجات فالإسلام لم يأتِ إلا لينظم حياة هذه الأمة ليجعلها تسير على طريق مستقيم بعيدة عن القيم الجاهلية التي تحيط المجتمع وتنشر بذور الفساد فيه.
فلما رأى الإسلام أن هذا التعدد فيه خير للمجتمع والإنسانية أباحه لتبتعد عما حرمه عليها من زنا وفاحشة، ولكن الذين طمس الله على قلوبهم فلم يدخل النور فيها أبوا إلا أن يظلوا على ما هم فيه من جهل وأن يكيلوا التهمة نفسها إلى الإسلام بعذرٍ أقبح من الأول فيقولون إن المرأة في هذا العصر وقد أعطيت حريتها كاملة فهي إذًا قادرة على العمل وقد فتحت أمامها جميع المجالات فهي قادرة على الحياة بلا رجل.
رأي سيد قطب في المرأة
ولنقرأ رأي الشهيد سيد قطب -رحمه الله- في هذا الاتهام «أكذب الكذب على الطبيعة والفطرة والواقع أن يقال هذا الكلام فحاجة المرأة إلى الرجل كحاجة الرجل إلى المرأة، ليست محصورة كلها في الطعام، بل ليست محصورة كلها في مطالب الجسد، وإن كانت هذه لا يغني عنها المال ولا الطعام أو الشراب، بل إن هنالك لحاجة نفسية عميقة في كيان كل امرأة أن تجد رجلًا.
إنها حاجتها إلى الاعتراف بوجودها، وليس شعور الرجل بعيدًا عن هذا كذلك، فإعجاب المرأة برجل يساوي لديه شيئًا كثيرًا للسبب نفسه مما يبطل خرافة العامل الاقتصادي الذي يفسر به بعض السطحيين من أصحاب المذاهب المادية بشعور المرأة بحاجتها إلى الرجل ليعولها.
فالرجل لا تعوله المرأة ولكنه لا يحس فرحًا ولا نشاطًا ولا اعتزازًا كما يحس وامرأة تعجب به إنها الإرادة العليا التي أودعت نفس الجنسين هذه الحاجة لتبنى منهما الحياة، ولتدفعهما إلى التعمير والإنشاء والإنماء».
وأريد هنا أن أشير إلى نقطة هامة هي أن الإسلام لم يترك التعدد بدون قيود بل حدده بقيد وهو القدرة على العدل بين الزوجات «فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان، يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطًا أو مائلًا)، والميل الذي حذَّر منه هذا الحديث هو الجور على حقوقها لا مجرد الميل القلبي فإن هذا داخل في العدل الذي لا يستطاع والذي عفا عنه الله قال سبحانه وتعالى: «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل» ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك» يعني ربما لا يملكه أمر القلب والميل العاطفي إلى إحداهن خاصة.
ويوجه المستشرقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتهامات باطلة حقدًا عليه -صلى الله عليه وسلم- فیتهمونه بأنه فاق حد التعدد وهو الأربع زوجات وأنه صاحب نساء، ولكن زواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا شيئًا خصه الله به لحاجة الدعوة في حياته إذ تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم سلمة بعد أن استشهد زوجها -رضي الله عنه- وأيضًا كانت الأمة بحاجة إلى زوجاته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته إذ كن المرجع الذي يرجع إليه الصحابة رضوان الله عليهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم أخوكم: عبد الله محمد العبد
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل