العنوان تونس قراءة في النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الكاتب عبدالباقي خليفة
تاريخ النشر الجمعة 01-يونيو-2018
مشاهدات 19
نشر في العدد 2120
نشر في الصفحة 44
الجمعة 01-يونيو-2018
حالة العالم الإسلامي
حصل حزب النهضة على 29.68 % من المقاعد ونداء تونس على 22.17 % والجبهة الشعبية على %3.6
القوائم المستقلة حصلت على %32.9 لكن لا يوجد بينها أي رابط تنظيمي أو سياسي أو أيديولوجي
النداء والنهضة بحاجة للتوافق على الحكم لأنه ليس من مصلحة أي منهما الانفراد بالسلطة
أظهرت نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في تونس يوم 6 مايو 2018م، أن المجتمع التونسي متنوع ومتعدد سياسياً، وأن هناك حزبين كبيرين يسيطران على الخارطة الانتخابية في البلاد بغض النظر عن التقدم الكبير الذي أحرزه المستقلون، وهو أمر طبيعي لا يمكن تصور تكراره في الانتخابات البرلمانية والرئاسية العام القادم.
تعد الانتخابات البلدية هي الرابعة بعد الثورة، حيث تمت في عام 2011م انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، الذي سن الدستور، وفي عام 2014م الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
حسب ما أفرزته نتيجة هذه الانتخابات، فإن حجم النداء والنهضة يفرض عليهما التوافق على الحكم؛ لأنه ليس من مصلحة أي من الحزبين أن ينفرد بالسلطة أو يبحث عن بديل، ويبدو الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للنداء؛ لأن الأحزاب التي تفرعت منه وانشقت بإمكانها التحالف معه، لكن شبح الصراعات والشقاق في السلطة وارد بقوة بعد أن كان داخل الحزب، كما أن اليسار التونسي لا يمكنه التوافق مع النداء إلا إذا غيّر خطه السياسي وتخلى عن خطه المناهض لليبرالية والخصخصة والسوق المفتوحة، علاوة على مناكفته لأي طرف يدخل معه في وفاق، بل يشكو صراعات داخلية تطفو على السطح من حين إلى آخر.
لقد أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المقاعد التي تحصلت عليها القوائم المستقلة في الانتخابات البلدية بلغت 32.9% إجمالاً، لكنها قوائم لا يوجد بينها أي رابط تنظيمي، أو سياسي، أو أيديولوجي، وهي قوائم محلية، تزيد وتنقص من مكان لآخر، وبالتالي فإنه من التجاوز اعتبار المستقلين قد حصلوا على أعلى الأصوات.
في حين فاز حزب حركة النهضة بالترتيب الأول في قائمة الأحزاب السياسية بعد حصوله على 29.68% من نسبة المقاعد، تليه حركة نداء تونس بنسبة 22.17%، ثم الجبهة الشعبية بـ259 مقعداً بنسبة 3.6%، كما أعلنت الهيئة عن عدد الأصوات التي تحصل عليها كل حزب وائتلاف على مستوى البلديات التي ترشح بها، وجاءت النهضة في المرتبة الأولى بـ516379 صوتاً وبنسبة 28.64%، يليها نداء تونس بـ375896 صوتاً بنسبة 21%.
كما احتلت النساء نسبة 47.05% من المقاعد، وترأسن 29.55% من القوائم، في حين مثل الشباب (أقل من 35 عاماً) نسبة 37.16% من المقاعد.
كما تصدّرت حركة النهضة النتائج في بلدية تونس بـ21 مقعداً من مجموع 60 مقعداً، تليها حركة نداء تونس بـ17 مقعداً، فيما حل التيار الديمقراطي في المركز الثالث بـ8 مقاعد، وبلغ مجموع عدد الأصوات المصرّح بها في الانتخابات البلدية مليوناً و802 ألف و695 صوتاً، في حين بلغ عدد الأوراق البيضاء 35706 أوراق؛ أي بنسبة 1.87%، في حين قاربت الأوراق الملغاة 71341 ورقة؛ أي بنسبة 3.73%، وفق إحصائيات قدّمتها هيئة الانتخابات.
جدل المشاركة
لم تسلم نسبة المشاركة في الانتخابات من التوظيف السياسي، فمباشرة بعيد إعلان هيئة الانتخابات عن تلك النسب التي بلغت 35.65% على المستوى الوطني، اعتبرها البعض عقوبة للائتلاف الحاكم، كما ذهب إلى ذلك الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، في حين اتهم القيادي في الجبهة الشعبية، الجيلاني الهمامي، حزبه بأنه لم يبرز مشروعاً متكاملاً يجذب الناخب، بل ظل في حالة دفاعية وانتقاد للمنظومة الحاكمة، إضافة إلى أنه لم يتقدم بقوائم في جميع الدوائر البلدية، واعترف بأن المخزون الانتخابي للأحزاب كان حاسماً في الانتخابات البلدية.
