العنوان تونس: إرهاصات انقسامات جديدة في حزب «نداء تونس
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 01-أكتوبر-2016
مشاهدات 10
نشر في العدد 2100
نشر في الصفحة 46
السبت 01-أكتوبر-2016
تونس: إرهاصات انقسامات جديدة في حزب «نداء تونس
يعيش حزب نداء تونس، الذي فاز بالمركز الأول في انتخابات 2014م، بوادر وإرهاصات انقسام وتفكك جديد على مستوى هيئته التأسيسية، وذلك على إثر اجتماع عقد في «قمرت» أحد منتجعات العاصمة التونسية، ولم تدع له كافة القيادات، واقتصرت الدعوة على من جمعوا بين عضوية الهيئة التأسيسية والبرلمان.
ويقول القياديون الغاضبون من الهيئة التأسيسية ومن أعضاء البرلمان الذين لم يجمعوا بين الصفتين المذكورتين بأنهم فوجئوا بهذا التصنيف، في حين كان الاجتماع مقرراً لأعضاء كتلة نداء تونس في مجلس نواب الشعب (البرلمان) فحسب، وفق ما أفاد به عضو الهيئة التأسيسية للنداء بوجمعة الرميلي لـ «المجتمع».
خلافات عميقة
لا يقف الأمر عند عقد اجتماع بدون علم جميع القيادات، ولا إقصاء جزء من الهيئة التأسيسية ممن لا يحملون الصفتين التأسيسية والبرلمانية من حضور ذلك الاجتماع فقط، وإنما اعتقاد المنشقين الجدد بأن الصيغة الهيكلية للحزب كانت «مغشوشة»، وهناك العديد من المطبات والفخاخ التي وضعها مُحبِّر النظام الداخلي للحزب، أستاذ القانون، رافع بن عاشور، ويطالبون بإعادة توزيع المسؤوليات داخل الهيئة التأسيسية التي تضم 31 عضواً، كما يطالبون بإلغاء خطة المدير التنفيذي والممثل القانوني لحزب نداء تونس، التي يشغلها حالياً حافظ السبسي، نجل الرئيس الباجي قايد السبسي، ويتهمونه بأنه فشل في قيادة الحزب، عبر تفرده بالرأي، واستمالة طرف واستبعاد آخر.
وكان الاجتماع الذي عقد في «قمرت» وفجّر الصراعات أو بالأحرى عجّل بانفجارها، قد تمخض عن تكليف رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد برئاسة الهيئة التأسيسية لحزب نداء تونس، وتوسيعها لتضم عدداً من القيادات مثل لزهر العكرمي، ولزهر القروي الشابي، وكمال الحمزاوي، والفاضل بن عمران.
وقد عقد العشرات من قيادات حزب نداء تونس المناوئين للسبسي الابن، اجتماعاً موازياً، زاعمين أنه ضم 150 قيادياً، في حين أنهم لم يتجاوزوا المائة فرد، حسب مشاهدة «المجتمع»، بين قيادات وغير قيادات، لعل من أبرزهم رجل الأعمال فوزي اللومي الذي له جناح يعرف باسمه، ورضا بلحاج، والقيادي المخضرم بوجمعة الرميلي، ومنصف السلامي، وفوزي معاوية، وصاحب قناة «نسمة» نبيل القروي، وناصر شويخ، وخميس قسيلة، وسفيان طوبال، والطيب المدني، وعبدالعزيز القطي، وقيادات معروفة في عهدي بورقيبة، وبن علي.
سياسة عض الأصابع
سياسة عض الأصابع تسبق في الغالب عملية الطلاق بالتراضي، أو تبادل اللكمات، وما بعدها، وهذا ما يجري في نداء تونس، إذ إن الخروج إلى وسائل الإعلام ونشر الغسيل دلالة واضحة على غياب الحوار داخل حزب أريد له أن يكون منافساً لحزب حركة النهضة، وما شكل إلا لهذا الغرض، وكان قد حظي بدعم لا محدود من المنصات السابقة للنظام البائد وقواه المالية، علاوة على دعم اليسار، وبعض القوى الإقليمية التي تكره الإسلاميين والديمقراطية، كما جاء على لسان أحد برامكة العصر، وقد تمترس المناوئون للسبسي الابن بمطلب إلغاء تكليف الشاهد برئاسة الحزب لعدة اعتبارات، منها أن العمل الحكومي يتطلب منه وسط التحديات الراهنة التفرغ، وعدم إثقال كاهله بالشؤون الحزبية، وترحيل المشكلات الحزبية إلى داخل الحكومة، كما أفاد بوجمعة الرميلي، لـ «المجتمع».
