; حَقيقَة الإسلام | مجلة المجتمع

العنوان حَقيقَة الإسلام

الكاتب عبد الله السند

تاريخ النشر الثلاثاء 19-أكتوبر-1976

مشاهدات 15

نشر في العدد 321

نشر في الصفحة 45

الثلاثاء 19-أكتوبر-1976

 قال الله -سبحانه وتعالى- وهو أصدق القائلين: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ (المائدة: 3)، وفي الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كتاب الله حبل، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة». رواه مسلم

 يظن كثير من المسلمين وجمهور من غير المسلمين أن الإسلام انقطاع عن الحياة ومحاربة لسنة التطور والتقدم، وجمود على ما ألف الناس من عادات وتقاليد، ومن أجل ذلك يرون الدعوة إلى الإسلام دعوة رجعية، تعود بنا إلى الوراء أربعة عشر قرنًا، فيستنكرون على دعاة الإسلام كلمة الحق، وإنكارهم للمبادئ الوافدة وللأوضاع الشاذة المخالفة لتعاليم شريعتهم الإسلامية العادلة، ويزعمون أن هذه هي حقيقة الإسلام، والإسلام مخالف لهذا.

 فالإسلام يا عباد الله دين ودولة، ومصحف ومدفع، وقنبلة ودبابة وطائرة، ونصيحة لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والإسلام هو أشرف دعوة عرفها تاريخ الإنسانية على وجه الأرض، لأنه يدعو إلى عبادة الله وحده، حتى يتحرر الإنسان من كل إله كاذب، ومن كل ظالم مستعبد، وهو دعوة إلى مكارم الأخلاق حتى يتحرر الإنسان من كل شهوة قاتلة، ومن كل فساد مهلك، وهو دعوة إلى العلم والعمل: علم بكل ما في الحياة من أسرار، وعمل ما يحتاجه الإنسان من خير، وهو دعوة إلى الانطلاق والتحرر: انطلاق من كل قيد يحد من حرية التفكير، وتحرر من كل خرافة تصد عن العلم والمعرفة، وهو دعوة إلى العدل والإخاء: عدل ينصف المظلوم من الظالم، وإخاء يسوي بين الناس جميعًا، وهو دعوة إلى العزة والكرامة: عزة تحول دون احتلال المستعمرين، وكرامة تمنع من طغيان الباغين الظالمين.

 هذه هي حقيقة الإسلام كما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، وكما فهمه المسلمون الأول من السلف الصالح، وهذا هو الإسلام الذي مكن الله به لأمتنا في الأرض وأعطاهم قيادة العالم، فعلى كل مسلم أن يعلم هذه الحقيقة، وأن يدعو لها مهما كان الثمن غاليًا، فإن الدعوة إليه -لا شك- دعوة إلى حرية لا تفسدها شهوة، ولا يشوبها طغيان.

 إن كان في هذه الدعوة السامية إلى هذا الدين الإسلامي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- رجوع إلى عهود العزة والعلم، والمعرفة والكرامة، والسعادة والسيادة في عالم الخير والحضارة، فمن منا لا يتمنى أن يرجع إلى تلك العهود؟! وإن كان في هذه الدعوة تطور نحو عالم يسوده الحب والصفاء والسلام، فمن منا لا يريد أن يصل إلى حق بعد باطل، وكرامة بعد ذلة، وحب بعد عداء، وسلام بعد حروب ودماء ودمار؟!

 ففي الإسلام رجعة ولكن إلى الله، وفيه قيود ولكن عن الشر، وفيه جمود ولكن عن السقوط في المفاسد والمباذل، وفيه ذل ولكن ثمن السعادة، وفيه تضحية ولكنها ضريبة لمجد العالم.

 فيا دعاة الإسلام وحماته، إن الإنسانية تغرق اليوم في أبحر من آثامها وشهواتها، وإنها لترسل صرخات الاستغاثة لكل قادر على الإنقاذ، فتقدموا لتنقذوا السفينة المشرفة على الغرق، واستعدوا أيها المسلمون لتحيوا الشعوب التي أشرفت على الموت، واعملوا واسهروا، فلقد نام الرعاة حتى طمع الذئاب في القطيع الشارد، فلقد كذب الناصحون حتى عميت على أمتكم واضحات الطريق، واسمعوا إلى نداء الله -عز وجل- بكم في عالم الخلود ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. (البقرة: 143)

 وفقني الله وإياكم إلى مراضيه، وجعل مستقبل أمرنا خير من ماضيه.

 ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ صدق الله العظيم.

 عبد الله السند

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مع القراء- العدد 14

نشر في العدد 14

28

الثلاثاء 16-يونيو-1970

معرض الكتاب الإسلامي الرابع

نشر في العدد 401

18

الثلاثاء 27-يونيو-1978