; حتى يعلم الناس | مجلة المجتمع

العنوان حتى يعلم الناس

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-يونيو-1978

مشاهدات 14

نشر في العدد 400

نشر في الصفحة 21

الثلاثاء 20-يونيو-1978

حتى يعلم الناس

  • هل تتدخل الدولة الإسلامية في الشئون الاقتصادية لحماية المصالح العامة للمجتمع الإسلامي؟

لو درسنا مجالات التدخل في التشريع الإسلامي، لوجدنا أن الدولة لا تتدخل في التصرفات الفردية إلا عندما تشعر بأن الفرد المعني لا يحترم مصالح الجماعة، وأنه يحاول أن ينمي ثروته عن طريق إلحاق الضرر بالناس، عن طريق حبس السلع- الاحتكار- وتدليس الأثمان- التلاعب بالأسعار والغش والربا وغيرها من النشاطات أو الممارسات الاقتصادية غير المشروعة.

  • لذلك وفي هذا الاتجاه حرم الإسلام الربا.

فالربا هو الزيادة التي يأخذها المقرض لقاء القرض، أو الزيادة التي يأخذها البائع لقاء التأخير في دفع الثمن. وقد حرم الله الربا تحريمًا شديدًا– سورة البقرة ٢٧٧- ٢٧٩ لذلك قال ابن عباس بأنه يجب على إمام المسلمين أن يطلب من المرابي التوبة والإقلاع، فإن لم يفعل فعندئذ يُقتل. وقال قتادة بمثل ذلك أيضًا وفصل ابن خويز منداد بين من يتعامل بالربا مستحلًا له فحكمه حكم المرتدين ذلك لأن الربا في نظر الإسلام معاملة غير إنسانية لأنها تحتوي على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. 

  • ولذلك أيضًا يرى الفقهاء ضرورة الحجر على السفيه.

والسفيه هو الذي يتصرف في ماله بخلاف ما يقتضيه الشرع، ويسرف في إنفاق المال بشكل خارج عن المألوف وقد غطى الفقهاء هذه الناحية تغطية شاملة إلى درجة أن بعضهم قال: إن من ينفق أمواله كلها على الطاعات كبناء المساجد وغير ذلك يعتبر مسرفًا -القرطبي، ج٥، ص٢٩-.

طبعًا الفقهاء يستندون في حكم الحجر على السفيه على نص الآية: - ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ (النساء: 5).      

ونلاحظ أن باب الحجر من الأبواب الهامة في التشريع الإسلامي، وهو يدلنا دلالة قاطعة على أن تصرفات الفرد المالية ليست مطلقة في ظل الدولة الإسلامية، وأن حريته في التصرف في الأموال ليست كاملة، إذ يجب عليه أن يتصرف فيها وفقًا لأحكام الشرع وفي الطريق المعقول. ويدلنا الحجر في التشريع الإسلامي على مدى سلطان الجماعة على الفرد فإن الحجر على السفيه هو لمصلحة السفيه لأنه يحفظ له ماله، ولمصلحة الجماعة لأن هناك حقوقًا كثيرة متعلقة بأموال هذا السفيه.

  • ولذلك أيضًا توصل الفقهاء إلى قاعدة منع الضرر.

وقد وقعت حادثة هامة في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما حاول أحد الصحابة أن يستعمل حقه بشكل يلحق الضرر بالآخرين فنهاه النبي عن ذلك، ولما أصر على فعله أمر النبي الشخص الآخر أن يمنعه من ذلك بالقوة لأنه مضار أي يقصد إلحاق الضرر بالناس- أنظر الحديث الذي رواه أبو داود في سننه عن سمرة بن جندب-. إذن لا ضرر في الإسلام ولا ضرار.

  • ولذلك أيضًا حارب الإسلام الاحتكار وحبس السلع لرفع أثمانها

 فأحمد قد روى حديثًا للرسول -صلى الله عليه وسلم- قال فيه: «لا يحتكر إلا خاطئ»، وحديثًا آخر: «من احتكر على حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ». وقد أجاز الفقهاء أن تتدخل الدولة الإسلامية لتحديد أسعار السلع تحديدًا عادلًا -أنظر الطرق الحكمية ابن قيم الجوزية، ٣١٠-. هكذا إذن يتبين لنا أن الدولة الإسلامية عليها أن تتدخل في الشئون الاقتصادية لحماية المصالح العامة للمجتمع الإسلامي.

الرابط المختصر :