; حزب الرابطة الباكستاني يحقق أكبر انتصار في تاريخه | مجلة المجتمع

العنوان حزب الرابطة الباكستاني يحقق أكبر انتصار في تاريخه

الكاتب نادر العزب

تاريخ النشر الثلاثاء 11-فبراير-1997

مشاهدات 12

نشر في العدد 1238

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 11-فبراير-1997

باكستان

  • في انتخابات جاء الإقبال عليها ضعيفًا وبفارق ١١٦ مقعدًا عن حزب الشعب
  •  حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بنازير بوتو وصل إلى أدنى شعبية له منذ تأسيسه في الستسينيات
  • حجم الانتصار الذي حققه نواز شريف يمنحه فرصة نادرة لتشكيل حكومة مستقرة ولفترة طويلة إذا أحسن استغلال الفرصة

حقق حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف أكبر انتصار له في تاريخه السياسي بحصوله على مائة وأربعة وثلاثين مقعدًا في البرلمان  الباكستاني مقارنة بحزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بنازير بوتو التي جاءت في المرتبة الثانية، وحصلت فقط على ثمانية عشر مقعدًا، أي بفارق مائة وستة عشر مقعدًا من إجمالي مقاعد البرلمان الباكستاني والبالغ عددها مائتين وسبعة عشر مقعدًا، هذه النتيجة التي فوجئ بها الجميع حتى قيادة حزب الرابطة الإسلامية نفسها كانت محصلة طبيعية لجملة من التطورات التي أحاطت بالعملية الانتخابية إجمالًا، كيف حدث ذلك؟ ولماذا حدث؟ وما هو مستقبل حكومة نواز شريف في ضوء الحالة السياسية غير المستقرة في باكستان عمومًا؟ما قبل الانتخاباتعندما تولت بنازير بوتو السلطة عام ۱۹۹۳م تهيأت لها فرصة جيدة في تهميش القوى السياسية المعارضة إذ وصلت للسلطة بعدما اتسعت هوة العداء بين نواز شريف والجيش الذي لعبت دورًا في فصل حكومته السابقة، وبالتالي كانت علاقة بنازير بالجيش الباكستاني في أحسن أحوالها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد استطاعت من الأغلبية البسيطة التي تتمتع بها في البرلمان من انتخاب الرئيس الباكستاني من قيادات حزبها وهو الرئيس الحالي للبلاد.

غير أنه بعد أقل من عام على تولي بنازير بوتو السلطة تعرضت باكستان لهزات اقتصادية وأمنية وسياسية اتسع نطاقها يومًا بعد الآخر، وأصبح الحديث عن المجازر البشرية التي يتعرض لها سكان كراتشي كل يوم هو بند أساسي في الصحافة الباكستانية والعالمية، حتى أصبح الأمر مجرد روتين في حياة الحكومة الباكستانية، وبلغ الأمر ذروته عندما فتح البوليس الباكستاني النار على شقيق بنازير بوتو.

وقد اتهمت بنازير بوتو وزوجها بالتآمر لارتكاب الحادث، خاصة وأنه شقيق بنازير بوتو كان يعتبر نفسه الوريث السياسي لوالده ذو الفقار علي بوتو وليست شقيقته بنازير، هذا الخلاف بين الجانبين دفع بنازير بوتو للتحرش بشقيقها طوال الوقت، وبلغ الأمر ذروته باغتياله في سبتمبر العام الماضي، وقد كان لهذا الحادث أثر سلبي خطير على سمعة بنازير التي قتل شقيقها على يد بوليسها وإدارتها المدنية في كراتشي.

وعلى المستوى الاقتصادي فقد تدنَّى الأداء الاقتصادي الحكومة بنازير بوتو إلى أسوأ أحواله سواء من حيث تردي العملة الباكستانية أمام الدولار، أم من حيث تدهور الصادرات الباكستانية، أو انهيار العديد من الصناعات الإستراتيجية الباكستانية وفي مقدمتها القطن، والارتفاع الخطير في أسعار السلع الأساسية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الضرائب التي فرضت على رجل الشارع الباكستاني في حين استثنى منها رجال الإقطاع، هذا كله جاء في سياق حالة من الفساد والمحسوبية والفوضى التي وصمت بها حكومة بنازير بوتو، واحترف عليها زوجها آصف زرداري الذي عرف عنه في الأوساط الشعبية الباكستانية بأنه المستر ٩٠٪، أي أنه يحصل على إتاوات ورشاوى تصل إلى حد ٩٠٪ من جملة الصفقات التي كان يمررها بحكم موقعه كزوج لرئيسة الوزراء، هذه الصورة القائمة التي تكونت عن حكومة بنازير ولدى الشعب الباكستاني عمومًا خلفت حالة من السخط العام بين الباكستانيين، في هذه الأجواء السلبية لبنازير قرر الرئيس الباكستاني حل البرلمان، وتنحية حكومة بنازير بوتو، ومن ثم كان استقبال القرار من جانب الباكستانيين بكل الترحاب واعتبرته أكبر إنجاز حققه الرئيس الباكستاني خلال فترة حكمه، واعتبره زعيمًا قوميًّا بالتخلي عن بنازير بوتو التي ينتمي لحزبها سياسيًّا، غير أن بنازير كعادتها رفضت قرار الرئيس واتهمته بالخيانة للحزب والوطن. 

