العنوان حركية الإعلام الإسلامي
الكاتب عبد القادر الإدريسي
تاريخ النشر الثلاثاء 10-أكتوبر-1972
مشاهدات 16
نشر في العدد 121
نشر في الصفحة 13
الثلاثاء 10-أكتوبر-1972
لا شك أن الإعلام أكثر الأدوات الحضارية تأثيرًا في عقلية الفرد والجماعة على السواء. ونحن نؤمن ابتداء أن الغزو الثقافي والفكري الذي يوشك أن يكتسح البقية الباقية من إيمان هذه الأمة، إنما سلك سبيله إلى الشعوب الإسلامية عبر قنوات إعلامية من شرق ومن غرب!..
ونحن نؤمن أيضًا أن اليهودية العالمية والصليبية الجديدة - وما يتفرع عن هذه وتلك - تقف جميعها وراء الأجهزة الإعلامية الضخمة من وكالات الأنباء العالمية ودور النشر وشركات توزيع الأفلام وكبريات دور الصحف الواسعة الانتشار ومحطات الراديو وشبكات التلفزيون. ونجد ملامح واضحة لهذا الغزو الإعلامي في بروتوكولات حكماء صهيون التي تنفذ في دأب عجيب بتعاون بين مختلف الاتجاهات السياسية من اليمين بأشكاله واليسار بأنواعه، تعمل جميعا عن وعي أو دون وعي لتجسيد بروتوكولات اليهود في واقع السياسة الدولية، وفي واقع سياسة واتجاهات الحكم في العالم الإسلامي بكيفية خاصة، بالاعتماد على الكلمة المكتوبة أو المنطوقة أو المصورة، إلى حد أننا نجد دولا لا تخفي عداءها للصهيونية والاستعمار تعمل عن جهالة وغباء على المساهمة في اللعبة الدولية التي يديرها اليهود قطعًا، ونجد صحافة هذه الدول تلتزم حرفيًا بمقتضيات هذه التعاليم، ونجد اجهزة إعلامها جميعًا تسخر، وبكيفية تبعث على الدهشة حقاً، لخدمة اغراض الصهيونية واليهودية العالمية المتمثلة في إفساد العالم - العالم الإسلامي أولاً - وإبعاد الناس عن دينهم - والمقصود الإسلام دائمًا -.
• •
تلك هي مهمة الإعلام الجاهلي في العالم المعاصر فهل يقف الإعلام الإسلامي في مستوى هذا التحدي، ويواجه الزحف الحضاري الضخم مواجهة شجاعة تنطلق من مفهوم الإسلام وتقوم على أساسه ذودا عن حمى الإسلام، وحفاظًا على عقائد الجيل الإسلامي، وسعيًا وراء تمكين منهج الله في الأرض؟!
الحقيقة الأولى التي تواجهنا -في عنف- في مجال الحديث عن الإعلام الإسلامي أن هذا الإعلام مرتبط أساسًا بوجود المجتمع الإسلامي، وبإقامة النظام الإسلامي، ومن المسلمات أن صحافة إسلامية لا تقوم إلا في ظل مناخ إسلامي حقيقي. فهل معنى هذا أن الأقلام المسلمة تتكسر إلى حين قيام هذا النظام، وهذا المجتمع؟
انطلاقًا من ضرورة مواجهة تحديات الجاهلية الشرسة تنبع مهمة الإعلام الإسلامي، وتتحد سمات هذا الاعلام، ويتأهل مفهومه، وتتضح خصائصه الأساسية.
ولا شك أن حركية الإعلام الإسلامي ترتكز على واجبات أساسية، ضرورية وشديدة الإلحاح؛ فما هي إذن هذه الواجبات؟
• •
يعطي بعض المفكرين الإسلاميين الصادقين مفهومًا أصيلًا -نابعا من الفهم الواضح لمهمة هذا الدين في الحياة البشرية- للجهاد في سبيل الله، فهو بكلمة مختصرة جدا «إزالة الحواجز من أمام الإنسان ليرتبط بالله، ارتباطاً وثيقاً يقوم على التسليم بحاكمية الله في كل مجالات الحياة مما يعنيه في وضوح مقتضى الشهادتين لا إله إلا الله محمد رسول الله». وهي مهمة أساسية للإنسان المسلم في هذه الأرض، وفي هذه الدائرة يلعب الإعلام الإسلامي دوره الإيجابي -وهو إيجابي دائمًا بحكم كونه إعلامًا مسلما - في حياة الناس، مهما اختلفت عقائد هؤلاء، ومهما تباينت مفاهيمهم ونزعاتهم.
وحركية الإعلام الإسلامي -إذن- هي المواجهة الشجاعة الدؤوب للجاهلية..
وهي المساهمة الإيجابية لإزالة الحواجز الموضوعة في الطريق إلى إقامة النظام الإسلامي، وقيام المجتمع الإسلامي، سواء أكانت هذه الحواجز أفكاراً وعقائد ومذاهب وأنظمة، أم كانت غير هذه جميعًا.
والإعلام الإسلامي يمهد لخلق هذا المجتمع الرباني؛ لأنه يملك إمكانيات ووسائل التمهيد، أنه قادر على خلق «رأي عام» إسلامي، ومناخ إسلامی تنطلق فيه الدعوة إلى الله في مأمن من الجاهلية. وإذا كانت أجهزة الإعلام تنحصر في الصحيفة والمجلة والراديو والتلفزيون والمسرح - والسينما الى حد ـ فإن أكثر المجالات تلاؤما مع طبيعة المرحلة الراهنة - حيث لم يقم بعد النظام الإسلامي في صورة من الصور، ولم يقم المجتمع الإسلامي - هي الصحافة المكتوبة، باعتبار أن الأجهزة الأخرى ترتبط «رسميا» بالنظام القائم.
وللكلمة المكتوبة مفعولها الشديد في الإعلام الإسلامي والكلمة المؤمنة القوية الصادقة الخالصة هي إحدى أدوات هذا الإعلام، وهي مجال حركته.
إذا كان وجود إعلام إسلامي مرهونا بقيام النظام الإسلامي كما سبق القول، فإن التمهيد لهذا الإعلام، والذي هو تمهيد لإقامة النظام أيضًا، مرهون هو الآخر بقيام الجماعة المسلمة، مهما صغر حجم هذه الجماعة، ومهما قل عدد أفرادها المسلمين ولذلك نجد دائما الصحافة الإسلامية، على ندرتها وضعفها المادي، مرتبطة بجماعة مسلمة ترعاها وتذود عنها كيد الكائدين. حدث هذا في فترة وجيزة بأرض الكنانة، ولا زال يحدث، بشكل او بآخر، في بعض المناطق الإسلامية، بدرجات متفاوتة من الصدق والالتزام بمنهج الإسلام.
فحركية الإعلام الإسلامي، هي ذلك التفاعل الصادق، الشديد الحرارة، بين الواقع الجاهلي، بكل مخلفاته، والدعوة الإسلامية، والذي ينتج عنه، أو سينتج عنه حتمًا، قيام النظام الإسلامي الحق، ووجود المجتمع الإسلامي.
سلا - المغرب
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل