العنوان حرب الفناء البشري
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1987
مشاهدات 29
نشر في العدد 846
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 08-ديسمبر-1987
في الوقت الذي أخذت المساعي العربية والإسلامية
والدولية تتصاعد من أجل إيجاد صيغة لحل مقبول لدى كل من العراق وإيران من أجل إيقاف
هذه الحرب الدموية القاتلة.. وفي الوقت الذي يدعو فيه جميع المخلصين من أبناء الأمة
الإسلامية إلى نجدة المسلمين والمقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة.. في هذا الوقت
تعلن إيران بأنها تحشد الآن حشودًا كبيرة لشن هجوم بشري جديد على العراق.
لقد حير هذا الحشد البشري الضخم مراقبي
الحركة الإسلامية.. ترى هل سيؤدي الصراع الذي يدفع إيران إلى الاستمرار بحربها ضد العراق
إلى مجزرة بشرية كبيرة دامية؟ ولماذا هذا الإصرار على صنع هذه المقتلة الرهيبة التي
لا يتوقع المراقبون منها أن تحقق إيران أي تقدم، أو تحرز أي انتصار كما يعلن سياسيوها
وصناع القرار فيها؟ وإذا كان هذا الحشد البشري الرهيب سيشكل منعطفًا جديدًا في سيرورة
الحرب العراقية- الإيرانية.. فذلك هو منعطف «القتل من أجل القتل».. فقد أثبتت السنوات
الثمان الماضية أن إيران بكل ما أوتيت من تدبير وتكتيك وقدرات.. لم تستطع أن تحقق أي
هدف من أهدافها المعلنة.. وإذا كان الأمر في الصراع الدموي سيسير على هذه الشاكلة..
فإن ما تحشده إيران اليوم لن يكون إلا طعمًا للمجزرة البشرية الجديدة.. وبهذا تخرج
إيران عن جميع الأحكام الشرعية والأعراف الدولية والمواثيق الإنسانية.
نقول: إن هذه الفترة التي شهدت وتشهد نشاطًا
سياسيًا وديبلوماسيًا مكثفًا من أجل إيقاف هذا النزيف الدموي، فيها من المعطيات الإسلامية
ما يكفي لحمل أصحاب القرار في إيران لمراجعة حساباتهم ومواقفهم التي لم تعد على إيران
وشعب إيران إلا بأفدح الخسائر في الأرواح والمال.. حتى إن التقارير التي تتحدث عن حالة
انعكاس الحرب على الاقتصاد الإيراني تعتبر من المواضيع المذهلة عند المراقبين.
وهنا نؤكد ونقول:
لابد للإيرانيين من مراجعة حساباتهم مع
اعتبار النقاط التالية:
1- أن سياسة القتل من أجل القتل سياسة جاهلية،
قضى عليها الإسلام منذ أيام الدعوة الأولى زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- وإيران اليوم
التي تصر على استمرار حرب «اللاغالب واللامغلوب» تعيد سياسة الحروب الجاهلية في هذا
الزمن من جديد.
2- أن الأمة الإسلامية بحاجة ماسة- هذا اليوم-
إلى صب كل الجهود والقدرات في مصب واحد يؤدي إلى وضع كل القوى العربية والإسلامية في
مواجهة العدو اليهودي الذي أهلك الحرث والنسل في فلسطين المسلمة المغتصبة.
3- أن القوى الكبرى- شرقيها وغربيها- تتربص بأمتنا
الدوائر لإيجاد مواطئ رجل لها على ترابنا.. ولاستغلال طاقاتنا وقدراتنا بما يخدم مصالحها..
ولن تكون تلك القوى مستفيدة من شيء من منطقتنا كما تستفيد اليوم من هذه الحرب المستمرة،
وذلك على كافة المستويات.
4- أن الحالة النفسية لشعوب هذه الأمة تأثرت سلبًا
من هذه الحروب التي لم تكن شعوبنا تتوقع لها هذا الاستمرار الطويل.. فالشخصية العربية
والإسلامية- وهي تعيش عصر الصحوة الإسلامية- صقلت لمواجهة التحديات الحضارية الغربية
والصهيونية، بالإضافة إلى مواجهتها للأيديولوجيات الإلحادية المصدرة إلينا من خارج
حدود هذه الأمة.
وإذا كان عصر الصحوة يدفع الشخصية المسلمة
لمواجهة تلك التحديات بالأسلوب الحضاري والعلمي الحديث.. فإن ذلك يستدعي أولًا خنق
سائر الصراعات المحلية على الخارطة الإسلامية، وإطفاء جميع النيران الملتهبة على حدود
الأقاليم الإسلامية.. وإذا كان هذا الأمر يحتل مرتبة الضرورة القصوى لتفريغ الشخصية
الإسلامية من أجل مواجهتها الحضارية.. فإن استمرار الحرب العراقية الإيرانية يؤثر في
موقف الشخصية الإسلامية أمام كل التحديات الثقافية والاجتماعية والسياسية الخارجية.
على أننا إلى جانب الملاحظات السابقة نجد
أنفسنا أمام عدد كبير من الحيثيات التي تدعونا إلى دعوة الإيرانيين لمراجعة حساباتهم..
ولكن المجال هنا لا يستوعب سرد كل ذلك..
وختامًا نقول:
إن الإصرار على استمرار الحرب بين العراق
وإيران لن يخدم أي طرف من أطراف الحرب، كما أن العمل على توسيع رقعة هذه الحرب لن يزيد
في شيء سوى عدد القتلى وكمية الدمار.. وهذا لا يرضى به شرع ولا عرف.
فهل تعيد إيران اليوم قبل غد حساباتها،
وتحكم شرع الدين الحنيف في موقفها، وتتخلى عن موقفها المصر على استمرار هذه الحرب،
ولو أدت إلى قتل كل شباب إيران.. هذا ما نتمناه.. وذلك من أجل ألا تتحول هذه الحرب
إلى مجزرة بشرية لا هدف لها سوى القتل من أجل القتل!
وخدمة الأهداف الاستعمارية وتمهيد المنطقة
لغزو إسرائيلي يعد له.