; ثم جاء.. دور الصلاة! | مجلة المجتمع

العنوان ثم جاء.. دور الصلاة!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1970

مشاهدات 21

نشر في العدد 33

نشر في الصفحة 3

الثلاثاء 27-أكتوبر-1970

ثم جاء.. دور الصلاة!

«يَا بنَي أَقِمِ الصَّلَاةَ...»

لم ترضَ بعض المجلات -الصادرة هنا في الكويت- عن قرار السيد وكيل وزارة التربية والتعليم الذي وجّه فيه أجهزة وزارته من أجل أن تعمل على تمكين أبناء المسلمين من أداء فريضة صلاة الظهر في المدارس.

وسنتجاوز مناقشة البواعث التي دفعت المجلة إلى هذا المسلك ونركز على الحيثيات التي ساقتها لتنتهي بها -قصدًا- إلى إلغاء هذا القرار الخيّر البنّاء الذي يسكب في أفئدة أبناء المسلمين محبة الله، ويمرنهم على طاعته -سبحانه- ويملأ نفوسهم بالبهجة والود والجمال.

واضح أن المجلة ترفض أن يقيم أبناء المسلمين الصلاة في المدارس.. هذا هو الهدف الحقيقي.. أما طريقة الوصول إليه فتمثلت في الحرص على أهمية الوقت في عصر الفضاء!! والحرص على جعل المدارس التي يشرف عليها المسيحيون هي المعيار لإصدار القرارات في وزارة التربية والتعليم والحرص على... إلخ.

والتتابع النفسي لهذا النمط من التفكير سيؤدي يومًا إلى المطالبة بإلغاء عقيدة التوحيد ذاتها.

ولسوف يقال غدًا -امتدادًا لمنطق الرفض إياه- إن عقيدة التوحيد تحتل جزءًا من الحركة الذهنية.. وتستأثر بقدر ما من الاهتمام الوجداني.

 ومقتضيات التقدم تلزمنا -هكذا سيقولون- بتوفير الجزء الذي شغلته عقيدة التوحيد في الحركة الذهنية للاستزادة من دراسة الرياضيات.. وتوفير الاهتمام الوجداني الممنوح لعقيدة التوحيد وتوجيهه إلى الفنون العالية، لأن ذلك هو المسلك الذي يتمشى مع روح العصر وحاجاته!!

إننا لا نمزح.. وإنما نوضح خطورة رفض العبادات بمبررات الحرص على الوقت والحرص على التمشي مع متطلبات القرن العشرين.. وإن النتائج الطبيعية لهذا الرفض ستشمل رفض كل اهتمام بالدين بحجة توجيه الاهتمامات كلها لتعلم الإنجليزية أو مراعاة مشاعر أبناء الديانات الأخرى.

وهناك حقائق ينبغي ذكرها والتركيز عليها.

إن الحديث عن رفض توجيه أبناء المسلمين للقيام بحق الله في المدارس، هذا الرفض لا ينبغي أن يصدر في بلد كالكويت له عقيدته الإسلامية.. وتقاليده الإسلامية ومشاعره الإسلامية.. ودستوره الذي ينص على أهمية الدين وتمكينه من التوجيه وبث هداه.. والاستخفاف بأهم ركن في الإسلام -بعد الشهادتين- إنما هو استخفاف بالكويت كله عقيدته، وتقاليده، ومشاعره، وأصالته، ودستوره.

إن هناك حملة منظمة -في هذه الأيام- من قِبَل المنظمات الإلحادية والتبشيرية ضد فريضة الصلاة في البلاد الإسلامية.. وهي وإن كانت حملة مبطنة -لأسباب كثيرة- فإن تسترها لا يقلل من خطورتها ولا يحد من أهدافها المبتغاة.

وتشتد هذه الحملة المبطنة في مصر- مثلًا- لمواجهة إقبال المصريين على المساجد بكثرة ومواظبة.

والحملة في الكويت ليست مبطنة ولا متسترة، ولكنها صريحة وظاهرة فهل اختير الكويت للقيام بالحملة العلنية ضمن الخطة الشاملة لهدم فريضة الصلاة؟

إن الصلاة لا تضيع الوقت، والوقت الذي ينفق عليها هو أعقل وأسعد وأبرك وأوعى وقت ينفق في أي عمل آخر، ولو تنظم الوقت وتوجه المسلمون للاستفادة منه ففي كل ٢٤ ساعة تفرض خمسة أوقات على المسلمين، ولو أعطي كل وقت من أوقات الصلاة المفروضة إلى عشرين دقيقة -ويا ليت ذلك يكون- لكان مجموع الوقت المخصص للصلاة ۱۰۰ دقيقة، أي ساعتين إلا ثلثٍ، وحتى لا تنفق الأربع وعشرين ساعة كلها في الصلاة وحدها حدد الإسلام فيها كل شيء بحساب، فأوقاتها بعدد، وركعاتها بعدد، وسجداتها بعدد، وتسبيحاتها بعدد.

