العنوان تقرير أعضاء مجلس الأمن الدائمون أكبر مورديها تجارة السلاح.. تحصد الثروات والأرواح
الكاتب د. أحمد عيسى
تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006
مشاهدات 17
نشر في العدد 1704
نشر في الصفحة 18

السبت 03-يونيو-2006
کارتر:
لا يمكننا الحصول على الشيء ونقيضه... ولا نستطيع أن نكون النصير الرائد للسلام.. والمورد الأول للسلاح
SIPRI YEARBOOK 2005
ARMAMENTS, DISARMAMENT AND INTERNATIONAL SECURITY
دخل أمريكا من صناعة السلاح في المرتبة الثانية بعد الزراعة.. ويقدم لها دعمًا ماليًا يقدر بسبعة بلايين دولار.
الإنفاق العالمي على التسليح التقليدي والنووي زاد إلى أكثر من تريليون «ألف بليون» دولار في العام الواحد.
الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن تستأثر مجتمعة بنسبة 88% من صادرات الأسلحة التقليدية المعلنة.
13,3 مليون إنسان لقوا حتفهم في الحروب والنزاعات المسلحة من عام ١٩٩٤م إلى ٢٠٠٣م منهم ٩,٢ ملايين في إفريقيا.
في خضم الأحداث السياسية المتسارعة التي تمر بها الساحة في مختلف بلدان العالم، قد ننسى أن تجارة السلاح التقليدي قائمة على قدم وساق، ويتسع نشاطها لتغذي الصراعات الدائرة في مختلف القارات ولتزرع العداوة وتهلك الحرث والنسل. وتصنع المعاناة والفقر.
والغريب في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية -وهي التي تنادي بالأمن والسلام وتتغنى بالحرية والديمقراطية- هي أكبر دولة في العالم تبيع السلاح «أو تهديه مجانًا كما في حال الكيان الصهيوني» وتتاجر فيه حتى مع من تقف ضدهم في مجلس الأمن!
وقد عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر حين قال: «لا يمكننا الحصول على الشيء ونقيضه، فلا نستطيع أن نكون النصير الرائد للسلام في العالم والمورد الرائد للأسلحة في الوقت ذاته»!
لقد كشف الكتاب السنوي لمعهد استكهولم لأبحاث السلام العالمي (SIPR) أرقامًا مفزعة عن تجارة السلاح، كما ترصد منظمة العفو الدولية (AMNESTY) الأخطار والنتائج المؤلمة، أما اتحاد العلماء الأمريكيين (FAS) فيرصد تأثير ذلك على المجتمع الأمريكي والاستقرار العالمي.
يقول الكتاب: إن الإنفاق العالمي على التسليح «التقليدي والنووي» زاد إلى أكثر من تريليون «ألف بليون» دولار في العام الواحد. تحظى الولايات المتحدة بنصيب الأسد (47%)، حيث تنفق ٤٤٠ بليون دولار على الأسلحة التقليدية، و ٢٣ بليونًا على الأسلحة النووية، وهذا لا يشمل الإنفاق على حربي العراق وأفغانستان، حيث رصد لهما ٧٠ بليونًا هذا العام، و ٥٠ بليونًا للعام القادم، بالإضافة إلى ٥٠ بليونًا وافق عليها الكونجرس من قبل.
والشركات المائة الأكثر بيعًا للأسلحة في العالم -دون اعتبار الصين- باعث في عام ٢٠٠٤م أسلحة بأكثر من ٢٣٦ بليون دولار بزيادة 25% عن السابق، ۳۸ شركة منها تعمل في أمريكا وكندا، وتبيع 63% من جملة المبيعات، و ٦٢ شركة تعمل في أوروبا من بينها ٦ في روسيا، وتبيع ٣٠٪ من الجملة، من العجيب أن قيمة المبيعات لهذه الشركات المائة تساوي جملة الدخل القومي لجميع الدول الفقيرة وعددها 61 دولة! (1).
حصاد السلاح
وكما جاء في تقرير الألفية للأمم المتحدة، فإن ١٣,٣ مليون إنسان لقوا حتفهم في الحروب والنزاعات المسلحة خلال عشر سنوات «من ١٩٩٤ إلى ٢٠٠٣م»، منهم ۹,۲ ملايين في إفريقيا، كل ذلك نتيجة توافر الأسلحة التقليدية من الدول
الديمقراطية الكبرى!
وهذا الرقم «9 ملايين» يعادل سكان لندن أو نيويورك، أو سيدني وأورجواي كلها، ومع ذلك لم يتحرك أحد. ولم يحاكم أحد ممن تسبب في قتل هؤلاء البشر الذين كان 70% منهم مدنيون، معظمهم من الأطفال والنساء، وما إخواننا في فلسطين والعراق منا ببعيد.
