; حول كتابة تاريخ الإسلام.. خطة التشويه..ووجوب التصحيح | مجلة المجتمع

العنوان حول كتابة تاريخ الإسلام.. خطة التشويه..ووجوب التصحيح

الكاتب الشيخ عثمان صافي

تاريخ النشر الثلاثاء 14-يناير-1975

مشاهدات 10

نشر في العدد 232

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 14-يناير-1975

حول كتابة تاريخ الإسلام خطة التشويه..ووجوب التصحيح فإنه لا يكاد يصل إلى أيدينا عدد من «المجتمع» التي هي مجلة كل مسلم إلا وتضم بين صفحاتها من المواضيع الهامة التي لا تخلو من موضوع أو أكثر، مما يصح لنا أن نسميه «قضية» ذات أهمية وأبعاد خطيرة، غير أن «التاريخ الإسلامي» واستأثرت «المجتمع» به في حدود اطلاعاتنا جاء كقضية يصدق عليها أنها إحدى القضايا الكبرى، التي ترقى لأن تولي اهتمامات فوق العادة، ولقد صدقت «المجتمع» قراءها حين رمزت إلى ذلك في صفحتها الأولى العدد «۳۳۸» إذ- قضية كهذه- هي أكبر من أن توصف بأنها هامة أو خطيرة، بل قد تعجز العبارة عن تقدير أهميتها وخطورتها. و «المجتمع» الغراء، بطرقها لقضايا الإسلام والأمة الإسلامية، لا تقف عند حدود قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل تبتعث طاقات المفكرين المسلمين، وتفتح الأبواب أمام العلماء الذين استخلفهم الله تعالى ليكونوا ورثة الأنبياء، فتكشف ما استغلق من وجوب التبيان الذي شرعه الله في كتابه العزيز وجعل جزاء كتمانه اللعن، كما قرره الرسول- عليه الصلاة والسلام- في أحاديثه التي أوجبت على من علم علماً ألا يكتمه، وإلا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار. من هنا، كانت «المجتمع» موحية فهي تثير مكامن الفكر الإسلامي، بحيث تضطر حملة المسئولية من المسلمين ألا تكون لهم الخيرة من أمرهم وإلا سقطوا في الفتنة.. ومن ثم يجد- الكتاب المسلمون- أنفسهم- مندفعين للإسهام في كل قضية تطرح، ثم يرجع الأمر من بعد ذلك لحكمة التحرير أنه يتخير مما يرده من المقالات للنشر. ومطاوعة منا للمسار الذي ترسمه مجلتنا المفضلة- الذي يرجع الفضل فيه إلى القيمين عليها ولا نمتلك إلا أن ندعو الله أن يجزيهم خير الجزاء نبعث بوجهة نظر في القضية الخطيرة موضوع البحث، تحدونا الشجاعة الفائقة التي تتمتع بها هذه الصحيفة بل وتتميز بها، والتي تنشر كلمة الحق لا تخشى في الله لومة لائم. والذي نراه، أنه يفترض- من حيث المبدأ- أن يعطى اعتبار للحمأة العقائدية التي يعيشها العالم اليوم، وعلى الأخص للصور المستحدثة لغزو العالم الإسلامي بطرائق وأفانين جديدة، الحقيقة هذه ينبغي أن تحمل المسلم- المراقب- أن ينظر بحظر شديد إلى أية تحركات لها مساس بالإسلام، على الأخص تلك التي هي ذات خصائص مصيرية، كالتي نحن بصدد التحدث عنها. ومن خلال ما طالعتنا به المجتمع الغراء بشأن قضية التأريخ للإسلام، يمكننا أن نستشف مؤشرات، تضع بين أيدينا خيوطاً قد تتصل بأيد خفية- غير إسلامية- تتحرك من وراء. وإذا كانت ردة الفعل الأولى لفكرة ما دعي «بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي كانت تصدياً مشكوراً من قبل كتاب مسلمين، لهدف التحكم في الخط المرسوم للفكرة، وتقويمه نحو الاتجاه الصحيح، فالذي أقترحه- بادئ ذي بدء- أن تطرح القضية على بساط التحقيق من حيث الأساس والجوهر. وبعبارة أخرى: علينا- أولاً- أن نتحقق: هل المشروع إسلامي؟ بمعنى أنه صدر عن جهة إسلامية موثوقة تستهدف من ورائه تحقيق غايات إسلامية مبدئية تخدم دعوة رسالة الإسلام؟ أم هو مفتعل أوحت به عقول وأهواء غريبة على الإسلام وأهله؟ وعلى ضوء النتائج التي لا سبيل إلى أن تتحصل إلا بتأمل دقيق علمي وفني، يمكن أن يقرر- حكم شرعي- بشأن الموضوع القضية، إن كان المشروع واجباً، أو جائزاً على أقل تقدير، وترسم له الصورة- الشرعية للمضي- التي تبيح الاجتزاء عليه والمضي فيه. وفيما يلي إطلالة خاطفة على تطورات المشروع ومراحله، وحيث وصل إليه حتى كتابة هذه الأسطر، في حدود المعلومات المتوفرة لدينا. ا- بمراجعة جذور القضية، نجد أنها ابتدأت بنغمة «إعادة النظر في التراث»، وأما الناحية التي تركزت- أو ركزت- عليها الأنظار فهي ما يدعى بالإسرائيليات، وظلت القضية تأخذ أدواراً من الجدل في هذا المحور، حتى نبتت فكرة تقول بوجوب «تنقية التراث الإسلامي منها» وأذكر أنها قدمت لنا الكاتبة الإسلامية «بنت الشاطئ» وألقت محاضرة حول هذا الموضوع منذ سنوات، واقترحت الفكرة.. وذلك في نادي رابطة الخريجين بطرابلس بلبنان. ثم مرت الأيام، وتطالعنا بعض الصحف والمجلات بالمقال تلو الآخر بين حين وحين، حول الموضوع ذاته، وأما الخبر المثير، فهو الذي نشرته جريدة الجمهورية القاهرية في عددها «٢١ يونيو ١٩٧٤» مفاده أن «من أهم الموضوعات التي يجري العناية بها الدكتور محمد حسين الذهبي «تنقية كتب التفسير من الموضوعات والإسرائيليات. إلخ» وذلك على أثر تعيينه أميناً عاماً لمجمع البحوث الإسلامية». ولقد كان لمثل هذا القرار أن يثير ردود فعل عنيفة، على المستويات الرسمية وغير الرسمية، وذلك لما يحمل من محاذير بالغة الخطورة تتعلق بوثائقية التراث الإسلامي، وبأهمية أن ينقل المسلمون- السلف- آراء خصومهم الأمر الذي يمثل أهم دور في جلب الثقة والطمأنينة في مذهبهم ومنهجهم العلمي، ولو أنهم أحرقوا موروث خصومهم العقائديين إذن لشكل أكبر مطعن في تراثهم هم، ثم ما يحتمل أن يغادر ذلك من مضاعفات تؤدى إلى تدمير التراث ناهيك بالخلافات الكبرى التي سوف تنشأ سواء لجهة تطبيق الفكرة أم الذيول التي سوف تترتب عليها، مما ليس موضوعاً لبحثنا هنا ولقد عرف السلف- رحمهم الله- أنه كيف يستدرك يخرج الأحاديث ويبين الطبيعة منها الضعيفة ويشير إلى الدخيل. ٢- والذي يبدو- بعد ذلك- أن الفكرة عدل عنها، حيث لوحظ أنها طويت، باستثناء كتاب نشر مؤخراً، حول الأحاديث المزعومة إسرائيلية في صحيح البخاري، وأثار ضجة في مجلس الشعب المصري، وكان صاحبه محل اشتباه واتهام.. وأما بادرة التطور- على صعيد رسمي- فهو ما تناقلته الأنباء عن مقررات المؤتمر المسيحي- الإسلامي الدولي الذي انعقد في أسبانيا في أواسط شهر أيلول وأن تلك المقررات تضمنت «ضرورة تسهيل أعمال الأبحاث العلمية وتطهير الكتب مما شابها من الأفكار الزائفة» «الأنوار البيروتية 16/9/1974» ونحن لا نستطيع أن نتكهن بما يعنيه المؤتمرون -مسلمين ومسيحيين- بما أسموه «الأفكار