; حوار أدبي مع الأديب الإسلامي الأستاذ أحمد فرح العقيلان | مجلة المجتمع

العنوان حوار أدبي مع الأديب الإسلامي الأستاذ أحمد فرح العقيلان

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 23-يناير-1979

مشاهدات 14

نشر في العدد 429

نشر في الصفحة 38

الثلاثاء 23-يناير-1979

الأدب رسالة يجب أن يكون حاملها أمينًا، ومهمة الأديب في هذه الحياة مهمة ليست بالسهلة الهينة؛ فهي وإن كانت أقرب إلى الفردية في تناولها، إلا أنها تحمل الحياة بكل جوانبها، فترسم لها اللوحة الفنية -الحياتية- النابضة التي تجعل المتلقي يشعر بأن الحياة انتقلت إليها.

وأعتقد أن هذا المستوى الشعوري- الفني لا يمكن تحققه إلا في الأدب الملتزم، ولعل الأديب الإسلامي هو أقرب أدباء الأمة إلى حمل رسالة الأدب «قصة ومسرحية ومقالًا وشعرًا»، من غيره من الأدباء؛ لأنه فهم الحياة وفهم ما تريد منه هذه الحياة، مما جعله يحدد معالم رسالته ويرسم لها الهدف ويخط لها الطريق الذي وجده في الالتزام (الفني- الحياتي- العقدي).

وقد التقت المجتمع مع أحد الأدباء الإسلاميين، بل مع أحد فحول الدعوة الإسلامية وأدبائها المفلقين، وهو الأديب الداعية المعروف «أحمد فرح العقيلان».

وفي لقاء المجتمع الممتع مع «الأستاذ العقيلان» كانت هناك أحاديث وأحاديث، تنقل الحوار فيها من الدعوة إلى الثقافة العربية والإسلامية إلى الأدب.. وقد أطل الحوار على شخصية الأستاذ «أحمد فرح العقيلان» الأدبية من خلال الحديث التالي الذي بدأ بسؤال عن حياته:

• هل لكم أن تحدثونا بلمحة موجزة عن حياتكم؟

- ويجيب: ولدت بالفالوجة في جنوب فلسطين، ونلت الشهادة الثانوية العامة من الكلية الرشيدية في مدينة القدس، ثم نجحت في الامتحان الأعلى لمعلمي المدارس الثانوية، كان ذلك في سنة 1946 ميلادية، وهذا أهلني أن أعمل مدرسًا، وقد بدأت مهنة التدريس في فلسطين، ومن ثم انتقلت إلى المملكة العربية السعودية أمارس المهنة نفسها، حتى أكرمني الله بالتابعية السعودية، فتحولت مستشارًا ثقافيًّا لشؤون الأدب بالرئاسة العامة لرعاية الشباب بالرياض، وكنت طيلة هذه الفترة لم أنشر شيئًا من النتاج الأدبي، إلا في هذا العام، فقد جمعت جزءًا من شعري في ديوان أسميته (جرح الآباء)، وقد يصدر إن شاء الله في خلال أشهر.

• قبل أن نتحدث عن الشعر بعامة والشعر والأدب في المملكة العربية السعودية بخاصة، أود أن أشير إلى أن القصة بدأت تلفت النظر في ميدان الفنون الأدبية، وهنا نرجو أن تبينوا لنا رأيكم في دور القصة في الدعوة الإسلامية أولًا؟ ثم ما رأيكم في القول بأن القصة فيها شيء من الكذب باعتبارها تسرد أحيانًا حوادث لم تقع أصلًا؟

- إن القصة فن رفيع من فنون الأدب المعروفة، ونعتبر أنها من الممكن أن تخدم المثل العليا، كما أنها يمكن أن تجند في تحقيق أهداف عالية، وأضرب لكم مثلًا مما نشاهده في بعض القصص والمسرحيات التي يمكن أن نقول بأنها مقتبسة من تاريخنا الإسلامي المجيد.

إما أن تكون القصة الأدبية إنما هي نسيج فني يتكون من وقائع لا تخلو من الكذب، فهذا وهْم، لأن هنالك فرقًا بين الخيال والكذب، والأدب كله لا يخلو من الخيال، الذي هو وسيلة فنية فحسب، وشتان بين الخيال والكذب.

إن الخيال أحد عناصر التشويق والتجميل في القصة بخاصة وفي الأدب وأشكاله وفنون بعامة، وقد وردت طائفة رائعة من الأخيلة الجميلة في كتاب الله «القرآن الكريم» ومن ذلك قوله تعالى: ﴿الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ (النور: 35)، ومن ذلك أيضًا تلك الصورة الفنية البليغة التي وردت في مطلع سورة البقرة وذلك في تصوير حالة المنافقين من قوله تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ (البقرة: 20).