وقد أذكت مبيعات الأسلحة نار الحروب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إفريقيا وغرب آسيا وجنوبها -عددهم ٣٧ مليونًا ويمثلون 75% من نازحي ولاجئي العالم- وأجبرتهم على مغادرة منازلهم ودمرت حياتهم وموارد رزقهم، وحكمت عليهم بالفقر (2).
ويقتطع الإنفاق الدفاعي، موارد حيوية من ميزانيات الصحة والتعليم وتنفق دول في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية حوالي ۲۲ بليون دولار في السنة على الأسلحة - نصف تلك المبالغ يمكن أن يكفل مصاريف الدراسة في المرحلة الابتدائية، وفي عام ١٩٩٩ أنفقت جنوب إفريقيا ٦ بلايين دولار على أسلحة اشتملت على غواصات وطائرات ومروحيات وفرقاطات، وكان هذا المبلغ يمكن أن يتكفل بمعالجة جميع المصابين بمرض الإيدز في جنوب إفريقيا، البالغ عددهم خمسة ملايين لمدة عامين (3).
مجموع أموال تجارة السلاح التقليدي ٤٣ بليون دولار في العام.. نصيب أمريكا ٢٣ بليونًا!
أمريكا تنفق ٤٤٠ بليون دولار على الأسلحة التقليدية و ٢٣ بليونًا على الأسلحة النووية.
جدول 1: ترتيب دول بيع السلاح التقليدي طبقًا لمجموع المبيعات المعلنة فقط من عام 2000 - 2004م «مرجع ١».
المبيعات «بليون دولار» أعوام ٢٠٠٠-٢٠٠٤م
| الدولة | الترتيب |
26,9 25,9 6,4 4,9 4,5 2,1 1,7 1,4 1,3 1,3 1,3 1,2 0,74 0,59 0,48 | روسيا أمريكا فرنسا ألمانيا بريطانيا أوكرانيا كندا الصين السويد إسرائيل إيطاليا هولندا بيلاروس أوزبكستان إسبانيا | 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 |
أمريكا كانت الأولى في البيع المعلن للسلاح التقليدي حتى عام ١٩٩٩م ويتوقع لها أن تعود لهذا المركز هذا العام.
جدول ۲: ترتيب دول شراء السلاح التقليدي طبقًا لمجموع المشتريات المعلنة فقط من عام 2000-2004م «مرجع 1»
المشتريات «بليون دولار» أعوام 2000-2004م | الدولة | الترتيب |
11,7 8,5 5,3 3,4 3,3 3,1 2,8 2,6 2,2 2,0 1,9 1,8 1,7 1,7 1,7 | الصين الهند اليونان بريطانيا تركيا مصر كوريا الجنوبية الإمارات العربية أستراليا باکستان إیران أمريكا إسرائيل كندا السعودية | 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 |
النفاق السياسي
إنه لأمر عجيب أن ترحب الحكومات في الدول الغنية ببيع الأسلحة إلى الدول التي ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، بينما لا ترحب بالقدر ذاته بطالبي اللجوء الذين يفدون إليها من هذه الدول نفسها!
ومن أصل أكثر من مليون طلب لجوء قُدم إلى الإتحاد الأوروبي بين العامين ۲۰۰ و ۲۰۰۲، كان العدد الأكبر من العراق وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية وأفغانستان وتركيا، وقد صدّرت دول الإتحاد الأوروبي أسلحة إلى جميع هذه الدول خلال الثمانينيات والتسعينيات.
ومن عام ١٩٩٨ حتى ٢٠٠١م، كسبت أمريكا وبريطانيا وفرنسا مالًا من مبيعات الأسلحة إلى الدول النامية يفوق ما قدمته لها من مساعدات.
وصناعة الأسلحة تختلف عن آية صناعة أخرى، ففي العديد من الدول تعمل دون رقابة، ويشوبها الفساد والرشوة على نطاق واسع. (3)
ويؤكد معهد استكهولم لأبحاث السلام العالمي أن ما يعلن من مبيعات ومشتريات، أنظر جدولي ۱ و ۲ «مرجع 1» أقل من الواقع، وأن مجموع أموال تجارة السلاح التقليدي ٤٣ بليون دولار في العام الواحد. نصيب أمريكا منها ٢٣ بليونًا «لاحظ أن أعضاء مجلس الأمن الدائمين هم في مقدمة تجار السلاح! والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تستأثر بنسبة 88% من صادرات الأسلحة التقليدية المعلنة».
وقد باعث إسرائيل خلال تلك الفترة بما قيمته ١٧ مليونًا لدول إفريقية، و ٤٤٤ مليونًا للأمريكتين معظمه للمكسيك ثم أمريكا ثم شيلي، و ٤٥٢ مليونًا لآسيا وعلى رأس القائمة الهند. ثم سنغافورة، فالصين فكوريا الجنوبية، ولأوروبا ۳۰۱ مليون منها ١٩٠ مليونًا لتركيا والباقي لألمانيا، و ٤٥ مليونًا لأستراليا.