الزائفة» ولكن أينما ذهب الفكر وأي شيء افترضه فإنه لا يجد محملاً يمكن له أن يكون مقبولاً إسلامياً، ويوافق عليه الطرف الآخر، وإما دقق في الأمر، فإن هذه العبارة تنطوي على ما لا يطيق العقل تصوره أن يصدر عن مسلمين لا يهمهم في شيء أن يكتب خصومهم ما شاءوا أو يزيفوا، والمسلم- العريق النظر- بقدر أن ما كتب لمجابهة الإسلام يرجع إلى نحر أهله، ويسهم- بل قد يكون أحد المقومات الأساسية التي تسهم في بلورة الإسلام، وأنه هو الدين الحق. 3- ولا نحسب أن مسلمين- على مستوى رسمي- قد تجرأوا بعد على مساس التراث- ولكن أنباء حديثة جداً، تقول أنها طبعت كتب تعرف بالإسلام وترجمت إلى الإنجليزية لتكون في متناول المسلمين في بريطانيا، ونحن- في الوقت الذي لا يسعنا فيه سوى شكر من يقومون بهذا المجهود، فإننا ولنا الحق في ذلك ألا تكون تلك الكتب وقفاً على أبناء بريطانيا من المسلمين وحسب، بل تعمم، بل وتؤخذ فيها آراء المسلمين من غير واضعيها كذلك. واشترك في نقل هذه الأنباء كل من «آخر ساعة- 18/12/74» و «المصور- 20/12/1974» وذلك «بمناسبة عودة الدكتور عبد العزيز كامل نائب رئيس الوزراء ووزير الأوقاف المصري، من أول ندوة علمية ومهرجان إسلامي يقام في لندن خلال شهري أبريل ومايو ١٩٧٦ «هكذا في الصحيفة» ويشترك فيه العلماء والمستشرقون من كل أنحاء العالم. «آخر ساعة ». 4- وفي غضون الأسابيع السالفة كشفت «المجتمع» فكرة «إعادة كتابة التاريخ الإسلامي»، والذي فهمناه من المجلة، أن المشروع سوف تضطلع به وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت «۱» «التي طلبت من جامعة الكويت تمثيلها واشتراكها في حلقة إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وصدر هذا الطلب من وكيل الوزارة السيد عبد الرحيم المحجم» «المجتمع العدد ۳۳۸»، وكان مما أكد ظننا ما نشرته جريدة بيروت «25/11/74». «يعقد في الكويت حلقة عمل لمشروع إعادة كتابة التاريخ العام للعرب والإسلام وذلك في الفترة الواقعة بين ۲٥ و ۳۰ تشرين الثاني الجاري. وبهذه المناسبة سافرت عميدة كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية الدكتورة زاهية قدورة للمشاركة في هذه الحلقة» ومن الجدير التنويه به أن الدكتورة المذكورة، تحمل أفكاراً وآراء غير إسلامية تتعلق بالمرأة- المسلمة، وترى «أن اللباس الشرعي للمسلمة هو من ابتكار الفقهاء، وليس له ما يؤيده في كتاب ولا سنة» وأعلنت رأيها هذا في إحدى الصحف الإسلامية منذ زمن».. غير أن صحف القاهرة طالعتنا بأنباء مفادها أن القضية كانت من الموضوعات التي طرحت على بساط البحث في «مجلس اتحاد الجامعات العربية» الذي افتتح اجتماعاته صباح الاثنين في 16/12/74 «الأهرام 15/12/74» وقرر المجلس «تشكيل لجنة تحضيرية» لما أسماه «دراسة إعادة كتابة تاريخ العرب والإسلام وإنشاء معهد للتاريخ العربي ووضع موسوعة ودائرة معارف تاريخية عربية، صرح بذلك الدكتور محمد مرسي أحمد الأمين العام للاتحاد» «الجمهورية القاهرية في ١٨ ديسمبر 1974». وهكذا حمل إلينا هذا الخبر عدة مفاجآت: ا- تحول المشروع من جامعة الكويت إلى اتحاد الجامعات العربية ب- تبدیل عنوانه