وقد عبر رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبدالكريم الهاروني، عن رضا حزبه بالنتائج المعلنة، قائلاً: إن الانتخابات تمت بكل ديمقراطية ونزاهة، ويمكن للتونسيين أن يتحدثوا عن الإخلالات، ولكن ترك الحكم للمختصين.
وتابع: نجاحنا في انتخابات 6 مايو هو نجاح لتونس، وأضاف: البعض لم يتعلم الدرس؛ لأن من يظل يبرر فشله بالآخرين سيتأخر أكثر، ومن يقول: إن نسبة المشاركة ضعيفة بسبب النهضة والنداء، نقول له: لماذا لم يصوّت لك الناخبون.
وأردف: من كان برنامجه ضد النهضة لم يفز في الانتخابات، ولم تتحسن نسبه تحسناً ملحوظاً، وواصل قائلاً، خطاب السب والإقصاء واتهام الآخرين بالفشل أظهرت انتخابات 6 مايو أنه بدون مستقبل في تونس، وأن من سيواصل تحميل الآخرين الفشل وسبهم والكذب عليهم سيتأخر أكثر، ودعا الجميع -أثناء مشاركة له في برنامج بالتلفزة الوطنية- أن يدرسوا النتائج بهدوء ويخرجوا بخلاصات، وختم قائلاً: نريد أحزاباً متعددة في تونس، وهذا مظهر من مظاهر الديمقراطية؛ حزبان كبيران وأحزاب صغيرة.
كما عبر حزب نداء تونس، عن طريق أحد رموزه برهان بسيس، عن رضا الحزب بنتائج الانتخابات، ونقل عن الرئيس الباجي قايد السبسي تقبله وارتياحه للنتائج التي جاءت في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، واعترف بسيس بحصول النهضة على المرتبة الأولى وطنياً بفارق يتراوح بين 3 و5 نقاط، على حد تقديره، في حين أكد آخرون أن الفارق هو 10 نقاط كاملة.
نسب المشاركة
رغم أن نسب المشاركة هي الأقل بالمقارنة بالمحطات الانتخابية السابقة، فإن طبيعة الانتخابات البلدية -كما أكد العديد من الخبراء والمحللين- تظل نسبها أقل من غيرها في كل دول العالم؛ حيث تشهد عزوفاً مماثلاً، والنتائج المسجلة في تونس هي نفسها التي تسجل في الديمقراطيات العريقة، وبالتالي فإن نسبة التصويت في الانتخابات البلدية لا يمكن اتخاذها شاهداً على تآكل شعبية الأحزاب السياسية، وإلا بماذا نفسر خسارة المعارضة وفشلها في إقناع الناخبين بالمشاركة ومن ثم التصويت لها، ولم يبق سوى احتمال تفضيل الناخب لابن البلدية من داخل حزبه، وغضب البعض دفعه لعدم المشاركة في الانتخابات.
وقد مثلت الخروقات التي شابت الانتخابات البلدية ثلمة في جبين الديمقراطية، وعامل تنغيص وتكدير لمهرجان التصويت الحر والشفاف، إلى درجة إغلاق مركز الاقتراع «بالمظيلة»، ويتحدث الجميع عن الخروقات، ويطالب البعض بتسليط العقوبات على المخالفين، بمن فيهم من يتهمون بخرق الصمت الانتخابي، وشراء الأصوات، وتقديم الهدايا، وتنظيم الولائم وذبح الخرفان.
وقد أكدت هيئة الانتخابات تسجيلها لـ900 مخالفة قانونية رفعت 121 منها للقضاء، وبعض المخالفات سالبة للحرية وعقوبتها السجن، ورغم تأكيدها أن تقاريرها تفيد بأن الخروقات لم تؤثر في النتائج، فإن الجميع في انتظار تأكيد أو نفي ما قيل بأن بعض الأطراف السياسية لم تحترم الصمت الانتخابي؛ حيث تداولت صفحات تابعة لحزب نداء تونس أنشطة بعض القوائم المشاركة في الانتخابات.
ونشرت إحدى هذه الصفحات مقطع فيديو لاختتام الحملة الانتخابية، وذلك بعد انطلاق الصمت الانتخابي بثماني ساعات.
تعد نتائج الانتخابات البلدية التي شهدتها تونس في 6 مايو 2018م حدثاً مهماً، ستكون له تداعياته على الاستحقاقات البرلمانية والرئاسية في العام القادم (2019م)؛ وهو ما يعني أن الحزبين الكبيرين يحظيان بقدر من الثقة ويتمتعان بخزاني انتخابات يمكنهما إنجاح أي انتخابات تجري في البلاد، كما يسمحان بظهور قوى سياسية أخرى في حال تمكنت من جلب واستقطاب المقاطعين للانتخابات، بدل استخدامهم في المناكفة السياسية السلبية، وإشراكهم في اختيار ممثليهم، وهي ضمانة أساسية لتحقيق الاستقرار وإنجاح المسار الديمقراطي في تونس.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
رئيس حزب النهضة يتحدث للمجتمع: حقيقة ما حدث في طاجيكستان
نشر في العدد 1039
7
الثلاثاء 23-فبراير-1993