وبعد الحديث عن القصة والصدق والكذب ودور الخيال في الأدب نعود ثانية إلى الشعر:

• هل أنتم راضون عن الشعر الحديث؟

يؤسفني أن أعلن أن الشعر الحديث غفل في معظمه مؤخرًا عن رسالة الأدب الرفيع، تلك الرسالة التي يمكن أن تتلخص في «رسم لوحة فنية للحياة تجلي للناس أسرار الجمال، وتلقي الضوء على المثل العليا التي تشيع الحب والفضيلة والأمن والإيمان والسلام»، وها نحن أصبحنا في هذا العصر أمام المطابع التي باتت تقذف اليوم بمئات الدواوين والمجموعات الشعرية، وفيما إذا طالعتها فلن تجد فيها ما يغني النفس، حيث إنك لا تستطيع أن تفك رموزها الغامضة، فهي بين غامض لا تفهمه أبدًا، وضعيف لا تطيق أن تهضمه، ومنحرف لا تأمن أن يركسك في مبادئ الانحلال والهدم.

على أنه قليل جدًّا ذلك الشعر الذي يمكن له أن يمتع العقل والقلب والروح، وقليلة هي القصائد التي يمكن أن تسمو بالضمير الإنساني إلى أفق الفضيلة، علمًا بأن شعرنا العربي سُمي منذ القديم (أدبًا)، وذلك لأنه -كما تعلم- اقترن بالأخلاق الناجمة عن تجارب الحكماء، بينما سمّى الأجانب أدبهم Literature وهي كلمة معناها الثقافة.

• طالما إننا بصدد الحديث عن الشعر، فهل لكم أن تذكروا لقرائنا الأفاضل: ما آخر قصيدة شعرية لسيادتكم؟

- آخر قصيدة لي، كان مطلعها: 

«رسالة إلى ليلى»

ومن أبياتها:

بعد التحيات وأزكى السلام            ***          أخبارنا ليست على ما يرام

الروض يا ليلى جفاه الغمام         ***           والبلبل الغاوي عصاه الكلام
والدوحة الخضراء في بيتنا             ***           ما أزهرت منذ ثلاثين عام
وملعب الأصحاب مستوحش        ***           يسأل ليلى عن أخيها عصام

والمسجد المعهود في حينا         ***         فيه الندامى يشربون المدام
لم يبق من آثارنا حوله                   ***      إلا بقايا من دماء الإمام
 

• هلا حدثتمونا عن الوضع الأدبي في السعودية؟

- الأدب في السعودية يعاني ما يعانيه الأدب العربي في كل مكان؛ وذلك لأن الناس انصرفوا عن روعة البيان، وشغلوا بصفقات التجارة، ولكن أملًا جديدًا انبعث في هذه الأيام حين احتضنت الرئاسة العامة لرعاية الشباب قضية الأدب والأدباء، فأنشأت أندية متخصصة بالأدب في الرياض والمدينة المنورة ومكة المكرمة وجدة والطائف وأبها وجيزان، وأمدت هذه الأندية بمعونات ضخمة يسرت لها نشر الإنتاج وتشجيع الأدباء وتيسير اللقاءات الأدبية، وهي تسير الآن بخطوات حثيثة مبشرة.

• ما رأيكم في الدعوة إلى مؤتمر للأدباء المسلمين؟

مؤتمرات الأدباء ذات جدوى عظيمة، ذلك أن التقاء الأشقاء من رجال الأدب، يمكن أن يكون مقدمة لوحدة أمتنا تحت علم الحق والإيمان. ولكن شيئًا واحدًا كان يعصف بها في كل مرة تقريبًا وهو اختلاف الانتماءات وتعصب كل شاعر للمذهب الذي يعتنقه؛ مما أخرج المناقشة في كثير من الأحوال من حيز الهدوء والموضوعية إلى حيز الهوى والغوغائية.

وكنت أود من شغاف ضميري لو أن كل أديب يصدر في نقده على منهل الفضائل ويأخذ في اعتباره ما تعانيه أمتنا من ضياع، لعل الأدب العربي يوقظ الغافل ويعيد لأمتنا سيرتها يوم أضاءت للدنيا طريق الهدى والحق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 16

1836

الثلاثاء 30-يونيو-1970

نشر في العدد 242

25

الثلاثاء 25-مارس-1975