حجة الإرهاب
بحجة الحرب على الإرهاب، بدأت أمريكا ببيع السلاح للدول التي كانت تمنع ذلك عنها من قبل إما لكونها «إرهابية» أو لسجلها السيئ في حقوق الإنسان -وباعت بهذه الحجة- لباكستان صفقة بمليار دولار تشمل ٦ طائرات نقل و 8 طائرات ضد الغواصات و ١٠٠ هليكوبتر، و ۲۰۰۰ صاروخ مضاد للدبابات وبعد رفض دام سنوات أعلنت عن رغبتها في بيع طائرات إف - ١٦ حتى تستطيع باكستان أن تضرب بها «الإرهابيين الإسلاميين».. رغم اعتبار البعض أن هذه الطائرة هي المثلى لحمل السلاح النووي الباكستاني، وكذلك رفعت الحظر عن اليمن ومنحته ۱۰۰ مليون دولار على شكل قطع غيار وتدريب لمكافحة «الإرهاب» (1).
ويقول اتحاد العلماء الأمريكيين: إن أمريكا تقدم السلاح أو تكنولوجيا السلاح الأكثر من 92% من أماكن النزاع في العالم، وأن الأسلحة الأمريكية تساعد على بقاء الأنظمة الديكتاتورية، والجنود الذين يرتكبون الجرائم الفظيعة ضد حقوق الإنسان سواء ضد مواطنيهم أو مواطني دول أخرى، والقوى التي تتصارع في مناطق على حافة أو في وسط أو خرجت من صراعات دامية.
والحسابات تؤكد أن ٨٠٪ من الأسلحة المصدرة من أمريكا للدول النامية هي الأنظمة غير ديمقراطية، وبالنسبة لداخل أمريكا فصناعة السلاح في المرتبة الثانية بعد الزراعة التي تقدم لها دعمًا ماليًا يقدر بسبعة بلايين دولار، وإذا استثمرت أموال صناعة السلاح في أمر آخر لزاد عدد العاملين، والمجتمع الأمريكي يتجرع من الكأس نفسها، حيث تتسبب الأسلحة الصغيرة في مقتل 32 ألف شخص أمريكي في العام (٤).
وهناك حوالي ٦٣٩ مليون قطعة سلاح صغير وخفيف في العالم اليوم، ويتم إنتاج 8 ملايين قطعة أخرى كل عام، وتصنع الأسلحة الصغيرة والذخائر وقطع الغيار في 1135 شركة في أكثر من ٩٨ دولة، وستظل هذه الأسلحة تذكي نار النزاعات العنيفة والقمع الذي تمارسه الدول والجريمة والانتهاكات المحلية، وما لم تتحرك الحكومات لوقف انتشار الأسلحة، سيحدث مزيد من الخسائر في الأرواح، وسيقع مزيد من انتهاكات. حقوق الإنسان، وسيحرم كثير من الناس من فرصة تفادي الوقوع فريسة للفقر (3).
وهناك وسطاء الأسلحة وهم السماسرة الذين يديرون عمليات النقل بين البائعين والمشترين. ويُتهم العديد منهم بتوريد الأسلحة إلى بعض الأماكن التي تشهد أسوأ النزاعات في العالم، وإلى مناطق تعاني من أزمات حقوق الإنسان، وإلى أماكن تخضع لحظر أسلحة تفرضه الأمم المتحدة، بما فيها أنجولا وأفغانستان والعراق ورواندا وسيراليون.
ويُصدّر عدد متزايد من شركات الأسلحة خبرته وتقانة أسلحته اللتين تسمحان بصنع الأسلحة بموجب ترخيص في دول أخرى، حتى إذا كانت هذه الدول مشاركة في نزاعات ترتكب فيها انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وهذه الممارسة تتيح لمصدري الأسلحة الالتفاف على القيود التي تمنع مبيعات الأسلحة هناك. وتجيز الحكومات فيما لا يقل عن ١٥ دولة، بينها فرنسا أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وسويسرا وألمانيا للشركات منح ترخيص لإنتاج أسلحتها وذخائرها في خمس وأربعين دولة أخرى مما يزيد كثيرًا من احتمال استخدام الأسلحة التي تنتجها في ارتكاب فظائع وإزهاق الأرواح وتدمير مصادر الرزق.
وكما يقال «مصائب قوم عند قوم فوائد» ومن هذا المنطلق فإن الدول الكبرى تحاول -جاهدة- أن تبقى الصراعات والنزاعات قائمة حتى تزداد أرباحها من إنتاج وتصدير الأسلحة إلى البؤر المتوترة في العالم، فهي تقوم ببيع الأسلحة لإزهاق الأرواح، وتقبض ثمن هذه الأسلحة وتتغنى وتتشدق -في الوقت ذاته- بالديمقراطية والحرية!.
المراجع
(1) SIPRI Yearbook 2005: Arma- ments, Disarmament, and Inter-
national Security
(2) www.millenniumindicators un.org
(3) www.amnesty.org
(4) www.fas.org
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