كذلك ألزم أتباعه بواجبات أخرى يومية لا بد أن يقوموا بها، إذن فأين ينفق الوقت الباقي وهو نحو ۲۲ ساعة؟ في النوم؟ إن خلافة الله في الأرض لا تحقق في النوم ولا في أحلامه ومع رصد وقت محترم للنوم فإن الوقت الباقي يقدر بـ ١٥ ساعة فأين ينفق هذا الوقت؟

في الرقص واللهو؟ إن الدين الذي لا يسمح لأتباعه بالغلو في الدين ذاته لا يقول بإنفاق الوقت في مهازل الرقص واللهو!!

 أم في الاسترخاء الغبي الكسول الذي هو فشل في الدين والدنيا جميعًا؟ إن الدين الذي استعاذ نبيه من العجز والكسل وكان -كما وصف- أنشط خلق الله وأكثرهم عملًا، وهو الذي دوخ المشركين بوفرة نشاطه ودأبه، دين هذا شأنه وشأن نبيه يحرم على أتباعه الاسترخاء الغبي الكسول الذي يتلف الروح والدين معًا؟ إذن فأين ينفق الوقت الباقي؟ لا شك أن الإسلام يوجه هذا الوقت للعمل البناء ومواصلة الترقي في كل شأن وكل مرفق.

والحقيقة أن المسلمين لم يتأخروا لأنهم استغرقوا في الصلاة حتى شغلهم هذا الاستغراق عن تعلم الرياضيات والإنجليزي والصعود إلى القمر.

إن المساجد تشكو قبل المرافق العامة من قلة الرواد وجدهم في أداء واجباتهم.

إن الذين لا يصلون لا ينفقون أوقاتهم في تثقيف أنفسهم ولا في القيام بأعمال البِر والخير.

ولا تجويد ما بين أيديهم من أعمال ولا في مقترحات بنّاءة تطور البلاد وتدفع النهضة إلى الأمام.. إنهم ينفقون أوقاتهم في اللهو والضياع والكلام الفارغ.. إنهم فاشلون في الدنيا قبل فشلهم في الدين!!

 إن في المدارس بعض النشاطات الأخرى تأخذ من الوقت ما يصلح -حقيقة- أن يرصد لتعلم الإنجليزية والرياضيات، وهو وقت الرقص مثلًا.

إن التحامل على الصلاة وحدها واضح جدًا، وإذا كانت أحواض الوضوء قليلة فيجب أن تزاد لا أن تلغى فريضة الصلاة في المدارس بسبب نقصها.

ويمكن أن تقدم وجبة معقولة في ساندويتش للتلاميذ إذا تأخروا في المدارس مثلًا.

وتستطيع الوزارة أن تواجه العجز في الباصات بتعويض إضافي لأصحابها إذا تأخرت في نقل التلاميذ بسبب الصلاة.

 وإذا لم يكن ذلك في ميزانية وزارة التربية فإن نداء بجمع المال من أجل دفعه للباصات، ومن أجل أن يؤدي أبناء المسلمين الصلاة في المدارس، نداء كهذا حري بأن يجعل الأموال من المسلمين تتدفق على الوزارة بكثرة لمواجهة العجز!! لا ندري لماذا يصر البعض على مراعاة مشاعر الأقليات من أبناء الديانات الأخرى ولا يصر نفس الإصرار على مراعاة مشاعر المسلمين.

حجة رفض الصلاة في المدارس بسبب وجود مدارس يشرف عليها مسيحيون وهم بصفتهم هذه لا يستطيعون إمامة التلاميذ لا تستطيع الوقوف على قدميها ولا على رأسها لأن هذه المدارس لا بد أن يوجد فيها مدرسون مسلمون وهم يستطيعون إمامة أبناء المسلمين في الصلاة.

وفي حالة انعدام مدرسين مسلمين في هذه المدارس -لنفترض جدلًا- فإنهم من الممكن جدًا أن يوجدوا، وبذلك نعفي المسيحيين من إمامة أبناء المسلمين في الصلاة.. أما أن يحرم أبناؤنا الصلاة في مدارس يشرف عليها مسيحيون -لهذا السبب فقط- فهذا ابتكار في كبت الحريات الدينية ينفيه الحزب الشيوعي في روسيا ذاتها!

ونقول للسيد وكيل وزارة التربية والتعليم: إن كل مستنير سیستمد مكانته وقيمته من انتمائه للإسلام في هذا البلد قد ابتهج لقرارك وأحس بأنه شارة تقدم ورقي، وإن كل مسلم قد أثلج صدره بهذا القرار لأنه يسوق لأبنائه في المدرسة أغلى وأعز خير يمكن أن يقدم لإنسان على هذه الأرض.. وهو الصلاة.. ولقد عرفت فالزم!

الرابط المختصر :