العنوان حكم حصار غزة أو المشاركة فيه
الكاتب د. مروح نصار
تاريخ النشر الاثنين 01-مايو-2017
مشاهدات 1880
نشر في العدد 2107
نشر في الصفحة 23

الاثنين 01-مايو-2017
إن ما يحصل لغزة الآن من حصار ظالم يقوم به العدو الصهيوني وبمساعدة بعض الأطراف المتعاونة معه محرم ومُجرم؛ لأنه إيذاء للنفس البشرية المعصومة من الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا ذنب لهم، ويعتبر من معاونة الكفار ومساعدتهم في إيذاء المسلمين، وهذا محرم ومجرّم وغير إنساني ولا أخلاقي، تحرمه الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
من الأدلة الشرعية:
- قال الله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران: 28).
- وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {51}) (المائدة).
- وقال رسولُ اللهِ [: «المسلمُ أخو المسلمِ، لا يَظْلِمُه ولا يُسْلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فرَّجَ عن مسلمٍ كربةً فرَّجَ اللهُ عنه كربةً مِن كُرُبَاتِ يومِ القيامةِ، ومَن ستَرَ مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامةِ» (رواه البخاري).
- وقال رسول الله [: «المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلِمُهُ ولا يخذلُهُ، ولا يحقِرُهُ التَّقوَى ههُنا ويشيرُ إلى صدرِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحقِرَ أخاهُ المُسلمَ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ، دمُهُ، ومالُهُ، وَعِرْضُهُ» (رواه مسلم).
فواجب المسلم نصرة أخيه المسلم وعونه وموالاته، وتقديم الدعم المادي والمعنوي له، وقعود المسلم عن نصرة أخيه وتسليمه للعدو خذلان وخيانة له، والأشد إثماً والأعظم وزراً أن يصبح الأخ حرباً على أخيه، وعوناً لعدوه عليه.
وغزة اليوم التي يقرب سكانها من مليوني نسمة تتعرض لأبشع أنواع الحصار والتجويع، وكل يوم يموت العديد من أطفالها وشيوخها؛ بسبب نقص الدواء أو الغذاء أو البرد، أو بسبب نقص المستلزمات الطبية التي يحتاجها المرضى؛ كغسيل الكلى والعناية المركزة وغيرها، والسبب يعود لنقص في الدواء وقطع الكهرباء وتلوث المياه والعيش في الخيام والعراء؛ بسبب الحصار وهدم البيوت في الحروب السابقة.
وعليه؛ فإن المساهمة من أي مسلم في الحصار يعتبر إعانة للعدو وظلماً لإخوانه من المسلمين، وموالاة للكافر على المؤمن، والله سبحانه وتعالى حذر من هذا بقوله: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {51}).
وتأسيساً على ما تقدم؛ فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله تعالى أن يساهم في قتل إخوانه؛ بحصارهم أو تجويعهم عبر هدم الأنفاق أو الاستمرار في إغلاقها، ومن فعل هذا فإثمه عظيم ووزره جلل، وأي معصية أعظم - بعد الشرك بالله تعالى - من معصية قتل المسلم لأخيه، عبر تجويعه ومنع الغذاء والدواء وأسباب الحياة عنه.
فيحرم على الجنود والموظفين والمهنيين والعمال المساهمة في هذا الحصار لغزة سواء بردم الأنفاق أو إغلاقها، أو منع القوافل، أو محاصرة واعتقال الصيادين، أو إغلاق المعابر ومنع الناس من الخروج والدخول، وغير ذلك من أشكال الحصار، ويجب عليهم عدم طاعة هذه الأوامر الظالمة.
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله [: «لا طاعَةَ لمخلوقٍ في معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ» (رواه أحمد).
وأذكّر من يساعدون في الحصار أو يسكتون عنه أن الله سائلهم، وأن امرأة دخلت النار في هرة، وأن رجلاً أو امرأة دخلت الجنة بسقيها كلباً يأكل الثرى من العطش، فكيف بمن يحاصر مليوني نفس بشرية معصومةّ؟! انظروا قوله [: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله [ أنه قال: «دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها، فلم تَطعَمْها، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ» (رواه البخاري في صحيحه، 3318)، وروى الترمذي وصححه أن النبي [ قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» (رواه الترمذي).
فارحموا غزة يا أيها المسلمون ويا أيها العرب، ويا شعبنا ممن يعارضون غزة ويشاركون في حصارها، وأقول لكم: غزة ستنتصر بإذن الله، وأنتم الخاسرون، كل من يحاصر أو يشارك في حصار غزة لن يفلت من عقاب الله في الدنيا والآخرة؛ لأن دعوة المظلوم تستجاب، وليس بينها وبين الله حجاب، وأهل غزة مظلومون، وإن الله لن يتخلى عنهم.
وأما أنتم يا أهل غزة؛ فثقوا بالله، واقطعوا حبالكم بالبشر، وصِلوها بالله، والله ناصركم ولن يتركم أعمالكم، وإياكم والمعاصي فإنما تنصرون بطاعتكم لله ومعصية عدوكم له، ولتستمروا فيما أنتم عليه من حفظ للقرآن، فإن الله يحفظكم ببركة القرآن، ولا يغرنكم تهديدات الأعداء والمنافقين، وكما انتصرتم وأفشلتم مكرهم في أربع حروب سابقة ستفشلونها مستقبلاً؛ لأن الله معكم وعينه ترعاكم.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

