; جوانب من يٌسْر الإسلام | مجلة المجتمع

العنوان جوانب من يٌسْر الإسلام

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 02-يوليو-1985

مشاهدات 20

نشر في العدد 723

نشر في الصفحة 39

الثلاثاء 02-يوليو-1985

إن الله ربنا ورب كل شيء وقد جبل سبحانه مخلوقاته على خصائص مشتركة وأخرى مميزة تتصل بوظيفة كل مخلوق.. وشقائق الرجال قد أعدهن الله لمهمة جليلة هي من أشرف المهام وأي شيء يعدل الأمومة والأبوة اللذين قرن الله بهما حق الوالدين بحقه في العبادة والشكر فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (النساء:36) وقال ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء:23). وقد حكى الله تبارك وتعالى بين وصايا لقمان لابنه قوله: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان:14-15).

والآيات في ذلك كثيرة والأحاديث مشهورة لكني أود أن يكون قيد الأنظار توجيه الله عز وجل الأنظار والأفكار إلى الأمهات في مثل قوله تبارك وتعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ (لقمان:14).. وقوله تعالى ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ (الأحقاف: 15).

ولقد وصى نبينا صلوات الله وسلامه عليه بالأم وقدم حقها في الصحبة مرة ومرة ومرة حتى أجاب السائل رابع مرة من أحق الناس بحسن صحابتي فقال: أبوك. 

ولقد زوَّد الله عز وجل المرأة ما يؤهلها للأمومة الكريمة من فرط حنان وفيض عاطفة وكان مما خيرها به أنواع من الدماء تَعرض لها ولبنات حواء غالبًا، وهي الحيض والنفاس والاستحاضة، والحيض ليس مرضًا ولكنه عادة شهرية فتكون أمارة بلوغ الفتاة، وتأهلها للوظيفة الكبرى الضرورية في التناسل وبقاء الجنس البشري، والنفاس دم يعقب نزول الجنين وهو والحيض مانعان من فريضتين الصلاة والصيام، ومن الطواف حول الكعبة، ومن قراءة القرآن ولقد تكفلت كتب السنَّة بوصف هذه الدماء بزيادة دم الاستحاضة، ودم الاستحاضة دم مرض وحكمه حكم البول ينقض الوضوء ولا يوجب الغسل وكل ما يلزم الأنثى لأداء عبادتها أن تغسل مكانه وتتوضأ وضوءها للصلاة تفعل ذلك لكل صلاة ولا بأس على صلاتها مما ينزل منها في أثنائها مثلها في ذلك مثل الرجل في سلس البول، فإنه يستنقي منه جهد استطاعته، ويحتاط لما ينزل منه بعد ذلك ويصلي، ومثلها في ذلك كمثل الرجل المزاء حين يطالب بإزالة الأثر ثم الوضوء فحسب لكل صلاة دون غسل.

قال الإمام الشوكاني: «وذهب الجمهور إلى أنها لا يجب عليها الاغتسال لشيء من الصلوات ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها»، وهو كما قال النووي: «قول جمهور العلماء من السلف والخلف وهو مروي عن الإمام عليّ رضي الله عنه ومن ابن مسعود وابن عباس وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ودليلهم أن الأصل عدم الوجوب، فلا يجب إلا بورود الشرع بإيجابه وكأنه يعلل الأحاديث الواردة في الغسل ويقبل فيها مقال علماء الحديث رضي الله عنهم». والإمام النووي يرى أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر الصحابة بالغسل إلا مرة واحدة عند انقضاء حيضها وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي». 

والذي ذهب إليه الجمهور هو الحق للفقد الدليل الصحيح وبخاصة في هذا الأمر فإنه يشق على المرأة حقًا أن تغتسل من استحاضتها لكل صلاة دون غسل لكل صلاة أو لكل صلاتين أو لكل يوم، فإن المرأة لها شواغلها الموصولة في البيت والأولاد وما حملتها الظروف من واجبات وراء ذلك وأنه ليوهنها ما يوهن الرجل المزاء الذي كان يغتسل لكل صلاة حتى تشقق صلبه أو كاد وترك الغسل الذي لا يجب عليه حين جاءه الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

إن أحاديث غسل المستحاضة على كثرتها قد ورد من الصحاح ما يعارضها وأولى منها لا ريب حديث عائشة رضي الله عنها قالت: 

«قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إني امرأة استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن ذلك عِرق، أي دم عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي». 

والمستحاضة دون صاحبتيها هي التي ينال زوجها منها ما أحل الله لهما وله من الحائض والنفساء ما دون الإزار، والسنَّة المطهرة مُسفرة ببيان ذلك وإن النساء شقائق الرجال مع هذه الدماء الحيض والنفاس بخاصة لنفي مكانهن من إغراء الأزواج ومقاربتهم في الأكل والشرب والمضاجع على غير ما كان يفعل اليهود من مباعدة النساء والنفرة منهن أثناء الحيض. 

ولقد كانت أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في أيام حيضهن يقمن له بكل أعماله.. تقول عائشة رضي الله عنها: «قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد (والخمرة سجادة من قماش أو حصير) فقالت: فقلت، إني حائض فقال: أن حيضتك ليست في يدك» (رواه الجماعة إلا البخاري). 

وتقول ميمونة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض ثم تقوم أحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض». 

وقراءة القرآن في حجر الحائض ثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها ولا خلاف في ذلك ودخولها بالخمرة إلى المسجد ثابت كذلك وهو شهادة لمن يرون مرورها فيه لا الجلوس منها ولا من الرجل عليه الجنابة. 

إن رفق النبي صلى الله عليه وسلم بشقائق الرجال وهو القدوة المثل والأسوة الحسنة يبدو في هذه النصوص وفي غيرها وقد كان منطلقًا لابن عمر الذي روى الإمام مالك عنه أنه كانت جواريه ومن حيَّض يغسلن رجليه ويعطينه الخُمرة.

تلك ملامح من إنسانية الإسلام وددت أن يتأملها الذين يريدون أن يعرفوا الإسلام على حقيقته أنه دين الإنسانية مظهرًا ومخبرًا وعقيدة وتكاليف وسلوكًا وهو وحده طريق السعادة ونهج السيادة وسبيل العزة والكرامة وسكينة الأنفس أنه الإسلام. ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ (آل عمران:85).. والله ولي من اتقاه.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مبطلات الصيام

نشر في العدد 33

21

الثلاثاء 27-أكتوبر-1970

تبسيط الفقه.. تطهير النجاسات

نشر في العدد 70

21

الثلاثاء 27-يوليو-1971

ضوابط فقهية: صيام المرأة

نشر في العدد 1673

17

السبت 15-أكتوبر-2005