; حماس في ذكرى انطلاقتها | مجلة المجتمع

العنوان حماس في ذكرى انطلاقتها

الكاتب شعبان عبد الرحمن

تاريخ النشر السبت 20-ديسمبر-2003

مشاهدات 14

نشر في العدد 1581

نشر في الصفحة 17

السبت 20-ديسمبر-2003

بين الثالث عشر من ديسمبر من عام ۱۹۸۷ م وعام ۲۰۰۳ م. مسيرة ستة عشر عامًا مفعمة بالأحداث ومليئة بالتضحيات والبطولات سطرها أبناء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في سجل القضية الفلسطينية. فمنذ انطلاقتها وحتى احتفالها يوم السبت الماضي بالذكرى السادسة عشرة لميلادها تخوض تلك الحركة المباركة ملحمة جهادية استشهادية على كل الساحات يفخر بها كل مسلم ويقف كل من يرقبها -من الأعداء والأصدقاء. مشدوهًا أمام عبقرية الأداء والإنجاز معًا. وتستمد حماس رونقها وعبقريتها وحيويتها المتجددة من كونها شجرة طيبة» يشكل الإخلاص المكون الحيوي لبذرتها، فكان أصلها ثابت يستعصي على محاولات العدو وأزلامه اجتثاثها أو بترها وكان فرعها في السماء، يصيب الاقزام المنبطحين والمفرطين المهرولين بالرهق والأرق، كلما حاولوا أن يطاولوها. وقد روت حماس تلك الشجرة دومًا بأزكى الدماء. دماء شبابها الطاهر، ولذا فإن ظلها لا ينقطع ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ  ( إبراهيم: 25) والحركة الفنية لم تتوقف يومًا عن العمل والإنجاز داخل أتون الصراع ولم تخلد منذ بزوغ فجرها المبارك إلى الراحة أو تتزحزح عن ساحة الصراع مع الصهاينة قيد أنملة، ولذا فقد اكتسبت خبرة واسعة وأثبتت نضوجًا مذهلًا عند تعاطيها مع الأحداث العسكرية والسياسية.

أولًا: على الصعيد العسكري. تمكنت حماس مع شقيقاتها من منظمات الجهاد والمقاومة من إبداع معادلة توازن القوى، بل توازن الرعب مع العدو الصهيوني وقد تجلت تلك المعادلة بوضوح للمرة الأولى في تاريخ القضية الفلسطينية مع دخول حماس ساحة الصراع.

ومنذ نشأة القضية واحتدام الصراع العربي الصهيوني تم الترويج لما عرف بنظرية التفوق الإسرائيلي»، ونظرية الجيش الذي لا يقهر على أوسع نطاق، حتى كاد الطرف العربي يقنع بها كقدر واقع، لكن انتصار الجيش المصري في العاشر من رمضان (أكتوبر ۱۹۷۳م) ضرب تلك النظريات في مقتل، وعندما خرج الجميع من المواجهة كان لا بد من ضرب النظريات العسكرية الصهيونية التي بدأت تروج في الساحة مرة أخرى محاولة إشاعة اليأس في جنبات عالمنا العربي وزاعمه أن الحل لن يكون إلا على طاولات الاستسلام وقد خاضت حماس عبر مسيرتها معارك حربية حقيقية ومازالت -ضد العدو وألحقت به من الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والمجتمعية ما لم تلحقه الجيوش العربية مجتمعة عبر حروبها مع الكيان الصهيوني.

ثانيًا: على الصعيد السياسي استطاعت حماس بناء جهاز سياسي لا يقل وعيًا وقوة وبصيرة بالواقع والتحديات المحيطة بالقضية عن الجهاز العسكري، وقد خاض ذلك الجهاز معارك سياسية عديدة حقق فيها نجاحات باهرة، وحافظ من خلالها على ثوابت الحركة ومبادئها، وقد كان موقفه في مفاوضات الفصائل الفلسطينية الأخيرة بالقاهرة مثالًا حيًا على ذلك. فقد تمكن ذلك الجهاز بحسه السياسي الراقي، وقراءته الصحيحة لموازين القوى ومواقف الأطراف. تمكن بالتعاون مع الفصائل الوطنية الأخرى من تفويت الفرصة على شارون برفض الهدنة، ليبقى في مأزقه الصعب، يواجه خطر انهيار حكومته، كما فوتت على السلطة المهرولة نحو سراب المفاوضات فرصًا مماثلة. وقد وضعت حماس لكيانها السياسي والعسكري أساسًا متينًا، وعمقًا استراتيجيًا محوريًا، تمثل في ذلك المد الجماهيري الواسع بين أبناء الشعب الفلسطيني عبر مؤسسات المجتمع المدني. ولذلك فمن الطبيعي أن نقول إن تلك الحركة انطلقت من عمق المجتمع الفلسطيني، وأن شجرتها غرست وترعرعت في قلوب الجماهير الفلسطينية ولذا فمن المستحيل اقتلاعها.

من هنا لم يكن غريبًا أن يعترف أحدث تقرير صادر عن الكيان الصهيوني أعده مسؤولون سابقون في أجهزة الاستخبارات الصهيونية ونشرته صحيفة معاريف في٢٠٠٣/١٢/١١م أن يكون لحماس السيطرة الفعلية على مجريات الأمور بعد غياب عرفات وإن كانت حماس غير معنية بمثل تلك التقارير فمعركتها الوحيدة. كما هو واضح على أرض الواقع هي تحرير الأرض، وليس البحث عن السلطة، إلا أن ذلك التقرير يلفت الانتباه إلى قدر حماس لدى الصهاينة. وإلى أي مدى بلغ هذا القدر.

الرابط المختصر :