ومن ثم لجأت للقضاء الباكستاني للطعن في قرار الرئيس، وقد طلبت المحكمة في ذلك الوقت من بنازير مرتين أن تعيد عرض القضية 

  • حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه بنازير بوتو وصل إلى أدنى شعبية له منذ تأسيسه في الستينيات.

بأسلوب أخلاقي يتماشى وقواعد القضاء المتعارف عليها بعدما استخدمت مصطلحات نابية وفاحشة على حد قول المحكمة، وفي المرة الثالثة أصدرت المحكمة حكمها لصالح الرئيس الباكستاني، واعتبرت الحيثيات التي اعتمد عليها الرئيس في اتخاذ قراره بالقبض بأنها سليمة، وتتماشى مع الدستور الباكستاني. 

وقد شكل القرار والتصديق من جانب القضاء انتكاسة أكبر لبنازير بوتو وسط الشعب الباكستاني، خاصة وأن القرار سبق العملية الانتخابية بأيام قلائل.

العملية الانتخابية

جرت الانتخابات يوم الثالث من فبراير من هذا الشهر كما كان مقررًا لها رغم كل الشكوك التي حامت حول إمكانية تأجيل الانتخابات لفترة طويلة، لكن الرئيس الباكستاني أوفي بوعده وأجرى الانتخابات في موعدها، الجماعة الإسلامية الباكستانية التي يرأسها قاضي حسين أحمد قاطعت الانتخابات واعتبرتها في غير قوميتها طالما لم يفِ الرئيس الباكستاني بمحاكمة العناصر المتورطة في الفساد أولًا، خاصة وأن الرئيس تعهد بذلك بعد حل حكومة بنازير بوتو، لكن الرئيس في تقريره لإجراء الانتخابات قال إن العملية السياسية لا يمكن أن تتم بين يوم وليلة وإنما الأمر يستلزم أدلة وإجراءات قانونية أخرى، وهذا يستلزم وقتًا، وقال إن لجانًا لمحاسبة مشكلة وبدأت بالفعل في فتح ملفات كل الذين تورطوا في قضايا فساد، وقد اعتبر البعض موقف الجماعة الإسلامية موضوعيًّا إذ كان يجب التخلص من العناصر المتورطة في الفساد حتى لا يشاركوا مرة أخرى في ارتكاب جرائم في ظل حماية الدستور بصفتهم أعضاء في البرلمان أو الحكومة، لكن البعض الآخر اعتبر موقف الجماعة الإسلامية سلبيًّا ومرتبطا بضعف شعبيتها بين الباكستانيين فعدد مقاعدها لا يتجاوز ٣ - ٥ مقاعد في البرلمان الباكستاني، وقد أثر موقف الجماعة من مقاطعة الانتخابات، بالإضافة إلى جانب من الباكستانيين غير المؤيدين للجماعة، وإن كانوا قد اتفقوا معها في وجهة نظرها في عدم المشاركة في الانتخابات، ومن ثم كان الإقبال على الانتخابات قليلا نسبيًّا مقارنة بغيره من الانتخابات السابقة.

حصل حزب الرابطة بزعامة نواز شريف على ١٣٤ مقعدا في البرلمان، فيما حصلت بنازير بوتو على ١٨ مقعدًا فقط، بفارق مائة وستة عشر مقعدًا، وهذا في حد ذاته يعكس حجم الانتصار السياسي الذي حققه نواز شريف، والذي استند جزء كبير منه في الأساس على فشل سياسة حكومتها السابقة التي وصلت إلى أدنى شعبية لها وسط الباكستانيين منذ تأسيس هذا الحزب في أواخر الستينيات، وقد توجهت قيادة حزب الرابطة الإسلامية بحجم الانتصار الذي حققه حتى إن قيادات الحزب أشارت إلى أنها كانت تتوقع أن يصل عدد مقاعدها إلى ٩٠ - ١٠٠ مقعد فقط.

ماذا بعد الانتخابات؟

حجم الانتصار الذي حققه نواز شريف منحه فرصة نادرة لتشكيل حكومة مستقرة ولفترة طويلة إذا هو أحسن استغلال هذه الفرصة، فلن تكون هناك قوى متحالفة معه سياسيًّا للضغط عليه، ولن يكون بمقدور الرئيس الباكستاني التأثير عليه، إذا كان ضعيفًا في البرلمان.

هذا الظرف التاريخي النادر الذي تهيأ لنواز شريف يمكن أن يوظفه بطريقة صحيحة في تعزيز قواعد حزبه من الجماهير إذا نجح في حل مشاكله الاقتصادي والأمنية والسياسية، وهي عناصر الاختيار الأساسية لمستقبل حكومته.

إن نجاحه في مهمته قد يلغي وجود بنازير بوتو من الساحة السياسية، ولكن فشله في مهمته يعني أن يصل إلى نفس المصير الذي آلت إليه بنازير بوتو؟.

الرابط المختصر :