قيادات حزبية من شق السبسي الابن، من بينهم القيادية أنس الحطاب، اعتبرت الزلزال الجديد داخل النداء «مواقف تلزم أصحابها»، وهو ما اعتبره البعض اعترافاً ضمنياً بوجود انشقاق أو طرد، لا سيما أن الحطاب أكدت أن المسائل الحزبية لا تناقش عبر وسائل الإعلام، وإنما في اجتماعات مغلقة، على حد تعبيرها.
ويبدو أن الانشقاق سيحدث لا محالة، لأن تعيين رئيس الحكومة يوسف الشاهد على رأس الهيئة التأسيسية، كان بقرار من الرئيس الباجي قايد السبسي، وليس من نجله حافظ، كما أن الاستجابة للشق المناوئ من شأنه أن يدفع ذلك الشق للمطالبة بالمزيد من التنازلات، وفي مقدمتها إبعاد السبسي الابن عن هرم القيادة، وهذا هو مربط الفرس؛ لأن الشاهد طوع بنان السبسي الابن، ويمكن إزاحته كما يقول الشق المناوئ في أي وقت ليحل مكانه حافظ السبسي، وكان بديلاً عن محسن مرزوق الذي انشق بدوره في وقت سابق وكوَّن حزباً جديداً هو حزب «مشروع تونس» الذي جر وراءه أكثر من 30 نائباً من نواب نداء تونس، مما أفقد الحزب مركزه الأول داخل البرلمان، وإن حافَظَ على مركزه الأول في الحكومة بدعم من حزب حركة النهضة وأحزاب صغيرة أخرى.
مؤتمر الحزب
من الناحية القانونية لا تعتبر مطالب الشق المناهض للسبسي الابن قابلة للمناقشة داخل الهيئة التأسيسية التي تضم 31 عضواً كما سبق ذكره، إلا بموافقة 21 عضواً على الأقل لتمر بعدها للتصويت، وهذا ما دفع المناوئين لطلب عقد الهيئة التأسيسية، وهي التي لم تنعقد منذ أكثر من شهرين.
ويعتقد المناوئون وعدد من الوجوه السياسية من يسار الوسط، كالحزب الجمهوري، أن عقد حزب نداء تونس لمؤتمره الأول من شأنه أن يفرز قيادات حقيقية للحزب، وبالتالي حل الإشكالات القائمة، بيد أن أناساً كانوا وما زالوا مسكونين بالنمط الذي كان سائداً قبل الثورة، ولم يتربوا على إدارة الخلافات بالحوار، وتسكن الكثير منهم - إن لم يكن جلهم - أحلام التفرد بالحكم والزعامة، من المستبعد أن يحل المؤتمر مشكلاتهم، لا سيما أن بعضهم معترف ومدان بتجربته العريقة في التزوير على مدى 6 عقود من الاستبداد والدكتاتورية، وقد سبق الحديث عن الفخاخ في النظام الداخلي، وهو متراس بيد شق حافظ السبسي.
وذكر بذلك طاهر بطيخ، عضو الهيئة التأسيسية للنداء، أن المطالبة بحذف خطة المدير التنفيذي لا يمكن أن تتم في لمة أو في مقهى، حسب النظام الداخلي، وتابع: يجب أن تناقش هذه المسائل داخل الهيئة التأسيسية بعد دعوة رسمية من المدير التنفيذي أو رئيس الهيئة التأسيسية أو ثلثي أعضائها، وإذا لم يتم ذلك لن تعقد، من الصعب إقناع ثلثي الهيئة التأسيسية بالانعقاد لمناقشة المطالب المذكورة، إذا لم يضمن السبسي الابن فشل تلك المطالب، ومن الصعب حضور المؤسسين الـ31، فضلاً عن أن يدعو السبسي الابن لانعقاد الهيئة، ما لم يكن ذلك في صالحه سلفاً.
أزمة نداء تونس تضع الحزب مجدداً على مفترق طرق، وكل الاحتمالات واردة، ويردد التونسيون طرفة مفادها: «قام نداء تونس لحل مشكلات التونسيين، لكن يبدو أن التونسيين أصبحوا معنيين بحل مشكلات نداء تونس
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل