; جلسة مع ابن القيم:.. دعاة إلى الله | مجلة المجتمع

العنوان جلسة مع ابن القيم:.. دعاة إلى الله

الكاتب أبو عبد الله

تاريخ النشر الثلاثاء 21-أكتوبر-1975

مشاهدات 88

نشر في العدد 271

نشر في الصفحة 33

الثلاثاء 21-أكتوبر-1975

جلسة مع ابن القيم:.. دعاة إلى الله أخي المسلم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الداعية هو المتمكن لا يبالي بكثرة الشواغل، ولا بمخالطة أصحاب الحفلات ولا بمعاشرة أهل البطالات، بل قد تمكن بصبره ويقينه عن استفزازهم إياه و استخفافهم له، ولهذا قال تعالى ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ (الروم:60) فمن وفَّى الصبر حقه، وتيقن أن وعد الله حق؛ لم يستفزه المبطلون، ولم يستخفه الذين لا يوقنون، ومتى ضعف صبره ويقينه -أوكلاهما- استفزه هؤلاء، واستخفه هؤلاء فجذبوه إليهم بحسب ضعف قوة صبره ويقينه، فكلما ضعف ذلك منه: قوي جذبهم له وكلما قوي صبره ويقينه، قوى انجذابه منهم وجذبه لهم، ([ .- ص 215]) الدعاة الى الله، جعل الله انبساطهم مع الخلق رحمة لهم كما قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ﴾ (ال عمران:159) فالرب سبحانه بسط هؤلاء مع خلقه؛ ليقتدي بهم السالك، ويهتدي بهم الحيران، ويشقى بهم العليل، ويستضاء بنور هدايتهم ونصحهم ومعرفتهم في ظلمات دياجي الطبع والهوى، فالسالكون يقتدون بهم إذا سكنوا، وينتفعون بكلماتهم إذا نطقوا فإن حركتهم وسكونهم لما كانت بالله، ولله، وعلى أمر الله جُذبت قلوب الصادقين إليهم، ([ - ص 302]) الداعية إذا تمكن من حاله، وصار له إقبال على الله، أنس بالخلق وأنسوا به وانبسط إليهم، فعكفت القلوب على محبته للطفه وظرفه فإن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب ويدفع عن صاحبه من الشر ويسهل له ما توعر على غيره، وهذه الطريق تكسو العبد حلاوة، ولطافة وظرف فترى الداعية من أحلى الناس وألطفهم وأظرفهم قد زالت من نفسه ثقالتها وكدورة طبعها وصار روحانیًّا سمائيًّا بعد أن كان حيوانيًّا أرضيًّا فتراه أكرم الناس عِشرة، وألينهم عريكة وألطفهم قلبًا وروحًا([ - ص 180]) الدعاة الى الله هم من اهتدى بهم الحائر، وسار بهم الواقف وأقبل بهم المُعرِض، وكمل بهم الناقص ورجع بهم الناكص وتقوَّى بهم الضعيف، وهؤلاء هم خلفاء الرسل حقًّا، وهما أولو البصر واليقين فجمعوا بين البصيرة والبصر قال الله تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة:24) فنالوا أمامه الدين بالصبر واليقين ([ - ص 304]) أخي في الله: جعلني الله وإياك من دعاة الله المخلصين الأنقياء الأبرياء وثبَّتنا جميعًا على الصراط المستقيم وأختم رسالتي بهذا الحديث النبوي الشريف: دخل عمر بن الخطاب المسجد، فوجد معاذًا بن جبل جالسًا إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يبكي، فقال له عمر: ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ هلك أخوك؟ قال: لا، ولكن حديثا حَدَّثَنيه حبيبي -صلى الله عليه وسلم- وأنا في هذا المسجد فقال: ما هو؟ قال: « إنَّ الله يحبُّ الأخفياءَ الأحفياءَ، الأتقياء الأبرياء، الذين إذا غابوا لم يُفْتَقدوا، وإذا حضَرُوا لم يُعرَفوا، قلوبهم مصابيحُ الهُدَى، يَخرُجون مِن كلِّ فِتنة عمياء مظلِمة» ([ - ص 195]) وإلى رسالة قادمة إن شاء الله. ابن قيم الجوزية - مدارج السالكين - الجزء الثالث
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 19

160

الثلاثاء 21-يوليو-1970

لعقلك وقلبك - العدد 19

نشر في العدد 21

60

الثلاثاء 04-أغسطس-1970

مع العمال - العدد 21

نشر في العدد 28

64

الثلاثاء 22-سبتمبر-1970

لعقلك وقلبك - العدد 28