من «إعادة التاريخ الإسلامي» إلى «إعادة كتابة تاريخ العرب والإسلام» والتوسع بالقضية لأضمن الحدود التي ذكرتها «الجمهورية» وحسب، بل وافق المجلس على عقد حلقة في القاهرة في العام القادم لدراسة الخطوط العريضة لتدريس مادة المجتمع العربي بالجامعات العربية، ووضع كتاب مرجع لمادة المجتمع يكون أساسه «هكذا» للتدريس في كافة الجامعات العربية «الأهرام 18/12/74». ج- كما قرر المجلس تشكيل لجنة تحضيرية لدراسة إعادة كتابة تاريخ- العرب- والإسلام- يضم الدكاترة عبد العزيز كامل وأحمد بدوي مدير جامعة القاهرة سابقاً، ومحمد مرسي أحمد أمين الاتحاد، وعبد العزيز النوري ومحمد الطالب وحسين مؤنس وشاكر مصطفى» «نفس المصدر» «۱» المجتمع طالبت باشتراك وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في هذا المشروع. وإن نحن ذهبنا نترجم هذا النبأ. بفروعه، ونفسر مدلولاته. فإنه يعني: 1-تشعيب الموضوع، من «تاريخ إسلامي» إلى تاريخين، أحدهما «عربي» والآخر «إسلامي» ولا يخفى ما سوف يترتب على العنوان الجديد المقترح.. من فصم لعرى التلاحم بين الأمرين، وإخفاء معنى مذهبي «أيويولوجي» على ما أسمي بالتاريخ «العربي» وما سوف يفتح من آفاق للأقلام الملوثة أن تصطنع لما يزعم أنه «تاريخ عربي» من تعدد هويات، مع العلم بأن العرب- وغير العرب ممن دخلوا في الإسلام، انصهروا في بوتقته، حتى لم يعد لمن يسمون «عرباً» أي تاريخ له سمة مذهبية سوى الإسلام، وإذا كان المجتمع الإسلامي لم يخل من مذهبيات أخرى استبقتها سماحته، فهذا لا يعني بحال أن هناك تاريخاً يصح أن نسميه تاريخ العرب، اللهم إلا قبل الإسلام، وإبان بعثة محمد- عليه الصلاة والسلام، وكانت الصفة الغالبة عليه هي الشرك. 2-ويعزز الهواجس السابقة، مشروع «المجتمع العربي» وكلنا يعلم أن ما يدعى بهذه المادة، هو حشو من المغالطات- القومية- التي تصور المجتمع العربي على أنه مجتمع علماني، وكان من ينتمون للتخصص في هذه المادة والكتابة فيها، يجهلون أن المجتمع العربي إنما هو مجتمع إسلامي، يوصف بالعروبة قومياً وسلالياً لا بالمفهوم الفلسفي ولكن اللغوي والوراثي، وبالإسلام ديناً ونظام حياة. ج- واللجنة- على الصورة التي ذكرتها الأهرام تلفت النظر أيضاً، لجهتين بل جهات، منها: أننا لا ندري إن كانت مقتصرة على من ذكروا، أم أن كان ثمة تمثيلات أخرى. ومنها: أنها تعتمد «الرسمية» في التمثيل، فالذين رشحوا ليضطلعوا بهذا العبء هم أناس منتمون سياسياً؛ الأمر الذي يفرض عليهم قيوداً لا قبل لهم أن يتحرروا منها، فالرسمي، بحكم عمله الوظيفي، مشدود التيارات الفكرية ضمن الخط السياسي لدولته ومن ثم، فإنه لا يستطيع الكتابة بقلمه هو، بل يجد نفسه مضطراً- اضطراراً، أن يراعي اعتبارات لا يأتي عليها الحصر. ومنها- ويترتب على المخطط السابق، إقصاء غير الرسميين- من علماء مسلمين ومنظمات إسلامية، عن المشروع، هذا مع العلم القاطع بأن هؤلاء هم أكثر تحرراً، بل هم ورثة ذلك التاريخ المجيد وأهله، حيث لا يتقاضون على حمل رسالة الله أجراً دنيوياً، ويخلصون عملهم لله. ونكتفي بهذا القدر، لنخلص إلى أهم ناحية في القضية على الإطلاق، وهي مبدأ التسمية للمشروع، وذلك باختيار لفظة «إعادة كتابة التاريخ» ولما كان هذا «العنوان» هو بمثابة «النواة» من الشجرة، فإنه لا يمكن فصل العبارة «إعادة»- الشكل- عن المضمون. وهنا يواجهنا أخطر سؤال يتعلق بالقضية، وملخص: ما الذي يعني من لفظ «إعادة» هذا؟ إنه ينطوي صراحة لا ضمنا- على تخطئة السلف، لا المؤرخين منهم وحسب، بل جمهرتهم قاطبة. وعلى حد رؤية «المجتمع» الغراء، إن التاريخ الإسلامي لا يعني بحال الأحداث السياسية وحسب ولكنه ذلك الملف الهائل الضخامة، الذي يستجمع سيرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وخلفائه من بعده، والقرآن الكريم وتفسيره، والحديث وشروحه، وعلوم التوحيد والفقه وأصوله، وعلوم المنطق والمناطق وعلوم اللغة العربية التي تزيد عن خمسة عشر علماً، إلخ. فما معنى أن يعيد محدثون، لم يطلعوا سوى على رذاذ من بحور بل محيطات من ذلك التراث الذي يملأ المكتبات الإسلامية وغير الإسلامية؟ قليلاً من الحياء يا قوم.. لكم أن تقرؤوا ذلك التاريخ، وتأخذوا منه العبر، وتدلوا بآراء لكم في جوانب منه، بل أن تختصروه، ولكن مع الأمانة، ولكن أن تعيدوا كتابته؟ هذا لعمر الحق ضرب من الخيال.. ونعتذر عن هذه التعابير، فلا يقدر خطورة الأمر إلا من يعلم- وقليل من الناس من يعلم وهذا مؤسف- إن إنساناً- بلغ ما بلغ من الموهبة والاطلاع،- يستحيل عليه أن يؤرخ لأقوام مضوا، وسطروا تاريخهم بدمائهم وأموالهم وأتلالهم وهم أشرف من عرفت البشرية في تاريخها أمانة، والسبب في غاية البساطة، ويتلخص في أن المؤرخ الكاتب متمازج مع واقعه فهو ينظر من خلاله ومن المتعذر علمياً أن يفصل حادث عن ظروفه، بل كل كلام مرتهن بملابساته ومكتنفاته، والسلف الصالح- رحمهم الله، هم تربية القرآن الكريم الذي يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ (التوبة: 119) والذي لعن الكاذبين في أكثر من موطن، ونشئوا على طاعة الرسول- عليه الصلاة والسلام- الذي حفلت سنته بالأحاديث التي تحض على الصدق، وتحذر من الكذب، والنفاق، وذي الوجهين واللسانين، ولقد سبق للمسلمين أن وضعوا أدق تعريف للصدق وهو: «مطابقة الخبر للواقع وأن الكذب هو عدم مطابقته له» ووضعوا شروطهم- البالغة الصرامة، في قبول الأحاديث والمنقولات، وإن كانوا رووا المتواتر والصحيح وما دونه بما في ذلك الموضوع، فذلك يشكل البرهان الأكبر على أمانتهم. وإن كان لنا أن ندهش، فمن تحسس أن يكون وراء القضية- بأسرها- استشراق، هذا مع العلم بأن المستشرقين هم أدرى الناس بالوثائقية. بقي أن يجيب حملة رسالة الإسلام في العالم الإسلامي، عن أن كانوا يقبلون أن تعبث أيدي بتراثهم، لهدف إلحاق الأذى برسالة نبيهم محمد- عليه الصلاة والسلام- في ظروف لا يفتقر الجنس البشري إلى شيء افتقاره إليها، في ظروف تتهاوى فيها الحضارات.. وتتهافت المذهبيات. الواقع الإسلامي عامة في حالة..طوارئ والكتاب والمفكرون المسلمون مجندون وفي حالة استنفار.
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الجامعة والأساتذة الزائرون[1]

نشر في العدد 42

32

الثلاثاء 05-يناير-1971

هل نستجيب؟

نشر في العدد 5

30

الثلاثاء 14-أبريل-1970